عرض مشاركة مفردة
غير مقروءة 20-01-2022, 08:31 AM   #2
رضا البطاوى
من كبار الكتّاب
 
تاريخ التّسجيل: Aug 2008
المشاركات: 5,958
إفتراضي

وتحدث الرجل عن مواقف الناس فى بلادنا من الثقافة الغربية فقال :
"بخلاف المسلمين بعد الغزو الثقافي الغربي لهم، فإنهم درسوا الثقافة الغربية واستحسنوا أفكارها فمنهم من اعتنقها وتخلى عن الثقافة الإسلامية ومنهم من استحسنها وأضاف أفكارها للثقافة الإسلامية باعتبارها منها، وصارت بعض أفكارها من الأفكار الإسلامية بالرغم من تناقضها مع الإسلام فكثير منهم مثلا كان يجعل القاعدة الديمقراطية المعروفة (الأمة مصدر السلطات) قاعدة إسلامية مع أنها تعني أن السيادة للأمة، وأن الأمة هي التي تصنع التشريع وتسن القوانين، وهذا يناقض الإسلام، لأن السيادة فيه للشرع لا للأمة، والقانون من عند الله لا من عند الناس وكثير من كان يحاول أن يجعل الإسلام ديمقراطيا أو اشتراكيا أو شيوعيا مع أن الإسلام يتناقض مع الديمقراطية، لأنه يجعل الحاكم منفذا للشرع مقيدا به، لا أجيرا عند الأمة ولا منفذا لإرادتها، بل راعيا لمصالحها حسب الشرع وكذلك يتناقض مع الاشتراكية لأن الملكية محددة عنده بالكيف ولا يجوز أن تحدد بالكم كما يتناقض مع الشيوعية لأنه يجعل الإيمان بوجود الله أساس الحياة، ويقول بالملكية الفردية ويعمل لصيانتها فجعل الإسلام ديمقراطيا أو اشتراكيا أو شيوعيا استحسانا لتلك الأفكار هو تأثر بالثقافة الأجنبية وليس انتفاعا بها والأنكى من ذلك أن القيادة الفكرية الغربية، وهي عقيدة تناقض عقيدة الإسلام، تأثر بها بعضهم وصار يقول المتعلم منهم يجب فصل الدين عن الدولة! ويقول غير المتعلم منهم الدين غير السياسة!! ولا تدخلوا الدين بالسياسة مما يدل على أن المسلمين في العصر الهابط بعد الغزو الثقافي، درسوا الثقافة غير الإسلامية وتأثروا بها، بخلاف المسلمين قبل ذلك فإنهم درسوا الثقافات غير الإسلامية وانتفعوا بها، ولم يتأثروا بأفكارها"
والخطأ فى كلام المؤلف يتمثل فى أن أبقى تسمية المسلمين على من تخلوا عن الثقافة الإسلامية وهى الدين نفسه كليا وعلى من تخلوا عن بعضها وعلى من حاولوا أن يفسروا الأقوال الغربية بأقوال الله رغم تعارضها وهو ما يناقض أن المسلم هو من لا يختار مع قضاء أى حكم الله حكم كما قال تعالى :
"وما كان لمؤمن ولا مؤمنة إذا قضى الله ورسوله أمرا أن يكون لهم الخيرة من أمرهم ومن يعص الله ورسوله فقد ضل ضلالا مبينا"
وقد اعتبر الله من يكفر بالبعض كافر بالكل مستحق لعقابى الدنيا والأخرة فقال:
"أفتؤمنون ببعض الكتاب وتكفرون ببعض فما جزاء من يفعل ذلك منكم إلا خزى فى الحياة الدنيا ويوم القيامة يردون إلى أشد العذاب"
والرجل يقصر الثقافة الإسلامية على معارف معينة فى قوله:
"ومن استعراض الكيفية التي درس المسلمون بها الثقافة غير الإسلامية، والكيفية التي كانوا يأخذونها بها، يتبين وجه الانتفاع وعدم التأثر والمدقق في الثقافة الإسلامية يجدها معارف شرعية كالتفسير والحديث والفقه وما شاكلها، ومعارف اللغة العربية من نحو وصرف وأدب وبلاغة وما شابهها، ومعارف عقلية كالمنطق والتوحيد ولا تخرج الثقافة الإسلامية عن هذه الأنواع الثلاثة
