عرض مشاركة مفردة
غير مقروءة 12-04-2008, 10:15 PM   #18
السيد عبد الرازق
عضو مميز
 
تاريخ التّسجيل: Apr 2004
الإقامة: القاهرة -- مصر
المشاركات: 3,296
إفتراضي

عبد الله البردوني شاعر لا يكف عن السؤال


كتب - هشام اليتيم احتفت مجلة الكويت الثقافية الشهرية في الأول من شهر سبتمبر عام 2002 بالشاعر اليمني عبدالله البردوني‚ وتنوعت موضوعاتها الأخرى ما بين ثقافة وعلوم وفن ولقاءات واستطلاعات‚ وفي المجلة التي تصدر في الكويت بعددها 227 ــ ملف كامل عن شاعر اليمن الكبير عبدالله البردوني‚ يضيء فلكه الشعري‚ شارك في اعداده نخبة من النقاد والشعراء منهم د‚ عز الدين اسماعيل‚ د‚ عبدالعزيز المقالح‚ د‚ سالم عباس‚ شوقي بغدادي‚ د‚ وهب رومية‚ د‚ وليد مشوح‚ د‚فايز الداية ومحمد جمال باروت وآخرون‚ هنا قراءة في شخصية البردوني عبر الملف الذي وضع حوله في مجلة الكويت:

البردوني شاعر اليمن وشاعر منتم الى كوكبة من الشعراء الذين مثلت رؤاهم الجمالية حبل خلاص لا لشعوبهم فقط بل لأمتهم أيضا‚ عاش حياته مناضلا ضد الرجعية والدكتاتورية وكافة اشكال القهر ببصيرة الثوري الذي يريد وطنه والعالم كما ينبغي ان يكونا‚ وبدأب المثقف الجذري الذي ربط مصيره الشخصي بمستقبل الوطن‚ فأحب وطنه بطريقته الخاصة‚ رافضا ن يعلمه أحد كيف يحب‚ لم يكن يرى الوجوه فلا يعرف إذا غضب منه الغاضبون‚ لذلك كانوا يتميزون في حضرته غيظا وهو يرشقهم بعباراته الساخرة‚ لسان حاله يقول: كيف لأحد أن يفهم حبا من نوع خاص حب من لم ير لمن لا يرى‚ والبردوني المولود في قرية البردون شرق مدينة ذمار سنة 1928م فقد بصره في الخامسة من عمره‚ هو شاعر حديث سرعان ما تخلص من أصوات الآخرين وصفا صوته عذبا‚ شعره فيه تجديد وتجاوز للتقليد في لغته وبنيته وموضوعاته حتى قيل‚ هناك شعر تقليدي وشعر حديث وهناك شعر البردوني‚ أحب الناس وخص بحبه أهل اليمن‚ وهو صاحب نظرة صوفية في حبهم ومعاشرتهم إذ يحرص على لقائهم بشوشا طاويا ما في قلبه من ألم ومعاناة ويذهب الى عزلته ذاهلا مذعورا قلقا من كل شيء‚ لا يكف عن السؤال حتى سُمي شاعر الاسئلة:

وأنا في عزلتي السودا وفي قلبي الدامي قلوب الأمم

قلق اليقظة مذعور الكرى ذاهل الفكر شريد الحلم

كلما ساءلت نفسي من أنا صمتت عني صموت الصنم

وهو إذ يُقحم نفسه في هموم الناس ومعاناتهم ينفرد مع نفسه بهمه العظيم يكاد لا يسمع أنينه أحد‚ لكنه كلما وجد فرصة ليقف مع اليمني الفقير القانع بحياته تقدم دون تردد ودافع عنه:

وأنا أكدى الورى عيشا على أنني أبكي لبلوى كل مَكْد

حين يشقى الناس أشقى معهم وأنا أشقى كما يشقون وحدي

من هذا الحب حيث تناسى الشاعر نفسه وهمومه وحمل هموم الناس دخل البردوني بفكره المستقل الى الساحة السياسية اليمنية‚ وهو المسجون في بداياته بسبب شعره والمُبعد عن منصب مدير إذاعة صنعاء‚ والمجاهر بآرائه عارفا ما ستسبب له من متاعب:

يمانيون في المنفى ومنفيون في اليمن

جنوبيون في صنعا شماليون في عدن

خطى اكتوبر انقلبت حزيرانية الكفن

فمن مستعمر غاز إلى مستعمر وطني

للبردوني أعمال أدبية متنوعة‚ ديوانه الأول صدر سنة 1961م في القاهرة بعنوان من أرض بلقيس ثم أصدر بعده في طريق الفجر‚ مدينة الغد وزمان بلا نوعية وتقلد الشاعر اوسمة كثيرة كوسام الأدب والفنون في عدن وحصل على جوائز أدبية رفيعة كجائزة مهرجان أبي تمام بالموصل في العراق وجائزة شوقي وحافظ في القاهرة‚ وفي عام 1982 أصدرت الأمم المتحدة عملة فضية عليها صورته كمعاق تجاوز العجز‚ وترك البردوني دراسات كثيرة‚ وأعمالا لم تنشر بعد أهمها السيرة الذاتية‚ البردوني موسيقار عاشق في أشعاره‚ لحن قصيدته العمودية على ايقاعات البحور المشهورة كالبسيط والخفيف والرمل والمتقارب والكامل والطويل والسريع والمتدارك وبعض المجزوءات‚ وأدخل الموسيقى الى شعره عن طريق الحوار‚ والسؤال حيث يتوارى صوت الأنا المفرد ويظهر الصوت والصوت الآخر فيعلو الجرس الدرامي ويخفق الحس الغنائي ويتم التعبير بالحوار والمقابلة عما كان سيقرر ويطرح دونجدال يرفعه هو الى درجة تسمح للقارىء الفضولي بالتجسس على الشعر في حس سريالي مبكر ــ مبتكر ــ يتجنب المباشرة في الخطاب مع المتلقي‚ كما شاع في شعره التكرار المتعلق بصوت القافية او الحروف المتشابهة او اسلوب رد الاعجاز على الصدور فوصل الى موسيقى الكلمة الداخلية قبل السعي الى الموسيقى الظاهرة والخارجية كما في قصيدته الفاتح الأعزل التي يفتتحها بقوله:

ساه ‚‚ في مقعده المهمل كسؤال ينسى أن يُسأل

ويختتمها بقوله:

فيعود يشكل ما ألغى أو يمضي يمحو ما شكل

وينطبق على موسيقاه وصف الدكتور سالم عباس خداده على انها نهر متدفق حينا وبحر صاخب حينا آخر‚ حَملا في كلا الحالين سفائن شعره‚ والمرأة حاضرة بقوة ثم غائبة في شعر العاشق الكفيف‚ في مجموعته الأولى من أرض بلقيس بلغ عدد القصائد التي يمكن ارجاعها الى علاقة الشاعر بالمرأة ثلاثين قصيدة من أصل اربع وخمسين قصيدة موزعة على ثمانية دواوين كتبها الشاعر في حياته‚ ثاني قصائد في المجموعة الثانية في طريق الفجر‚ عشر قصائد في مدينة الغد‚ خمس في لعيني أم بلقيس‚ قصيدتان في السفر الى الأيام الخضر‚ قصيدة واحدة في وجوه دخانية في مرايا الليل‚ قصيدتان في ترجمة رملية لأعراس الغبار‚ ولا توجد أي قصيدة غزلية في المجموعة الأخيرة كائنات الشوق الآخر!! في الساعة الحادية عشرة من صباح يوم الاثنين 30 أغسطس‚ وفي آخر سفرات الشاعر الى الأردن للعلاج توقف قلبه عن الخفقان بعد ان خلد اسمه كواحد من شعراء العربية في القرن العشرين‚ سخر البردوني من الحياة‚ فكنت حياته في خطر وحين عرض عليه الرئيس اليمني حراسة الدولة قال له: أنديرا غاندي قتلها حراسها‚ وحين شكته جماعات غاضبة الى القاضي عبدالرحمن الأرياني قال لهم وله: ليس على الأعمى حرج‚
السيد عبد الرازق غير متصل   الرد مع إقتباس