الموضوع: طرائف و نوادر
عرض مشاركة مفردة
غير مقروءة 15-05-2006, 04:23 PM   #68
maher
عضو شرف
 
تاريخ التّسجيل: Sep 2004
الإقامة: tunisia
المشاركات: 8,145
إفتراضي

أشعب يدعو الله أن يذهب عنه الحرص ثم يستقيل ربه
قال المدائني: قال أشعب: تعلقت بأستار الكعبة فقلت: اللهم أذهب عني الحرص والطلب إلى الناس، فمررت بالقرشيين وغيرهم فلم يعطني أحد شيئاً، فجئت إلى أمي فقال: ما لك قد جئت خائباً؟ فأخبرتها، فقالت: لا والله لا تدخل حتى ترجع فتستقيل ربك، فرجعت فقلت: يا رب أقلني، ثم رجعت، فلم أمر بمجلس لقريش وغيرهم إلا أعطوني ووهب لي غلام، فجئت إلى أمي بحمار موقر من كل شيء، فقالت: ما هذا الغلام؟ فخفت أن أخبرها بالقصة فتموت فرحاً، فقلت: وهبوا لي، قالت: أي شيء؟ قلت: غين، قالت: أي شيء غين؟ قلت: لام، قالت: وأي شيء لام؟ قلت: ألف، قالت: وأي شيء ألف؟ قلت: ميم، قالت: وأي شيء ميم؟ قلت: غلام. فغشي عليها. ولو لم أقطع الحروف لماتت الفاسقة فرحاً.



أشعب والدينار
أخبرني أحمد، قال: حدثنا الأصمعي، قال: أصاب أشعب ديناراً بالمدينة، فاشترى به قطيفة، ثم خرج إلى قباء يعرفها، ثم أقبل علي فيما أحسب -شك أبو يحيى- فقال: أتراها تعرف.
قال أحمد: وحدثناه أبو محمد بن سعد، قال: حدثني أحمد بن معاوية بن بكر، قال: حدثني الواقدي، قال: كنت مع أشعب نريد المصلى، فوجد ديناراً، فقال لي: يا بن واقد، قلت: ما تشاء؟ قال: وجدت ديناراً فما أصنع به؟ قال: قلت: عرفه، قال: أم العلاء إذا طالق، قال: قلت: فما تصنع به إذاً؟ قال: أشتري به قطيفة أعرفها.
قال: وحدثني محمد بن القاسم، قال: وحدثنيه محمد بن عثمان الكريزي، عن الأصمعي: أن أشعب وجد ديناراً فتخرج من أخذه دون أن يعرفه، فاشترى به قطيفة، ثم قام على باب المسجد الجامع فقال: من يتعرف الوبدة ؟


