عرض مشاركة مفردة
غير مقروءة 18-09-2008, 02:42 PM   #20
ابن حوران
العضو المميز لعام 2007
 
الصورة الرمزية لـ ابن حوران
 
تاريخ التّسجيل: Jan 2005
الإقامة: الاردن
المشاركات: 4,483
إفتراضي

الإحسان : هو السلوك الاجتماعي المندوب الشاق الذي يكون غير ملزم إنما مندوب .

قال تعالى : ( و السابقون الأولون من المهاجرين و الأنصار و الذين اتبعوهم بإحسان رضي الله عنهم و رضوا عنه وأعد لهم جناة تجري تحتها الأنهار خالدين فيها أبداً ذلك الفوز العظيم )[سورة التوبة : 100]. فالمندب أفضل من الفرض من حيث الأجر فالذي يرفع الدرجات هو المندوب و ليس الفرض و الفرض ينقذك من النار فالصوم في رمضان ينقذك من النار أما أن تحسن الصوم فهذا يرفع الدرجات و الصلاة هكذا فالركوع و قراءة الفاتحة و السجود تنقذك من النار لكن خشوعها و اطمئنانها ترفع درجاتك فالنوافل إذاً أرجى من الفروض و لذلك قال الله تعالى ( إن الله يأمر بالعدل و الإحسان و إيتاء ذي القربى و ينهى عن الفحشاء و المنكر و البغي يعظكم لعلكم تذكرون .)[سورة النحل : 90].

والإحسان هو أفضل من العدل مع أن العدل واجب ، فالإحسان هو زيادة على العدل ، فأنت تعفوا عمن ظلمك هذا ليس عدلاً بل هو إحسان فالعدل أن آخذ حقي منه لكن الأجر و رفع الدرجات بالعفو عنه ، لذلك الله سبحانه قال (و الذين جاهدوا فينا لنهدينهم سبلنا و إن الله لمع المحسنين )[سورة العنكبوت : 69] .

فمثلاً أنت شيخ أو أمير ثم يعتدي عليك أحد بكلام أو سفاهة أو ما شاكله ذلك من مآمرة أو تخريب ، ثم تعفوا و أنت قادر على أخذ حقك أن لا يمكن أن تفعل ذلك إلا لله فالإحسان أن تعفوا عمن ظلمك و أن تعفوا و أن تعطي من حرمك و أن تصل من قطعك . الناس تأبى هذا و هي مجبولة على الانتقام و حب التعالي ، أن تتواضع و تعفوا لله تعالى فالله معك : قال تعالى ( من كظم غيظاً و هو يقدر على إنفاذه ملأ الله قلبه أمنا و إيماناً) [كنز العمال : 5822] فالإحسان يقابل البر في السلوك و لكنه مندوب وليس فرضاً .لذلك قال تعالى ) لن تنالوا البر حتى تنفقوا مم تحبون ..) فالصحابة بادروا كل واحد عنده مال غالى عليه أنفقه، أما الحجر المبرور لمشقتة الحج من الصعب جداً أن تؤديه كما أراد الله ، ففي كل عام لو قمنا بإحصاء كم من الناس أدنى مناسك الحج كما قال

تعالى : (الحج أشهر معلومات فمن فرض فيهن الحج فلا رفث و لا فسوق و لا جدال في الحج و ما تفعلوا من خير يعلمه الله و تزودوا فإن خير الزاد التقوى و اتقون يا أولي الألباب ) [سورة البقرة : 197] تجدهم قلة.

جاء رجل إلى النبي صلى الله عليه وسلم فقال إني جبان و إني ضعيف ! فقال هلم إلى جهاد لا شوكة فيه : الحج ) [مجمع الزوائد :5257]. و لهذا كم من الحجاج يكون حجه مبروراً ...

