عرض مشاركة مفردة
غير مقروءة 03-05-2022, 09:27 AM   #1
رضا البطاوى
من كبار الكتّاب
 
تاريخ التّسجيل: Aug 2008
المشاركات: 5,982
إفتراضي نقد كتاب الحاكمية دراسة مؤصلة دراية ورواية

نقد كتاب الحاكمية دراسة مؤصلة دراية ورواية
في بداية الكتاب تحت عنوان لفتة ذكر المؤلف أنه ناقش الموضوع على صفحات الصحف والمجلات فقال:
"لفتة:
قد كنت كتبت هذا الموضوع ونشرته في تاريخ 12/ 1/1424 هـ ولكن وردت علي بعض الشبهات وأتاني من اخواني الأفاضل والمخالفين عددا فما زادني نقاشهم إلا ثباتا وكلما عارض معارض إلا وبان على محياه الضعف قبل مقاله فناقشت المسألة دراية ورواية وزدت هنا من مقالات السلف والخلف وبينت بدراسة مؤصلة أحسبها مستوفاة لروايات ابن عباس وخلصت أن ابن عباس لم يخالف الإجماع بل هو ممن قال بالكفر"
إذا الكتاب موضوعه حديث روى عن ابن عباس في أمر الحكم وقد استهل الكتاب بالحديث عن كون الحاكمية عبادة كالصلاة وغيرها فقال:
"إنها الحاكمية
ومثل هذا الأمر لا يتقرر بأهواء ولا بالتعلق بأمر الدنيا أو قلة علم أو اضمحلال فهم لما يترتب عليه من مصير خطير وحال عسير والله يعلم وحده ربي كم أخذ هذا الأمر من وقتي وكم تأملت في أعماقه وعواقب نتائجه لربما أكثر من عشر سنوات وهو يأكل في صدري
الحاكمية عبادة كأي نوع آخر من العبادات مثل الصلاة والصيام والذبح والدعاء والنذر و و لا فرق بينهم أبدا"
والحق أن الحاكمية هى أصل كل العبادات فالمسلم عند يعبد الله فغنه يتحاكم لشرعه فينفذه في أى موضوع والحاكمية هى عبادة الله هى التوحيد هى التقوى هى... فكل هذه المسميات تطلق على شىء واحد هو طاعة أى اتباع الله وحده
ثم استدل بآيات القرآن على الحاكمية فقال :
"دليل ذلك من كتاب الله:
قال تعالى{إن الحكم إلا لله أمر ألا تعبدوا إلا إياه ذلك الدين القيم}
وقال سبحانه{وهو الله لا إله إلا هو له الحمد في الأولى والآخرة وله الحكم وإليه ترجعون}
وقال سبحانه{إن الحكم إلا لله عليه توكلت وعليه فليتوكل المتوكلون}
وقال سبحانه{ألا له الحكم وهو أسرع الحاسبين}
وقال سبحانه{وكذلك أنزلناه حكما عربيا ولئن اتبعت أهواءهم بعدما جاءك من العلم ما لك من الله من ولي ولا واق}
وقال سبحانه{ولا يشرك في حكمه أحدا}
فعبادة الله تعالى تقتضي إفراده عز وجل بالتحليل والتحريم حيث قال سبحانه{اتخذوا أحبارهم ورهبانهم أربابا من دون الله والمسيح ابن مريم وما أمروا إلا ليعبدوا إلها واحدا لا إله إلا هو سبحانه عما يشركون}
فهذه الآيات تدل على أنها من توحيد العبادة أي "توحيد الألوهية" وأن الذي يشرك مع الله في حكمه كالذي يشرك في أي نوع من أنواع العبادة"
الرجل مصر على أن الحاكمية من توحيد العبادة مع أنها كما سبق القول هى نفسها التوحيد الذى ليس له أجزاء والعجيب أن من استدل بأقوالهم على كلامه لا يفرقون بين الشرك في حكم الله أو الشرك في عبادته ومنهم الشنقيطى في قول:
"قال الشنقيطي(الإشراك بالله في حكمه والإشراك في عبادته كلها بمعنى واحد لا فرق بينهما البتة فالذي يتبع نظاما غير نظام الله وتشريعا غير تشريع الله كالذي يعبد الصنم ويسجد للوثن لا فرق بينهما البتة بوجه من الوجوه فهما واحد وكلاهما مشرك بالله) [انظر أضواء البيان للشنقيطي 7/ 162]"
ونقل عن محمد بن إبراهيم قول مخالف يقول بكونهما اثنين وهو:
"ويقول محمد بن إبراهيم أن تحكيم شرع الله تعالى وحده هو معنى شهادة أن محمدا رسول الله بقوله(وتحكيم الشرع وحده دون كل ما سواه شقيق عبادة الله وحده دون ما سواه إذ مضمون الشهادتين أن يكون الله هو المعبود وحده لا شريك له وأن يكون رسول الله (ص)هو المتبع المحكم ما جاء به فقط ولا جردت سيوف الجهاد إلا من أجل ذلك والقيام به فعلا وتركا وتحكيما عند النزاع) [فتاوى الشيخ محمد بن إبراهيم 12/ 251 رسالة تحكيم القوانين]"
وأصر المؤلف على كون الحاكمية من توحيد الربوبية فقال :
"الحكم بما أنزل الله تعالى من توحيد الربوبية
لأنه تنفيذ لحكم الله الذي هو مقتضى ربوبيته وكمال ملكه وتصرفه ولهذا سمى الله تعالى المتبوعين في غير ما أنزل الله تعالى أربابا لمتبعيهم فقال سبحانه{اتخذوا أحبارهم ورهبانهم أربابا من دون الله والمسيح ابن مريم وما أمروا إلا ليعبدوا إلها واحدا لا إله إلا هو سبحانه عما يشركون}
ويقول ابن تيمية في هذا الشأن (قد قال تعالى{اتخذوا أحبارهم ورهبانهم أربابا من دون الله والمسيح ابن مريم وما أمروا إلا ليعبدوا إلها واحدا لا إله إلا هو سبحانه عما يشركون} وفي حديث عدي بن حاتم وهو حديث حسن طويل رواه أحمد والترمذي وغيرهما وكان قد قدم على النبي (ص)وهو نصراني فسمعه يقرأ هذه الآية قال فقلت له إنا لسنا نعبدهم قال أليس يحرمون ما أحل الله فتحرمونه ويحلون ما حرم الله فتحلونه؟ قال فقلت بلى قال فتلك عبادتهم وكذلك قال أبو البختري أما إنهم لم يصلوا لهم ولو أمروهم أن يعبدوهم من دون الله ما أطاعوهم ولكن أمروهم فجعلوا حلال الأمة حرامه وحرامه حلاله فأطاعوهم فكانت تلك الربوبية فقد بين النبي (ص)أن عبادتهم إياهم كانت في تحليل الحرام وتحريم الحلال لا أنهم صلوا لهم وصاموا لهم ودعوهم من دون الله فهذه عبادة الرجال وقد ذكر الله أن ذلك شرك بقوله{لا إله إلا هو سبحانه عما يشركون}) [الفتاوى 7/ 670]"
وابن تيمية هو من اخترع أنواع التوحيد بلا دليل فلا فرق بين الربوبية والألوهية لأن الله لا ينقسم ولا يتبعض فالرب هو نفسه الإله ثم نقل عن العز بن عبد السلام فقال :
ويقول العز بن عبد السلام(وتفرد الإله بالطاعة لاختصاصه بنعم الإنشاء والإبقاء والتغذية والإصلاح الديني والدنيوي فما من خير إلا هو جالبه وما من ضير إلا هو سالبه وكذلك لا حكم إلا له) [قواعد الأحكام 2/ 134 135]"