أما المعارف الشرعية فإنها لم تتأثر بالثقافات غير الإسلامية، ولم تنتفع بها مطلقا، لأنها مقيدة الأساس بالكتاب والسنة فالفقهاء لم ينتفعوا بالثقافات غير الإسلامية ولم يدرسوها، لأن الشريعة الإسلامية نسخت جميع الشرائع السابقة لها، وأمر أصحابها بتركها واتباع شريعة الإسلام وإن لم يفعلوا ذلك فهم كفار ولذلك لا يجوز للمسلمين شرعا أن يأخذوا بتلك الشرائع، ولا أن يتأثروا بتلك الثقافات، لأنهم مقيدون بأخذ أحكام الإسلام وحدها، لأن ما عداها كفر يحرم أخذه على أن للإسلام طريقة واحدة في أخذ الأحكام لا يتعداها مطلقا وهذه الطريقة هي فهم المشكلة القائمة واستنباط حكم لها من الأدلة الشرعية ولذلك لا مجال لدراسة أي ثقافة فقهية بالنسبة لأخذ الأحكام من قبل المسلمين ومن هنا لم يتأثر المسلمون بالفقه الروماني أو غيره، ولم يأخذوا عنه ولم يدرسوه مطلقا
ومع أن المسلمين ترجموا الفلسفة وبعض العلوم، لكنهم لم يترجموا شيئا من الفقه غير الإسلامي، ولا من التشريعات غير الإسلامية، لا رومانيا ولا غيره، مما يدل جزما على أنه لم يكن للثقافات غير الإسلامية أي وجود عند الفقهاء، لا للدرس، ولا للانتفاع نعم إن الفقه نما واتسع، وكان نموه واتساعه بما حدث أمام المسلمين في البلاد المفتوحة من مشاكل تحتاج إلى معالجات فالمشاكل الاقتصادية التي صارت أمام الدولة الإسلامية المترامية الأطراف، والقضايا التي حدثت في مختلف نواحي هذه الدولة، حملت المسلمين بحكم دينهم على أن يجتهدوا فيها حسب قواعد الإسلام، ويستنبطوا من الكتاب والسنة، أو مما أرشد إليه الكتاب والسنة من أدلة، الأحكام لمعالجة تلك المشاكل، وهذا ما يأمرهم به دينهم وما بينه لهم سيدنا محمد رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فقد روي عنه - عليه السلام - حين أرسل معاذا إلى اليمن أنه قال له: [بم تحكم؟ قال: بكتاب الله، قال: فإن لم تجد؟ قال: بسنة رسول الله قال: فإن لم تجد؟ قال: أجتهد رايي قال: الحمد لله الذي وفق رسول رسول الله لما يحبه الله ورسوله] ولذلك كان فرضا على المسلمين أن يجتهدوا لاستنباط الحكم الشرعي لكل مسألة من المسائل التي تحدث وهذه الأحكام التي تستنبط أحكام شرعية إسلامية، استنبطت من الكتاب والسنة أو مما أرشد إليه الكتاب والسنة من الأدلة
وأما التفسير فإنهم كانوا يشرحون آيات القرآن، ويحاولون أن يبينوا معاني الآيات، إما بحسب ما تدل عليه الألفاظ والجمل من المعاني اللغوية أو المعاني الشرعية، وإما بإدخال أشياء حدثت، تدخل تحت مدلولات تلك الألفاظ وتلك الجمل وإنه وإن صار توسع في التفسير وتفصيل في بيان معاني الآيات، ولكنه لم يدخل في التفسير أفكار رومانية أو يونانية تتعلق بوجهة النظر في الحياة، أو التشريع، باعتبارها جاءت من الثقافات غير الإسلامية نعم هنالك أحاديث موضوعة أو ضعيفة أخذ بها بعض المفسرين، فأدخلوا معانيها في تفسير القرآن، مع أنها معاني غير إسلامية، ولكن ذلك لا يعتبر تأثرا بالثقافة غير الإسلامية، بل يعتبر دسا على الثقافة الإسلامية في دس أحاديث على الرسول لم يقلها وفرق بين الدس على الإسلام في افتراء أحاديث، وبين التأثر بالثقافات غير الإسلامية، بأخذ أفكارها وإدخالها على الإسلام باعتبارها جزءا منه وبالجملة فإن المعارف الشرعية لم تتأثر بالثقافات غير الإسلامية