و سيدنا يوسف لما كان في السجن قال له أصحابه (و دخل معه السجن فتيان قال أحداهما إني أراني أصر خمراً و قال الآخر إني أراني أحمل فوق رأسي خبزاً تأكل الطير منه نبئنا بتأويله إنا نراك من المحسنين ) [سورة يوسف : 36] فقد كان يداوي المريض و يعطي المحتاج و قد أوقف نفسه لتخفيف ويلات المسجونين المادية و المعنوية و هو ليس ملزماً بهذا و بمشقة هذا العمل .

الله سبحانه و تعالى امرنا بالإحسان للولدين قال تعالى : (و إذ أخذنا ميثاق بني إسرائيل لا تعبدون إلا الله و بالوالدين إحساناً ) [سورة البقرة : 82]. و لم يقل لله بالوالدين براً ، فعلينا أن نفهم القرآن ، و لهذا هذا البرنامج يعطينا أسلوباً دقيقاً للتعامل مع كتاب الله لو رب العالمين قال فقط بروا الوالدين أي إذا جاعا أن تطعمها طعاماً و إذا عريا أن تعطيهما ثياباً ....لا ..... قال ( بالوالدين إحساناً ) و في آية أخرى و قال ( حسنا ) أي حسناً و إحساناً أي حسناً بالقول و إحساناً بالفعل لذلك بكل السلوكيات الأخلاقية عليك أن تتعامل مع أمك و أتيك و ليس فقط بالبر قال صلى الله عليه و سلم :

عن جابر بن عبد الله أن رجلاً قال : يا رسول الله ! إن لي مالاً وولداً . و إن أبي يريد أن يجتاح مالي . فقال : ( أنت و مالك لأبيك )[سنن ابن ماجة: 2291 ].

وإذاً إحسان وليس بر و البر لا يقتضي هذا و عن ابن عمر رضي الله عنهما قال : كان تحتي امرأة و كنت أحبها ، و كان عمر يكرهها ، فقال لي : طلقها ، فأبيت ، فأتى عمر رضي الله عنه النبي صلى الله عليه و سلم فذكر ذلك له ، فقال النبي صلى الله عليه وسلم : " طلقها " قال الترمذي حديث حسن صحيح . [ البخاري : 5973].

قال تعالى : ( و لا تقل لهما أفٍ ) هذا إحسان ،

عن عبد الله بن عمرو قال : ( جاء رجل إلى النبي صلى الله عليه و سلم يستأذنه في الجهاد فقال :ألك والدان ؟ قال : نعم ، قال : ففيهما فجاهد ) [سنن الترمذي : 1722] حسن صحيح .

و جاء رجلٌ النبي صلى الله عليه و سلم و قال : يا رسول الله ! ما حق الوالدين علي ولدهما ؟ قال ( هما جنتك ونارك ..)[سنن ابن ماجة: 3662 ].

و إذا غضب عليك أحد أبويك لا يقبل منك عمل و لهذا إن هذه الآمة المباركة التي كرمها الله سبحانه و تعالى بالإسلام و شاعت فيها الأسرة الرائعة بحيث ما من أمة في الدنيا لها من الأسرية المترابطة مثل هذه الأمة لأن بدت فيها في هذا العصر عصر المادة عصر الإنترنت و العولمة ظواهر بسيطة و لكن يجب القضاء عليها فوراً و هو شيوع دار المسنين عند بعض الدول العربية حيث نسمع مثلاً أن أحد الأبناء يذهب بأبيه و يلقيه في دار العجزة على هذا الابن أن يعلم أنه لن يقبل منه عمل و لن تقبل منه توبة و سوف لن ييسر الله نطق الشاهدتين عند الموت ، و قد يكون الأبناء قادرون و لكن زوجة الابن تتضايق من أبيه فيذهب الابن و يلقي بأبيه في مأوى العجزة ، إن هذه ظواهر و حالات قليلة في مجتمع مليار مسلم و لكن خطيرة و هذه الأمة لا ينبغي أن تصل لهذا الدرك أبداً ، لأن هذه أخطر ما يمكن أن توسم به هذه الأمة بأخلاقياتها ، قد نكون ضعفاء قد نكون فقراء قد نكون..... قد نكون ...و لكن لا أحد يتهمنا بسوء الأخلاق ، هذه أمة مترابطة عرضها كامل و شرفها كامل و ترابطها الأسري كامل فالثوب الأبيض تؤثر فيه قطرة حبر ، و هذه بقعة حبر في ثوب الأمة إذا شاع بين الناس أن يذهبوا بآبائهم و أمهاتهم إلى دور العجزة عليه أو المسنين و هذه قد تكون نادرة و لم تصبح ظاهرة حتى الآن و لكنها موجعة فلكل من له أب أو أم و ألقى بهما في دار العجزة عليه أن يذهب غليهما و إلا هلك ، لأن الله لا يبارك له في رزقه ، و لا في عمره ، ولا في ذريته سوف يفعل أبناؤه كما فعل بأبيه .

