عرض مشاركة مفردة
غير مقروءة 03-02-2023, 09:14 AM   #3
رضا البطاوى
من كبار الكتّاب
 
تاريخ التّسجيل: Aug 2008
المشاركات: 5,964
إفتراضي

"هنا كان ينبغي أن يقرع ناقوس، وأن تتجاوب لرنين نواقيس أخرى ... وإذا كان عربي قد قدم مثل هذا البرهان على السمو الإنساني والمروءة المتناهية، فإن ذلك ليس بدعا أو حدثا مفردا، فثمة شواهد أخرى في هذا الصدد، ونذكر هنا الملك الإنجليزي ريتشارد قلب الأسد، الذي نشأ في الغرب تنشئة الملوك الشرفاء، فقد مرغ تلك السمعة الطيبة في العار، ودأب على تلويثها بشكل مخز دائما أبدا، فبينما أقسم بشرفه لثلاثة آلاف أسير عربي أن حياتهم آمنة، إذ هو فجأة منقلب المزاج فيأمر بذبحهم جميعا، ويحذو قائد الجيش الفرنسي حذوه سريعا، وهكذا لطخ بفعلته النكراء، وسفكه تلك الدماء، سمعته إلى الأبد، وضيع ثمرة انتصاره في أذيال الخزي والهوان ...| فى مقابل مقض الكثير من ملوك النصارى لعودهم ومن قيامهم بمذابح أثناء الاستيلاء على الكثير من مناطق الشام فإن صلاح الدين لم يفعل مذابح لهم بالمقابل بعد أن تمكن منهم وفى هذا قال المؤلف:
"وعلى العكس من هذا عرفنا صلاح الدين، الذي أخزى قواد جيوش النصارى، فلم ينتقم قط من أسراهم النصارى الذين كانوا تحت رحمته، ردا على خيانتهم وغدرهم، وفظاعتهم الوحشية التي ليس لها حد.
ولقد أخزاهم صلاح الدين مرة أخرى حين تمكن من استرداد بيت المقدس، التي كان الصليبيون قد انتزعوها منه من قبل، بعد أن سفكوا دماء أهلها في مذبحة لا تدانيها مذبحة وحشية وقسوة، فإنه لم يسفك دم سكانها من النصارى انتقاما لسفك دم المسلمين، بل إنه شملهم بمروءته، وأسبغ عليهم من جوده ورحمته، ضاربا المثل في التخلق بروح الفروسية العالية."
ويبين المؤلف أن الصليبين لم يتورعوا عن ذبح غير المقاتلين فى أثناء حروبهم فذبحوا الكل مسلمين وحتى فى حروبهم بين بعضهم نهبوا الكنائس وباعوا مخلفاتها وفى هذا قال :
"على العكس من المسلمين لم تعرف الفروسية النصرانية أي التزام خلقي يفرض عليها أن تسمح لأولئك (الكفار) بممارسة حقوقهم الطبيعية، الأمر الذي يمليه على الأقل حق الجوار ومحبته، كما شعرت تلك الفروسية النصرانية بأنه ليس لزاما عليها أن تلتزم بكلمة الشرف التي تعطيها لغير النصراني.
وحينما سفك فرسان الحملة الصليبية عام 1204 وازداد نهمهم لطول ما حرموا من فريستهم الموعودة، فانقضوا على المدينة الغنية في أسبوع عيد الفصح ... وأتوا فيها من ضروب السلب والنهب ما لم تشهده روما نفسها على أيدي الوندال أو القوط، نعم إنه لم ... يقتل في هذه الحوادث كثيرون من اليونان – فلعل عدد القتلى لم يتجاوز ألفين، أما السلف والنهب فلم ... يقفا عند حد، ووزع الأشراف القصور فيما بينهم واستولوا على ما وجوده فيها من الكنوز، واقتحم الجنود ... البيوت، والكنائس، والحوانيت، واستولوا على كل ما رقهم مما فيها، ولم يكتفوا بتجريد الكناس مما ... تجمع فيها من الذهب والفضة والجواهر، بل جردوها فوق ذلك من المخلفات المقدسة، ثم بيعت هذه ... المخلفات بعدئذ في أوروبا الغبية بأثمان عالية، وعانت كنيسة أيا صوفيا من النهب ما لم تعانه فيما بعد على ... يد الأتراك عام 1453 م."
وحتى الباباوات اشتكوا من شدة أفعال الصليبين المنكرة مع النصرانيات من اغتصاب وزنى بالاكراه وفى هذا قال المؤلف :
" وبذلت محاولات ضئيلة للحد من اغتصاب النساء، وقنع القليلون من الجنود بالعاهرات حتى أن ... إنوسنت الثالث أخذ يشكو من أن شهوات اللاتين المكبوتة لم ينج منها الكبار أو الصغار، ولا الذكور أو ... الإناث، ولا أهل الدنيا أو الدين. فقد أرغمت الراهبات اليونانيات على احتضان الفلاحين أو السائسين ... البنادقة والفرنسيين. وبددت في أثناء هذا السلب والنهب محتويات دور الكتب وأتلفت المخطوطات الثمينة ... أو فقدت، واندلعت ألسنة النيران بعدئذ مرتين في المدينة فالتهمت دور الكتب والمتاحف، وسرقت آلاف ... من روائع الفن أو شوهت أو أتلفت.
حتى دم إخوانهم من النصارى في بيزنطة، أخذ نيكتاس أكوميناتوس يبكي مصارعهم قائلا: (بل إن محاربي المسلمين الأعداء أنفسهم، رحماء طيبون، قياسا إلى أولئك القوم، الذين يحملون صليب المسيح على أكتافهم)
وأنهى المؤلف مقالته بالعبارة التالية:
"والحق أن الفروق الحاسمة في التعامل مع أتباع الملة الأخرى راسخة في تفهم كل من الإسلام والنصرانية لطبيعته وفي اختلاف تفهم كل منهما للبشر."
ومع أنى لا أصدق معظم التاريخ فإن الحملات الصليبية ما زالت آثارها موجودة فى المنطقة فى صور مختلفة أهمها الجمعات التى تعتنق مذاهب نصرانية كالمارون أو تعتنق أديان جديدة كالنصيرية والدروز والأهم توزيع عائلات نصرانية وعلى أديان اخرى فى بلادنا المختلفة هى من يحكم أولادها حاليا بلادنا بأسماء المسلمين أو من خلال بناتهم أزواج الحكام وغالبا من يرى وجوه حكام أو زعماء كعائلة للأسد وأولاده وأولاد جنبلاط وحتى بعض رؤساء تونس والجزائر وزعماء المعارضة فى بلاد مختلفة سيتبين له الشبه بينهم وبين النبلاء الفرنسيس وبالطبع من ذكرناه من البلاد لا يعنى أنهم غير موجودين فى بقية البلاد ولكن تلك الحملات أبقت العديد من أسرها فى بلادنا وطلبت منهم إعلان إسلامهم مع بقائهم فى الولاء للغرب وهناك عائلات معروفة فى كل قطر وهى من تتحكم فى اقتصاديات كل قطر والغريب أنهم لا يعلنون أنهم من جنسيات الصليب وإنما ينسبون للترك فى الغالب
رضا البطاوى غير متصل   الرد مع إقتباس