عرض مشاركة مفردة
غير مقروءة 23-05-2022, 08:40 AM   #2
رضا البطاوى
من كبار الكتّاب
 
تاريخ التّسجيل: Aug 2008
المشاركات: 5,987
إفتراضي

كاشف الغطاء خالف الردود السابقة في أن على والحسين علموا بمقتلهم عن طريق النبى(ص) الذى أوحى له ذلك وهو كلام ينافى تماما أن خاتم النبيين(ص) لم يكن يعرف ما يحدث له ولا للناس كما أخبرنا الله على لسانه فقال:
" وما أدرى ما يفعل بى ولا بكم"
وكان الجواب التالى للطباطبائى وهو :
"الجواب 5
وهو لسيد مشايخنا العلامة محمد حسين الطباطبائي (ت 1402ه) صاحب «تفسير الميزان»؛ حيث قال: إن علمهم: بالحوادث علم بما أنه واجبة التحقق، ضرورية الوقوع لا تقبل بداء ولا تحمل تخلفا كما في الاخبار. والعلم الذي هذا شأنه لا أثر له في فعل الإنسان
بيان ذلك: ان من المقرر عقلا ـ وقد صدقه الكتاب والسنة ـ ان كل حادثة من الحوادث تحتاج في تحققها الي علة، وأن العلة المتوقف عليها وجود الشيء تنقسم الي ناقصة وتامة، والعلة التامة تمام ما يتوقف عليه وجود الشيء؛ فيجب بوجودها وجوده وبعدمها عدمه، والعلة الناقصة بعض ما يتوقف عليه وجود الشيء فلا يجب بوجودها وجوده؛ لافتقاره معها الي غيرها، ولكن يجب بعدمها عدمه. ومن هنا يظهر أنه لا تتحقق حادثة من الحوادث إلا و هي واجبة الوجود بإيجاب علتها التامة التي فوقها، وكذا الكلام في علتها التامة حتي ينتهي الي الواجب بالذات تعالي وتقدس. فالعالم مؤلف من سلسلة من الحوادث، كل حلقة من حلقاتها واجبة الوجود بما يسبقها ـ و إن كانت ممكنة بالقياس علي علتها الناقصة ـوهذه الوجوبات المترتبة الواقعة في سلسلة الحوادث في نظام القضاء الحتمي الذي ينسبه الله تعالي الي نفسه قال تعالي: (ليقضي الله أمرا كان مفعولا). وقال: (وكان أمرا مقضيا).
ثم إن من المعلوم ان الإنسان الفعال بالعلم والإرادة إنما يقصد ما يتعلق به علمه من الخير والنفع، ويهرب مما يتعلق به علمه من الشر و الضر، فللعلم أثر في دعوة الإنسان الي العمل، وبعثه نحو الفعل والترك بالتوسل بما ينفعه في جلب النفع او دفع الضرر، وذلك يظهر ان علم الإنسان
بالخير وكذا الشر والضرر في الحوادث المستقبلة إنما يؤثر أثره لو تعلق بها العلم من جهة إمكانه لا من جهة ضرورتها علي ما أشير إليه آنفا، وذلك كان يعلم الإنسان أنه لو حضر مكانا كذا في ساعة كذا من يوم كذا قتل قطعا؛ فيؤثر العلم المفروض فيه ببعثه نحو دفع الضرر؛ فيختار ترك الحضور في المكان المفروض تحرزا من القتل واما إذا تعلق العلم بالضرر مثلا من جهة كونه ضروري الوقوع واجب التحقق؛ كما إذا علم أنه في مكان كذا في ساعة كذا من يوم كذا مقتول لا محالة بحيث لا ينفع في دفع القتل عنه عمل و لا تحول دونه حيلة؛ فإن مثل هذا العلم لا يؤثر في الإنسان أمرا يبعثه الي نوع من التحرز و الاتقاء لفرض علمه بأنه لا ينفع فيه شي ء من العمل، فهذا الأن سان مع علمه بالضرر المستقبل يجري في العمل مجري الجاهل بالضرر إذا علمت ذلك ثم راجعت الأخبار الناصة علي أن الذي علمهم الله تعالي من العلم بالحوادث لا بداء فيه ولا تخلف؛ ظهر لك اندفاع ما ورد علي القول بعلمهم بعامة الحوادث من أنه لو كان لهم علم بذلك لاحترزوا مما وقعوا فيه من الشر، كالشهادة قتلا بالسيف وبالسم لحرمة إلقاء النفس في التهلكة.
