عرض مشاركة مفردة
غير مقروءة 06-11-2022, 09:01 AM   #3
رضا البطاوى
من كبار الكتّاب
 
تاريخ التّسجيل: Aug 2008
المشاركات: 5,982
إفتراضي

والذي بذلوه للناس في مقابلة ذلك ملايين محدودة؛ يعني أنهم استفادوا من غير كد منهم ولا تعب؛ استفادوا مبالغ كبيرة جدا -مئات الملايين في بعض الأحوال، أو أكثر للشركات الكبيرة- والمبذول هو من الناس، فيكون الذي بذلوه وصلّحوا به ما صلحوا، أو ضمنوا به ما ضمنوا، يكون قليلا في مقابلة ذلك. وإذا تقرر هذا، فإن نظر المجتهد من أهل العلم ينظر لا إلى الفرد من الناس، بل ينظر إلى حماية الناس جميعا؛ لأن الشريعة جاءت لحماية أموال الناس، كما هو معلوم فإن الكليات التي حافظت عليها الشريعة خمس، ومنها المحافظة على المال؛ مال الفرد وأيضا مال الجماعة، فهذا المال الوفير الذي أخذته شركات التأمين مثلا في مقابلة فائدة أناس قليلين، هذا غرر كبير جدا؛ لأنهم يحصدون مائتين مليون، ثلاثمائة مليون، والذي أنفقوه خمسين مليون مثلا في السنة في بعض أحوال الشركات.
إذا تبين ذلك هنا، إذن في مسألة الغرر المتوفق يكون ثم خلاف بين أهل العلم.
نأخذ الآن مقارنة لك ما بين الغرر والميسر:
الغرر نوع من أنواع الميسر، فالميسر أعم من الغرر، فالغرر يدخل في المعاملات؛ يعني في المعاملات والمعاوضات، والميسر عام يشمل ذلك ويشمل غيره، لهذا عدّ السلف أنواع كثيرة من اللهو الباطل، عدوها من الميسر لأجل ما فيها من مشابهة أهل الجاهلية في ذلك، ولم يعدوها غررا لأنها ليست معاوضة.
فإذن الغرر قد يكون في المعاملات؛ يعني في أنواع التعامل في البيع، في الإجارة، في الشركات، في أنواع الأبواب الفقهية؛ يعني في المعاملات.
أما الميسر فيشمل كل معاملة تُرِدِّدَ فيها هل تحصل أم لا تحصل، والغرر أيضا إذا كان فيه معاملة فينطبق على ذلك، فالميسر يدخل في المسابقات والرِّهان. وأما الغرر فلا يدخل في المسابقات والرهان، ولهذا نقول مثلا في المسابقات نقول هذه قمار، ولا نقول غرر لأن -مع أن بعض أهل العلم يعبر عنها بالغرر لكنها غرر بمعنى، وهي بالمعنى أكثر إذا كانت مالية قمارا وميسرا- نقول إذن إن الميسر كما ذكرت لك نوعان: نوع في المغالبات والرهان، ونوع في المعاملات. والميسر الذي في المعاملات هو الغرر، ولهذا كل بيع فيه غرر فيدخل باسم الميسر في الاسم الواسع، وأما المغالبات والرهان فهذا يدخل فيه أحوال كثيرة، مثل مل هو معروف عند الناس، تقول أراهنك على كذا وكذا، يعني بشيء يحصل أو لا يحصل، أو نعمل كذا وكذا بالمراهنة، هذا يدفع مبلغ وذاك الثاني يدفع مبلغ، وأيهما فعل أو سبق صاحبه فإنه يكون الآخذ للمال؛ يعني مال الآخر. معلوم أن هذه المغالبة هي أخذ للمال بغير وجه حق، ولهذا نهت الشريعة عن كل أنواع المسابقة والمغالبة والرهان إلا ما كان فيه نصرة للدين وفيه جهاد، لهذا صح عنه عليه الصلاة والسلام أنه قال «لا سَبَقَ إلاّ في خُف أوْ نَصْلٍ أوْ حَافِرٍ» لأنّ الخف والنصل والحافر هذه فيها إعداد للجهاد؛ يعني لا عِوَضَ يبذل على مسابقة إلا فيما فيه إعانة للجهاد؛ مسابقة الخيول تبذل فيها عوض لا بأس لأنه فيها إعانة على الجهاد، مسابقة الرمي بالسهام للإصابة؛ بالسهام في الزمن الأول أو بالرماح، أو الآن بالبنادق أو بأشباه ذلك، هذه كلها فيها إعانة على الجهاد، هذه لا تدخل في تحريم المغالبات، فإذن نقول القاعدة أن أنواع المغالبات والرهان محرم إلا ما كان فيه نصرة لدين الله جل وعلا، كما قال عليه الصلاة والسلام «لا سَبَقَ إلاّ في خُفّ أوْ نَصْلٍ أوْ حَافِرٍ»، قال أهل العلم إن العلم من أعظم أنواع الجهاد، ولذلك فإن المغالبة والمسابقة والرهان فيه جائز؛ لأنه قائم على الجهاد، يعني مثلا اثنين يِتْسَابَقُونْ أنا أضع ألف، وأنت تضع ألف ريال، الذي يسبق في حفظ سورة البقرة يأخذ ألفين، هذا فائدة للدين، وفائدة للعلم، أو يحفظون متنا، أو يحررون بحثا، قال طائفة من أهل العلم كابن تيمية وابن القيم وجماعة أنّ هذا مما فيه إعداد للجهاد."
