عرض مشاركة مفردة
غير مقروءة 15-06-2011, 12:58 AM   #184
المشرقي الإسلامي
أحمد محمد راشد
 
الصورة الرمزية لـ المشرقي الإسلامي
 
تاريخ التّسجيل: Nov 2003
الإقامة: مصر
المشاركات: 3,832
إفتراضي

(178)


والمتحدث في القصيدة واحد من الجنود الذين نجوا من معارك 1967 وعاد يحمل جراحًا في جسمه وقلبه ، وإحساسًا ثقيلاً بالعار لا يستطيع أن يتخلص منه أو يخفيه ، فلا الليل يستر هذا العار ولا الجدران ، ولا محاولاته اليائسة – التي جسدها في صور مادية-لإخفائه عن أعين الآخرين ، ويزداد إحساسه بالعار ثقلاً وكثافة حين يرى طفلة أحد رفاقه في الميدان من الذين استشهدوا عطشًا في الماضي –الذي يتم من خلال وعي الجندي – من هذه اللحظة ؛ فرؤيته للطفل تذكره بأبيها الشهيد ، فيسترجع ما كانت تمثله هذه الطفلة بالنسبة له ، ولهم جميعًا – من خلاله- حيث كان حديث الأب عنها يتحول إلى نيسم وديع يهب النسيم ، ويسندون بنادقهم ، وحتى عندما استشهد والدها عطشًا في الصحراء المشمسة كان آخر ما تلفظ به لسانه –بل آخر ما رطب به شفتيه اليابستين- يرجع الحديث إلى اللحظة الحاضرة وقد ازداد إحساس الجندي بالعار ثقلاً وفداحة ، وزادت معالم المأساة عمقًا وكثافة ، فكل شيسء من ملامح الطفلة يذكره بأبيها ويدينه بأنه لم يشاركه في مصيره ، ويذكره بالمأساة الأليمة بكل تفاصيلها التي يحاول التهرب منها سدى .
وكثيرًا ما يستخدم أسلوب الاتداد في القصائد التي تتبنى على مفارقة تصويرية ، وبخاصة تلك المفارقات التي يكون للزمن أثر في تناقض الطرفين فيها .
المشرقي الإسلامي غير متصل   الرد مع إقتباس