عرض مشاركة مفردة
غير مقروءة 01-10-2022, 08:53 AM   #1
رضا البطاوى
من كبار الكتّاب
 
تاريخ التّسجيل: Aug 2008
المشاركات: 5,960
إفتراضي نظرات فى خطبة خسر المتشائمون

نظرات فى خطبة خسر المتشائمون
الخطيب عبد الله بن عبده نعمان العواضي والخطبة تدور حول التشاؤم فى حياتنا وقد استهل العواضى خطبته بالمقدمة التقليدية التى حذفتها ثم دخل على الهدف من خلق الكون والناس فقال :
"أما بعد:
فاتقوا الله-عباد الله- فتقوى الله بها السعادة والفلاح، والظفر والنجاح، واليُمن والنجاة، والطمأنينة والحياة، فحُقَ للتقوى أن تكون وصيةَ رب العالمين إلى الأولين والآخرين، كما قال تعالى: {وَلَقَدْ وَصَّيْنَا الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ مِن قَبْلِكُمْ وَإِيَّاكُمْ أَنِ اتَّقُوا اللّهَ وَإِن تَكْفُرُوا فَإِنَّ لِلّهِ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الأَرْضِ وَكَانَ اللّهُ غَنِيّاً حَمِيداً} [النساء 131].
أيها الناس، اعلموا أن الله تعالى خلق الإنس والجن ليعبدوه وحده لا شريك له الذي شهدت بوحدانيته مخلوقاته، ونطقت بتفرده أفعاله وصفاته، أطاعه كل شيء وخضع، وسجد له وركع، ما عدا الكثرة الكاثرة من الجن والإنس.
فواعجباً كيف يُعصى الإله *** أم كيف يجحده الجاحد
وفي كل شيء له آية ... *** ... تدل على أنه الواحد
لقد كان توحيد الله تعالى عنوان رسالة الأنبياء ومفتتَح دعوتهم بين قومهم، قال تعالى: {وَلَقَدْ بَعَثْنَا فِي كُلِّ أُمَّةٍ رَّسُولاً أَنِ اعْبُدُوا اللّهَ وَاجْتَنِبُوا الطَّاغُوتَ فَمِنْهُم مَّنْ هَدَى اللّهُ وَمِنْهُم مَّنْ حَقَّتْ عَلَيْهِ الضَّلالَةُ فَسِيرُوا فِي الأَرْضِ فَانظُرُوا كَيْفَ كَانَ عَاقِبَةُ الْمُكَذِّبِينَ} [النحل 36].
فسعد من أقوام الرسل من آمن ووحد، وشقي من أشرك وتمرد، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (حق الله على العباد أن يعبدوه ولا يشركوا به شيئا، وحق العباد على الله أن لا يعذب من لا يشرك به شيئا) "
ومع تركيزه على موضوع التوحيد دخل فى مقولة أن الكون لا يحدث فيه شىء من غير مشيئة الله فقال :
"أيها المسلمون، إن توحيد الله تعالى يقتضي أن لا يجري شيء في الكون إلا بمشيئة الله تعالى، ومشيئة الله تنفذ في عباده، لا مشيئة للعباد إلا ما شاء لهم، فما شاء لهم كان وما لم يشاء لم يكن. فالخلق خلقُه والملك ملكه، فمن ذا الذي يقدر أن يصنع شيئاً لم يرده الله، أو يمحو شيئاً أراده الله؟! لا يخرج شيء عن علم الله وقدرته، وما من شيء إلا قد سبق به علمه وخطه قلمه، قال تعالى: {مَا أَصَابَ مِن مُّصِيبَةٍ فِي الْأَرْضِ وَلَا فِي أَنفُسِكُمْ إِلَّا فِي كِتَابٍ مِّن قَبْلِ أَن نَّبْرَأَهَا إِنَّ ذَلِكَ عَلَى اللَّهِ يَسِيرٌ} [الحديد 22]."
وقد تحدث عن التطير والتشاؤم وأنهما من مخالفات توحيد الله فقال :
"عباد الله، لما ضعف في قلوب بعض المسلمين توحيدهم لربهم، ومعرفتهم بكماله في حسن صفاته وفعاله، وإحاطته بكل شيء علما، وحمايته لكل من وحده باللجوء والضراعة دوما، صدرت منهم أفعال تكشف عن هذا الضعف الكثيف.
ومن تلك الأفعال المشينة: التطير والتشاؤم ببعض المسموعات والمرئيات، ومرور بعض الأزمان والأوقات، وهذه عادة مقيتة وترِكة سيئة ورثتها الجهالة عن الجاهلية، وتلقاها ضعفاء القلوب عن ضُلال الدروب."
وحدثنا عن عادات ما قبل عهد النبوة الأخير من التطير فقال :
"فقد كان من عادة الجاهليين الاعتماد على الطير إقداماً وإحجاما، فإذا عزم أحدهم على أمر كنكاح أو سفر أو غير ذلك زجر الطير ونظر جهة طيرانه، فإن طار يمنة تيمن به ومضى في قصده بنشاط، وإن طار يسرة تشاءم به ورجع. وربما كان أحدهم يهيج الطير فيعتمده، فما ولى المتطيرَ ميامنه سموه السوانح، وما ولاه مياسره سموه البوارح.
وقد كانوا يتشاءمون-أيضاً- بالأيام والأوقات، فتشاءموا بشهر شوال قليلاً وشهر صفر كثيرا. فيقعدون عن قضاء سفرهم أو زواجهم حتى تخرج أيام هذين الشهرين.