والعز لم يتكلم عن التقسيم المزعوم وتحدث عن النوع الثالث المزعوم من التوحيد فقال :
"وإليك الدليل أنها من توحيد الأسماء والصفات
قال تعالى{أفغير الله أبتغي حكما} وقال سبحانه{فاصبروا حتى يحكم الله بيننا وهو خير الحاكمين} وقال عزوجل{أليس الله بأحكم الحاكمين}
وهنا يتضح لنا من كتاب الله وسنة رسول الله صلى الله عليه وسلم ومن أقوال السلف والخلف أن الحكم من توحيد الألوهية والربوبية والأسماء والصفات والتي تؤكد أنه عبادة من صرفها لغير الله فقد أشرك بالله العظيم"
ولا يوجد في كلام الله أى دليل على تقسيم التوحيد
وتحدث عن كون الحكم شرط في الإيمان فقال :
"الحكم شرط في الإيمان
لا كما يقول البعض ممن شطح به الجهل والتعنت أنه ليس شرطا في الإيمانوإليك الدليل
يقول الله تعالى{يا أيها الذين آمنوا أطيعوا الله وأطيعوا الرسول وأولي الأمر منكم فإن تنازعتم في شيء فردوه إلى الله والرسول إن كنتم تؤمنون بالله واليوم الآخر ذلك خير وأحسن تاويلا}
فلقد عد الشارع هذا التحكيم إيمانا كما قال تعالى{فلا وربك لا يؤمنون حتى يحكموك فيما شجر بينهم ثم لا يجدوا في أنفسهم حرجا مما قضيت ويسلموا تسليما}
يقول ابن حزم(فسمى الله تعالى تحكيم النبي (ص)إيمانا وأخبر الله تعالى أنه لا إيمان إلا ذلك مع أنه لا يوجد في الصدر حرج مما قضى فصح يقينا أن الإيمان عمل وعقد وقول؛ لأن التحكيم عمل ولا يكون إلا مع القول ومع عدم الحرج في الصدر وهو عقد) [الدرةص 238]
ويقول ابن تيمية(لذلك أوجبت الشريعة التحاكم إلى الشرع وجعلته شرط الإيمان قال تعالى{فإن تنازعتم في شيء فردوه إلى الله والرسول إن كنتم تؤمنون بالله واليوم الآخر وقال سبحانه{وما اختلفتم فيه من شيء فحكمه إلى الله} [الفرقان ص 65]
ويقول ابن القيم(إن قوله تعالى{فإن تنازعتم في شيء } نكرة في سياق الشرط تعم كل ما تنازع فيه المؤمنون من مسائل الدين دقه وجله جليه وخفيه ولو لم يكن في كتاب الله ورسوله وبيان حكم ما تنازعوا فيه ولم يكن كافيا لم يأمر بالرد إليه إذ من الممتنع أن يأمر تعالى بالرد عند النزاع إلى من لا يوجد عنده فصل النزاع ومنها أن جعل هذا الرد من موجبات الإيمان ولوازمه فإذا انتفى هذا الرد انتفى الإيمان ضرورة انتفاء الملزوم لانتفاء لازمه ولا سميا التلازم بين هذين الأمرين فإنه من الطرفين وكل منهما ينتفي بانتفاء الآخر ثم أخبرهم أن هذا الرد خير لهم وأن عاقبته أحسن عاقبة) [أعلام الموقعين 1/ 49 50]
ويقول ابن كثير(فما حكم به كتاب الله وسنة رسوله وشهد له بالصحة فهو الحق وماذا بعد الحق إلا الضلال) [تفسير ابن كثير 3/ 2 9]
ويقول السعدي في هذا الصدد(فإن الإيمان يقتضي الانقياد لشرع الله وتحكيمه في كل أمر من الأمور فمن زعم أنه مؤمن واختار حكم الطاغوت على حكم الله فهو كاذب في ذلك) [تفسير السعدي 2/ 90]"
رضا البطاوى غير متصل   الرد مع إقتباس