عرض مشاركة مفردة
غير مقروءة 04-06-2014, 01:42 PM   #10
ابن حوران
العضو المميز لعام 2007
 
الصورة الرمزية لـ ابن حوران
 
تاريخ التّسجيل: Jan 2005
الإقامة: الاردن
المشاركات: 4,483
إفتراضي

أفعال البطالة بالشباب؟


إنه لشعور مؤلم جداً، عندما يكون الشاب الجامعي المتعطل عن العمل، يرى أن العلوم التي تلقاها في المدارس والجامعات تتآكل وتتخلى عنه لعدم استعمالها، كما تتآكل خلايا العضلات عند رجل اختار مهنة تصليح الساعات. وقد يحاول جاهداً في تمرين معلوماته التي تلقاها في حياته بالثرثرة بين أصحابه أو بين أي مجموعة من الناس في صالون حلاقة أو في انتظار توصيل جنازة الى مثواها الأخير، ويكون فَرِحاً فَرَحاً كاذباً، إذا كان من يستمع إليه مجموعة من الجهلة، فلن يسألوه عن مصدر معلوماته، حتى لو روى لهم قصيدة للمتنبي وزعم أنه هو من ألفها!

أما إذا كان المتعطل عن العمل أمياً أو متسرباً من المدارس في وقت مبكر، فإنه يفيق من نومه في منتصف النهار أو بعد ذلك، ويغسل وجهه ويضع بعض المعاجين على رأسه، ويتناول ما قد يجده متيسراً من طعام، ويخرج من بيته وسط ملاحقة نظرات من في البيت التي لم ترتح لظروفه أو التي يئست من كثرة الدعاء لهداه!. يسير في الطرقات متسكعاً بعبثية واضحة وعينين مشتتين، حتى يدخل الليل، فيذهب متسللاً ليقف في زاوية عرسٍ شعبي، وحيداً أو بعض أمثاله.

لن يفقد الجامعي الأمل، من أن يطرق بابه من يأخذ بيده للخلاص مما هو فيه، فقد يكون صديقاً سعى له في العمل في مكان قريب أو خارج البلاد، وقد تمتد أحلامه أن يزوره رئيس الوزراء ليعتذر منه لطول فترة انتظاره آتياً بعمل جيد كأنه (تصبيرة) حتى تُحل مشاكله ومشاكل أمثاله جذرياً!

أما أحلام ذلك الأمي وشبه الأمي، فلا شك أنها توقفت منذ زمن.. وفي النتيجة سيصبح الوطن والقانون والقيم والعادات والمواعظ كلها بلا (طَعْم) عند المتعطل سواء كان جامعياً أم أمياً..



ما هي البطالة؟

البطالة في اللغة، هي الضياع والخسران*1، وأبطل مفعول القنبلة جعلها غير مؤثرة، وفي أرياف حوران عندما يعلم أحدهم أن فلاناً مات، فيصفق بيديه ويصيح: باطل.. أي ذهب فلانٌ خسارة على ربعه ..

والبطالة: وفق تعريف منظمة العمل الدولية فإن العاطل عن العمل هو كل إنسان قادر على العمل وراغب فيه ويبحث عنه ويقبله عند الأجر السائد ولكن دون جدوى.*2

والبطالة وفق التعريف الشرعي الإسلامي: هي العجز عن الكسب، وهذا العجز إما ذاتياً كصغر السن أو الأنوثة أو العته أو الشيخوخة والمرض، وإما غير ذاتي كالاشتغال بتحصيل العلم، كما أنه إذا كان هناك عامل قوي، ولكن لا يستطيع تدبير أمور معيشته بالوسائل المشروعة المعتادة، أو غني يملك مالاً لا يستطيع تشغيله، فإنهما يعتبران من العاطلين عن العمل، ولا يعتبر التفرغ للعبادة من العجز.*3