وهذا الكلام الطويل لا فائدة منه فى شرح الغرر والميسر والغرر هو أن تفعل شيئا ماليا وأنت تجهل مصيره أو حكمه أو صفاته وهو أمر نادر الحدوث ألا يعرف الإنسان أنه يمارس الميسر من خلال لعب لعبة من ألعابه
وجرنا الرجل إلى الرهان وهو نوع من أنواع الميسر وكل أنواع الميسر محرمة ولكن القوم ينسبون إلى الرسول(ص) أنه أمر أبو بكر بممارسة الميسر بعد نزول أول سورة الروم فقال :
"إذن فقاعدة الميسر والمغالبات يُستثنى منها ما كان فيه نصرة لدين الله جل وعلا، والرهان؛ أنواع المراهنات محرمة، فكل رهان ميسر؛ لأنه يُراهن؛ يدخل في هذا النوع على تردد هل يحصل له أم لا يحصل له؟ هل يتحقق يكسب أم لا يكسب؟ وبعض أهل العلم أجاز الرهان استدلالا بحادثة أبي بكر الصديق - رضي الله عنه - لما نزل قول الله جل وعلا { الم غُلِبَتْ الرُّومُ فِي أَدْنَى الْأَرْضِ وَهُمْ مِنْ بَعْدِ غَلَبِهِمْ سَيَغْلِبُونَ فِي بِضْعِ سِنِينَ } فكان المسلمون يفرحون بنصرة الروم على الفُرس، وكان المشركون بنصرة الفُرس على الروم، فلما نزلت الآية وكانت الدائرة للفرس، تراهن أبو بكر مع أحد المشركين، فقال أحد المشركين ستغلب فارس أو غلبت فارس. فقال أبو بكر - رضي الله عنه - بل الروم ستغلب. وراهنه على مال، وكسب المالَ أبو بكر - رضي الله عنه -، وأهل العلم في هذا الرهان الواقع من أبي بكر لهم منحيان :
¨ المنحى الأول أنّ هذا منسوخ بتحريم الميسر في المدينة. والثاني أنّ هذا ليس بمنسوخ بل هو محكم؛ لأن أبا بكر لم يدخل في معاملة الأمر فيها متردد بين الحصول وبين عدمه، حين دخل في المعاملة دخل بوعد الله جل وعلا، بل بإخبار الله جل وعلا، وهذا أوثق أنواع الإخبار؛ لأنه لو ظن هو أو تحقق هو من نفسه بأنه ستحصل، الأبلغ منه أن يخبره المولى جل وعلا وأن يحكم بأن الروم ستغلب، لذلك أبو بكر الصديق حين راهن تسمى المعاملة رهانا، ولكن هو كاسب فيها داخل متيقنا بالكسب لا على غرر ولا على جهالة؛ لأن الله جل وعلا هو الذي أخبر بأن الروم ستغلب { الم غُلِبَتْ الرُّومُ فِي أَدْنَى الْأَرْضِ وَهُمْ مِنْ بَعْدِ غَلَبِهِمْ سَيَغْلِبُونَ فِي بِضْعِ سِنِينَ } فلما انتهت بضع سنين غلبت الروم، فإذن هذه الصورة لا تدل على إباحة المراهنة ولا تدخل في الميسر ولا في القمار ولا في الغرر؛ لأن أبا بكر الصديق - رضي الله عنه - دخل فيها وهو عالم أنه سيكسب بيقين، فلا تصلح دليلا على إباحة الرهان ولا المراهنة، ولا إباحة بعض صور الميسر."
قطعا هذا أمر لم يحدث ولم يقله النبى(ص) خاصة أنهم لا يضمنون أن يوفى الكفار بعهدهم
وتحدث عن الفرق بين الرهان والقمار فقال :
"ما الفرق ما بين الرِّهان والقمار؟
الرِّهان فيه توقُّع مع عمل، وأما الميسر فهو توقع بلا عمل هناك؛ يعني أن الميسر والرهان يشتركان في أن كلا منهما فيه تردد في الحصول من عدمه، لهذا صار الرهان من أنواع الميسر، لكن الرهان يختلف عن القمار بأن المراهن لم يعمل عملا يكتسب فيه هذا المال، بينما المقامر فإنه قد يعمل عملا يحصل له هذا الشيء، والعلماء في الفرق ما بين الرهان والقمار في دخول العمل لهم تعابير مختلفة باعتبار العمل تارة، وبعدم اعتباره تارة."
وهذا فرق فى معنى كل صورة من الصور ولكنه لا يخرج عن المعنى العام وهو عمل فيه كاسب وخاسر بلا سبب شرعى للكسب والخسارة
وانتهى المحاضر إلى أن القمار غير الميسر فقال :
"إذا تبين ذلك في تبيين هذه المسألة فأعود ألخص:
رضا البطاوى غير متصل   الرد مع إقتباس