عرض مشاركة مفردة
غير مقروءة 11-02-2011, 08:12 AM   #106
ابن حوران
العضو المميز لعام 2007
 
الصورة الرمزية لـ ابن حوران
 
تاريخ التّسجيل: Jan 2005
الإقامة: الاردن
المشاركات: 4,483
إفتراضي

المبتدأُ الصِّفَة

قد يُرفعُ الوصفُ بالابتداءِ، إن لم يطابق موصوفَةُ تثنيةً أو جمعاً، فلا يحتاجُ الى خبر، بل يكتفي بالفاعل أو نائبه، فيكون مرفوعاً به، ساداً مَسَدَّ الخبر، بشرط أن يتقدَّمَ الوصفَ نفيٌ أو استفهامٌ. وتكونُ الصفةُ حينئذٍ بمنزلة الفعل، ولذلك لا تُثنى ولا تُجمَعُ ولا تُوصفُ ولا تُصغّرُ ولا تُعرَّفُ. ولم يشترط الأخفش والكوفيون ذلك، فأجازوا أن يُقال: (ناجحٌ ولداكَ، وممدوحٌ أبناؤك).


ولا فرقَ بينَ أن يكونَ الوصفُ مشتقّاً، نحو: (ما ناجحٌ الكسولان) [ما: نافية،وناجح: مبتدأ، والكسولان: فاعل ناجح أغنى عن الخبر] و (هل محبوبٌ المجتهدون) [هل: حرف استفهام، ومحبوب: مبتدأ، والمجتهدون: نائب فاعل لمحبوب أغنى عن الخبر]، أو اسماً جامداً فيه معنى الصفة، نحو: (هل صَخْرٌ هذانِ المُعاندان؟) [صخر: مبتدأ، وهو اسمٌ جامد بمعنى الوصف، لأنه بمعنى صلب، وهذان: فاعل لصخر أغنى عن الخبر] و (ما وحشيٌّ أخلاقُكَ) [وحشي: مبتدأ، وهو اسم جامد فيه معنى الصفة، لأنه اسم منسوب، فهو بمعنى اسم المفعول، وأخلاقك: نائب فاعل له أغنى عن الخبر].


ولا فرقَ أيضاً بينَ أن يكونَ النفيُ والاستفهام بالحرف، كما مُثلَ، او بغيره، نحو: (ليسَ كسولٌ ولداكِ) و (غيرُ كسولٍ أبناؤكَ) و (كيف سائرٌ أخواكَ)، غير أنهُ معَ (ليسَ) يكونُ الوصفُ اسماً لها، والمرفوعُ بعدَهُ مرفوعاً به سادّاً مسَدَّ خبرها، ومع (غيرٍ) ينتقلْ الابتداءُ إليها، ويُجر الوصفُ بالإضافة إليها، ويكونُ ما بعدَ الوصفِ مرفوعاً به سادّاً مسدَّ الخبر.

وقد يكونُ النفيُ في المعنى نحو: (إنما مجتهدٌ ولداكَ)، إذ التأويلُ: (ما مجتهدٌ إلاّ ولداكَ).


فان لم يقع الوصفُ بعد نفيٍ أو استفهامٍ، فلا يجوز فيه هذا الاستعمالُ، فلا يقالُ: (مجتهد غلاماكَ)، بل تجبُ المطابقةُ، نحو: (مجتهدانِ غلاماك). وحينئذٍ يكونُ خبراً لما بعده مُقدَّماً عليه. وقد يجوزُ على ضعفٍ، ومنه الشاعر:

خَبِيرٌ بَنُو لِهْبٍ، فَلا تَكُ مُلْغِياً
مَقالةَ لِهْبيٍّ، إِذا الطَّيْرُ مَرَّتِ
[بنو لِهْب، بكسر اللام وسكون الهاء، حي من الأزد مشهورون بزجر للطير وعيافتها، وذلك أن يستسعدوا ويتشاءموا بأصواتها ومساقطها. واللهب في الأصل: هو الصدع في الجبل أو المهواة بين جبلين. وجمعه ألهاب ولهوب ولهاب ولهابة]


والصفةُ التي تقعُ مبتدأ، إنما ترفعُ الظاهرَ، كقول الشاعر:
أَقاطِنٌ قَوْمُ سَلْمَى، أمْ نَوَوْا ظَعَنا؟

إِنْ يَظْعَنُوا فَعَجِيبٌ عَيْشُ ومَنْ قَطَنا
[قاطن: مقيم. والظعن: الرحيل]

او الضميرَ المنفصلَ، كقول الآخر:


خَليليَّ، ما وافٍ بِعَهْدِيَ أنتُما

إذا لم تكونا لي على مَنْ أُقاطِعُ

فان رفعتِ الصفةُ الضميرَ المستترَ، نحو: (زُهيرٌ لا كسولٌ ولا بَطيءٌ) لم تكن من هذا الباب، فهي هنا خبرٌ عمّا قبلَها. وكذا إن كانت تكتفي بمرفوعها، نحو: (ما كسولٌ أخواهُ زُهيرٌ)، فهي هنا خبر مقدَّمٌ، وزهيرٌ: مبتدأ مؤخر، وأخواهُ: فاعلُ كسول.


واعلم أن الصفةَ، التي يُبتدأُ بها، فتكتفي بمرفوعها عن الخبر، إنما هي الصفةُ التي تُخالفُ ما بعدها تثنيةً أو جمعاً، كما مَرَّ. فان طابقتهُ في تثنيتهِ أو جمعه، كانت خبراً مُقدَّماً، وكان ما بعدها مبتدأ مؤخراً، نحو: (ما مُسافرانِ أخوايَ، فهل مسافرونَ إخوتُكَ؟). أمَّا إن طابقته في إفراده، نحو: (هل مسافرٌ أخوكَ؟)، جاز جعل الوصفِ مبتدأً، فيكونُ ما بعدَه مرفوعاً به، وقد أغنى عن الخبر، وجاز جعلُهُ خبراً مُقدماً وما بعدهُ مبتدأً مؤخراً.




__________________
ابن حوران
ابن حوران غير متصل   الرد مع إقتباس