عرض مشاركة مفردة
غير مقروءة 27-09-2009, 10:42 AM   #14
ابن حوران
العضو المميز لعام 2007
 
الصورة الرمزية لـ ابن حوران
 
تاريخ التّسجيل: Jan 2005
الإقامة: الاردن
المشاركات: 4,483
إفتراضي

مراسم الصلح

تختلف مراسم الصلح من قضية لأخرى ومن منطقة لأخرى. والهدف من الصلح بشكل عام هو وضع حد نهائي للقضية، وقد يتم ذلك في مراكز الشرطة أو عند الحاكم الإداري، أو في حضرة قاضي مدني (حقوقي، جزائي، أو شرعي). وقد تتم على يد مصلح (فرد أو جماعة) قبل أن تصل الى المحاكم المدنية أو حتى الشرطة، وقبل أن تأخذ مسارا عشائرياً متكاملا.

القضايا التي تُصنف على أنها من باب (القضاء والقدر) كقضايا (الخطلة: أي القتل برصاصة طائشة) أو قضايا الدهس (سيارات وغيرها) أو قضايا المشاجرات، تكون عادة أسهل من القضايا التي تتعلق بالشرف (اغتصاب، تحرش، دخول بيت دون إذن أصحابه بشكل مريب الخ) أو قضايا القتل العمد.

مقدمات الصلح في القضايا الكبرى

سبق وأن مررنا على المراحل الأولى (عطوة أمنية: والتي تأخذها الأجهزة الأمنية من المتضررين ومدتها محدودة ثلاثة أيام وثلث) وما يليها من (دخالة: أي توسط طرف ثالث يختاره أهل الجاني ويقبل به المتضررين) ومراحله التي تصنف العطوات التي تسبق الصلح، فإن اعترف أهل الجاني بذنبهم سميت عطوة اعتراف، وإن كان المسبب للأذى قد أنكر فعله وادعى أنه بريء، ولكن الشواهد العينية تشير إليه سميت العطوة ب (عطوة حق) أي أنه قد تبرئ جهات التحقيق (الحكومية أو الأهلية) ساحة المتهم. وقد يتم تجديد العطوة عدة مرات بمدد مختلفة لكل مرة بين شهر وستة أشهر، وأحيانا تطول القضية أكثر من عشرين سنة.

وقد تتخلل فترات تجديد العطوة اللجوء للقضاء العشائري، أو الاستناد لما ينتج عن تحريات أومحاكمة أجهزة الدولة، والتي تشترط إنهاء القضية بإسقاط الحق أو الوصول الى صلح عشائري يمنع تجدد الخلافات بين المتخاصمين.

عطوة الإقبال

يظهر من اسمها أنها آخر عطوة تسبق الصلح النهائي بين المتخاصمين، وتكون ثمرة لجهود الوسطاء ومشاويرهم المكوكية بين المتخاصمين لتقريب وجهات النظر، والتي عادة تكون حول شروط المتضررين من الخصومة، سواء كانت متعلقة بحجم الأموال المطلوبة (الدية) أو بطلبات معينة كإبعاد عائلة أو مجموعة عائلات من مكان سكناها الى مكان بعيد عن البلدة أو الحي (الجلوة: الجلاء).

وبعد أن يتوصل الوسطاء الى التفاصيل الدقيقة المتعلقة بكل تلك الأمور، والتي عادة ما تكون داخل غرف مغلقة وبعدد محدود جدا من الرجال الحكماء، يتم بعدها الاتفاق على موعد الصلح، ومكانه وأعداد المدعوين وشكل الصلح الخ.

تأمين الدية

تلجأ العشائر الكبيرة الى تقسيم الدية بين أبنائها (الذكور) وتكون أحيانا لصلة القرابة (أخ، ابن عم) يُفرض عليهم أكثر من أبناء العشيرة الأبعد قرابة.

وعندما يكون الجاني من عائلة صغيرة وفقيرة، يحمل راية خاصة ويطوف بها على أهالي البلدة أو البلدات والأحياء المجاورة طالبا المعونة بهتاف ذليلٍ خاص، فيقوم الناس بمساعدته حقنا للدماء.

مكان الصلح

مكان الصلح في القضايا الكبرى، يكون في أراضي المتضررين، سواء ديوان مبني بالحجارة أو بيت (شعر) أو سرادق، وعادة تكون كلف نصب السرادق والكراسي وحتى القهوة والماء وما يطلبه الطرف المتأذي على حساب مسببي الضرر (أهل الجاني)، ولكن بإدارة الدخيل (الطرف الوسيط).

ويبالغ أهل المتأذي بطلباتهم في بعض الأحيان في تضخيم مكان الصلح، ونصبه قبل الصلح بيوم أو يومين وذلك للإعلان عن أنهم في طريقهم لأخذ حقوقهم وغسل عارهم.

المشاركون في الصلح

يشترط المتأذون بإشراك وجوه معنوية معينة كرئيس الوزراء (أحياناً) أو شيوخ القبائل في مناطق محيطة بالبلدة، وبطبيعة الحال فإن الأجهزة الأمنية تكون حاضرة حضورا واضحاً تحسباً لأي طارئ.

كرنفالية الصلح

يصب أحد أفراد العشيرة المتأذية فنجال القهوة ويقول: (شومتكم بينكم) أي أنكم أنتم من تختارون من سيتكلم باسمكم، وطبعا هذا الأمر يكون متفق عليه بشكل مسبق، فيقوم من تم وضع الفنجال أمامه ويثني على مضيفيه وكرم أخلاقهم ويذكر بعض الآيات الكريمة التي تحث على الصلح، وبعض الأحاديث النبوية، ويلعن الشيطان الخ،

ويقوم ممثل ألمتأذين ويشكر الوسيط والمجتمع ويذكر مطالبهم التي تم تلبيتها في (عطوة الإقبال) ولكنه يزيد عليها كأحد طقوس الصلح، فيقوم متكلم آخر ويرجو من المتأذين تكريم الجاهة (وفد الصلح الكبير) فيتنازل عن جزء، ثم يقوم آخر فيطلب المزيد من التكريم حتى يصل ما تم الاتفاق عليه.

يتم بعضها التهليل والتكبير وقراءة الفاتحة، وشرب القهوة للجميع، ثم يدخل وجهاء وأبناء العشيرة المسببين للأذى بوضع ذليل يقودهم بعض رجال العشيرة الوسيطة، وأحيانا يضعون (عُقلهم: جمع عقال وهو ما يثبت غطاء الرأس) في رقابهم، تعبيراً عن أنهم أسرى للعشيرة المتأذية وتحت كرمهم.

تُعقد راية الصلح (راية بيضاء) تثبت على طرف عصا (رمح من القصب) ثم يهتف بعض أفراد العشيرة الوسيطة بهتاف خاص يمجد ويشكر العشيرة المتأذية ويرددون الهتاف وهم يطوفون بأرض الصلح ويحملون رايتهم ويبرزونها في عودتهم، سواء كانوا راكبين أو راجلين.

انتهى
__________________
ابن حوران
ابن حوران غير متصل   الرد مع إقتباس