عرض مشاركة مفردة
غير مقروءة 10-05-2023, 06:25 AM   #4
رضا البطاوى
من كبار الكتّاب
 
تاريخ التّسجيل: Aug 2008
المشاركات: 5,966
إفتراضي

إن تحريم تعذيب الحيوان يفهم من تعاليم الإسلام بوضوح وصراحة ويؤخذ ذلك من الأمر برحمة هذا الحيوان وعدم تجويعه وإتعابه كما سبق والأمر بالشيء نهي عند ضده فهو لما أمرنا برحمته فهو ينهانا عن تعذيبه كما أن الأمر بالإيمان يتضمن النهي عن الكفر ويؤخذ أيضا - تحريم التعذيب- من أحاديث صرحت بتحريم صور من التعذيب وهذه الصور التي سنذكرها يقاس علها غيرها من مثلها في المعنى
الصورة الأولى
1 - صبر الحيوان أي أن يحبس وهو حي ويتخذ هدفا يرمى وفي تحريم هذا نصوص عدة منها نص عام وهو قوله تعالى " ولا تعتدوا إن الله لا يحب المعتدين " ونص خاص وهو أن ابن عمر مر " بنفر نصبوا دجاجة يرمونها فلما رأوا ابن عمر تفرقوا عنها وقال ابن عمر من فعل هذا؟ أن النبي " لعن من فعل هذا " واللعن يدل على التحريم بل يدل على أنها كبيرة وقال (ص) " لا تتخذوا شيئا فيه روح غرضا "
وهذا التحريم سببه بين وهو
1 - قتل نفس بلا سبب 2 - تعذيب هذه النفس
3 - تضييع لماليته أي أن لهذا للحيوان قيمة فقد 'ينتفع به بالبيع أو الاستخدام

ملاحظة المحظور هنا هو الحبس مع التعذيب وعدم الإطعام وأما الحبس مع الإطعام وعدم التعذيب والإيذاء فجائز يفهم ذلك من مفهوم الأحاديث السابقة وصراحة من حديث أنس لما قال كان النبي (ص) أحسن الناس خلقا وكان لي أخ يقال له أبو عمير وكان إذا جاء قال (ص) " يا أبا عمير ما فعل النغير " نغر كان يلعب به قال ابن حجر في الحديث " جواز لعب الصغير بالطير وجواز إمساك الطير في القفص ونحوه انتهى شرط أن لا يعذبه الطفل فعلى الأبوين أن ينبهانه إلى هذا ونقل ابن حجر عن القرطبي قوله أما تمكينه من تعذيبه ولا سيما حتى يموت فلم يبح قط
الصورة الثانية"

والأحاديث فى لعب الأطفال بالطيور والحيوانات الحية باطلة فلا يجوز أن يلعب الأطفال بها لعدم عقلهم فهم لا يعرفون أنهم يؤلمونها يجوز مثلا أن يلمسوها ويتركوها ويتفرجون عليها وأما ربطها وجرها أو حبسها أو ما شابه ذلك فمحرم
ثم قال :
"2 - التمثيل بالحيوان هو ما يفعل بالحيوان الحي من تشويه كقطع بعض أطرافه وغير ذلك
وهذا محرم نهى النبي (ص) عنه بل ولعن صاحبه قال ابن عمر " لعن النبي (ص) من مثل بالحيوان " وأتى النبي (ص) رجلا يشق آذان بعض الابل بالموسى ويحرمها على نفسه -وهذه عبادة جاهلية - فقال له النبي (ص) " فكل ما آتاك الله لك حل ساعد الله أشد من ساعدك وموسى الله أشد من موساك " وهذا تحذير من النبي (ص) من أن يمثل بالحيوان و عليه من كان عنده حيوان بري أو بحري صغير أم كبير (كالحوت) فلا يجوز له قطع أطرافه وتشويهه لأن في ذلك من التعذيب ما لا يخفى

