عرض مشاركة مفردة
غير مقروءة 30-03-2023, 07:48 AM   #1
رضا البطاوى
من كبار الكتّاب
 
تاريخ التّسجيل: Aug 2008
المشاركات: 5,992
إفتراضي قراءة في كتاب نفح الطيب في حكم لبس الصليب

قراءة في كتاب نفح الطيب في حكم لبس الصليب
المؤلف بكر بن عبد العزيز الأثري والكتاب يدور حول حكم من لبس الصليب أمام الناس وقد تحدث الأثرى عن أن الكتاب رد على ثلاثة أسئلة تتعلق بمن لبس الصليب فقال :
"السؤال الأول: ما حكم إذا لبس الحاكم الصليب أمام مرأى من المسلمين والعالم برضاه واختياره؟
السؤال الثاني: ما دور العلماء في هذه الحالة؟
السؤال الثالث: ما الحكم إذا سكت العلماء عن هذا المنكر
الجواب على السؤال الأول والثاني والثالث، وقد أسميت هذه الإجابة بـ " نفح الطيب، في حكم لبس الصليب ""
وفى المحور الأول تحدث عن أن من ارتدى الصليب كافر حيث قال :
"المحور الأول:
يعتبر من علق الصليب في عنقه - وهو يعلم أنه صليب – كافر خارج عن الإسلام، لمناطات عدة:
المناط الأول: الصليب وثن ومن عظم الوثن فقد كفر:
عن عمرو بن عبسة السلمي قال سائلا النبي (ص): ما أنت؟ قال: (أنا نبي) فقلت: وما نبي؟ قال: (أرسلني الله) فقلت: وبأي شيء أرسلك؟ قال: (أرسلني بصلة الأرحام وكسر الأوثان وأن يوحد الله لا يشرك به شيء .. ) [أخرجه مسلم] وتأمل قول النبي (ص): (وكسر الأوثان) ولم يقل: وكسر الأصنام لأن الوثن أعم من الصنم فالصنم هو ذاك المجسد المصور، أما الوثن فهو كل ما عظم من دون الكتاب والسنة، كالصليب. قال العلامة ابن منظور في لسان العرب 9/ 216:
أصل الأوثان عند العرب كل تمثال من خشب أو حجارة أو ذهب أو فضة أو نحاس أو نحوها، وكانت العرب تنصبها وتعبدها، وكانت النصارى نصبت الصليب وهو كالتمثال وتعظمه وتعبده، ولذلك سماه الأعشى وثنا؛ وقال:
تطوف العفاة بأبوابه كطوف النصارى ببيت الوثن أراد بالوثن الصليب"
وقد جاء النص على ذلك من كلام المصطفى (ص) صراحة: فعن عدي بن حاتم قال أتيت النبي (ص) وفي عنقي صليب من ذهب فقال: (يا عدي اطرح عنك هذا الوثن) وسمعته يقرأ في سورة براءة (اتخذوا أحبارهم ورهبانهم أربابا من دون الله) .. [
أخرجه الترمذي وحسنه الألباني] قال الإمام الحافظ المباركفوري: قوله: (وفي عنقي صليب) هو: كل ما كان على شكل خطين متقاطعين. وقال في " المجمع ": هو المربع من الخشب للنصارى يدعون أن عيسى (ص) صلب على خشبة على تلك الصورة [تحفة الأحوذي بشرح جامع الترمذي 8/ 476]
فالصليب إذن وثن، فيجب تحقيره وتصغيره واحتقاره، حتى كان بعض أئمة الإسلام إذا رأى صليبا أغمض عينيه عنه، وقال: " لا أستطيع أن أملأ عيني ممن سب إلهه ومعبوده بأقبح السب "[إغاثة اللهفان من مصائد الشيطان، جـ 2] بل ولم يكونوا – أي: أئمة الإسلام - يعدونه ثمنا، وقد أفتى محمد بن إبراهيم – مفتي بلاد الحرمين سابقا - بأن (لا قطع على سارق الصليب ولو كان من ذهب) أنظر (ص 135/ 12) من الفتاوى فكان الصليب عند السلف الصالح ليس بثمن، وصار عند الخلف الطالح ليس بوثن!!