حديثه عن وفاة بنت الحسين بن علي
كانت بنت حسين بن علي عند عائشة بنت عثمان تربيها حتى صارت امرأة، وحج الخليفة فلم يبق في المدينة خلق من قريش إلا وافى الخليفة إلا من لا يصلح لشيء، فماتت بنت حسين بن علي، فأرسلت عائشة إلى محمد بن عمرو بن حزم وهو والي المدينة، وكان عفيفاً حديداً عظيم اللحية، له جارية موكلة بلحيته إذا ائتزر لا يأتزر عليها، وكان إذا جلس للناس جمعها ثم أدخلها تحت فخذه. فأرسلت عائشة: يا أخي قد ترى ما دخل علي من الصيبة بابنتي، وغيبة أهلي وأهلها، وأنت الوالي، فأما ما يكفي النساء من النساء فأنا أكفيكه بيدي وعيني، وأما ما يكفي الرجال من الرجال فاكفنيه، مر بالأسواق أن ترفع، وأمر بتجويد عمل نعشها، ولا يحملها إلا الفقهاء الألباء من قريش بالوقار والسكينة، وقم على قبرها ولا يدخله إلا قرابتها من ذوي الحجا والفضل، فأتى ابن حزم رسولها حين تغدى ودخل ليقيل، فدخل عليه فأبلغه رسالتها، فقال ابن حزم لرسولها: أقرئ ابنة المظلوم السلام وأخبرها أني قد سمعت الواعية وأردت الركوب إليها فأمسكت عن الركوب حتى أبرد، ثم أصلي، ثم أنفذ كل ما أمرت به. وأمر حاجبه وصاحب شرطته برفع الأسواق، ودعا الحرس وقال: خذوا السياط حتى تحولوا بين الناس وبين النعش إلا ذوي قرابتها بالسكينة والوقار، ثم نام وانتبه وأسرج له، واجتمع كل من كان بالمدينة، وأتى باب عائشة حين أخرج النعش، فلما رأى الناس النعش التقفوه، فلم يملك ابن حزم ولا الحرس منه شيئاً، وجعل ابن حزم يركض خلف النعش ويصيح بالناس من السفلة والغوغاء: اربعوا أي ارفقوا فلم يسمعوا، حتى بلغ بالنعش القبر، فصلى عليها، ثم وقف على القبر فنادى: من ها هنا من قريش؟ فلم يحضره إلا مروان بن أبان بن عثمان، وكان رجلاً عظيم البطن بادناً لا يستطيع أن ينثني من بطنه، سخيف العقل، فطلع وعليه سبعة قمص، كأنها درج، بعضها اقصر من بعض ورداء عدني يثمن ألف درهم، فسلم وقال له ابن حزم: أنت لعمري قريبها، ولكن القبر ضيق لا يسعك، فقال: أصلح الله الأمير إنما تضيق الأخلاق. قال ابن حزم: إنا لله، ما ظننت أن هذا هكذا كما أرى، فأمر أربعة فأخذوا بضبعه حتى أدخلوه في القبر، ثم أتى خراء الزنج، وهو عثمان بن عمرو بن عثمان فقال: السلام عليك أيها الأمير ورحمة الله، ثم قال: واسيدتاه وابنت أختاه! فقال ابن حزم: تالله لقد كان يبلغني عن هذا أنه مخنث، فلم أكن أرى أنه بلغ هذا كله، دلوه فإنه عورة هو والله أحق بالدفن منها، فلما أدخلا قال مروان لخراء الزنج: تنح إليك شيئاً فقال له خراء الزنج: الحمد لله رب العالمين، جاء الكلب الإنسي يطرد الكلب الوحشي، فقال لهما ابن حزم: اسكتا قبحكما الله وعليكما اللعنة، أيكما الإنسي من الوحشي، والله لئن لم تسكتا لآمرن بكما تدفنان، ثم جاء خال للجارية من الحاطبيين وهو ناقة من مرض لو أخذ بعوضة لم يضبطها فقال: أنا خالها وأمي سودة وأمها حفصة، ثم رمى بنفسه في القبر، فأصاب ترقوة خراء الزنج فصاح: أوه ألح الله الأمير دق والله عرقوبي، فقال ابن حزم: دق الله عرقوبك، وترقوتك اسكت ويلك، ثم أقبل على أصحابه فقال: ويحكم إني خبرت أن الجارية بادن، ومروان لا يقدر أن ينثني من بطنه، وخراء الزنج مخنث لا يعقل سنة ولا دفناً، وهذا الحاطبي لو أخذ عصفوراً لم يضبطه لضعفه، فمن يدفن هذه الجارية؟ والله ما أمرتني بهذا بنت المظلوم، فقال له جلساؤه: لا والله ما بالمدينة خلق من قريش، ولو كان في هؤلاء خير لما بقوا، فقال: من هاهنا من مواليهم؟ فإذا أبو هانئ الأعمى وهو ظئر لها، فقال ابن حزم: من أنت رحمك الله؟ فادفن هؤلاء الأحياء، حتى يدلى عليك الموتى ثم أقبل على أصحابه فقال: إنا لله -وهذا أيضاً أعمى لا يبصر، فنادوا: من ها هنا من مواليهم فإذا برجل يزيدي يقال له أبو موسى قد جاء، فقال له ابن حزم: من أنت أيضاً؟ قال: أنا أبو موسى صالمين، وأنا بن السميط سميطين والسعيد سعيدين، والحمد لله رب العالمين، فقال ابن حزم: والله العظيم لتكونن لهم خامساً، رحمك الله يا بنت رسول الله، فما اجتمع على جيفة خنزير ولا كلب ما اجتمع على جثتك فإنا لله وإنا إليه راجعون، وأظنه سقط رجل آخر .


