عرض مشاركة مفردة
غير مقروءة 24-08-2008, 01:50 AM   #1
السيد عبد الرازق
عضو مميز
 
تاريخ التّسجيل: Apr 2004
الإقامة: القاهرة -- مصر
المشاركات: 3,296
إفتراضي الثقل الإبداعي للقصيدة للأستاذ داود سلمان الشويلي .

داود سلمان الشويلي























كثيرا ما نقرأ القصيدة – أي قصيدة – وتعجبنا أي اعجاب فنسأل انفسنا ، او لنقل ذائقتنا النقدية ، او ذائقتنا الاعجابية ، ما الذي اعجبنا فيها ؟ فيأتي الجواب – ربما – سريعا: انه البيت الفلاني او الفكرة الفلانية او ما فيها – جميعا – من نظرة مأساوية او مفرحة ، او ... الخ .

ومن الاجابات السريعة : اعجبتني . افرحتني . احزنتني . حركت في نفسي (كذا) من المشاعر . اجابات كثيرة ، الا انها عامة .

ان السطور السابقة ليست من باب وضع نظرية خاصة لما يسمى في النقد الحديث (استجابة القاريء) ولا هي اجابة لسؤال : كيف تتذوق الشعر؟ وانما هي استجابة لسؤال طرحته على ذائقتي النقدية ، هو : ماذا اعجبك بقصيدتي الفرزدق وجرير ؟ ولهذا كتبت هذه السطور ،

ان ما كتبته هنا اسميته (الثقل الابداعي للقصيدة ) أي لو وزنا القصيدة فأننا سنجدها مبنية على بيت واحد هو الذي دارت حوله فكرة –افكار- القصيدة بأجمعها ، وارى ان الذي دعانا للاعجاب بهذه القصيدة او تلك ، ودون شعور ، هو هذا البيت ، اما القصيدة فهي عبارة عن ابيات جاءت تحف بهذا البيت ، او تدور حوله ، او تنوع لصوره .

***

1

جرير والفرزدق: هما شاعران معروفان ، ومهما كتبت عنهما لا افيهم حقهما ، الا انني اذكر :

جرير28 - 110 هـ / 648 - 728 م )

هو: جرير بن عطية بن حذيفة الخطفي بن بدر الكلبي اليربوعي، أبو حزرة، من تميم.أشعر أهل عصره، ولد ومات في اليمامة، وعاش عمره كله يناضل شعراء زمنه ويساجلهم فلم يثبت أمامه غير الفردق والأخطل. كان عفيفاً، وهو من أغزل الناس شعراً.(1)

***

الفَرَزدَق: (38 - 110 هـ / 658 - 728 م ).

هو :همام بن غالب بن صعصعة التميمي الدارمي، أبو فراس. شاعر من النبلاء، من أهل البصرة، عظيم الأثر في اللغة. وهو صاحب الأخبار مع جرير والأخطل، ومهاجاته لهما أشهر من أن تذكر. كان شريفاً في قومه، عزيز الجانب، يحمي من يستجير بقبر أبيه.

توفي في بادية البصرة، وقد قارب المئة .)).(2)

وقال الفرزدق: ((أنا عند الناس أشعرُ العرب، ولرُبَّما كان نزْعُ ضِرسٍ أيسرَ عليَّ من أن أقول بيت شعر )).(3)

لقب بالفرزدق لجهامة وجهه وغلظه. ومعنى الفرزدق ((جمع فرزدقة وهو قطع العجين غير مخبوزة ويقال بل الرغيف فرزدقة ويقال إنه فتات الخبز.)).(4) وجاء في(الحلل في اصلاح الخلل في كتاب الجمل) ((واختلف كلام ابن قتيبة في تلقيبه بالفرزدق:

فقال في أدب الكتاب: الفرزدق: قطع العجين، واحدها فرزدقة، وهو لقب له؛ لأنه كان جهم الوجه.! وقال في كتاب طبقات الشعراء: إنما لقب بالفرزذق لغلظه وقصره، شبه بالفتيتة التي تشربها النساء، وهي الفرزدقة. والقول الأول أصح؛ لأنه كان أصابه جدري في وجهه، ثم برئ منه، فبقى وجهه جهماً)).(5)

***

قالوا عن الفرزدق :

قال صاحب(الاغاني)

(( قال ابن سلام: وقال ابن دأب: الفرزدق أشعر عامةً وجرير أشعر خاصةً. وقال أبوعبيدة: كان أبو عمرو يشبه جريراً بالأعشى، والفرزدق بزهير، والأخطل بالنابغة، قال أبو عبيدة: يحتج من قدم جريراً بأنه كان أكثرهم فنون شعر، وأسهلهم ألفاظاً، وأقلهم تكلفاً، وأرقهم نسيباً، وكان ديناً عفيفاً. وقال عامر بن عبد الملك: جرير كان أشبههما وأنسبهما.

