عرض مشاركة مفردة
غير مقروءة 21-04-2012, 03:34 PM   #2
اقبـال
من كبار الكتّاب
 
تاريخ التّسجيل: Jul 2009
المشاركات: 3,419
إفتراضي

لوجهتي نظر متداخلتين في فحصه للموقف بينهم:

أولاً: الاختلاف بين الخطاب الاستهلاكي العام، وبين المحادثات والاتفاقات السريّة التي تجريها الأطراف الثلاث غالباً مع بعضهم البعض ( أي ما يمكن تسميته الجيو-استراتيجيا هنا ) .ثانياً: يشير إلى الاختلافات في التصورات والتوجهات استناداً إلى المعطيات الجيو-إستراتيجية التي تعود إلى زمن معين ووقت معين.ليكون الناتج محصلة في النهاية لوجهات النظر المتعارضة بين «الإيديولوجية» و«الجيو-إستراتيجية»، مع الأخذ بعين الاعتبار أن المحرّك الأساس للأحداث يكمن في العامل «الجيو-إستراتيجي» وليس «الأيديولوجي» الذي يعتبر مجرّد وسيلة أو رافعة، وبمعنى أبسط، يعتقد بارسي أن العلاقة بين المثلث الإسرائيلي- الإيراني – الأميركي تقوم على المصالح والتنافس الإقليمي والجيو-استراتيجي وليس على الأيديولوجيا والخطابات والشعارات التعبوية الحماسية، وفي إطار المشهد الثلاثي لهذه الدول، تعتمد إسرائيل في نظرتها إلى إيران على «عقيدة الطرف» الذي يكون بعيداً عن المحور، فيما تعتمد إيران على المحافظة على قوّة الاعتماد على «العصر السابق» أو التاريخ حين كانت الهيمنة «الطبيعية» لإيران تمتد لتطال الجيران القريبين منها. وبين هذا وذاك يأتي دور اللاعب الأميركي الذي يتلاعب بهذا المشهد ويتم التلاعب به أيضاً خلال مسيرته للوصول إلى أهدافه الخاصّة والمتغيّرة تباعاً، واستناداً إلى الكتاب، وعلى عكس التفكير السائد، فإن إيران وإسرائيل ليستا في صراع أيديولوجي بقدر ما هو نزاع استراتيجي قابل للحل، ويشرح الكتاب هذه المقولة ويكشف الكثير من التعاملات الإيرانية – الإسرائيلية السريّة التي تجري خلف الكواليس والتي لم يتم كشفها من قبل، كما يؤّكد الكتاب في سياقه التحليلي أن أحداً من الطرفين (إسرائيل وإيران) لم يستخدم أو يطبّق خطاباته النارية، فالخطابات في وادٍ والتصرفات في وادٍ آخر معاكس. ووفقاً لبارسي ، فإن إيران التي تحكمها مجموعة من رجال الدين ليست «خصماً لا عقلانياً» للولايات المتّحدة وإسرائيل كما كان الحال بالنسبة للعراق بقيادة صدّام وأفغانستان بقيادة الطالبان، فطهران تعمد إلى تقليد «اللاعقلانيين» من خلال الشعارات والخطابات الاستهلاكية، فهي تستخدم التصريحات الاستفزازية ولكنها لا تتصرف بناءً عليها بأسلوب متهور وأرعن من شأنه أن يزعزع نظامها، وعليه فيمكن توقع تحركات إيران وهي ضمن هذا المنظور «لا تشكّل خطراً لا يمكن احتواؤه» عبر الطرق التقليدية الديبلوماسية.وإذا ما تجاوزنا القشور السطحية التي تظهر من خلال المهاترات والتراشقات الإعلامية والدعائية بين إيران وإسرائيل، فإننا سنرى تشابهاً مثيراً بين الدولتين في العديد من المحاور بحيث إننا سنجد أن ما يجمعهما أكبر بكثير مما يفرقهما، فكلتا الدولتين تميلان إلى تقديم نفسيهما على أنهما متفوقتان على الجيران العرب (superior). إذ ينظر العديد من الإيرانيين إلى أن جيرانهم العرب في الغرب والجنوب أقل منهم شأناً من الناحية الثقافية والتاريخية وفي مستوى دوني، ويعتبرون أن الوجود الفارسي على تخومهم ساعد في تحضّرهم وتمدّنهم ولولاه لما كان لهم شأن يذكر، وفي المقابل، يرى الإسرائيليون أنهم متفوقون على العرب بدليل أنهم انتصروا عليهم في حروب كثيرة، ويقول أحد المسؤولين الإسرائيليين في هذا المجال لبارسي إننا نعرف ما باستطاعة العرب فعله، وهو ليس بالشيء الكبير في إشارة إلى استهزائه بقدرتهم على فعل شيء حيال الأمور.