أرضع أشعب جدياً لبن زوجته
أخبرنا أحمد، قال: إشترى أشعب جدياً و قال لزوجته: أي ابنة وردان، إن أحب أن ترضعيه لبنك. قال: ففعلت، قال: ثم جاء به إلى إسماعيل بن جعفر بن محمد فقال: بالله إنه لابني، قد رضع بلبن زوجتي وقد حبوتك به، ولم أر أحداً يستأهله سواك، قال: فنظر إسماعيل إلى فتنة من الفتن فأمر به فذبح وسمط، فأقبل عليه أشعب، فقال: المكافأة، فقال: ما عندي والله اليوم شيء، ونحن من تعرف، وذلك غير فائت لك، فلما يئس منه قام من عنده فدخل على أبيه جعفر بن محمد، ثم اندفع يشهق حتى التقت أضلاعه، ثم قال: أخلني، قال: ما معنا أحد يسمع لا عين عليك، قال: وثب ابنك إسماعيل على ابني فذبحه وأنا أنظر إليه، قال: فارتاع جعفر وصاح: ويلك! وفيم؟ وتريد ماذا؟ قال: أما ما أريد فوالله ما لي إسماعيل حيلة ولا يسمع هذا سامع أبداً بعدك. فجزاه خيراً وأدخله منزله، وأخرج إليته مائتي دينار وقال له: خذ هذه ولك عندما ما تحب، قال: وخرج إلى إسماعيل لا يبصر ما يطأ عليه، فإذا به مترسل في مجلسه، فلما رأى وجه أبيه نكره، وقام إليه، فقال: يا إسماعيل أو فعلتها بأشعب؟ قتلت ولده، قال: فاستضحك وقال: جاءني بجدي من صفته كذا، وخبره الخبر، فأخبره أبوه ما كان منه وصار إليه. قال: فكان جعفر يقول لأشعب: رعبتني رعبك الله فيقول: روعة ابنك والله إياي في الجدي أكبر من روعتك أنت في المائتي دينار.


أخبرني رضوان بن أحمد بن يوسف بن إبراهيم، عن إبراهيم بن المهدي: أن الرشيد لما ولاه دمشق بعث إليه عبد الله بن أشعب، وكان يقدم عليه من الحجاز إذا أراد أن يطرب.
قال إبراهيم: وكان يحدثني من حديث أبيه بالطرائف: عادلته يوماً وأنا خارج من دمشق في قبة على بغل لألهو بحديثه، فأصابنا في الطريق برد شديد فدعوت بدواج سمور لألبسه، فأتيت به فلما لبسته أقبلت على ابن أشعب فقلت: حدثني بشيء من طمع أبيك. فقال لي: ما لك ولأبي، ها أنا إذا دعوت بالدواج فما شككت والله في أنك إنما جئت به لي، فضحكت من قوله، ودعوت بغيره فلبسته وأعطيته إياه، ثم قلت له: ألأبيك ولد غيرك؟ فقال: كثير، فقلت: عشرة؟ قال: أكثر، قلت: فخمسون؟ قال: أكثر كثير، قلت: مائة؟ قال: دع المئين وخذ الألوف، فقلت: ويلك! أي شيء تقول؟ أشعب أبوك ليس بينك وبينه أب، فكيف يكون له ألوف من الولد؟ فضحك ثم قال: لي في هذا خبر ظريف، فقلت له: حدثني به، فقال: كان أبي منقطعاً إلى سكينة بنت الحسين، وكانت متزوجة بزيد بن عمرو بن عثمان بن عفان وكانت محبة له، فكان لا يستقر معها، تقول له: أريد الحج فيخرج معها، فإذا أفضوا إلى مكة تقول: أريد الرجوع إلى المدينة، فإذا عاد إلى المدينة، قالت: أريد العمرة، فهو معها في سفر لا ينقضي. قال عبد الله: فحدثني أبي قال:

