عرض مشاركة مفردة
غير مقروءة 05-02-2008, 04:27 PM   #38
*سهيل*اليماني*
العضو المميز لعام 2007
 
تاريخ التّسجيل: Jan 2006
المشاركات: 1,786
إفتراضي

للسيد الفاضل .. عبدالرزاق .. بكل ود







قالت ..

لا أريدك أن تسأني عن نفسي..أنا لا أحب أن أعرف عنها شيئاً ,فأنا أمرأة هاربة من نفسي إلى الناس ..أحب الناس كثيراً ..أشعر بينهم أنني أنسى كل شيء في حياتي ..هذا الزحام يشدني دائماً إليه..لا أريد أن أترك لحظة واحدة من عمري تضيع مني بدون الناس ,أريد أن أعيش العمر كاملاً طولاً وعرضاً ..أذوب فيهم تماماً..يقتحمون صمت أيامي ويزلزلون سكون وحدتي..

ما أجمل أن يحاصرك الزحام فتجد نفسك مشغولاً , لا وقت لديك لكي تفكر في شيء حتى نفسك..حاول أحياناً أن تنسى نفسك..اتركها تماماً للأخرين.


قلت ..

أنت تهربين من نفسك إلى الناس..وأنا أهرب من الناس إلى نفسي .. وهذا هو الفرق بيننا ..
أنت أمرأة تعشقين الزحام..وأنا رجل أحب أحياناً أن أمارس عشقي للوحدة ..

مع نفسي أرى الأشياء أعمق وأوسع وأشمل..مع نفسي أصبح كل شيء..يتجسد كل هذا الكون أمامي في هذا الكائن الصغير ..

ومع الناس أشعر إني جزء ضئيل في هذا العالم الفسيح..زحام الناس حولي يسلبني خصوصيتي .. يبعثرني..فأجد نفسي مشاعاً..هذا يقطع جزء مني..وهذا يسلب الجزء الأخر..

ومع نهاية كل يوم يحاول الإنسان أن يلملم نفسه من بين أيدي الأخرين.

مع نفسي أملك كل الأشياء ..مع الناس يملكني أي شيء..وليس معنى ذلكم أنني أدعو إلى الأبتعاد عن الناس,فإذا كان من الخطأ أن يغرق الإنسان تماماَ في ذاته فمن الخطأ أيضاً أن يذوب تماماَ في الناس..إنها معادلة صعبة أن تعطي الناس بعضا منك..وأن تحافظ على البعض الأخر ..ألا تغرق تماماَ ..وألا تجلس وحيداً على الشطآن.

قالت: وما الفقرق بيني وبينك؟

قلت: أنت هاربه إلى الناس لأن ماكنت تحلمين به مع نفسك لم يتحقق..هناك لحظة خيانة بينك وبين ذاتك..هناك حلم أتفقتما عليه يوماً,ثم انكسر بينكما هذا الحلم..وكل واحد منكما يلقي المسئولية على الأخر..

وأصبح الحلم جرحاً ..وأصبح الجرح ذكرى أليمة ..وكلما لاحت نفسك أمامك عادت معها ظلال الجرح ..أنت أمرأة هاربه من جرح..ولم تحاولي يوماً أن تداوي الجرح لكي يبرأ..وزاد مع الأيام عمقاً , وكلما اتسع الجرح اتسعت الفجوة بينك وبين نفسك,أما أنا فلا أستطيع أن أفعل شيئاً يتعارض مع نفسي مهما كانت ضرورته..لم أورطها يوماً في شيء لا ترغب فيه..ولهذا فأنا حريص عليها وهي حريصة علي..لابد أن نتصافح كل صباح..وان تراجع حسابات يومنا مع غروب الشمس..يذكر كل منا أخطاءه بلا حرج..ونتحدث عن أحلامنا التي ضاعت وأيامنا التي سقطت..واحباب فارقونا..وأصدقاء خانونا..ورفاق تخلوا عنا في منتصف الطريق..


نحزن معاً ..


ونشعر أن حزننا واحد..


نحلم معا.. ونشعر أن حلمنا واحد..


وكثيرا ما يشدنا زحام الناس والحياة ونفترق وسط هذا الزحام,ولكنني سرعان ما أعود غليها في نهاية يوم متعب ثقيل وأنا أكثر شوقاً للتوحد معها فأحكي لها ما كان منهم..وما كان مني ..


إننا قليلا ما نختلف..

أما زحام الناس فلا أقدر عليه ولا أستطيع أن أترك نفسي لهم وقتا طويلا تتجاذبني الأيدي..وتطاردني العيون..أحب الألتئام إلى نفسي ,وإذا ذهبت إلى الناس أذهب إليهم عن أقتناع وأختيار ..ولا أقبل أن أجد نفسي مضطراً لأن أجامل سفيهاً أو اتنازل أمام من لا يساوي ..أو أعطى من لا يستحق...أو أقدر من ليس أهلا للتقدير وزحام الناس يفرض علي بعض ؤالتنازلات.. وانا لا أحب لغة التنازلات..أحب ان أكون نفسي قبل أي شيء أخر.

قالت ..

ومتى أتصالح وأعود إلى نفسي ؟

قلت ..

إذا جمعكما حلم واحد .

قالت ..وما هذا الحلم؟
قلت .. حب جديد ..

قالت !!

ولكن السفن جميعاً تحطمت على الشاطيء ولم يعد من حقي الرجوع ...

قلت ..

حتى لو كانت السفن قد تحطمت ..


لا ينبغي ابدا أن ننسى روعة الأمواج .. وزرقة البحر ساعة الغروب..
__________________
*سهيل*اليماني* غير متصل   الرد مع إقتباس