عرض مشاركة مفردة
غير مقروءة 30-11-2022, 08:40 AM   #1
رضا البطاوى
من كبار الكتّاب
 
تاريخ التّسجيل: Aug 2008
المشاركات: 5,960
إفتراضي نقد كتاب الدر الفريد في بيان حكم التقليد

نقد كتاب الدر الفريد في بيان حكم التقليد
المؤلف أحمد بن محمد الحموي والكتاب اختصر الرجل فيه الموضوع بمقدمة قصيرة قال فيها:
"هذه رسالة في بيان حكم التقليد فيه رد على كل مخالف عنيد سميتها
بـ((الدر الفريد في بيان حكم التقليد))"
وبعد ذلك عرف التقليد وأنواعه فقال :
"التقليد: جعل الشيء كالقلادة في العنق، حقا كان أو باطلا.
وهو أنواع:
واجب، وجائز، وحرام.
فالواجب: تقليد المعصوم عن الخطأ، وهو النبي صلى الله عليه وسلم، المبعوث بالحق، وهذا ليس بتقليد حقيقة؛ إذ التقليد في الشرع: عبارة عن قبول قول الغير من غير أن يعرف حقيقته، لكن يسمى تقليدا عرفيا.
والتقليد الجائز: تقليد العوام لعلماء الدين في الفروع بالإجماع.
وفي أصول الدين مختلف فيه؛ لاستواء المكلفين به في أصله، وهو النظر، والاستدلال فيما كان معقولا، وسهولة التعلم لما كان منقولا، خاصة قدر ما يتعلق به صحة الإيمان والإسلام.
وفي تقليد العالم للعلماء في الفروع أيضا اختلاف.
أما التقليد الحرام: فهو كتقليد الآباء والأكابر في الأباطيل. كذا في ((الحاوي القدسي))"
والخطأ الأول هو تقليد المعصوم عن الخطأ، وهو النبي(ص) وعصمة النبى(ص) ليست من الخطأ وإنما من أذى الناس كما قال تعالى :
" والله يعصمك من الناس"
ولا يجوز تقليد النبى(ص) وإنما الجائز اتباع المنزل عليه لأنه بنص القرآن ارتكب ذنوبا كما فى قوله تعالى:
" واستغفر لذنبك"
وقال :
"إنا فتحنا لك فتحا مبينا ليغفر لك الله ما تقدم من ذنبك وما تأخر"
والاقتداء نص الله على أنه بالهدى المنزل فقال :
" فبهداهم اقتده"
ولم يقل تقليد أعمالهم قولا وقعلا لوجود الذنوب فيها
والخطأ الثانى تقليد العوام للعلماء فيما أسموه الفروع ولا يوجد فى الدين تقسيمه لأصول ولا فروع وإنما الدين كامل تام ليس للعلماء فيه ولا لغيرهم قول من عند أنفسهم لأن فيه بيان كل شىء كما قال تعالى :
"ونزلنا عليك الكتاب تبيانا لكل شىء"
ثم تحدث عن حقيقة التقليد فقال :
"وحقيقة التقليد: العمل بقول من ليس قوله إحدى الحجج الأربع الشرعية بلا حجة فيها، فليس الرجوع إلى النبي صلى الله عليه وسلم والإجماع من التقليد؛ لأن كلا منها حجة شرعية من الحجج الأربع، وعلى هذا اقتصر ابن الهمام في ((تحريره)).
وقال ابن أمير حاج: وعلى هذا عمل العامي بقول المفتي، وعمل القاضي بقول العدول؛ لأن كلا منهما وإن لم يكن من إحدى الحجج، فليس العمل به بلا حجة شرعية؛ لإيجاب النص أخذ العامي بقول المفتي، وأخذ القاضي العدول. انتهى.
قال شيخنا: وفيه تأمل؛ لأن النص وإن أوجب أخذ العامي بقول المفتي مجردا عن الدليل، فعدم علمه بالدليل تقليد في الحكم، وإلا لزم العامي أيضا فتوى المفتي، وليس بلازم إلا بالإمضاء بالفعل. انتهى.