كانت قد حلفته بما لا كفارة له ألا يتزوج عليها ولا يتسرى ولا يلم بنسائه وجواريه إلا بإذنها، وحج الخليفة في سنة من السنين فقال لها: قد حج الخليفة ولا بد لي من لقائه، قالت: فاحلف بأنك لا تدخل الطائف، ولا تلم بجواريك على وجه ولا سبب، فحلف لها بما رضيت به من الإيمان على ذلك، ثم قالت له: احلف بالطلاق، فقال: لا أفعل، ولكن ابعثي معي بثقتك، فدعتني وأعطتني ثلاثين ديناراً وقالت لي: اخرج معه، وحلفتني بطلاق بنت وردان زوجتي ألا أطلق له الخروج إلى الطائف بوجه ولا سبب، لحلفت لها بما أثلج صدرها، فأذنت له فخرج وخرجت معه. فلما حاذينا الطائف قال لي: يا أشعب، أنت تعرفني وتعرف صنائعي عندك، وهذه ثلاثمائة دينار، خذها بارك الله لك فيها وأذن لي ألم بجواري، فلما سمعتها ذهب عقلي ثم قلت: يا سيدي، هي سكينة، فالله الله في. فقال: أو تعلم سكينة الغيب! فلم يزل بي حتى أخذتها وأذنت له، فمضى وبات عند جواريه. فلما أصبحنا رأيت أبيات قوم من العرب قريبة منا، فلبست حلة وشيء كانت لزيد قيمتها ألف دينار، وركبت فرسه وجئت إلى النساء فسلمت فرددن، ونسبنني نسب زيد، فحادثنني وأنسن بي. وأقبل رجال الحي، وكلما جاء رجل سأل عن نسبي فخبر به هابني وسلم علي وعظمني وانصرف، إلى أن أقبل شيخ كبير منكر مبطون، فلما خبر بي وبنسبي شال حاجبيه عن عينيه، ثم نظر إلي وقال: وأبي ما هذه خلقة قرشي ولا شمائله، وما هو إلا عبد لهم ناد، وعلمت أنه يريد شراً، فركبت الفرس ثم مضيت، ولحقني فرماني بسهم فما أخطأ قربوس السرج، وما شككت أنه يلحقني بآخر يتقلني فسلحت -يعلم الله- في ثيابي فلوثها ونفذ إلى الحلة فصيرها شهرة ، وأتيت رحل زيد بن عمرو فجلست أغسل الحلة وأجففها، وأقبل زيد بن عمرو، فرأى ما لحق الحلة والسرج، فقال لي: ما القصة؟ ويلك! فقلت: يا سيدي الصدق أنجى، وحدثته الحديث فاغتاظ ثم قال لي: ألم يكفك أن تلبس حلتي وتصنع بها ما صنعت وتركب فرسي وتجلس إلى النساء حتى انتسبت بنسبي وفضحتني، وجعلتني عند العرب ولاجاً جماشاً ، وجرى عليك ذل نسب إلي، أنا نفي من أبي ومنسوب إلى أبيك إن لم أسؤك وأبلغ في ذلك.
ثم لقي الخليفة وعاد ودخلنا إلى سكينة، فسألته عن خبره كله فخبرها حتى انتهى إلى ذكر جواريه، فقالت: إيه وما كان من خبرك في طريقك؟ هل مضيت إلى جواريك بالطائف؟ فقال لها: لا أدري، سلي ثقتك. فدعتني فسألتني، وبدأت فحلفت لها بكل يمين محرجة أنه ما مر بالطائف ولا دخلها ولا فارقني، فقال لها: اليمين التي حلف بها لازمة لي إن لم أكن دخلت الطائف وبت عند جواري وغسلتهن جميعاً، وأخذ مني ثلاثمائة دينار، وفعل كذا وكذا، وحدثها الحديث كله وأراها الحلة والسرج، فقالت لي: أفعلها يا أشعب! أنا نفية من أبي إن أنفقتها إلا فيما يسوءك، ثم أمرت بكبس منزلي وإحضارها الدنانير فأحضرت، فاشترت بها خشباً وبيضاً وسرجيناً، وعملت من الخشب بيتاً فحبستني فيه وحلف ألا أخرج منه ولا أفارقه حتى أحضن البيض كله إلى أن ينقب، فمكثت أربعين يوماً أحضن لها البيض حتى نقب، وخرج منه فراريج كثيرة فربتهن وتناسلن فكن بالمدينة يسمين بنات أشعب ونسل أشعب، فهؤلاء إلى الآن بالمدينة نسل يزيد على الألوف، كلهن أهلي وأقاربي.
قال إبراهيم: فضحكت والله من قوله ضحكاً ما أذكر أني ضحكت مثله قط ووصلته، ولم يزل عندي زماناً حتى خرج إلى المدينة وبلغني أنه مات هناك .
maher غير متصل   الرد مع إقتباس