قال صلى الله عليه وسلم : ( بروا آباؤكم تبركم أبناؤكم ) [الجامع الصغير للسيوطي : 3138].

و لذلك قال الله عز و جل أحسنوا ولم يقل بروا فإنه مطلوب في كل شيء حتى في القتل قال صلى الله عليه و سلم " و إذا ذبحتم فأحسنوا الذبحة " .

وعن رب العالمين ربط زيادة الرزق و زيادة العمر بالبر بالوالدين و الأرحام . قال صلى الله عليه وسلم " من أحب أن يوسع له في رزقه وأن ينسأ له في أثره ، فليصل رحمه "[متفق عليه ] . لهذا يأبى كرم الله و يأبى حياء الله سبحانه و تعالى أن يعذب عبداً و أبوه و أمه راضيان عنه و تأبى غيرة الله أن ينعم صالحاً أو صحابياً أو ولياً و أمه أو أبوه غضبان عليه.

الإنعام : قال تعالى : ( و إن تعدوا نعمة الله لا تحصوها إن الإنسان لظلوم كفار ) [سورة إبراهيم : 34].

أي أنكم قد تقصرون في شكر نعمي و لكن بما أنتم من أهل القبلة فأغفر لكم بعض التقصير و لهذا من قال عندما يصبح أو يمسي اللهم ما أصبح بي من نعمة أو بأحد من خلقك فمنك وحدك لا شريك لك الحمد و لك الشكر حتى ترضى فقد أدى شكر يومه ، و من قال حين يمسي فقد أدى شكر ليله.

التفضل : قال تعالى : ( و لقد فضلنا بعض النبيين على بعض و آتينا داود زبورا) [سورة الإسراء : 55] . و قال تعالى : ( و لقد كرمنا بين آدم و حملناهم في البر و البحر و رزقناهم من الطيبات و فضلناهم على كثير ممن خلقنا تفضيلا ) [سورة الإسراء: 70] .

قطاً ما من مخلوق إلا و قد فضل عليه ابن آدم و لهذا جعله الله المخلوق الوحيد المختار و سخر كل ما في هذا الكون له من أجل هذا فإن صالحي البشر أفضل من صالحي الملائكة لأنهم ليسوا مجبرين .

المنة : هي النعمة التي لا يستطيعها غير المنان سبحانه و تعالى و المنة هي النعمة التي لا يسأل المنعم عن ثوابها قال تعالى : ( قل لا تمنوا علي إسلامكم بل الله يمن عليكم أن هداكم للإيمان إن كنتم صادقين ) فالمن هي النعمة العظمى التي لا يستطيع أحدٌ غير معطيها أن يعطيها و امن بالمعنى الآخر هي التذكير بها على الممنون عليه ، و هذه لا تليق إلا بالله وهي من البشر مفسدة و عيب .

الرحمة : هي إعطاء النعمة لمن لا يستحقها و أن يرفع العقوبة عن من يستحقها و لذلك هذه الرحمة تالية لن الله سبحانه و تعالى يحب فلاناً فيعطيه نعمة لا يستحقها لم يقدم أسبابها و لم يباشر لها عملاً جاءته هكذا أو كان يستحقها عقاباً معيناً فعفا عنه رحمة به .
__________________
ابن حوران
ابن حوران غير متصل   الرد مع إقتباس