ويشير الكتاب إلى إننا إذا ما أمعنا النظر في الوضع الجيو-سياسي الذي تعيشه كل من إيران وإسرائيل ضمن المحيط العربي، سنلاحظ أنهما تلتقيان أيضاً حالياً في نظرية لا حرب، لا سلام ، الإسرائيليون لا يستطيعون إجبار أنفسهم على عقد سلام دائم مع من يظنون أنهم أقل منهم شأناً ولا يريدون أيضاً خوض حروب طالما أن الوضع لصالحهم، لذلك فإن نظرية لا حرب، لا سلام هي السائدة في المنظور الإسرائيلي، في المقابل، فقد توصّل الإيرانيون إلى هذا المفهوم من قبل، واعتبروا أن العرب يريدون النيل منّا . والأهم من هذا كلّه ، أن الطرفين يعتقدان أنهما منفصلان عن المنطقة ثقافياً وسياسياً وإثنياً، الإسرائيليون محاطون ببحر من العرب ودينياً محاطون بالمسلمين السنّة، أما بالنسبة لإيران، فالأمر مشابه نسبياً.. عرقياً هم محاطون بمجموعة من الأعراق غالبها عربي خاصة إلى الجنوب والغرب، وطائفياً محاطون ببحر من المسلمين السنّة، ويشير الكاتب إلى أنّه وحتى ضمن الدائرة الإسلامية، فإن إيران اختارت أن تميّز نفسها عن محيطها عبر اتباع التشيّع بدلاً من المذهب السني السائد والغالب.ويؤكد الكتاب على حقيقة أن إيران وإسرائيل تتنافسان ضمن دائرة نفوذهما في العالم العربي وبأنّ هذا التنافس طبيعي وليس وليدة الثورة الإسلامية في إيران، بل كان موجوداً حتى إبان حقبة الشاه حليف إسرائيل. فإيران تخشى أن يؤدي أي سلام بين إسرائيل والعرب إلى تهميشها إقليمياً بحيث تصبح معزولة، وفي المقابل فإن إسرائيل تخشى من الورقة الإسلامية التي تلعب بها إيران على الساحة العربية ضد إسرائيل. واستناداً إلى بارسي ، فإن السلام بين إسرائيل والعرب يضرب مصالح إيران الاستراتيجية في العمق في هذه المنطقة ويبعد الأطراف العربية عنها ولاسيما سورية، مما يؤدي إلى عزلها استراتيجياً. ليس هذا فقط، بل إن التوصل إلى تسوية سياسية في المنطقة سيؤدي إلى زيادة النفوذ الأميركي والقوات العسكرية وهو أمر لا تحبّذه طهران، ويؤكّد الكاتب في هذا السياق أن أحد أسباب انسحاب إسرائيل من جنوب لبنان في العام 2000 هو أن إسرائيل أرادت تقويض التأثير والفعالية الإيرانية في عملية السلام من خلال تجريد حزب الله من شرعيته كمنظمة مقاومة بعد أن يكون الانسحاب الإسرائيلي قد تمّ من لبنان.ويكشف الكتاب من ضمن ما يكشف من وثائق ومعلومات سرية جداً، أن المسؤولين الرسميين الإيرانيين وجدوا أن الفرصة الوحيدة لكسب الإدارة الأميركية تكمن في تقديم مساعدة أكبر وأهم لها في غزو العراق العام 2003 عبر الاستجابة لما تحتاجه، مقابل ما ستطلبه إيران منها، على أمل أن يؤدي ذلك إلى عقد صفقة متكاملة تعود العلاقات الطبيعية بموجبها بين البلدين وتنتهي مخاوف الطرفين. وبينما كان الأميركيون يغزون العراق في أبريل من العام 2003، كانت إيران تعمل على إعداد اقتراح جريء ومتكامل يتضمن جميع المواضيع المهمة ليكون أساساً لعقد صفقة كبيرة مع الأميركيين عند التفاوض عليه في حل النزاع الأميركي-الإيراني.مشيراً إلى أنه تمّ إرسال العرض الإيراني أو الوثيقة السريّة إلى واشنطن. ولقد عرض الاقتراح الإيراني السرّي مجموعة مثيرة من التنازلات السياسية التي ستقوم بها إيران في حال تمّت الموافقة على الصفقة الكبرى وهو يتناول عدداً من المواضيع منها:
اقبـال غير متصل   الرد مع إقتباس