عرض مشاركة مفردة
غير مقروءة 25-05-2011, 07:23 PM   #29
المشرقي الإسلامي
أحمد محمد راشد
 
الصورة الرمزية لـ المشرقي الإسلامي
 
تاريخ التّسجيل: Nov 2003
الإقامة: مصر
المشاركات: 3,832
إفتراضي

(23)

وهكذا تطالعنا المدينة منذ بداية القصيدة بهذا الوجه الآثم الجاني ، وإلى هنا ووجه القرية-جيكور-لم يلح في أفق رؤيا الشاعر ،ومع بداية البيت الثالث يبدأ وجه "جيكور"يطل في أفق رؤيا الشاعر مهزومًا حزينًا محترقًا ،فهذه الحبال التي كانت في البيت السابق حبالاً من الطين تطفئ الجمرة المتوهجة في قلب الشاعر قت استحالت هنا إىل حبال من النار.. ولكنها ليست النار الموهنجة المعطاءة ، وإنما هي النار الحارقة المدمرة،فحبالها –التي هي دروب المدينة- "يجلدن عرى الحقول الحزينة" ومن هنا يبدأ وجه القرية الكاسف الحزين العاري متمزقًا تحت سياط حبال النار التي تحولت إليها دروب المدينة ،ولا تكتفي هذه الحبال بجلد الحقول العارية الحزينة ،وإنما هي تحرق "جيكور"في قاع روح الشاعر..إنها المقابل الروحي لكل حفاف المدينة وماديتها وقسوتها ،إنها الرحمة والأ/ن والسلام التي يفهو الشاعر إلى أن تنتصر على كل فساد المدينة وكل شرورها لتحول كل جفافها إلى نضرة ،وكل طغيانها إلى سلام رحيم:
فمن يشعل الحب في كل درب ، وفي كل مقهى ، وفي كل دار ؟!
ومن يرجع المخلب الآدمي يدًا يمسح الطفل فيها جبينه ؟!
وتخصل من لمسها ، من سماوة القلب فيها ،عروق الحجار ؟!
غير أن الشاعر يعرف أن كل ذلك أمل ضائع ، ومن صم فإن قاصرى ما يطمح إليه أن تظل جيكور ملاذًا روحيًا له يلجأ إليه بروحه من جفاف المدينة وهجيرها وفسادها ،ولكن حتى هذا الأمل المتواضع أصبح عسير التحقق ،فإن المدينة تحاصره وتسد كل دروبه إلى جيكور "فمن حيث دار اشرأبت إليه دروب المدينة "..
__________________
هذا هو رأيي الشخصي المتواضع وسبحان من تفرد بالكمال

***
تهانينا للأحرار أحفاد المختار




المشرقي الإسلامي غير متصل   الرد مع إقتباس