عرض مشاركة مفردة
غير مقروءة 08-06-2018, 09:50 AM   #1
رضا البطاوى
من كبار الكتّاب
 
تاريخ التّسجيل: Aug 2008
المشاركات: 5,946
إفتراضي نقد الابستمولوجيا التكوينية

نقد الابستمولوجيا التكوينية لجان بياجيه
"بيد أنه يمكننى فيما يبدو لى أن أضع الرد التالى على مثل هذا الاعتراض لاشك أن المعرفة العلمية تطورية على الدوام فهى تتغير من حين لآخر وعليه فلا يمكننا أن نقرر من جهة أن للمعرفة تاريخا ثم ننظر من جهة أخرى إلى حالتها الراهنة كما لو كانت نهائية أو ثابتة إن الحالة الراهنة للمعرفة إنما هى لحظة فى التاريخ تتغير بنفس السرعة ص35
الخطأ هنا هو أن المعرفة العلمية تطورية على الدوام وبالطبع هذا أمر مخالف لمعارفنا فى الإسلام فالمعرفة بدأت معرفة صحيحة شاملة مصداق لقوله تعالى "وعلم آدم الأسماء كلها" أى كانت تامة ومع هذا بالكفر تناقصت المعرفة وبدأت بكون المعارف تزداد الخرافات فيها وكلما زادت الخرافات بعث الله رسولا لإصلاح المعرفة حتى تعود كما كانت فى بداية خلق الناس
مقولة التطور هنا تعنى أن المعرفة تراكمية متزايدة كلما تقدم الزمان وهى ما يتناقض مع كونها عملية بناء وإعادة تشييد أى هدم وبناء فهدم أى شىء يعنى نقص البنيان مع إزالته ثم بناء شىء جديد وهو ما قاله بياجيه فى الفقرة التالية :
"تكون فيه حالة المعرفة فى الماضى قد تغيرت بل وفى حالات عديدة تتميز بسرعة أكبر ومن ثم فإن الفكر العلمى ليس لحظيا إذ أنه ليس حالة سكونية إنما عملية وبتحديد أكثر عملية بنيان وإعادة تشييد مستمرين ويصدق هذا غالبا على كل فرع من فروع البحث العلمى ويطيب لى أن أذكر فى هذا الصدد مثالا أو مثالين تقريبيين ص36
والرجل فى الفقرة يتحدث ليس عن الفكر العلمى ولا عن البحث العلمى كما يزعم وإنما يتحدث عما يسمى النظريات التى يهدم كل منها ما سبق ففى مما يسمى علم الفيزياء أزالت نظرية النسبية نظرية نيوتن فى الجاذبية وفيما يسمى علم الفلك أزالت نظرية جاليليو وكوبرنيكوس نظرية بطليموس عن مركز الكون
هذا هو حال النظريات وليس العلم فالعلم هو الحقائق وليس النظريات فلو كانت علما ما زالت ولا استطاع أحد أن يزيلها
وقال بياجيه :
لنكرر مرة أخرى إننا لا نستطيع أن نقول من جهة إن ثمة تاريخ للتفكير العلمى وإن مادة الفكر العلمى من جهة أخرى لا تزال كما هى عليه إلى اليوم بل إن هناك ببساطة تحولا مستمرا وإعادة تنظيم مستمرين وإن هذه الحقيقة فيما يبدو لى تتضمن أن العوامل التاريخية والنفسية التى تدخل كعناصر فى هذه التغيرات إنما تكون ذات أهمية بالغة فى محاولتنا لفهم طبييعة المعرفة العلمية ص37
الخطأ هو أنه لا يوجد عند بياجيه تاريخ للتفكير العلمى وهو ما يتناقض مع الفكر أو البحث العلمى فبياجيه لم يعش من بداية الخلق ولم يعاصر بعض العصور قبله ومع ذلك يقرر رغم عدم معاصرته لمن سبقوه أنه لا يوجد تاريخ للتفكير العلمى وهو ما يتنافى مع أحد ركائز المنهج العلمى وهى المعاينة أو المشاهدة
وقال بياجيه :