قال ابن أمير حاج: ما نصه: قال الروياني: يجوز تقليد المذاهب والانتقال إليها بثلاثة شروط:
أن لا يجمع بينها على صورة يخالف الإجماع كمن تزوج بغير صداق ولا ولي ولا شهود، فإن هذه الصورة لم يقل بها أحد. انتهى.
قال شيخنا: وهذا مؤيد، بل نص في دفع جواز التلفيق؛ لأن الشيء ينتفي بانتفاء ركنه أو فقد شرطه. انتهى.
قال الروياني:
وأن يعتقد فيمن قلده الفضل بوصول أخباره إليه، ولا يقلد أميا في عماية.
وأن لا يتبع رخص المذاهب.
وتعقب الشرط الأول: بأن الجمع المذكور ليس بضار؛ فإن مالكا مثلا لم يقل: إن من قلد الإمام الشافعي في عدم الصداق أن نكاحه باطل، وإلا لزم أن تكون أنكحة المالكية بلا شهود عنده باطلة.
قال شيخنا: لكن في هذا التوجيه نظر غير خاف، ومن المعلوم أنها لا تكون أنكحة عند القائل بها إلا بشروطها، وإلا فليست أنكحة، فانتفى جواز التلفيق. انتهى.
ووافق ابن دقيق العيد الروياني على اشتراط: أن لا يجتمع في صورة يقع الإجماع على بطلانها.
وأبدل الشرط الثالث: بأن لا يكون ما قلد فيه مما ينقض به الحكم لو وقع.
واقتصر العز ابن عبد السلام على اشتراط هذا، وقال: وإن كان المأخذان متقاربين جاز.
والشرط الثاني: انشراح الصدر للتقليد المذكور، وعدم اعتقاد لكونه متلاعبا بالدين متساهلا فيه.
واعلم أنه يجوز التقليد بهذا لعمل بما يخالفه أن يخالف ما قلد فيه، ولا يخالف هذا ما في ((تحرير)) المحقق ابن الهمام من أنه: لا يرجع فيما قلد فيه؛ أي عمل به اتفاقا؛ لحمل المنع على خصوص العين لا خصوص الجنس، أو حمله على ما إذا بقي من آثار العمل الأول ما يلزم عليه مع الثاني تركب حقيقة لا يقول بها كل من الإمامين، كتقليد الشافعي في مسح بعض الرأس والإمام مالك في طهارة الكلب في صلاة واحدة.
وفي ((العقد الفريد)) للمحقق السيد السمهودي: المختار أن كل مسألة اتصل عمله بها فلا مانع من اتباع غير مذهبه الأول، وبه يعلم ما في حكاية إطلاق الاتفاق على المنع، ولعل المراد اتفاق الأصوليين.
ثم إن كان المراد من المنع الرجوع حيث عمل في الواقعة عين تلك الواقعة المنقضية لا ما يحدث بعدها من جنسها فهو ظاهر؛ كحنفي سلم شفعة بالجوار عملا بقصده، ثم عن له تقليد الشافعي كي ينزع الxxxx ممن سلمه له، فليس له ذلك. كما أنه لا يخاطب بعد تقليده للشافعي بإعادة ما مضى من عباداته التي يقول الشافعي ببطلانها؛ لمضيها على الصحة في اعتقاده فيما مضى.
فلو شرى هذا الحنفي بعد ذلك xxxxا آخر وقلد الشافعي في عدم القول بشفعة الجوار، فلا يمنعه ما سبق من أن يقلده في ذلك، فله أن يمتنع عن تسليم الxxxx الثاني، فإن منع في مثل هذا، أو عمم ذلك في جميع صور ما وقع العمل به أولا، فهو غير مسلم، ودعوى الاتفاق عليه ممنوعة.
ففي ((الخادم)): أن القاضي أبا عاصم العامري الحنفي كان يفتي على باب مسجد القفال، والمؤذن يؤذن المغرب فترك ودخل المسجد، فلما رآه القفال أمر المؤذن أن يثني الإقامة وقدم القاضي فتقدم وجهر بالبسملة مع القراءة وأتى بشعار الشافعي في صلاته. انتهى.
ومعلوم أن القاضي أبا عاصم إنما يصلي بشعار مذهبه، فلم يمنعه سبق عمله بمذهبه في ذلك.
