عرض مشاركة مفردة
غير مقروءة 04-11-2022, 11:20 AM   #4
رضا البطاوى
من كبار الكتّاب
 
تاريخ التّسجيل: Aug 2008
المشاركات: 6,011
إفتراضي

وعلاج الحسد شىء واحد وهو إسلام المرء فالمسلم لا يحسد فإنه إن فهم الإسلام علم أن كل شىء وزعه الله بالعدل ومن ثم لا يوجد حسد لأن الحسد هو اعتراض على قضاء الله ولا يعترض مسلم على قضاء ومن ثم لا يوجد علاج سوى الاقتناع بفكرة أن الله عادل ,أن الكثرة والقلة فى الرزق وغيره هو ابتلاء الناس كما قال تعالى :
"ونبلوكم بالشر والخير فتنة"
ونقل عن ابن القيم كلاما لا يغنى ولا يسمن جوع عن زوال أضرار الحسد والسحر وغيره فقال :
"وقد أجمل العلامة ابن القيم ذلك في عشرة أسباب عظيمة، إذا قام بها العبد وطبقها، زال عنه شر الحاسد والعائن والساحر.
السبب الأول: التعوذ بالله من شره والتحصن به واللجوء إليه؛ كما قال - تعالى -: {قل أعوذ برب الفلق * من شر ما خلق * ومن شر غاسق إذا وقب * ومن شر النفاثات في العقد * ومن شر حاسد إذا حسد}
والله - تعالى - سميع لمن استعاذ به، عليم بما يستعيذ منه، قادر على كل شيء، وهو وحده المستعاذ به، لا يستعاذ بأحد من خلقه، ولا يلجأ إلى أحد سواه، بل هو الذي يعيذ المستعيذين ويعصمهم ويحميهم من شر ما استعاذوا من شره.
وحقيقة الاستعاذة: الهروب من شيء تخافه إلى من يعصمك ويحميك منه، ولا حافظ للعبد ولا معيذ له إلا الله، وهو - سبحانه - حسب من توكل عليه، وكافي من لجأ إليه، وهو الذي يؤمن خوف الخائف، ويجير المستجير، وهو نعم المولى ونعم النصير.
وقوله: {من شر ما خلق}؛ أي: من شر جميع المخلوقات، وقال ثابت البناني، والحسن البصري: جهنم وإبليس وذريته مما خلق، ذكره ابن كثير في "تفسيره".
وفي الحديث: أن جبريل جاء إلى رسول الله (ص)فقال: اشتكيت يا محمد؟ فقال: ((نعم))، فقال: بسم الله أرقيك، من كل داء يؤذيك، ومن شر كل حاسد وعين، الله يشفيك؛ رواه مسلم.
السبب الثاني: تقوى الله وحفظه عند أمره ونهيه، فمن اتقى الله تولى حفظه ولم يكله إلى غيره؛ قال - تعالى -: {وإن تصبروا وتتقوا لا يضركم كيدهم شيئا إن الله بما يعملون محيط} وقال النبي (ص)لعبدالله بن عباس - رضي الله عنهما -: ((احفظ الله يحفظك، احفظ الله تجده تجاهك))، فمن حفظ الله حفظه الله، ووجده أمامه أينما توجه، ومن كان الله حافظه وأمامه، فممن يخاف؟! وممن يحذر؟!
السبب الثالث: الصبر على عدوه وأن لا يقاتله ولا يشكوه، ولا يحدث نفسه بأذاه أصلا، فما نصر على حاسده وعدوه بمثل الصبر عليه، وكلما زاد بغي الحاسد كان بغيه جندا وقوة للمبغى عليه، يقاتل بها الباغي نفسه وهو لا يشعر، فبغيه سهم يرميه من نفسه إلى نفسه؛ {ولا يحيق المكر السيئ إلا بأهله} فإذا صبر المحسود ولم يستطل الأمر، نال حسن العاقبة، بإذن الله.
وقال عبدالله بن المعتز
اصبر على كيد الحسو ... د فإن صبرك قاتله
فالنار تاكل بعضها ... إن لم تجد ما تاكله
وحقيقة الحسد: شدة الأسى على الخيرات تكون للناس الأفاضل، وهو غير المنافسة، وربما غلط قوم فظنوا أن المنافسة في الخير هي الحسد، وليس الأمر على ما ظنوا؛ لأن المنافسة طلب التشبه بالأفاضل من غير إدخال ضرر عليهم، والحسد مصروف إلى الضرر؛ لأن غايته أن يعدم الأفاضل فضلهم، من غير أن يصير الفضل له، فهذا الفرق بين المنافسة والحسد.
فالمنافسة إذا فضيلة؛ لأنها داعية إلى اكتساب الفضائل والاقتداء بأخيار الأفاضل.
