عرض مشاركة مفردة
غير مقروءة 20-06-2022, 07:55 AM   #1
رضا البطاوى
من كبار الكتّاب
 
تاريخ التّسجيل: Aug 2008
المشاركات: 5,962
إفتراضي قراءة في كتاب دعاء القنوت

قراءة في كتاب دعاء القنوت
المؤلف بكر بن عبد الله أبو زيد والكتاب يدور حول بعض المسائل المتعلقة بما يسمى دعاء القنوت وفى هذا قال المؤلف:
"أما بعد فهذه تنبيهات مهمة على بعض ما يتعلق بدعاء القنوت في الوتر من أمور كثير السؤال عن بعضها وانتشر بعض آخر ولم نعرف له أصلا فما رأيناه في الوارد ولا سمعنا أنه فيه بعد التحري والاستقراء وقد دعت الحاجة إلى بيانها لاسيما والقنوت عبادة جهرية حين يدعوا الإمام جهرا ويؤمن على دعائه المأمومون فيتلقنها المأموم والمتعين أن يتوارث الناس هدي النبي (ص) في تعبدهم ودعائهم وقنوتهم وسائر أحوالهم فذلك أزكى لهم وأطيب وأرجى لهم عند ربهم ومعبودهم ."
بداية لا وجود في دين الله لما يسمى دعاء القنوت باعتباره عبادة جهرية في الصلاة لأن الصلاة طبقا للقرآن ليست جهرية ولا سرية وإنما وسط بين الاثنين كما قال تعالى :
" ولا تجهر بصلاتك ولا تخافت بها وابتغ بين ذلك سبيلا"
ومن ثم فالكتاب بنى على عبادة محرمة طبقا لكتاب الله ولكننا سنسير مع المؤلف في كتابه للتعليق وقد بين أنه قسم الكتاب لثلاثة فصول فقال:
"لما ذكر اقتضى الحال التنبيه على أمور منها ما هو خطأ والصواب خلافه ومنها ما هو مفضول والأفضل سواه ومنها ما هو اعتداء في الدعاء يأباه الله ورسوله والمؤمنون. ثم نص دعاء القنوت وضوابط الزيادة فيه شرعا ثم سياق بعض الأدعية الجامعة من القرآن والسنة ليختار منها القانت قدرا لا يشق على المأمومين فإلى بيانها في فصول ثلاثة"
والفصل الأول في مجتنبات دعاء القنوت وفيها قال :
"الفصل الأول
تنبيهات في بيان ما يجتنب في القنوت
التنبيه الأول
إن التلحين والتطريب والتغني والتقعر والتمطيط في أداء الدعاء منكر عظيم ينافي الضراعة والابتهال والعبودية وداعية للرياء والإعجاب وتكثير جمع المعجبين به وقد أنكر أهل العلم على من يفعل ذلك في القديم والحديث.
فعلى من وفقه الله تعالى وصار إماما للناس في الصلوات وقنت في الوتر أن يجتهد في تصحيح النية وأن يلقي الدعاء بصوته المعتاد بضراعة وابتهال متخلصا مما ذكر مجتنبا هذه التكلفات الصارفة لقلبه عن التعلق بربه.
التنبيه الثاني
يجتنب جلب أدعية مخترعة لا أصل لها فيها إغراب في صيغتها وسجعها وتكلفها حتى إن الإمام ليتكلف حفظها ويتصيدها تصيدا ولذا يكثر غلطه في إلقائها ومع ذلك تراه يلتزمها ويتخذها شعارا وكأنما أحيا سنة هجرتها الأمة.
التنبيه الثالث
يجتنب التزام أدعية وردت في روايات لا تصح عن النبي (ص)لأن في سندها كذابا أو متهما بالكذب أو ضعيفا لا يقبل حديثه وهكذا.
ومنها حديث فرات عن علي قال قال لي علي (( ألا يقوم أحد فيصلي أربع ركعات فهديت فلك الحمد عظم حلمك فعفوت فلك الحمد ... إلى قوله ولا يبلغ مدحتك قول قائل )) رواه أبو يعلى بسند ضعيف لأن فيه عدة علل منها أن فرات بن سلمان لم يلق عليا فهو منقطع الإسناد .
ومع ذلك تسمع من يجهد نفسه بهذا الذكر فيغلط فيه ثم يغلط فهو في مجاهدة مع ذاكرته حتى يأتي به ولو أخذ بالصحيح الثابت عن النبي (ص) وهو ذكر مبارك سهل ميسور لكان أبر وأبرك وأقرب للإجابة وتأسيا بالنبي (ص) بما دعا به ربه سبحانه .
ومنها ما يروى عن أنس مرفوعا أن الرسول (ص)مر بأعرابي وهو يدعو في صلاته وهو يقول (( يا من لا تراه العيون ولا تخالطه الظنون ... الحديث )) أخرجه الطبراني في ((الأوسط)) بسند فرد من لا يعرف وهو شيخ الطبراني وتدليس أحد رواته مع ثقته.
ومنها ما يروى من حديث عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده رضي الله عنهم قال (( نزل جبريل على النبي (ص)حتى ذكر كلمات من كنوز العرش وهي (( يا من أظهر الجميل وستر القبيح يا من لا يؤاخذ بالجريرة ... إلى قوله أسألك يا الله أن لا تشوي خلقي بالنار )) رواه الحاكم في المستدرك وقال صحيح الإسناد فإن رواته كلهم مدنيون ثقات )).