وفي ((فتاوى السبكي )) ما نصه: ودعوى الاتفاق فيها نظر، وفي كلام غيرهما يعني الآمدي وابن الحاجب ما يشعر بإثبات الخلاف بعد العمل، وكيف يمتنع إذا اعتقد صحته، ولك وجه ما قالا: أنه بالتزامه مذهب إمام يكلف به ما لم يظهر له الغير …، بخلاف المجتهد حيث ينتقل من إمارة إلى إمارة، ولا بأس بهذا الوجه لكنني أرى تنزيله على خصوص العين، فلا يبطل عين ما فعله، وله فعل جنسه بخلافه. انتهى ملخصا كلام السيد."
وكل هذا الكلام باطل معارض لآيات القرآن فلا يوجد مسائل خارج الوحى فلا وجود للاجماع ولا للقياس ولا لغيرهم فكل قضية لها حكم فى الوحى كما قال تعالى :
" ما فرطنا فى الكتاب من شىء"
وقال :
" وكل شىء فصلناه تفصيلا"
ومن ثم لا يجوز التقليد لأى مخلوق وإنما الواجب هو :
اتباع الوحى لأن فيه حكم كل قضية أى مسألة
وأباح الرجل العمل بالمذاهب فى مسائل مختلفة فقال :
"واعلم أنه يجوز العمل بجملة مسائل كل منها على مذهب إمام مستقل:
قال المحقق ابن الهمام: وهل يقلد غيره: أي غير من قلده أولا في شيء في غيره: أي غير ذلك الشيء كأن يعمل أولا في مسألة بقول الإمام رضي الله عنه وثانيا في أخرى بقول مجتهد آخر، المختار كما ذكره الآمدي وابن الحاجب: نعم للقطع بالاستقراء التام بأنهم؛ أي المستفتين في كل عصر في زمن الصحابة وهلم جرا كانوا يستفتون مرة واحدا ومرة غيره غير ملتزمين مفتيا واحدا، وشاع ذلك الأمر وتكرر ولم ينكر. انتهى. كذا في ((شرح ابن أمير حاج
لكن يفهم منه منع التقليد في جنس ما عمل به، وهو مناقض لما جزمنا به أولا، إلا أن يحمل على غير المختار، ولا يمنع منه دعوى الإجماع لما تقدم من عدم تسليمه، وحمل المنع على بقاء أثر يؤدي إلى الجمع بين ما لا يقول به كل من الإمامين المقلدين؛ إذ السؤال وعدم التزام مذهب شامل للعمل ثابتا بخلاف ما عمل أولا، وهذا إذا لم يلتزم مذهبا معينا، فلو التزم مذهبا معينا كالإمام أبي حنيفة أو الشافعي، فهل يلزم الاستمرار عليه، فلا يقلد غيره في مسألة من المسائل.
فقيل: يلزم، كما يلزمه الاستمرار في حكم حادثة معينة قلد فيه؛ ولأنه اعتقد أن مذهبه حق، فيجب عليه العمل بموجب اعتقاده.
وقيل: لا يلزم، وهو الأصح؛ لأن التزامه غير ملزم؛ إذ لا واجب إلا ما أوجبه الله تعالى ورسوله عليه الصلاة والسلام، ولم يوجب على أحد أن يتمذهب بمذهب رجل من الأئمة، فيقلده في كل ما يأتي، ويذر دون غيره، والتزامه ليس بنذر حتى يجب الوفاء به.
وقيل: الملتزم كمن لم يلتزم إن عمل بحكم المقلد المجتهد، لا يرجع عنه: أي عن ذلك الحكم، وفي غيره: أي غير ذلك الحكم له تقليد غيره من المجتهدين، وهذا القول في الحقيقة تفصيل للقول الثاني، وهو الغالب على الظن لعدم ما يوجبه: أي لزوم اتباع من التزم تقليده شرعا: أي إيجابا شرعيا، إذ لا يجب على المقلد إلا اتباع أهل العلم؛ لقوله تعالى: ((فاسألوا أهل الذكر إن كنتم لا تعلمون)).
وليس التزامه من الموجبات شرعا، ويتخرج منه: أي من جواز اتباع غير مقلده الأول،
رضا البطاوى غير متصل   الرد مع إقتباس