وجه الإندفاع أن علمهم بالحوادث علم بها من جهة ضرورتها كما هو صريح في نفي البداء عن علمهم، والعلم الذي ها شأنه لا اثر له في فعل الأن سان الي نوع من التحرز، وإذا كان الخطر بحيث لا يبل الدفع بوجه من الوجوه فالابتلاء به وقوع في التهلكة لا إلقاء الي التهلكة، قال تعالي: (قل لو كنتم في بيوتكم لبرز الذين كتب عليهم القتل إلي مضاجعهم )"
جواب الرجل هنا جواب فلسفى لا علاقة له بكلام الله وكما ابتعد كل أصحاب الآراء السابقة عن كلام الله ابتعد هذا ومن سيأتى بعده متناسين تماما القرآن وما فيه ثم قال العاملى مزيدا ومناقشا:
"نقول: هذا الكلام مع دقته قد يلاحظ علي آخره أنه لو كان قضاء لازما وقدرا حاتما لبطل الثواب، كما ورد نظير ذلك عن أمير المؤمنين عندما سأله الشامي حول مسيره الي الشام وأنه بقضاء من الله و قدر منه .. مضافا الي ذلك فقد ورد في عدة روايات أن أمير المؤمنين خير في الليلة التاسعة عشرة من شهر رمضان المبارك من السنة التي ضرب فيها بين البقاء واللقاء فاختار لقاء الله تعالي. نعم جاء في بعض النسخ عوض كلمة «خير» (بالخاء المعجمة) كلمة «حير» (بالحاء المهملة) إلا أن النسخة الاولي تتناسب مع عنوأن الباب الذي ذكرت فيه هذه الرواية، وهو باب: إن الآئمة: يعلمون متي يموتون وأنهم لا يموتون إلا باختيارهم، حتي صرحت بعض روايات هذا الباب بذلك؛ فقد جاء بسند معتبر عن عبدالملك بن اعين، عن ابي جعفر ، قال: «أنزل الله تعالي النصر علي الحسين حتي كان ما بين السماء والأرض، ثم خير النصر او لقاء الله، فاختار لقاء الله تعالي»
قطعا كل هذا باطل فلا تخيير لأحد في موته لأنه قضاء الله الذى لا يتأخر كما قال تعالى :
"إن أجل الله إذا جاء لا يؤخر لو كنتم تعلمون"
وقال:
" فإذا أجلهم فلا يستأخرون ساعة ولا يستقدمون"
وذكر العاملى رأى أستاذ له من المعاصرين فقال :
الجواب 6
وهو لأحد أعاظم أساتذتنا حفظه الله تعالي؛ حيث قال: بأن هذا الإقدام من قبل الإمام المعصوم لا يعد إلقاء في التهلكة، وذلك ان التكليف قائم علي العلم الذي يحصل عن الطريق المتعارف كالعلم الحصولي الذي يحصل بالتفكر و التعلم و نحو ذلك، فهذا النحو من العلم هو الذي يقع عليه مدار التكليف ويكون حجة علينا، و اما العلم الملكوتي اللدني ليس كذلك؛ اي ما يكشفه هذا العلم من حقائق خارجية ليس ما درا للتكليف بناء علي هذا فإن علم الأئمة: الذي يكون عن هذا الطريق الذي يكشف لهم بعض الحقائق من المنافع والمضار وكيفية موتهم ليس محطا للتكليف، والدليل علي هذا قول النبي الاكرم (ص): «إنما اقضي بينكم بالبينات والإيمان». أي بحسب العلم الظاهري دون العلم الباطني الملكوتي، مع أن علله عز وجل قال في محكم كتابه: (فسيري الله عملكم ورسوله )فالرسول الاكرم (ص) يري حقيقة الأعمال كما يؤيد ذلك ايضا بعض الروايات من ان اعمال الخلق تعرض علي كل نبي عصر وإمام عصر، و يعلم ما يفعله العباد بإذن الله تعالي. مع هذا كان مأمورا بالعمل الظاهر، وكان يحكم علي طبق البينة والإيمان، ولذا قال (ص) في ذيل هذا الحديث المتقدم: «بعضكم ألحن بحجته من بعض؛ فأيما رجل قطعت له من مال أخيه شيء فإنما قطعت له به قطعة من النار»إذن يمكن أن يكون هناك علم ما، لكن ليس مدارا للتكليف والعمل به وعليه فالأئمة: مع أنهم يعلمون الغيب كما جاء في روايات عرض الأعمال عليهم، فأنهم كانوا يحكمون بحسب العلم الحصولي والحسي أي بحسب الظاهر دون الباطن فعلم الإمام بكيفية قتله ليس رميا في التهلكة؛ لأن منشاه عالم الملكوت دون عالم الملك."
وهذا الكلام هو الآخر يتدثر بلباس الفلسفة وهو مخالف لكلام الله فالنبى(ص) لم يكن يرى حقيقة الأعمال كما زعم القائل لأنه لو كان يرى لعلم بمن خدعه وخدع المسلمين عند ما رمى بريئا بجريمة هو من ارتكبها وظل النبى(ص) يدافع عنه وهو بقية المسلمين حتى أنزل الله وحيا ينهاهم عن الدفاع عنه فقال:
" ولا تجادل عن الذين يختانون أنفسهم"
رضا البطاوى غير متصل   الرد مع إقتباس