عرض مشاركة مفردة
غير مقروءة 24-04-2023, 08:49 AM   #1
رضا البطاوى
من كبار الكتّاب
 
تاريخ التّسجيل: Aug 2008
المشاركات: 6,000
إفتراضي قراءة في بحث التعصب

قراءة في بحث التعصب
المؤلف عبد الكريم بكار وهو يدور حول التعصب لأمر ما وقد استهل الحديث بوجود رغبة عند الناس والعاملين في حقل الدعوة إلى توحيد الأمة ولكن الواقع أن ما يسمى بالدول القطرية أصبحت النظم السياسية فيها هى من يقف ضد وحدة الأمة المسلمة وفى هذا قال :
"في الساحة الإسلامية العامة دعوة عريضة لتوحيد الأمة في كيان سياسي واحد، وفي ساحة الصحوة والدعوة هناك دعوة مماثلة لتوحيد العمل الإسلامي، أو على الأقل العمل على تقريب توجهاته ومناهجه، ولكن الواقع يشهد أن الاستجابة لكلتا الدعوتين تقترب من العدم، مع أن ولاء المسلمين قاطبة كان على مدار التاريخ للأمة، وليس للدولة القطرية"
وتحدث عن وجود البراهين القاطعة على وجوب وحدة الأمة إلا أن حتى ما يسمى بالتيار الإسلامى مصاب بداء التعصب مثله مثل النظم الحاكمة والكل يقف حائلا دون الوحدة وفى هذا قال :
"ومع أن لدى الإسلاميين الكثير من النصوص والمقولات التي تؤكد على وحدة الكلمة ونبذ الخلاف والفرقة، فلماذا لم تتحقق هذه التطلّعات؟ ... في النائبات على ما قال برهانا ...
في البداية لا بد من القول:
إنني لا أحكم هنا على مدى واقعية الدعوة إلى توحيد الأمة تحت لواء سياسي واحد، ولا توحيد الجماعات الإسلامية في أي بلد من البلدان الإسلامية تحت إمرة قيادة واحدة، فهذه مسألة تحتاج إلى نقاش معمَّق، لكن أود هنا أن أشير إلى مرض اجتماعي واسع الانتشار على صعيد الأمة بشكل عام، وعلى صعيد الجماعات الإسلامية على نحو خاص. ... وهذا المرض والذي هو (التعصب) يشكّل عائقاً أساسياً أمام كل أشكال التقارب بين الأفراد والجماعات والشعوب والمؤسسات .. وذلك لأنه يكرِّس أسباب الفرقة، ويهدم ما هو موجود من أركان اللقاء والوحدة والتعاون. "
وتحدث معرفا العصبية بأنها نصرة فريق معين عن طريق الظلم والعدل معا فقال :
"وهذه بعض الملاحظات الجوهرية في هذا الشأن: ... للتعصّب علاقة لغوية بـ (العصبيّة)، ومعناها أن يدعو الرجل إلى نصرة (عُصبته) -أي قرابته من جهة أبيه الذين يتعصّبون له وينصرونه- والتألّب معهم على من يناوئهم ظالمين كانوا أو مظلومين. ..."
وتحدث عن كون المتعصب لشىء ما هو أعمى في الحقيقة لأنه لا يرى سوى ما يريد هو دون ما يراه غيره فقال |:
" إن المتعصّب لشيء أو ضده يتسم بالعاطفة الشديدة والميل القوي، فهو في حالة التعصب لقومه أو جماعته أو وطنه أو أفكاره .. لا يرى فيما يتعصّب له إلا الإيجابيات والمحاسن، وفي حالة التعصّب ضد شيء مما ذكرناه، فإنه لا يرى المعايب والسلبيات، وهذا يعني أن المتعصّب مصاب بـ (عمى الألوان)"
وبين الرجل أن نتاج التعصب هو أن المتعصب يبرر لنفسه ولمن معه الأخطاء التى هم عليها فقال :
"والمتعصّب إنسان غارق في أهوائه وعواطفه، على مقدار ضعفه في استخدام عقله، ولا يعني ذلك أنه لا يفكر، إنه يفكر، ولكن الأفكار التي تتمحض تتمخض عن تشغيل عقله، يتم إنتاجها في إطار العواطف الجامحة التي لديه، وتكون مهمتها الأساسية ليس ترسيخ الاعتدال والإنصاف، وإنما التسويغ للميول والعواطف العمياء التي تغلي في صدر الإنسان المتعصّب! ..."
وبين الرجل أن المتعصب لا يحب التناظر وهو الجدال بالحق لأنه يكشف عيوبه وما عليه من باطل فقال :
" لا يحبّ المتعصّب المناظرة؛ لأن التعصّب الذي لديه يوحي إليه بأنه على الحق الواضح الذي لا يقبل النقاش، لكن المتعصّب يحب الجدال بالباطل الذي يقوم على أسس غير موضوعية وغير عقلانية."
وبين أن المتعصب يصدر الأحكام في سرعة دون تفكير وهى أن معه على حق وإن كانوا هم الظالمين ومن ضده أو ليسوا معه على باطل فقال :
"والإنسان المتعصّب بعد هذا وذاك إنسان عجول، يُصدر الأحكام على الناس من غير فحص للأدلة والبراهين والأسس التي تقوم عليها تلك الأحكام، إنه مع قومه فيما يحبون ويكرهون، ومع جماعته فيما تقدم عليه، وفيما تحجم عنه، وهم في كل ذلك على صواب، ولا يحتاج ذلك إلى أدلة، على حد قول الشاعر:
... لا يسألون أخاهم حين يندبُهم "
وذكر بكار أن المتعصب يتصف بالجمود بمعنى أنه يقلد الفريق المنتمى إليه كما قال تعالى :
"إنا وجدنا أباءنا على أمة وإنا على آثارهم مهتدون"
ومن ثم هو لا يفكر وإنما يقرر بناء على معرفته السابقة وفى هذا قال :
"ومن لوازم التعصّب ومكوناته -بالإضافة إلى ما أشرنا إليه- الآتي: ... الجمود؛ إذ إن المتعصّب يلازم الأفكار الموروثة حول ما يتعصّب له، فإذا كان يتعصّب لبلده، فإنه يحفظ كل ما قيل في فضائله بقطع النظر عن صحته، ولا يفتح عقله للتعامل مع المقولات الجديدة حول ذلك البلد؛ فهو بلد الصدق والأمانة والشهامة والكرم .. وإن كان الناس من حوله يلاحظون أن وجود هذه الفضائل نسبي، وأن بين أبناء بلده من ليس صادقاً ولا أميناً ولا كريماً ... ..."
وتحدث بكار أن من أسباب التعصب التفكير غير المنطقى فقال :
"من مكونات التعصّب ولوازمه التفكير غير المنطقي؛ إذ تنطمس الأسباب عند الحديث عن المشكلات، ويختل الربط بين المقدمات والنتائج، فإذا حدثت محنة عظيمة لجماعة المتعصّب فإن تلك المحنة ليست بسبب سوء تقديرها للأمور، أو بسبب أخطاء تربوية أو تنظيمية أو بسبب أخطاء إستراتيجية. ... إن كل هذه الأخطاء لا يستطيع المتعصّب رؤيتها، ولهذا فالمحنة التي وقعت هي بسبب مؤامرة كبرى تعرّضت لها الجماعة أو بسبب وشاية من جماعة منافسة، أو بسبب عدم التزام بعض أبنائها بالتعليمات .. وحين يُنبَّه المتعصّب إلى أن السلوك الفلاني سيؤدي إلى كذا وكذا، فإن المتعصّب يفسر ذلك بالحسد والحقد والجهل؛ وذلك لأن في سلسلة المعقولات لديه حلقات مفقودة، لهذا فإنه لا يستطيع رؤية التداعيات المنطقية بين الأشياء. ... التعميم المفرط داء وبيل يُبتلى به المتعصبون عادة، ونحن نقول دائماً: إن التعميم المفرط من أكثر أخطاء التفكير شيوعاً، وذلك بسبب عجز معظم الناس عن إصدار أحكام مبنية على رؤية تفصيلية منصفة، إن أي فضيلة تثبت لواحد من أفراد قبيلة المتعصّب، يعمّمها على باقي أبناء القبيلة، وإن أي رذيلة تثبت عن قبيلة منافسة يقوم بتعميمها على جميع أبناء كل تلك القبيلة، وفي هذا من الظلم ما لا يخفى. وهكذا فالمحاباة والتحامل صفتان أساسيتان لدى الإنسان المتعصّب، وهاتان الصفتان توجدان خللاً كبيراً في الشخصية، ولهذا فإن المتعصّب يكون في الغالب محروماً من التوازن العقلي والانفعالي الذي يتمتع به الأسوياء. ... "
وما قاله بكار هنا خاطىء فلا علاقة للتفكير والفكر بما سبق لأت التفكير كله عند الله حسن ولذا طالبنا به فقال :
" أفلا تتفكرون "
وقال مفسرا:
" أفلا تعقلون"
وقال مفسرا:
" أفلا تعلمون"
ما سبق هو اتباع الهوى الضال وهو نفسه اتباع دين الآباء حيث كانوا يتبعون أهوائهم الضالة وفى هذا قال تعالى :
" أفرأيت من اتخذ إلهه هواه"

