عرض مشاركة مفردة
غير مقروءة 11-05-2020, 08:06 AM   #2
رضا البطاوى
من كبار الكتّاب
 
تاريخ التّسجيل: Aug 2008
المشاركات: 5,966
إفتراضي

فيجب أن يعول عليه إفتاء وقضاء، لأن المفتي والقاضي واجب عليهما الميل إلى الراجح من مذهب إمامهما ومقلدهما وقال الحنفية: الترجيح هو إظهار قوة لأحد الدليلين المتعارضين لو انفردت عنه لا تكون حجة مستقلة فالراجح هو ما ظهر فيه فضل على معادله وهو المرجوح ولا يجوز لهما الأخذ بمقابله، لأنه مرجوح بالنسبة إليه
وفي فتاوى قاضي خان : يلزمه المثل وهكذا ذكر الإسبيجابي قال: ولا ينظر إلى القيمة وفي البزازية: والإجارة كالبيع والدين على هذا وفي النكاح يلزمه قيمة تلك الدراهم وفي مجمع الفتاوى معزيا إلى المحيط رخص العدالى ، قال الشيخ الإمام الأجل الأستاذ : لا يعتبر هذا ويطالبه بما وقع العقد عليه، والدين على هذا، فلو كان يروج لكن انتقص قيمتها لا يفسد، وليس له إلا ذلك وبه يفتي الإمام وفتوى الإمام قاضي ظهير الدين على أنه يطالب بالدراهم التي يوم البيع، يعني بذلك العيار ولا يرجع عليه بالتفاوت، والدين على هذا، والانقطاع والكساد سواء انتهى فإن قلت يشكل على هذا ما ذكر في مجمع الفتاوى من قوله: ولو غلت أو رخصت فعليه رد المثل بالاتفاق انتهى
قلت: لا يشكل لأن أبا يوسف كان يقول أولا بمقالة الإمام، ثم رجع عنه، وقال ثانيا الواجب عليه قيمتها، كما نقلناه فيما سبق عن البزازية وصاحب الخلاصة والذخيرة، فحكاية الاتفاق بناء على موافقته للإمام أولا كما لا يخفى والله أعلم
وقد تتبعت كثيرا من المعتبرات من كتب مشايخنا المعتمدة، فلم أر من جعل الفتوى على قول أبي حنيفة رضي الله عنه، بل قالوا به كان يفتي الإمام القاضي وأما قول أبي يوسف فقد جعلوا الفتوى عليه في كثير من المعتبرات، فليكن المعول عليه "
وأما أمر رخص العملة وغلوها فهو كلام فارغ من اختراع الحكام فالعملة الثابتة لا تغلو ولا ترخص لكونها ثابتة القيمة ومن يغلو ويرخص هو السلع التى تشترى بها وأما الغلو والرخص المعروف فى النقود فسببه هو تلاعب الحكام بوزن المعدن الثمين فى العملة
ثم تحدث عن العمل عند اختلاف أقوال أئمة المذهب الحنفي فى مسألة ما وهو كلام خارج كله عن مسألة النقود فقال :
"قال في التتارخانية : اعلم أن اختلاف أئمة الهدى توسعة على الناس، فإذا كان الإمام في جانب وهما في جانب خير المفتي وإن كان أحدهما مع الإمام أخذ بقولهما، إلا إذا اصطلح المشايخ على قول الآخر، فيتبعهم كما اختار الفقيه أبو الليث قول زفر في مسائل وإن اختلف المتأخرون أخذ بقول واحد، فلو لم يوجد من المتأخرين يجتهد برأيه، إذا كان يعرف وجوه الفقه ويشاور أهله ولا يجوز له الإفتاء بالقول المهجور لجر منفعة ولا خرجوا عليه دينا انتهى وفي الحاوي القدسي : إن الإمام إذا كان في جانب وهما في جانب، فالأصح أن الاعتبار لقوة المدرك ولا شك أن قول أبي يوسف قوي المدرك في واقعة الفتوى كما لا يخفى وفي التتارخانية أيضا: ثم الفتوى على الإطلاق على قول أبي حنيفة، ثم بقول أبي يوسف، ثم بقول محمد بن الحسن، ثم بقول زفر بن هذيل، والحسن ابن زياد وقيل إذا كان أبو حنيفة في جانب وصاحباه في جانب فالمفتي بالخيار والأول أصح، إذا لم يكن المفتي مجتهدا، لأنه كان أعلم العلماء في زمانه، حتى قال الشافعي رضي الله عنه: الناس كلهم عيال أبي حنيفة في الفقه
قلت: يعني إذا لم يصطلح المشايخ على تصحيح قول أبي يوسف أو قول محمد أو قول زفر، يدل عليه أنهم جعلوا الفتوى على قول أبي يوسف ومحمد، وعلى قول أحدهما في مواضع كثيرة، وكذلك على قول زفر، كما يعلم ذلك من طالع المطولات من كتب مشايخنا وفي بعض المعتبرات من تصانيف مشايخنا أن الفتوى على قول أبي يوسف في المعاملات، لأنه تولى القضاء، وخبر أحوال الناس ومعاملاتهم ، لا سيما وقد جعلوا الفتوى على قوله في مسألتنا فيكون هو الراجح
