عرض مشاركة مفردة
غير مقروءة 10-05-2023, 06:25 AM   #2
رضا البطاوى
من كبار الكتّاب
 
تاريخ التّسجيل: Aug 2008
المشاركات: 5,967
إفتراضي

ولما جاز للإنسان ذبح هذا الحيوان من أجل التغذي به والتفكه بأكله جاز قتله لدفع ضرره من باب أولى مهما كان نوعه وحتى المنهي عن قتله من الأصناف الخمسة السابقة
ودفع ضرره يكون بالقدر الذي يندفع به فندفعه بغير القتل أولا فإن لم يتيسر قتلناه بلا إشكال والمؤذي من الحيوان يقتل حين تتحقق أذاه لا كل ما رأيناه وفي كل مكان قتلنا هل أن هذا من التعدي وأذكر هنا قصة ذكرها النبي (ص) قال " قرصت نملة نبيا من الأنبياء فأمر بقرية النمل فأحرقت فأوحى الله إليه أن قرصتك نملة أحرقت أمة من الأمم تسبح الله" إذن لا يحق لأحد التعدي
ملاحظة لا يؤخذ من الحديث جواز إحراق الحيوان ..وعلى ما سبق من امتلأ موضعا في منزله- كالمطبخ مثلا- بالنمل وآذاه ولا سبيل له لإزالة هذا الأذى إلا بالقتل فيجوز له ذلك
وهكذا في كل مؤذ من الحيوان ولقد أشار الشارع إلى هذا في قول النبي (ص) " خمس فواسق 'يقتلن في الحل والحرم الحية والغراب الأبقع والفأرة والكلب العقور والحديا" وفي رواية " العقرب "
ورغب في قتل الأوزاغ فقال (ص) " من قتل وزغا في أول ضربة كتب له مائة حسنة وفي الثانية دون ذلك وفي الثالثة دون ذلك
فهذه الحيوانات تقتل لأذاها المعروف فالكلب العقور يضر بعدوه على الناس
والفأرة تنقب الأرض وتقرض المتاع وأذكر هنا قصة 'تظهر شيئا من أذاها قال ابن عباس رضي الله عنه " جاءت فأرة فأخذت تجر الفتيلة فذهبت الجارية تزجرها فقال النبي (ص) " دعيها فجاءت بها [أي جاءت الفأرة بالفتيلة] فألقتها على الخمرة التي كان قاعدا عليها فاحترقت منها مثل موضع درهم فقال رسول الله (ص) " إذا نمتم فأطفئوا سرجكم فإن الشيطان يدل مثل هذه على مثل هذا فتحرقكم " ولقد ذكر النبي (ص) " إن إبراهيم لما ألقي في النار لم تكن في الأرض دابة إلا أطفأت النار غير الوزغ فإنها كانت تنفخ عليه فأمر رسول الله (ص) بقتله
ملاحظة هناك فرق بين الحيات التي توجد في الصحاري وتلك التي في البيوت فالأولى تقتل والثانية لا تقتل إلا بعد إنذارها وأمرها بالخروج من البيت كأن يقول لهاأ نت في ضيق وحرج إن لبثت عندنا إلا الابتر [حية مقطوعة الذنب] وذو الطفيتين [حية يكون على ظهرها خطان أبيضان] فإنهما تقتلان في البيت بلا إنذار وهذا لما ورد أن أبا لبابة قال لأبن عمر وهو يطارد حية لا تقتلها فقال ابن عمر إن رسول الله (ص) أمر بقتل الحيات فقال أبو لبابة إنه نهى بعد ذلك عن ذوات البيوت قال ابن حجر في الفتح وفي الحديث النهي عن قتل الحيات التي في البيوت إلا بعد الإنذار إلا أن يكون أبتر أو ذا طفيتين فيجوز قتله بغير إنذار

ثم قال النووي في شرح مسلم عن هذه الأصناف من الدواب فسميت هذه فواسق لخروجها بالإيذاء والإفساد عن طريق معظم الدواب
قلت وهذا هو العدل والحكمة والتوسط والابتعاد عن الغلو فلا يصح أن يكون الحيوان سببا في إزعاج الإنسان وأذيته وتضجره بل صحته وراحته أولى"