"فلقد طور كانتور هذه النظرية على أساس عملية أساسية جدا ألا وهى عملية تناظر واحد لواحد وبتحديد أكثر إذا قمنا بتأسيس عملية تناظر واحد لواحد بين سلسلة الأعداد الصحيحة وسلسلة الأعداد الزوجية فإننا نحصل على عدد لا هو صحيح ولا هو زوجى وإنما نحصل على عدد أو متناه يسمى ألف صفر ولقد مكنت هذه العملية الأولية جدا تناظر واحد لواحد كانتور من أن يمضى سلسلة العدد المتناهى والذى كان يعتبر حتى عصره عددا واحدا فقط ص
ما اخترعه كانتور وأشباهه من رياضيات يسمونها الرياضيات الجديدة كلها ضروب من الخيال ليس لها أى نصيب من الواقع الذى نعيشه فالأعداد الصحيحة منها الأعداد الزوجية فهما ليستا سلسلتين وإنما سلسلة واحدة
وأما خرافة العدد المتناهى وهو العدد النهائى فلا وجود لها فالأعداد تمضى هكذا حسب ما أراد الله وإن كان العدد يدخل فى كل نوع من الخلق بشكل مقدر أى محدد عند الله كما قال تعالى "وكل شىء عنده بمقدار "
وقال بياجيه :
"ربما لا يعدو أن يكون ما ذكرته حتى الآن سوى مجرد اقتراح بأنه ينبغى علينا أن نستفيد من المعطيات النفسية بوصفها عاملا مساعدا إذا ما أردنا أن نفكر فى طبيعة المعرفة ولكن ما أود الآن هو أن أذكره هو المعطيات النفسية ليست مجرد عامل مساعد وإنما هى أمر لا غنى عنه فالواقع أن جميع المعرفيين يشيرون إلى العوامل النفسية فى تحليلاتهم ولكن القسم الأعظم من استشهاداتهم بعلم النفس تأملية لا تستند على البحث النفسى وإننى لمقتنع تماما بأن علم المعرفة يعالج موضوع المشكلات الواقعية بنفس القدر الذى تعالج به المشكلات الصورية فإذا ما تصادمت المشكلات الواقعية ذات مرة فستصبح الاكتشافات النفسية كفيلة بمعالجة هذا الأمر لذلك ينبغى أن تؤخذ فى الحسبان ص40
نلاحظ التناقض بين تحليلات من يسميهم المعرفيين للعوامل النفسية وبين كون تلك التحليلات ليس من البحث النفسى وهو كلام يخالف بعضه بعضا
والكلام عن كون المشكلات الواقعية وحتى الصورية ليست نفسية هو ضرب من الخبل فكل مشكلاتنا نابعة من انشغال النفس بها صحيح أن المشكلات معظمها يكون خارج النفس من المخلوقات وعلاقاتها الكونية بسبب عدم فهم النفس لها ولكن النفس هى التى تفكر فيها حتى تعرف أو حتى تستغل المعرفة استغلالا خاطئا
وقد وضح الرجل أن التجربة وهى عملية تتم بناء على تفكير النفس تجربة شخصية أى نفسية بقوله:
وبصدد هذه البنيات المنطقية والرياضية المجردة فإن المعرفة الفيزيائية وهى تلك التى تستند على التجربة بوجه عام تكون متعينة أو مشخصة ص46

وقال بياجيه :
"السبب الأول هو أن هناك علوم منطق عديدة مختلفة وليس علم منطق واحد ويعنى هذا أننا نفتقر إلى وجود منطق واحد يكون قويا بشكل كاف لكى يدعم البناء الكلى للمعرفة الإنسانية ويعنى هذا أيضا أننا إذا استخدمنا علوم المنطق المختلفة معا فلن نجد بينها الاتساق الكافى الذى يمكننا من تأسيس المعرفة الإنسانية وهكذا إذا التجأنا إلى منطق وحيد لكان مفتقرا إلى القوة وإذا التجأنا إلى العديد من علوم المنطق لكانت قوية جدا ولكنها تفتقر إلى الإتساق فيما بينها الأمر الذى يحول دون تأسيس المعرفة عليها وهذا هو السبب الأول الذى يجعل الصياغة المنطقية وحدها غير كافية ص42
رضا البطاوى غير متصل   الرد مع إقتباس