السبب الرابع: التوكل على الله، فمن يتوكل على الله فهو حسبه، والتوكل من أقوى الأسباب التي يدفع بها العبد ما لا يطيق من أذى الخلق وظلمهم وعدوانهم، ومن كان الله
كافيه فلا مطمع فيه لعدو، ولو توكل العبد على الله حق توكله، ولو كادت له السموات والأرض ومن فيهن، لجعل له مخرجا من ذلك، وكفاه ونصره.
السبب الخامس: فراغ القلب من الاشتغال به والفكر فيه، وأن يقصد أن يمحوه من باله كلما خطر له، فلا يلتفت إليه، ولا يخافه، ولا يملأ قلبه بالفكر فيه، وهذا من أنفع الأدوية وأقوى الأسباب المعينة على اندفاع شره، فإن هذا بمنزلة من يطلبه عدوه ليمسكه ويؤذيه، فإذا لم يتعرض له ولا تماسك هو وإياه، بل انعزل عنه، لم يقدر عليه، فإذا تماسكا وتعلق كل منهما بصاحبه، حصل الشر، وهكذا الأرواح سواء، فإذا تعلقت كل روح منهما بالأخرى، عدم القرار ودام الشر حتى يهلك أحدهما، فإذا جذب روحه عنه وصانها عن الفكر فيه والتعلق به، وأخذ يشغل باله بما هو أنفع له - بقي الحاسد الباغي يأكل بعضه بعضا، فإن الحسد كالنار، إذا لم تجد ما تأكله أكل بعضها بعضا.
السبب السادس: الإقبال على الله والإخلاص له، وجعل محبته ونيل رضاه والإنابة إليه في كل خواطر نفسه وأمانيها، تدب فيها دبيب تلك الخواطر شيئا فشيئا حتى يقهرها ويغمرها ويذهبها بالكلية، فتبقى خواطره وهواجسه وأمانيه كلها في محاب الرب والتقرب إليه وذكره والثناء عليه؛ قال - تعالى - عن عدوه إبليس أنه قال: {قال فبعزتك لأغوينهم أجمعين * إلا عبادك منهم المخلصين} فالمخلص بمثابة من آوى إلى حصن حصين، لا خوف على من تحصن به، ولا ضيعة على من آوى إليه، ولا مطمع للعدو في الدنو منه.
السبب السابع: تجريد التوبة إلى الله من الذنوب التي سلطت عليه أعداءه؛ فإن الله - تعالى - يقول: {وما أصابكم من مصيبة فبما كسبت أيديكم} فما سلط على العبد من يؤذيه إلا بذنب، يعلمه أو لا يعلمه، وما لا يعلمه العبد من ذنوبه أضعاف ما يعلمه منها، وما ينساه مما علمه وعمله أضعاف ما يذكره.
وفي الدعاء المشهور: ((اللهم إني أعوذ بك أن أشرك بك وأنا أعلم، وأستغفرك لما لا أعلم))؛ رواه البخاري في "الأدب المفرد"، فما يحتاج العبد إلى الاستغفار منه مما لا يعلمه أضعاف أضعاف ما يعلمه، فما سلط عليه مؤذ إلا بذنب، وليس في الوجود شر إلا الذنوب وموجباتها، فإذا عوفي من الذنوب عوفي من موجباتها، فليس للعبد إذا بغي عليه وأوذي وتسلط عليه خصومه شيء أنفع له من التوبة النصوح من الذنوب التي كانت سببا لتسلط عدوه عليه.
السبب الثامن: الصدقة والإحسان ما أمكنه، فإن لذلك تأثيرا عجيبا في دفع البلاء ودفع العين وشر الحاسد، فما يكاد العين والحسد والأذى يتسلط على محسن متصدق، وإن أصابه شيء من ذلك كان معاملا فيه باللطف والمعونة والتأييد، وكانت له فيه العاقبة الحميدة، والصدقة والإحسان من شكر النعمة، والشكر حارس النعمة من كل ما يكون سببا لزوالها.
السبب التاسع: أن يطفئ نار الحاسد والباغي والمؤذي بالإحسان إليه، فكلما ازداد أذى وشرا وبغيا وحسدا، ازددت إليه إحسانا، وله نصيحة، وعليه شفقة؛ قال الله - تعالى -: {ولا تستوي الحسنة ولا السيئة ادفع بالتي هي أحسن فإذا الذي بينك وبينه عداوة كأنه ولي حميم} "
وهذا الكلام كله تكرار لبعضه فمعانى الأسباب مقاربة لبعضها أو هى هى أو بعضها جزء من الأخر وكله كلام بعيد عن الحقيقة
وكلام ابن القيم ليس إلا قليل منه فى الحسد والباقى بعيد عن موضوع الكتاب وأنهى العبيدى بالنصيحة التالية :
"لا تكن حسودا"
رضا البطاوى غير متصل   الرد مع إقتباس