عرض مشاركة مفردة
غير مقروءة 11-04-2008, 01:56 AM   #3
السيد عبد الرازق
عضو مميز
 
تاريخ التّسجيل: Apr 2004
الإقامة: القاهرة -- مصر
المشاركات: 3,296
إفتراضي


ابن السبيل

عبد الله البردوني

سـار والـدرب ركامٌ من iiغباء كـل شـبر فـيه شيطان بدائي

كـان يـرتدٌ ويـمضي iiمـثلما تـخبط الريح، مضيقاً من iiعناء

بـين جـنبيه، جـريح iiهـاربٌ مـن يد الموت، ومسلول iiفدائي

يصلب الخطوَ على ذعر الحصى وعـلى جـذعٍ مـديدٍ من iiشقاءِ

وعـلـى مـنعطفٍ أو شـارعٍ مـن دم الذكرى وأنقاض iiالرجاءِ

مـن يـعي يـسأله: أيـن iiأنا؟ ضـاع قدّامي، كما ضاع iiورائي

وإلـى لامـنتهى هـذا iiالسرى فـي المتاهاتِ، ومن غير iiابتداء

إنـني أخـطو على شلوي وفي وَهْـوهَات الـريح، أشتم iiدمائي

مـن يـؤاويني؟ أيصغي iiمنزلٌ لـو أنـادي، أو يعي أي iiخباء؟

الـمـمرات، مـغـاراتٌ iiلـها وثـبة الـجنّ، وإجـفال iiالظباءِ

وهـناك الـشهب غـربان، iiبلا أعـين، تـجتاز غـيماً iiلانهائي

وهـنا الـشمس عجوز، iiتحتسي ظـلها، تصبو إلى تحديق iiرائي

مَـنْ دنا منّي؟ وكالطيف iiالتوى ونـأى، خـلف خيالات iiالتنائي

مـن وراء الـتلّ عـنَتَّت غابةٌ مـن أفـاعٍ، وكهوف من iiعُواء

وعـيـون، كـالمرايا، لـمعت فـي وجـوه، من رمادٍ iiوانحناء

إنـه حـشد، بـل اسـمٍ iiوجههُ خـلفهُ مـرآهُ تـزوير iiالـطلاء

مَـنْ يـرى؟ أي زحـام iiودرى إنـه يـرنو إلى زيف iiالخواءِ؟

وبــلا زادٍ ولا دربٍ iiمـضى كـالخيالات الـكسيحات iiالظماءِ

تـخفُقُ الأحـزان، فـي أهدابه وتـناغي، كـعصافير iiالـشتاءِ

يـنحني، يستفسر الأطراق iiعن وجهه الذاوي، وعن بابٍ iiمضاءِ

عـن يـد، صيفيةِ اللّمس iiوعن شـرفةٍ جذلى، وعن نبض iiغناءِ

وتـأنت نـجمةٌ أرسـى iiعـلى جـفنها طـيفٌ، خريفي iiالرِّداءِ

فـتـملاها مـلـيّاَ وارتــدى جـوّ عـينيه، أصيلاً من iiصفاءِ

والـتظى بـرق، تـضنَّى iiخلفه ألـف دنـيا، من ينابيع iiالسخاءِ

وبـلا وعـي دنـا، مـن كوخه كـغريقٍ، عـاد من حَلقِ iiالفناءِ

فـأحسَّ الـبابَ يـلوي iiحـولهُ ساعدي شوقٍ، وحضناً من iiبكاءِ

أيــن مـن يـسأله، iiيـخبرهُ عـن مـآسيه فيحنو أو iiيرائي؟

وجـثا، يـحنو عـليه iiمـنزلٌ سـقفه الـثلج، وجدران iiالمساءِ

وكـمـا تـنـجرّ أمُّ iiضـيَّعت طـفلها، يـبحث عن أدنى iiغذاءِ

يـجتدي الـصمت نـداءً أو iiيداً أو فـماً يـفترُ، أو رجـع iiنداءِ

ويـداري الـسُّهْدَ أو يـرنو iiإلى ظـله، يـختال في ثوبٍ iiنسائي

فـتـعـاطيه مـنـاهُ iiأكـؤسـاً مـن دخانٍ، واحتضاناً من iiهباءِ

تـحـتسي أنـفـاسَه iiأُمـسـيةُ عـاقر، تـمتص ألـوانَ iiالهواءِ

هـل هـنا لابن سبيل الريح من مـوعدٍ؟ أو هـاهنا دفء iiلقاءِ؟

عـاد مـن قـفرٍ دُخـاني، إلى عـامرٍ، أقـفرَ مـن ليل iiالعَرَاءِ

وغـداَ يـبتدئ الأشـواط iiمـن حـيث أنـهاها، إلى غير iiانتهاءِ

يـقطع الـتيه، إلـى التيه، iiبلا شـوق أسـفارٍ، ولا وعد iiانثناءِ

وبـلاذكـرى، ولاسـلوى iiرؤىً وبـلا أرض، ولا ظـل iiسـماءِ

عـمـره دوَّامـةٌ مـن iiزئـبقٍ وسـهادٌ، وطـريقٌ مـن غـبَاءِ










السيد عبد الرازق غير متصل   الرد مع إقتباس