ومن صور تشاؤمهم: التشاؤم بالنجوم بطلوع نجم أو خفوته أو تغير بعض ملامحه.
ولم يقف بهم الخور عند هذا الحد بل صاروا يتشاءمون ببعض المرئيات وبعض المسموعات.
فإذا رأوا الغراب أو سمعوا نعابه تطيروا، وربما كان حالهم كما قال بعضهم:
إذا نعب الغراب وقال خيراً*** فأين الخير من وجه الغراب؟!
وإذا هبط البوم على البيوت كانوا يزعمون أنه إذا قتل القتيل صارت عظامه هامة أي: بومة تطير وتصرخ حتى يؤخذ بثأره، وليس صوت البوم الصوتَ الطبيعي، وربما اعتقد بعضهم أنها روحه، أو يقولون-إذا وقعت على بيت أحدهم: إنها تنذر بموت أحد من أهل البيت. "
وهذه العادات لا ترتبط بعصر ما وإنما قد توجد فى عصور متعددة مثل عصرنا فما زال الناس يتشاءمون من الغراب ولا يتزوجون فى أيام او شهور معينة
وتحدث العواضى عن محاربة الإسلام لتلك العادات فقال :
"عباد الله، لا عجب أن تكون هذه المعتقدات المنحرفة عند أهل الجاهلية؛ فهم أهل الحيرة عن الرشاد، والضلال عن طريق السداد، لكن العجب أن تبقى بعض هذه الاعتقادات لدى بعض المسلمين إلى اليوم.
إن دين الإسلام حينما بزغ نوره خلع تعلق القلوب بغير خالقها وردها إلى التعلق بالذي بيده كل شيء، فنهى عن هذه الخرافات التي تقوم على شفا جرف هار، معتمدة على ضعف الدين وكثرة الجهل والاضطراب الداخلي، بدلاً من قوة اليقين، وجلاء الحقيقة، وسطوع ضياء العلم.
فعندما كان أهل الجاهلية يبنون إقدامهم أو إحجامهم في الأمور على الاستقسام بالأزلام جاء الإسلام بصلاة الاستخارة. عن جابر بن عبد الله رضي الله عنهما قال: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يعلمنا الاستخارة في الأمور كلها كما يعلمنا السورة من القرآن يقول: (إذا همّ أحدكم بالأمر فليركع ركعتين من غير الفريضة، ثم ليقل: اللهم إني أستخيرك بعلمك، وأستقدرك بقدرتك، وأسألك من فضلك العظيم؛ فإنك تقدر ولا أقدر، وتعلم ولا أعلم، وأنت علام الغيوب، اللهم إن كنت تعلم أن هذا الأمر خير لي في ديني ومعاشي وعاقبة أمري أو قال: عاجل أمري وآجله فاقدره لي ويسره لي ثم بارك لي فيه، وإن كنت تعلم أن هذا الأمر شر لي في ديني ومعاشي وعاقبة أمري أو قال: في عاجل أمري وآجله فاصرفه عني واصرفني عنه، واقدر لي الخير حيث كان، ثم أرضني. قال: ويسمي حاجته) "
وبالقطع لا يوجد فى الإسلام ما يسمى الاستخارة لأن نتيجتها لا تظهر فى صورة وحى من الله يقول افعل أو لا تفعل وإنما لا يوجد أى شىء يوحى بأن الله اختار كذا أو كذا وكل ما يعتمدون عليه هو الأحلام أو كلمات تصدر من هذا أو ذلك وهو نفسه ما كان يفعله الجاهليون
الموجود فى الإسلام هو التخطيط مع اتخاذ القرار المرتبط بقول إن شاء الله كما قال تعالى :
"ولا تقولن لشىء إنى فاعل ذلك غدا إلا أن يشاء الله "
لقد شرع الله ألأخذ بالأسباب والتفكير ولم يشرع شىء اسمه الاستخارة التى لا فائدة منها لأن الوحى الإلهى لم يعد ينزل حتى يعرف المستحير ما يفعله أو ما لا يفعله
وذكر الرجل أن التوكل على الله وهو الأخذ بالأسباب هو ما شرعه الله وأن بعض الجاهليين أنكروا التطير فقال :
"ولما كان أهل الجاهلية يعتمدون في السعود والنحوس على زجر الطير أمر الإسلام المسلم بالتوكل على الله تعالى، وفعل الأسباب المشروعة لذلك المقصود.
قال الله تعالى: {وَمَن يَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ فَهُوَ حَسْبُهُ إِنَّ اللَّهَ بَالِغُ أَمْرِهِ قَدْ جَعَلَ اللَّهُ لِكُلِّ شَيْءٍ قَدْراً} [الطلاق 3].
قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (لا عدوى ولا طيرة ولا هامة ولا صفر)
معشر المسلمين، إننا عندما ذكرنا هذه الانحرافات عن أهل الجاهلية فإن ذلك لا يعني إطباق جميعهم على ذلك، فهناك من أنكر التشاؤم والتطير وتمدح بتركه له، قال أحدهم:
الزجر والطير والكهان كلهمُ*** مضللّون ودون الغيب أقفال
وقال آخر:
لعمرك ما تدري الطوارق بالحصى*** ولا زاجرات الطير ما الله صانع
سلوهن إن كذبتموني متى الفتى *** يذوق المنايا أو متى الغيث واقع"
وحدثنا ‘ن أن عادات التطير ما زالت موجودة فى المجتمعات الحالية فقال :
رضا البطاوى غير متصل   الرد مع إقتباس