ونسخت من كتاب عمرو بن أبي عمرو الشيباني: قال خالد بن كلثوم: ما رأيت أشعر من

جرير والفرزدق)).(6)

وقال(( النُّميري:

يا صاحِبيّ دنا الرّواح فسِيرا غَلَبَ الفَرَزْدَقُ في الهجاءِ جريرا)).(7)

وقال المبرد : ((وقيل لبشر بن مروان: أيُّما أشعر، جرير أم الفرزدق أم الأخطل؟ فقال: والله ما كان الأخطل مثلهما، ولكن أبت ربيعة إلا أن تجعله ثالثاً، قال: أجرير أم الفرزدق؟ فقال: إن جريراً سلك أساليب من الشعر لم يسلكها الفرزدق، ولقد ماتت النوار وكانوا ينوحون عليها بشعر جرير. وكان الأصمعي يقول: قال أبو عمرو بن العلاء: الأخطل ثم الفرزدق ثم جرير، وكان أبو عبيدة يقول بمثل قول أبي عمرو. ويروى أن الفرزدق قال للنوار: أنا أشعر أم جرير؟ قالت: إنك لشاعر وإن جريراً والله لشاعر، قال لها: أتُقسمين على جرير! قالت: إنه والله غلبك على حُلوه وشاركك في مُرّه. وسئل ابن دأب عن جرير والفرزدق فقال:

الفرزدق أشعر عامة وجرير أشعر خاصة. وسئل يونس بن حبيب عنهما فقال أبو عبيدة

للسائل: أنا أخبرك عنه، الفرزدق أشعر. )).(8)

***

القصيدتان :

1- قصيدة جرير:

هي قصيدة رثاء ، يرثي زوجته (( خالدة بنت سعيد بن أوس بن معاوية بن خلف بن بجاد بن معاوية بن أوس بن كليب، وهي أم حزرة وكان جرير يسمي هذه القصيدة الجوساء - وقيل الحوساء - لذهابها في البلاد.)). (9)





لولا الحياء

جرير يرثي امرأته أمّ حَزْرة:

لولا الحياءُ لـــــــــهاجَني استعبارُ

ولزُرتُ قبركِ والحبيبُ يُزارُ

وَلَقَد نَظَرتُ وَما تَمَتُّعُ نَظــــــــرَةٍ

في اللَحدِ حَيثُ تَمَكَّنَ المِحفارُ

فَجَزاكِ رَبُّكِ في عَشيرِكِ نَظـــرَةً

وَسَقى صَداكِ مُجَلجِلٌ مِدرارُ

وَلَّهتِ قَلبي إِذ عَلَتني كَـــــــــــبرَةٌ

وَذَوُو التَمائِمِ مِن بَنيكِ صِغارُ

أرعَى النُّجومَ وقد مضتْ غَورِيَّةٌ

عُصَبُ النُّجوم كأنَّهنَّ صِوارُ

نِعمَ القَرينُ وَكُنتِ عِـــــلقَ مَضِنَّةٍ

وارى بِنَعفِ بُلَيَّةَ الأَحجارُ

عَمِرَت مُكــَرَّمَةَ المَساكِ وَفارَقَت

ما مَسَّها صَلَفٌ وَلا إِقتارُ

فسقَى ثــرَى جدثٍ ببُرقة ضاحكٍ

هزِمٌ أجشُّ وديمةٌ مــــــــِدرارُ

هَزِمٌ أَجَــــــــــشُّ إِذا اِستَحارَ بِبَلدَةٍ

فَكَأَنَّما بِجِوائِها الأَنهارُ

متراكب زجِـــــلٌ يُضيءُ وميضُهُ

كالبُلقِ تحت بطونها الأمـهارُ

كانتْ مُكارمةَ العَشير ولــــــم يكنْ

يخشَى غوائلَ أمّ حَزْرةَ جـارُ

ولقد أراكِ كُسيتِ أجـــــــملَ منظرٍ

ومع الجَمالِ سكينةٌ ووقــــارُ

وَالريـــــــــــــحُ طَيِّبَةٌ إِذا اِستَقبَلتِها

وَالعِرضُ لا دَنِسٌ وَلا خَوّارُ

وَإِذا سَــــرَيتُ رَأَيتُ نارَكِ نَوَّرَت

وَجهاً أَغَرَّ يَزينُهُ الإِسفارُ

صـــــــلَّى الملائكةُ الَّذين تُخيِّروا

والمُصطفونَ عليك والأبرارُ

وعليكِ مـــــن صلواتِ ربّك كلَّما

ضجَّ الحجيجُ ملبِّينَ وغاروا

يا نظرة لك يوم هاجــــــتْ عبرةً

مِن أُمّ حَــــــزْرة بالنُّميرةِ دارُ

تحيي الرَّوامـــــــسُ ربعَها فتجدُّهُ

بعد البــــــلَى وتُميتُهُ الأمطارُ

وَكَأَنَّ مَنزِلَةً لَـــــــــــــها بِجُلاجِلٍ

وَحيُ الزَبورِ تُجِدُّهُ الأَحبارُ

لا تُكثِرَنَّ إِذا جَعَلتَ تَـــــــــلومُني

لا يَذهَبَنَّ بِحِلمِكَ الإِكثارُ

كانَ الخليطُ هــمُ الخليطُ فأصبحوا

مُتبدِّلين وبالدِّيار ديـــــــــــارُ

لا يلبثُ القُرنــــــــــاءُ أنْ يتفرَّقوا

ليلٌ يـــــــــــكرُّ عليهمُ ونهارُ

أَفَأُمَّ حَزرَةَ يا فــــــــــَرَزدَقُ عِبتُم

غَضِبَ المَليكُ عَلَيكُمُ القَهّارُ

كانَت إِذا هَـــــجَرَ الحَليلُ فِراشَها

خُزِنَ الحَديثُ وَعَفَّتِ الأَسرارُ

لَيسَت كَأُمِّكَ إِذ يَعَضُّ بِقُـــــرطِها

قَينٌ وَلَيسَ عَلى القُرونِ خِمارُ

سَنُثيرُ قَينَكُمُ وَلا يوفى بِـــــــــــها

قَينٌ بِقارِعَةِ المِقَرِّ مُثارُ

وُجِدَ الكَتيفُ ذَخيرَةً في قـــــــَبرِهِ

وَالكَلبَتانِ جُمِعنَ وَالميشارُ

يَبكي صَداهُ إِذا تَهَزَّمَ مِرجَــــــــلٌ

أَو إِن تَثَلَّمَ بُرمَةٌ أَعشارُ

رَجَفَ المِقَرُّ وَصاحَ فــي شَرقِيِّهِ

قَينٌ عَلَيهِ دَواخِنٌ وَشَرارُ

قَتَلَت أَباكَ بَنــــــــــــو فُقَيمٍ عَنوَةً

إِذ جُرَّ لَيسَ عَلى أَبيكَ إِزارُ

حَدراءُ أَنكَـــرَتِ القُيونَ وَريحَهُم

وَالحُرُّ يَمنَعُ ضَيمَهُ الإِنكارُ

لَـــــــــمّا رَأَت صَدَأَ الحَديدِ بِجِلدِهِ

فَاللَونُ أَورَقُ وَالبَنانُ قِصارُ

قالَ الفَرَزدَقُ رَقِّــــــعي أَكيارَنا

قالَت وَكَيفَ تُرَقَّعُ الأَكيارُ

رَقِّع مَتاعَكَ إِنَّ جَدّي خــــــــالِدٌ

وَالقَينُ جَدُّكَ لَم تَلِدكَ نِزارُ

وَسَمِعتُها اِتَّصَلَت بِذُهلٍ إِنَّـــــهُم

ظَلَموا بِصِهرِهِمُ القُيونَ وَجاروا

دَعَتِ المُصَوِّرَ دَعوَةً مَسموعَةً

وَمَعَ الدُعاءِ تَضَرُّعٌ وَحِذارُ

عاذَت بِرَبِّكَ أَن يَكـــونَ قَرينُها

قَيناً أَحَمَّ لِفَسوِهِ إِعصارُ

أَوصَـــــــت بِلائِمَةٍ لِزيقٍ وَاِبنِهِ

إِنَّ الكَريمَ تَشينُهُ الأَصهارُ

إِنَّ الفَضيحَةَ لَـــــو بُليتِ بِقَينِهِم

وَمَعَ الفَضيحَةَ غُربَةٌ وَضِرارُ

هَلّا الزُبَيرَ مَنَعــتَ يَومَ تَشَمَّسَت

حَربٌ تَضَرَّمُ نارُها مِذكارُ

وَدَعا الزُبَيرُ فَما تَحَرَّكَتِ الحُبى

لَو سُمتَهُم جُحَفَ الخَزيرِ لَثاروا

غَـــــــرّوا بِعَقدِهِمُ الزُبَيرَ كَأَنَّهُم

أَثوارُ مَحرَثَةٍ لَهُنَّ خُوارُ

وَالصِمَّتَينِ أَجَـــــــــرتُمُ فَغَدَرتُمُ

وَاِبنُ الأَصَمِّ بِحَبلِ بَيبَةَ جارُ

أَخزاكَ رَهطُ اِبنِ الأَشَدِّ فَأَصبَحَت

أَكبادُ قَومِكَ ما لَهُنَّ مَرارُ

باتَت تُكَلَّتُ ما عَلِمــــتَ وَلَم تَكُن

عونٌ تُكَلَّفُهُ وَلا أَبكارُ

سَبّوا الحِمارَ فَسَوفَ أَهجو نِسوَةً

لِلكيرِ وَسطَ بُيوتِهِنَّ أُوارُ

إِنَّ الفَرَزدَقَ لَن يُزاوِلَ لُؤمَــــــهُ

حَتّى يَزولَ عَنِ الطَريقِ صِرارُ



السيد عبد الرازق غير متصل   الرد مع إقتباس