وقد تعقبه الحافظ الذهبي في ترجمة أحمد بن داود الصنعاني في الميزان (( الميزان 1/136 )) فقال(أتى بخبر لا يحتمل ثم ذكره))ثم علق على قول الحاكم المذكور(قال الحاكم صحيح الإسناد .قلت كلا.
قال فرواته كلهم مدنيون قلت كلا قال ثقات قلت أنا أتهم به أحمد.
وأما أفلح بن كثير فذكره ابن أبي حاتم ولم يتكلم عنه بشيء))انتهى.
وفيه أيضا عنعنة ابن جريج وهو مدلس.
فانظر نعوذ بالله من الخذلان كيف يتعلق الداعي بحديث هذه منزلته ويهجر الدعاء بآيات القرآن العظيم وما يثبت في الصحيحين وغيرهما عن النبي (ص)
ومنها التزام ما ورد بسند فيه واهي الحديث فلا يصح ومنه((اللهم لا تدع لنا ذنبا إلا غفرته ولا هما إلا فرجته ولا دينا إلا قضيته ولا حاجة من حوائج الدنيا والآخرة إلا قضيتها برحمتك يا أرحم الراحمين )). وهو دعاء حسن لا يظهر فيه محذور.
لكن يحصل الغلط من جهات هي هجر الصحيح والتزام ما لم يصح والزيادة فيه بلفظ محتمل وهو(في مقامنا هذا)) فيحتمل أن يكون شرطا على الله فهو باطل ثم الزيادة بسجعات أضعافها.
وهكذا من تتابع سجع متكلف ودعاء مخترع لبعض المستجدات حتى قاربت العشرين على هذا الروي والنمط."
ونلاحظ أن منهج بكر أو زيد فيه تناقض هو يحرم قول اللهم لا تدع لنا ذنبا إلا غفرته ولا هما إلا فرجته ولا دينا إلا قضيته ولا حاجة من حوائج الدنيا والآخرة إلا قضيتها برحمتك يا أرحم الراحمين بسبب الإسناد الواهى مع أنه قال عنه" وهو دعاء حسن لا يظهر فيه محذور"
فالحرمة هى بسبب مخالفة الأحكام وليس بسبب ضعف إسناد الحديث فالمقول كدعاء هو دعاء سواء قاله الرسول(ص) أم لم يقله وهو دعاءئ ليس فيه مخالفة حتى يتم رفضه
وقال بكر:
"التنبيه الرابع
ويجتنب قصد السجع في الدعاء والبحث عن غرائب الأدعية المسجوعة على حرف واحد.
وقد ثبت في(صحيح البخاري)) رحمه الله تعالى عن عكرمة عن ابن عباس رضي الله عنهما أنه قال له(فانظر السجع في الدعاء فاجتنبه فإني عهدت رسول الله (ص)وأصحابه لا يفعلون إلا ذلك الاجتناب)).
ومن الأدعية المخترعة المسجوعة( اللهم ارحمنا فوق الأرض وارحمنا تحت الأرض وارحمنا يوم العرض)).
ولا يرد على ذلك ما جاء في بعض الأدعية النبوية من ألفاظ متوالية فهي غير مقصودة ولا متكلفة ولهذا فهي في غاية الانسجام."
لم يرد في كتاب الله شىء عن السجع وحرمته ولكن العديد من آيات القرآن نفسه تسير على أسلوب السجع ومع هذا لم يحرم أحد هذا الأسلوب فالحرمة هى في مخالفة أحكام الله وليس في طريقة الكلام
والغريب أن كل ما يسمى بدعاء القنوت قائك على السجع كدعاء:
"اللهم إنا نستعينك ونؤمن بك ، ونتوكل عليك ونثني عليك الخير ولا نكفرك ، اللهم إياك نعبد ، ولك نصلي ونسجد ، وإليك نسعى ونحفد ، نرجو رحمتك ونخشى عذابك ، إن عذابك الجدَّ بالكفار مُلحق"
فالسطرين قائمين على السجع بحرف الكاف وحرف الدال
وكذلك دعاء:
"اللهم اهدني فيمن هديت، وعافني فيمن عافيت، وتولني فيمن توليت، وبارك لي فيما أعطيت، وقني شر ما قضيت، إنك تقضي ولا يقضى عليك، إنه لا يذل من واليت ، ولا يعز من عاديت ، تباركت ربنا وتعاليت"قائم على السجع بالتاء في الفعل
وطبقا لكلام بكر تكون كل أدعية القنوت لا أصل لها لقيامها جميعا على السجع
وقال :
ا"لتنبيه الخامس
ويجتنب اختراع أدعية فيها تفصيل أو تشقيق في العبارة لما تحدثه من تحريك العواطف وإزعاج الأعضاء والبكاء والشهيق والضجيج والصعق إلى غير ذلك مما يحدث لبعض الناس حسب أحوالهم وقدراتهم وطاقاتهم قوة وضع فا.
ومن تضمين الاستعاذة بالله من عذاب القبر ومن أهوال يوم القيامة أوصافا وتفصيلات ورص كلمات مترادفات يخرج عن مقصود الاستعاذة والدعاء إلى الوعظ والتخويف والترهيب.
وكل هذا خروج عن حد المشروع واعتداء على الدعاء المشروع وهجر له واستدراك عليه وأخشى أن تكون ظاهرة ملل وربما كان له حكم الكلام المتعمد غير المشروع في الصلاة فيبطلها."
رضا البطاوى غير متصل   الرد مع إقتباس