وأما المعارف الأدبية واللغوية وما شابهها، فإن تاثير اللغة العربية على وجود باقي اللغات في البلاد المفتوحة كان قويا حتى أزالت اللغات الأخرى من الاستعمال العام في شؤون الحياة فقد كانت اللغة العربية وحدها هي المسيطرة على جميع شؤون الحياة باعتبارها جزءا أساسيا في فهم الإسلام، لأنها لغة القرآن ولذلك تجد الأمم المفتوحة بعد اعتناقها الإسلام، قد شاركت في تقوية هذا التأثير، لأنه من مقتضيات الإسلام دينها الذي اعتنقته ولذلك لم تتأثر اللغة العربية بلغا البلاد المفتوحة وثقافتها، وإنما أثرت هي في البلاد التي فتحتها وأضعفت فيها لغاتها الأصلية حتى تلاشت في بعضها، وكادت تتلاشى في البعض الآخر، وبقيت اللغة العربية هي وحدها لغة الإسلام، وهي وحدها اللغة التي تستعملها الدولة، وهي اللغة الشائعة، وهي لغة الثقافة والعلم والسياسة
غير أن الأدب العربي قد صادف في البلاد المفتوحة أشكالا مدنية ورياضا وقصورا وبحارا وأنهارا ومناظر وغير ذلك، فنما في زيادة معانيه وأخيلته وتشبيهاته وموضوعاته، وانتفع بذلك، ولكنه لم يتأثر بالأفكار التي تناقض الإسلام ولذلك نجد أن الجوانب التي تتعلق بالعقيدة وتناقض الإسلام، لم يتأثر بها أحد من الأدباء المسلمين وأعرضوا عنها إعراضا تاما وبالرغم من أن الفلسفة اليونانية قد ترجمت وأعتني بها، إلا أن الأدب اليوناني الذي يعدد الآلهة، ويعطيهم صفات البشر، لم يلق رواجا لدى المسلمين، بل لم يلتفتوا إليه مطلقا نعم قد خرج عن مقتضيات ما يليق بالثقافة الإسلامية أشخاص، فتعرضوا لمعاني لا يقرها الإسلام، كما فعل الخلعاء من الأدباء والشعراء، فإنهم ذكروا في شعرهم معاني لا يوافق عليها الإسلام إلا أن هؤلاء نزر يسير لا يعتبرون بالنسبة للمجتمع الإسلامي شيئا مذكورا، ومهما تأثر أدبهم بالمعاني التي ينهى عنها الإسلام، فإن هذا التأثر لم يكن تأثرا يؤثر على الثقافة الإسلامية، بل ظلت الثقافة الإسلامية، وظل الأدب العربي، وظلت اللغة العربية خالية من الشوائب
وأما المعارف العقلية فإن المسلمين بطبيعة مهمتهم الأصلية في الحياة، وهي الدعوة إلى الإسلام، كانوا يصطدمون بأصحاب الديانات والثقافات الأخرى، وكان أولئك يتسلحون بالفلسفة اليونانية، فكان لا بد من إبطال عقائدهم وهدمها وبيان زيفها وكان لا بد من شرح العقيدة الإسلامية بالأسلوب الذي يفهمه هؤلاء لذلك وضع المسلمون علم التوحيد ليبينوا فيه العقيدة الإسلامية ويشرحوها للناس، فكان علم التوحيد وهو وإن كان من المعارف الشرعية من حيث الموضوع، وهو العقيدة الإسلامية، ولكنه يعتبر من المعارف العقلية من حيث الشكل والأداء، وقد انتفع المسلمون فيه بالمنطق وترجموا المنطق إلى اللغة العربية وبهذا يتبين أن الثقافات الأجنبية لم تؤثر في الثقافة الإسلامية لا في المعارف الشرعية، ولا في معارف اللغة العربية، ولا في المعارف العقلية، وبقيت الثقافة الإسلامية حتى أواخر العصر الهابط ثقافة إسلامية بحتة"
و
رضا البطاوى غير متصل   الرد مع إقتباس