بينما التفكر وهو العقل وهو العلم هو اتباع حكم الله وهو العمل بالعلم
وتحدث بكار عن أن نظرة المتعصب لا تتغير فإن اعتقد أن العائلة أو القبيلة الفلانية أهل سوء فإن حكمه لا يتغير حتى وإن رأى وشاهد بعينيه أنهم أو منهم أهل حسن وهو إن حدثت حادثة سيئة كالسرقة أو القتا فإنه يتهم القبيلة التى يكرهها على الفور دون أى تفكير فقال :
"التعصّب حين يطول أمده، فإنه يؤثر في الشخصية تأثيرًا بالغًا، إنه يصبح عبارة عن مصنع للنظارات التي يرى المتعصّب الأشياء من خلالها، فهو في كل موقف يتعلق بمن يوجه التعصّب ضدهم، يفكر، ويفهم، ويدرك، ويعي، ويشعر، ويسلك ويتصرف ويحكم وفقًا للصورة الذهنية التي شكّلها عنهم؛ وعلى سبيل المثال فإن المتعصّب حين يعتقد أن القبيلة الفلانية قبيلة منحطّة في نسبها أو سجلها التاريخي أو مكانتها الاجتماعية الحاضرة، فإن نظرته إلى تصرفات أفرادها وأحكامه عليهم ومشاعره نحوهم، تتجسد في الآتي: ...
-إذا رأى واحدًا من أفراد القبيلة، فإنه ينظر إليه نظرة دونية، فهو غير جدير بالتفوق الظاهر، وإذا احتل منصبًا كبيرًا نظر إليه على أنه أصغر من أن يحتل ذلك المنصب، وإذا طالب بحق ثابت له، رأى أنه يبالغ في طلب ذلك الحق. ...
o إذا حدثت سرقة أو جناية، أو وقعت فعلة شنيعة، ولم يُعرف مرتكبها فإن المتعصّب يتهم واحدًا من أبناء تلك القبيلة -لا على التعيين- بفعل ذلك، ويبعد التهمة عن أبناء القبائل الشريفة والرفيعة. ...
رضا البطاوى غير متصل   الرد مع إقتباس