الانتفاع بالحيوان مبنى على نصوص الوحى كأكل لحوم الأنعام والاستفادة من جلودها وأوبارها وأصوافها كملابس أو أثاث وكأكل الأجبان وشرب اللبن وكأكل الصيد عند الجوع واستعمال عسل النحل كدواء
وحديث نزل نبى من الأنبياء تحت شجرة فلدغته نملة فأمر بجهازه فأخرج من تحتها ثم أمر ببيتها فأحرق بالنار فأوحى الله إليه فهلا نملة واحدة " والخطأ هو قول القائل "فأمر بجهازه فأخرج من تحتها "أى جهاز هذا الذى كان تحت نملة ؟إن القائل بين وضعه للقول بكلمة من تحتها لأن الجهاز يكون تحت النبى وليس تحت النملة لأن الجهاز يقينا أكبر من النملة مئات المرات إن لم يكن آلاف المرات ولذا فهى فوقه والخطأ الأخر قولهم "ثم أمر ببيتها فأحرق بالنار "فكيف أحرق بيت النملة إن بيت النملة تحت الأرض والأرض تحميه من الحرق بالنار لأن النار تكون فوقه فكيف تم حرقه؟
وأما حديث الفواسق الخمس فمن الخطأ فيه إباحة دم الغراب والغراب لا يؤذى حتى يتم قتله فى الحرم كما أن الغراب علم الإنسان الدفن مصداق لقوله تعالى "فبعث غرابا يبحث فى الأرض ليريه كيف يوارى سوءة أخيه"
والخطأ فى حديث الوزع اختلاف عدد الحسنات باختلاف مرة ضرب الوزغ وهو ما يخالف أن أى عمل صالح أى حسنة لا يختلف ثوابه بسب اختلاف مراته والسبب هو أن الله حدد الأجر بعشر حسنات لغير الأعمال المالية بقوله "من جاء بالحسنة فله عشر أمثالها"
والخطأ فى أحاديث الحيات قتل الحيات ككل أو معظمها وهو ما يخالف قوله تعالى "ومن اعتدى عليكم فاعتدوا عليه بمثل ما اعتدى عليكم "فالحية المعتدية هى التى تدخل مساكننا أو مؤسساتنا العامة ومن ثم يجب قتلها أو جرحها أو حبسها وأما التى فى الخلاء والغابات والأحراج وغير هذا من الأماكن التى لا يتواجد فيها الإنسان إلا نادرا فلا قتل فيها إلا للمؤذى والله لا يأمر بقتل نوع ما لأنه طلب من نوح(ص)حفظ الأنواع فقال بسورة هود "قلنا احمل فيها من كل زوجين اثنين "كما أن الحيات لها فوائد عدة توجب عدم قتلها منها استعمالها كأدوية .
وتحدث فى الباب الرابع عن ذبح الحيوان فقال :
"4 - الباب الرابع الرحمة في الذبح:
سبق أن بينا أن الشرع أباح للإنسان ذبح الحيوان للتغذي به والتمتع بأكله والذبح وإن كان مؤلما للحيوان فإنه أبيح لما يترتب عليه من مصالح أعظم
ومن رحمة الشرع ورأفته أنه قيد هذا الذبح وضبطه بضوابط تجعله أخف ألما للحيوان بقدر الإمكان وأكد الإسلام هذا بأصل عام وهو قوله تعالى " وأحسنوا إن الله 'يحب المحسنين " وأكده بأصل خاص وهو قول النبي (ص) " والشاة إن رحمتها رحمك الله " مرتين
وقال هذا حينما قال رجل يا رسول الله أني لأذبح الشاة فأرحمها فذكره
وقوله (ص) " إن الله كتب الإحسان على كل شيء فإن قتلتم فأحسنوا القتلة وإذا ذبحتم فأحسنوا الذبح " وقال أيضا " من رحم- ولو ذبيحة عصفور - رحمه الله يوم القيامة "
قال البغوي الإحسان في القتل والذبح مكتوب على الإنسان كما نطق به الحديث وعليه ينبغي أن يكون الذابح عالما بطريقة الذبح الشرعية وإلا لن يتحقق الإحسان في الذبح
وبعد ذكر هذا الأصل العام بين النبي (ص) بعض التفاصيل المبينة والموضحة لهذا الأصل
1 - إحداد الأداة التي سيذبح بها لحديث " وليحد أحدكم شفرته وليرح ذبيحته "
وهذا لتخف اليد في الذبح ويسرع إمرار الأداة على الحلق من غير أن تختنق الذبيحة بما ينالها من ألم الضغط
2 - وعلى الذابح أن يسحب الذبيحة للذبح برفق من غير أن يؤذيها وهذا داخل في الإحسان في الحديث السابق ولاحظ ذلك الخليفة الراشد عمر بن الخطاب لما " رأى رجلا يجر شاة ليذبحها فضربه بالدرة وقال سقها - لا أم لك - إلى الموت سوقا جميلا "

3 - وأن لا يحد الشفرة أمامها ولقد رأى رسول الله (ص) " رجلا واضع رجله على صفحة شاة وهو يحد شفرته وهي تلحظ إليه ببصرها فقال (ص) " أفلا قبل هذا أتريد أن تميتها موتات
وفي هذا مراعاة الحيوان وعدم تعذيبه ولو تعذيبا معنويا ذلك لما رأى النبي (ص) حالها وهي تنظر للسكين وهي 'تحد وعلم أنها تعلم ما سيأتيها من وراء ذلك وهذا وحده مؤلم للنفس كالقتل فلذلك قال (ص) (موتات) وفي رواية (موتين)
وعلى هذا لا ينبغي أن تذبح البهائم في مكان واحد ينظر بعضها إلى بعض حين الذبح فهذا أشد ألما لها من رؤيتها للشفرة وهي تحد وبالتجربة إنها تنفر من هذا وتضطرب خوفا
ولقد امتدت هذه الرحمة إلى أصحاب رسول الله (ص) الذين اقتدوا به وتمسكوا بشرعه فهذا الخليفة عمر بن الخطاب رأى رجلا حد شفرته وأخذ شاة ليذبحها فضربه عمر بالدرة وقال أتعذب الروح ألا فعلت هذا قبل أن تأخذها"
وهذه الرحمة المادية والمعنوية أفضل من الطرق المستخدمة في البلاد الأجنبية التي يمهد لها قبل الذبح بوسائل يظنونها رحمة
رضا البطاوى غير متصل   الرد مع إقتباس