الموضوع: رحلة ابن فضلان
عرض مشاركة مفردة
غير مقروءة 29-09-2007, 06:47 PM   #3
*سهيل*اليماني*
العضو المميز لعام 2007
 
تاريخ التّسجيل: Jan 2006
المشاركات: 1,786
إفتراضي

فلما كان في بعض الأيام وجه خلف القواد الذين يلونه وهم: طرخان وينال وابن أخيهما وإيلغز وكان طرخان أنبلهم وأجلهم وكان أعرج أعمى أشل فقال لهم: إن هؤلاء رسل ملك العرب إلى صهري ألمش بن شلكي ولم يخير لي أن أطلقهم إلا عن مشورتكم فقال طرخان: هذا شيء ما رأيناه قط ولا سمعنا به ولا اجتاز بنا رسول سلطان مذ كنا نحن وآباؤنا وما أظن إلا أن السلطان قد أعمل الحيلة ووجه هؤلاء إلى الخزر ليستجيش بهم علينا والوجه أن يقطع هؤلاء الرسل نصفين نصفين ونأخذ ما معهم.

وقال آخر منهم: لا بل نأخذ ما معهم ونتركهم عراة يرجعون من حيث جاءوا وقال آخر: لا ولكن لنا عند ملك الخزر أسراء فنبعث بهؤلاء نفادي بهم أولئك فما زالوا يتراجعون بينهم هذه الأشياء سبعة أيام ونحن في حالة الموت حتى أجمع رأيهم على أن يخلوا سبيلنا ونمضي فخلعنا على طرخان خفتاناً مروياً وشقتين باي باف وعلى أصحابه كل واحد قرطقاً وكذلك على ينال ودفعنا إليهم فلفلاً وجاورس وأقراصاً من خبز وانصرفوا عنا.

ورحلنا حتى صرنا إلى نهر يغندي فأخرج الناس سفرهم وهي من جلود الجمال فبسطوها وأخذوا بالأثاث من الجمال التركية لأنها مدورة فجعلوها في جوفها حتى تمتد ثم حشوها بالثياب والمتاع فإذا امتلأت جلس في كل سفرة جماعة من خمسة وستة وأربعة وأقل وأكثر ويأخذون بأيديهم خشب الخدنك فيجعلونه كالمجاديف ولا يزالون يجدفون والماء يحملها وهي تدور حتى نعبر فأما الدواب والجمال فإنه يصاح بها فتعبر سباحة ولا بد أن تعبر جماعة من المقاتلة ومعهم السلاح قبل أن يعبر شيء من القافلة ليكونوا طليعة للناس خيفة من الباشغرد أن يكبسوا الناس وهم يعبرون.

فعبرنا يغندي على هذه الصفة التي ذكرنا ثم عبرنا بعد ذلك نهراً يقال له جام في السفر أيضاً ثم عبرنا جاخش ثم أذل ثم أردن ثم وارش ثم أختي ثم وتبا وهذه كلها أنهار كبار.

ثم صرنا بعد ذلك إلى البنجاك وإذا هم نزول على ماء شبيه بالبحر غير جار وإذا هم سمر شديدو السمرة وإذا هم محلقوا اللحى فقراء خلاف الغزية لأني رأيت من الغزية من يملك عشرة آلاف دابة ومئة ألف رأس من الغنم وأكثر ما ترعى من الغنم ما بين الثلج تبحث بأظلافها تطلب الحشيش فإذا لم تجده قضمت الثلج فسمنت غاية السمن فإذا كان الصيف وأكلت الحشيش هزلت فنزلنا على البجناك يوما واحداً ثم ارتحلنا فنزلنا على نهر جيخ وهو أكبر نهر رأيناه وأعظمه وأشده جرية ولقد رأيت سفرةً انقلبت فيه فغرق من كان فيها وذهبت رجال كثير من الناس وغرقت عدة جمال ودواب ولم نعبره إلا بجهد. ثم سرنا أياماً وعبرنا نهر جاخا ثم بعده نهر أرخز ثم باجاغ ثم سمور ثم كنال ثم نهر سوخ ثم نهر كنجلو.

ووقفنا في بلد قوم من الأتراك يقال لهم الباشغرد فحذرناهم أشد الحذر وذلك أنهم شر الأتراك وأقذرهم وأشدهم إقداماً على القتل يلقى الرجل الرجل فيفرز هامته ويأخذها ويتركه وهم يحلقون لحاهم ويأكلون القمل يتتبع الواحد منهم درز قرطقة فيقرض القمل بأسنانه ولقد كان معنا منهم واحد قد أسلم وكان يخدمنا فرأيته وجد قملة في ثوبه فقصعها بظفره ثم لحسها وقال لما رآني: جيد.

وكل واحد منهم ينحت خشبة على قدر الإحليل ويعلقها عليه فإذا أراد سفراً أو لقاء عدو قبلها وسجد لها وقال: يا رب افعل بي كذا وكذا فقلت للترجمان: سل بعضهم ما حجتهم في هذا ولم جعله ربه قال: لأني خرجت من مثله فلست أعرف لنفسي خالقاً غيره.

ومنهم من يزعم أن له أثني عشر ربا: للشتاء رب وللصيف رب وللمطر رب وللريح رب وللشجر رب وللناس رب وللدواب رب وللماء رب ولليل رب وللنهار رب وللموت رب وللأرض رب والرب الذي في السماء أكبرهم إلا أنه يجتمع مع هؤلاء باتفاق ويرضى كل واحد منهم بما يعمل شريكه تعالى الله عما يقول الظالمون علوا كبيراً ورأينا طائفة منهم تعبد الحيات وطائفة تعبد السمك وطائفة تعبد الكراكي فعرفوني أنهم كانوا يحاربون قوماً من أعدائهم فهزموهم وأن الكراكي صاحت وراءهم ففزعوا وانهزموا بعدها هزموا فعبدوا الكراكي لذلك وقالوا: هذه ربنا وهذه فعالاته هزم أعدائنا فهم يعبدونها لذلك.

قال: وسرنا من بلد هؤلاء فعبرنا نهر جرمشان ثم نهر أورن ثم نهر أورم ثم نهر بياناخ ثم نهر وتيغ ثم نهر نياسنه ثم نهر جاوشيز وبين النهر والنهر مما ذكرنا اليومان والثلاثة والأربعة وأقل من ذلك وأكثر.

__________________

آخر تعديل بواسطة *سهيل*اليماني* ، 29-09-2007 الساعة 07:44 PM.
*سهيل*اليماني* غير متصل   الرد مع إقتباس