عرض مشاركة مفردة
غير مقروءة 14-04-2010, 07:22 AM   #17
ابن حوران
العضو المميز لعام 2007
 
الصورة الرمزية لـ ابن حوران
 
تاريخ التّسجيل: Jan 2005
الإقامة: الاردن
المشاركات: 4,483
إفتراضي

تولية عبد الملك للحجاج على العراق



روي أنه لما ولي الحجاج الحرمين الشريفين حظي عنده إبراهيم بن محمد بن طلحة فلما أراد الحجاج الرجوع إلى الشام إلى عبد الملك بن مروان، وفد معه إبراهيم بن محمد بن طلحة وقال: أتيتك برجل الحجاز في الشرف والأبوة والفضل والمروءة يا أمير المؤمنين، مع ما هو عليه من حسن الطاعة وجميل المناصحة، والله لم يكن في الحجاز له نظير، فبالله عليك يا أمير المؤمنين، إلا فعلت معه من الخير ما هو مستحقه? فقال عبد الملك: من هو يا أبا محمد? قال له: إبراهيم بن محمد بن طلحة.

قال: يا أبا محمد لقد ذكرتنا بحق واجب ائذن له في الدخول.


فلما دخل على عبد الملك أمر بجلوسه في صدر المجلس ثم قال: إن أبا محمد الحجاج ذكر لنا ما نعرفه من كمال مروءتك وحسن نصيحتك، فلا تدع في صدرك حاجة إلا أعلمتنا بها حتى نقضيها لك ولا نضيع شكر أبي محمد الحجاج فيك.


قال إبراهيم: إن الحاجة التي نبغي بها وجه الله تعالى والتقرب إلى النبي صلى الله عليه وسلم في القيامة نصيحة أمير المؤمنين. قال: قل! قال: لا أقولها وبيني وبينك ثالث.


قال: ولا صديقك الحجاج? قال: لا.


قال: قم.


فقام خجلاً وهو لا يعرف أين تطأ رجله، فلما مضى قال له: هات نصيحتك.


فقال إبراهيم: يا أمير المؤمنين، وليت الحجاج الحرمين الشريفين وفيهما من تعرف من أولاد المهاجرين والأنصار وصحبة رسول الله صلى الله عليه وسلم مع ما تعلمه من ظلمه وفسقه وجوره وبعده من الحق وقربه إلى الباطل، يسومهم الخسف ويطؤهم بالعسف، فليت شعري أي جواب أعددته لرسول الله صلى الله عليه وسلم، إذا سألك الله في عرصات القيامة عن ذلك? فبالله عليك يا أمير المؤمنين، إلا عزلته وادخرتها قربة إلى الله تعالى.


فقال عبد الملك: لقد ظن الحجاج الخير بغير أهله، ثم قال: يا إبراهيم! قم.


فقمت على أنحس حال وخرجت من المجلس، وقد اسودت الدنيا في وجهي فتبعني حاجبه وقبض على زندي وجلس بي في الدهليز، ثم دعا عبد الملك بالحجاج. فدخل فمكث طويلاً فما شككت إلا أنهما يتشاوران في قتلي. ثم دعاني فقمت ودخلت فوافاني الحجاج خارجاً فعانقني، وقال: جزاك الله عني خيراً في هذه النصيحة، أما والله لئن عشت لأرفعن قدرك.


وتركني وخرج ودخلت وأنا أقول: يهزأ بي، وهو معذور، فدخلت على عبد الملك فأجلسني مجلسي الأول ثم قال لي: قد علمت صدقك وقد عزلته عن الحرمين ووليته العراق وأعلمته أنك استقللت له الحجاز واستدعيت له العراق، وأنك تطلب له الزيادة في الأعمال وهو يظن أنك السبب في توليته العراق، وقد تهلل وجهه فرحاً لذلك، فسر معه أينما توجه يولك خيراً، ولا تقطع نصيحتك عنا والله أعلم.

كيف ولد الحجاج

وفي مروج الذهب للمسعودي وشرح السيرة وغيرهما. أن أم الحجاج ابن يوسف وهي الفارعة بنت همام. ولدته مشوهاً لا دبر له فثقب دبره، وأبى أن يقبل ثدي أمه وغيرها فأعياهم أمره، فيقال: إن الشيطان تصور لهم في صورة الحرث بن كلدة، فقال: ما خبركم? فقالوا: ولد ليوسف الثقفي من الفارعة ولد وقد أبى أن يقبل ثدي أمه فقال: اذبحوا له تيساً أسود والعقوه دمه ثم اذبحوا له أسود سالخاً، وأولغوه من دمه واطلوا به وجهه ثلاثة أيام ففعلوا فقبل الثدي في اليوم الرابع فكان لا يصبر عن سفك الدم وارتكاب أمور لا يقدر عليها غيره.

الحجاج والمرأة الحرورية

قال الرواي: ولما ولي الحجاج العراق قال: علي بالمرأة الحرورية. فلما حضرت قال لها: كنت بالأمس في وقعة ابن الزبير تحرضين الناس على قتل رجالي ونهب أموالي? قالت: نعم. قد كان ذلك يا حجاج.

فالتفت الحجاج إلى وزرائه وقال: ما ترون في أمرها? فقالوا: عجل بقتلها.


فضحكت المرأة فاغتاظ الحجاج وقال: ما أضحكك? قالت: وزراء أخيك فرعون خير من وزرائك هؤلاء.


قال: وكيف ذلك? قالت: لأنه استشارهم في موسى فقالوا: "أرجه وأخاه"، أي أنظره إلى وقت آخر، وهؤلاء يسألونك تعجيل قتلي. فضحك الحجاج وأمر لها بعطاء وأطلقها.

__________________
ابن حوران
ابن حوران غير متصل   الرد مع إقتباس