الصورة الثالثة
3 - الخصاء أي إخصاء الحيوان برض خصيته أو قطع ذكره أو بإعطائه من الأدوية ما يجعله خصي لا يمكنه التناسل
قال ابن عمر " نهى رسول الله (ص) عن خصاء الخيل والبهائم " وسبب ذلك لما يفوت عليه من مصلحة التناسل إتلاف فطرة وضعها الله فيه و ما يحصل للحيوان من ألم حين خصائه -إن كان بغير دواء-
ولعدم مصلحة في ذلك إلا قولهم إنه بذلك يسمن ويكبر ويطيب لحمه
ومن الممكن أن نستغني عن الخصاء وأن نحصل اللحم الطيب السمين بالغذاء والعناية السليمة والقاعدة تقول " درء المفاسد مقدم على جلب المصالح " ولكن إن انتفت هذه المفاسد فوجدت طريقة لا يتألم معها الحيوان-الدواء-ووجدت المصلحة والحاجة لهذا الفعل جاز
الصورة الرابعة
4 - وسم الوجه أو ضربه الوسم أصله من السمة وهي العلامة والمراد هنا جعل علامة في الوجه بالكي أو الجرح وما أشبه ذلك
وهذا محرم بدليل " أن النبي (ص) مر عليه حمار قد وسم في وجهه فقال " لعن الله الذي وسمه "
وفي رواية " لعن الله من فعل هذا لا يسمن أحد الوجه ولا يضربنه "
فالنبي (ص) نهى عنه لمنع تعذيبه وتشويه وجهه ولكن إن كانت هناك مصلحة تستدعي الوسم للتمييز بين الدواب فيجوز ولكن في غير الوجه
ودليل ذلك قول أنس رضي الله عنه " غدوت إلى رسول الله (ص) فوافيته في يده الميسم يسم إبل الصدقة "
قال ابن حجر الحكمة فيه تميزها وليردها من أخذها ومن ألتقطها وليعرفها صاحبها فلا يشتريها إذا تصدق بها مثلا لئلا يعود في صدقته
وذهب إلى هذا جمهور العلماء والعلة كما قلنا جواز إيلام الحيوان للحاجة والمصلحة الراجحة قال النووي إذا وسم فيستحب أن يسم الغنم في آذانها والإبل والبقر في أصول أفخاذها لأنه موضع صلب فيقل الألم فيه ويخف شعره ويظهر الوسم " فإن قيل لم لا تستبدلون الوسم باللون يوضع على جلده أو شعره فهذا لا يؤذيه وتتحقق به المصلحة؟
الجواب / اللون يزول بالغسل والشعر قد يتغير فلا تحصل المصلحة به أما الوسم فلا يزول ولكن إن وجدنا شيئا لا يزول ولا يؤلم صرنا إليه
الصورة الخامسة
5 - لعن الحيوان والدعاء عليه فالدعاء عليه طلب للضر له وقد يستجيب الله هذا الدعاء فيتأذى الحيوان بذلك وهذا منهي عنه لما جاء عن النبي (ص) أنه كان " في بعض أسفاره وامرأة من الأنصار على ناقة فتضجرت فلعنتها فسمع ذلك رسول الله (ص) فقال " خذوا ما عليها ودعوها فإنها ملعونة " وفي رواية " لا أيم الله لا تصاحبنا راحلة عليها لعنة من الله " قال النووي إنما قال هذا زجرا لها ولغيرها فعوقبت بإرسال الناقة ومما يدل على أن الحيوان قد يتأذى بالدعاء عليه قول النبي (ص) " لا تدعوا على أنفسكم ولا تدعوا على أولادكم ولا تدعوا على أموالكم " قاله (ص) لرجل لعن دابته ومن الصور السابقة نأخذ تحريم بعض الصور التي لم يرد فيها نص صحيح فمن ذلك
6 - التحريش بين البهائم وهو أن يجعل حيوانين في حلبة ليتقاتلا كالكلاب والديكة فهذا محرم ولا ريب في ذلك لأن النبي (ص) نهى عن تعذيب الدابة وقتلها بلا سبب وهنا ستعذب إحدى الدابتين الأخرى وتقتلها في النهاية غالبا ولأن النبي (ص) نهى عن إتعاب الحيوان وهنا سوف يتعب بلا فائدة بل لمجرد اللهو والعبث وفيه أيضا إضاعة للمال - أي البهيمة- المقتولة وما يصحب ذلك من مراهنات وضياع للأموال
وللتنبيه ورد في التحريش بين البهائم حديث ضعيف قال ابن عباس " نهى رسول الله (ص) عن التحريش بين البهائم " ويكفينا ما سبق لتحريمه
7 - ما يسمى اليوم (مصارعة الثيران) وفيه يدخل ثور قوي ورجل فاسق في حلبة كبيرة ومع هذا الرجل رماح وسكاكين ويقوم هذا الرجل على استثارة هذا الثور بالركض والمراوغة وتحريك ثوب أحمر وبينما الثور يهاجمه يقوم الفاسق بطعنه وهكذا حتى ينهك هذا الثور ويتصبب دما فيعطيه هذا الظالم الضربة القاضية بسكين في رأسه فيسقط
وأي رياضة هذه يرضاها عاقل رزين ولكنه الهوى واتباعه من غير معيار وحدود وقسوة القلب ولا حاجة في التكلم في تحريم هذا التعذيب فهو ظاهر و ذكر الشيخ ابن باز بعض صور التعذيب التي تستخدم في هذه الأيام منها نتف ريش الدجاج والطيور هي حية أو تغطيسها في الماء شديد الحرارة وهي حية أو تسليط البخار عليها لإزالة الريش زاعمين أنه أرفق بما يراد ذبحه من الحيوان وهذا فيه من التعذيب ما لا يخفى مخالفته لنصوص الأمر بالإحسان إليه "

ومل ما ذكره المزيدى من صور إضرار الحيوان بتغيير خلقته هو استجابة لقول الشيطان :
" ولآمرنهم فليبتكن أذان الأنعام ولآمرنهم فليغيرن خلق الله "
رضا البطاوى غير متصل   الرد مع إقتباس