العمل بالراجح وترك المرجوح
والأخذ بالراجح واجب، كيف لا والإمام الأعظم قد شرط في مناشير الحكام،الحكم بالراجح وترك المرجوح ، فعليه لو حكم بالمرجوح لا ينفذ قضاؤه لأنه يصير معزولا بالنسبة إلى القول الممنوع، والحادثة الممنوع عنها فقد صرحوا بأن القضاء يتقيد ويتأقت مكانا وزمانا وحادثة
قال فخر المتأخرين شيخ الإسلام عمدة الأنام الشيخ قاسم بن قطلوبغا تلميذ المحقق الكمال ابن الهمام ، قال أبو العباس أحمد بن إدريس هل يجب على الحاكم أن لا يحكم إلا بالراجح عنده؟ كما يجب على المفتي أن لا يفتي إلا بالراجح عنده أو له أن يحكم بأحد القولين وإن لم يكن راجحا عنده
جوابه: أن الحاكم إن كان مجتهدا فلا يجوز له أن يحكم أو يفتي إلا بالراجح عنده وإن كان مقلدا جاز له أن يفتي بالمشهور في مذهبه، وأن يحكم به، وإن لم يكن راجحا عنده، مقلدا في رجحان القول المحكوم به إمامه الذي يقلده في الفتوى وأما اتباع الهوى في الحكم والفتيا فحرام إجماعا وأما الحكم والفتيا بما هو مرجوح فخلاف الإجماع
قال في كتاب أصول الأقضية لليعمري: من لم يقف على المشهور من الروايتين أو القولين، فليس له التشهي والحكم بما يشاء منهما، من غير نظر في الترجيح وقال الإمام أبو عمرو في كتاب أدب المفتي: إعلم أن من يكتفي بأن يكون في فتياه أو عمله موافقا لقول أو وجه في المسألة ويعمل بما يشاء من الأقوال أو الوجوه، من غير نظر في الترجيح فقد جهل وخرق الإجماع وحكى الباجي أنه وقعت له واقعة، فأفتي فيها بما يضره فلما سألهم قالوا: ما علمنا أنها لك، وأفتوه بالرواية التي توافق قصده قال الباجي: وهذا لا خلاف بين المسلمين ممن يعتد به في الإجماع أنه لا يجوز قال في أصول الأقضية: ولا فرق بين المفتي والحاكم إلا أن المفتي مخبر بالحكم والقاضي يلزم به
العمل عند وجود قولين مصححين في المذهب
فإن قلت: إذا كان في المسألة تصحيحان، كيف يفعل المفتي والقاضي؟قلت: قد صرحوا في مثل هذا بأن المفتي مخير في الأخذ بأحدهما، وممن صرح بذلك صاحب البحر وقد صرحوا به في مسألة وقف المشاع ، بأن فيه قولين، قول محمد بعدم الصحة وصحح وقول أبي يوسف بالصحة وصحح، فقالوا لو قضى القاضي بصحته جاز ونفذ، لوقوعه موافقا لما صحح من قول أبي يوسف ثم قال في الكنز ومشاع قضي بجوازه ، لأن القاضي إذا قضى بقول مصحح نفذ قضاؤه وارتفع الخلاف وقضية هذا حيث وجدنا لقول أبي حنيفة من صححه أن المفتي مخير بين الإفتاء بقول أبي يوسف المصحح وبقوله لكن في مسألتنا لم نقف على من قال إن الفتوى على قوله، وإنما قالوا كان يفتي به فلان
ألفاظ الترجيح عند الحنفية
وقولهم الفتوى على قول أبي يوسف في كثير من المعتبرات، أقوى وأصرح منه، فقد صرح بعض المحققين في بعض مصنفاته بأن لفظ الفتوى آكد من لفظ هو الصحيح ونحوه فإن ألفاظ الترجيح على ما قالوا:
عليه الفتوى به يفتى عليه الاعتماد وهو الصحيح هو الأصح هو الأشبه هو المختار يعول عليه عليه المعول به نأخذ وهو المعتمد هو الراجح ونحو ذلك"
ونصف الكتاب هذا ينبغى محوه لأن ليس فى موضوع الكتاب والغريب فى الأمر هو أن القوم يرجحون قول أبو حنيفة أو صاحبيه أو غيرهم من طلاب المذهب والمفترض فى أى مسلم هو أن يرجح البرهان من الوحى وليس قول أى شخص كما قال تعالى "وما اختلفتم فيه من شىء فحكمه إلى الله "
وهذه المسائل فى النقود لا تقع فى الدولة المسلمة حيث العملة ثابتة الوزن وإنما تقع فى مجتمعات لا تحكم بحكم الله يتلاعب حكامها اللصوص بالناس ويأكلون أموالهم بالباطل
رضا البطاوى غير متصل   الرد مع إقتباس