أنواع البطالة

1ـ البطالة الاحتكاكية: وهي موجودة بكثرة في البلدان العربية، فتجد أحدهم يشتغل في أعمال البناء ثم ينتقل الى البيع على الأرصفة ثم يفتح محلا لبيع الدجاج ثم يقوم بعمل (تهريب) أو غيره، والفترات التي يقضيها بين كل عمل تسمى البطالة الاحتكاكية.
2ـ البطالة الهيكلية: وهي تأتي عند تحول شكل من أشكال الاقتصاد في منطقة الى شكل آخر، مثلاً: قبل دخول الحاصدات الميكانيكية كان هناك من يصنع المناجل والشواعيب والمذاري وألواح دَرْس القش، وبيطار يعالج البغال والخيل، فاختفت تلك المهن نتيجة ذلك، وكذلك يمكن القول عن مهنة الصيد بفروعها المختلفة قبل العصر النفطي بدول الخليج.
3ـ البطالة الموسمية: كصناعة السياحة.
4ـ البطالة السلوكية: وهي ناتجة عن تعفف أو استنكار الناس لبعض الأعمال فيرفضوا القيام بها، كالخدمة في البيوت وتنظيف الشوارع الخ.
5ـ البطالة المقنعة: وهي منتشرة بكثرة في البلدان العربية، وخصوصاً في البلديات إذ يقوم رئيس بلدية منتخب بتعيين المئات ممن انتخبوه مكافأة لهم أو طمعا في انتخابه مرة أخرى، ولو استغنت البلديات عن آلاف العمال لما تأثر الأداء فيها، وهذه هي البطالة المقنعة.
6ـ البطالة المستوردة: وهي تأتي من بابين: إما إغراق السوق ببضائع غير محلية أرخص من المحلية، فيؤدي ذلك لتخفيض عدد العاملين في إنتاج مثل تلك البضائع، أو استيراد العمال الوافدين لرخص أجورهم مما يؤدي الى الاستغناء عن العمال المحليين أو دفعهم ليكونوا عاطلين عن العمل.

التطور في النظرة الى العمل

في بلادنا العربية، لم تكن النظرة الى العامل الأجير نظرة احترام، بل كان فيها من اعتباره (دونّي) وخادم، فهكذا كان ولا يزال سكان البادية والأرياف ينظرون لأهل المدن.

وفي الصين مثلاً، كان السيد يطيل أظافره ويقيد أقدام نسائه ليثبت للآخرين أنه ليس بحاجة الى العمل. وفي أوروبا بقي الأمر كذلك للقرن السادس عشر، حتى هرب العبيد من أسيادهم وأصبحوا مشردين، يضعوا حرف (V) على أكتافهم، ليبلغوا الناس أن هذا الشخص متشرد وهو الحرف الأول من (Vagabond) أي متشرد، وفي القوانين الأوروبية يحق لمن يلتقطه أن يتملكه لسنتين يتصرف به كسلعة أو حيوان دون قيد أو شرط، وإذا حاول العبد الهروب تم كيه بحرف (S) أي عبد مدى الحياة، وإن حاول الهروب مرة أخرى أعدم دون أي مسئولية!*4

أما اليوم، فإن السؤال عن من يخطب عروسا، هو هل يعمل؟ ما طبيعة عمله؟



نسب البطالة في البلدان العربية

رغم أن طريقة حساب نسبة البطالة تعتمد معادلة بسيطة هي: عدد العاطلين عن العمل مقسوما على عدد القادرين على العمل مضروبا في مائة، بعد استبعاد من هم تحت سن 18 سنة والمسنين، فإن تلك المعادلة في بلادنا ساذجة لا تؤدي الى أرقام صحيحة، لأن اعتبار من في البوادي ونساء المجتمع ومن لا يشكو من البطالة هم في إعداد العاملين فعلا!

في عام 2010 كان عدد الشباب العرب الباحثين عن عمل يصل الى 25 مليون، وهي نسبة تساوي 25.6% في حين أن النسبة العالمية هي 14.4%. منها مثلاً: الأردن 18.8% والجزائر 20.7% والمغرب 15.4% ومصر17.5%. ولو قارنا ذلك مع بعض دول العالم لنسب المتعطلين من الشباب (إيطاليا47.2%؛ إسبانيا 35%؛ الولايات المتحدة 32.1% *5. ولكن المتعطلين من الشباب في الدول المتقدمة يأخذون أجورهم!

خاتمة

تؤثر البطالة على كل المستويات عند الشاب، أعزب كان أم متزوج، منها: الآثار النفسية والصحية والمعيشية والسياسية وما يتولد عن كل حالة من مشاكل فرعية، تهدد السلم المجتمعي والاقتصاد الوطني والاستقرار السياسي.

أما الحديث عن حلولها، فهو لا يبتعد قيد أنملة عن الحديث على إحداث العدالة الاجتماعية والاستقرار السياسي وتناقل مواقع السلطة بطريقة ديمقراطية.




هوامش
*1ـ لسان العرب/ ابن منظور؛ والفيروز آبادي قاموس المحيط.
*2ـ ويكيبيديا الموسوعة الحرة.
*3ـ سامر مظهر قنطقجي/ مشكلة البطالة وعلاجها في الإسلام/بيروت: مؤسسة الرسالة (2005) صفحة 17.
*4ـ ناصر قاسيمي/ خريجو الجامعة وسوق العمل/رسالة ماجستير مقدمة لمعهد علم الاجتماع في جامعة الجزائر 1991 صفحة 20.
*5ـ آفاق الاقتصاد العالمي/ صندوق النقد الدولي مايو/أيار 1999، نقلاً عن كتاب: الحل الإسلامي لمشكلة البطالة/ المرسي كمال الدين عبد الغني ص17.
__________________
ابن حوران
ابن حوران غير متصل   الرد مع إقتباس