فمن عظم الصليب بتعليق ونحوه فهو كافر كفر أكبر مخرج من الملة؛ هذا حكمه عند أهل الإسلام، بل ومن العجيب أن أهل الكتاب أنفسهم يوافقوننا على ذلك! فلقد جاء في التوراة "ملعون من تعلق بالصليب" [سفر تثنية الإشتراع (21/ 23)]!!!
ولا فرق - فيمن أرتكب هذا الناقض - بين حاكم ومحكوم، بل الحكم متعلق بمناطه لا بفاعله، ولكن طبيعة السؤال الأول تشير إلى حادثة وقعت؛ وهي لبس (الملك) فهد بن عبد العزيز آل سعود للصليب وتعليقه على عنقه برضاه واختياره أمام مرأى الجميع، فهو كافر بارتكابه لهذا الناقض، وغيره من النواقض الكثيرة العديدة
قال أبو محمد المقدسي:
إن فهدا اليوم يشد الرحال إلى ارض أسياده وأسياد أبيه في بريطانيا العظمى وتتناقل وسائل الإعلام في أنحاء العالم صورة حامي الحرمين بين الملكة البريطانية وأمها ... وهو يرتدي صليب النصارى وشعار الماسونية للدرجة (18) .. [الكواشف ص 12] وقال أيضا : أنسيتم زيارة (الفهد) لبريطانيا وصورته التي تناقلتها وسائل الإعلام العالمية وهو لابس الصليب فرحا مسرورا مهبولا بذلك وسط الملكة البريطانية وأمها .. وكان يفتتح خطاباته عندها التي نقلتها وسائل الإعلام بقوله ... "سيدتي جلالة الملكة المعظمة ... " ونحوه ... فحق أن يسمى بخادم الحرمتين البريطانيتين ... وليس بخادم الحرمين!! .. ولولا تحرجنا من تصوير ذوات الأرواح لأوردنا صورته تلك ... ولكن شهرتها تغني عن ذلك. [الكواشف ص 187] "
وما قاله الأثرى هنا ونقله عن الآخرين الكثير منه مخالف لكتاب الله فالصليب وهو المصلبة ليس خاصا بالنصارى لأن وجود الصليب وهو المصلبة واجب في الإسلام لتعليق المحاربين لله المفسدين في ألأرض عليه كما قال تعالى:
"إنما جزاء الذين يحاربون الله ورسوله ويسعون فى الأرض فسادا أن يقتلوا أو يصلبوا أو تقطع أيديهم أو أرجلهم من خلاف أو ينفوا من الأرض"
ومن ثم سقط كل الكلام السابق له ولمن نقل عنهم أن الصليب وثن وإنما هو أداة عقابية في الإسلام لابد من وجودها في القضاء كما أمر الله لعقاب من ارتكبوا جريمة الحرابة
وأورد اعتراضا من أحدهم عن لبس عدى بن حاتم للصليب واستدلاله بذلك على جواز لبسه فقال:
"الإيراد:
قد يقول قائل: لماذا لم يكفر عدي بن حاتم الطائي وقد علق الصليب في عنقه؟!
الجواب على الإيراد:
إن عدي بن حاتم كان معلقا للصليب قبل أن يعلن إسلامه وليس بعده وقد روى الإمام أحمد والترمذي وابن جرير في تفسير قوله تعالى: (اتخذوا أحبارهم ورهبانهم أربابا من دون الله) من طرق يقوي بعضها بعض قصة عدي والصليب بطولها، وكان أولها:
(أن عدي بن حاتم لما بلغته دعوة رسول الله (ص) فر إلى الشام وكان قد تنصر في الجاهلية فأسرت أخته وجماعة من قومه؛ ثم من رسول الله (ص) على أخته وأعطاها، فرجعت إلى أخيها فرغبته في الإسلام وفي القدوم على رسول الله (ص)؛ فقدم عدي إلى المدينة وكان رئيسا في قومه طيء، وأبوه حاتم الطائي المشهور بالكرم، فتحدث الناس بقدومه فدخل على رسول الله (ص) وفي عنق عدي صليب من فضة، وهو (ص) يقرأ هذه الآية (اتخذوا أحبارهم ورهبانهم أربابا من دون الله) قال عدي: فقلت؛ إنهم لم يعبدوهم. فقال: "بلى إنهم حرموا عليهم الحلال وأحلوا لهم الحرام فاتبعوهم؛ وذلك عبادتهم إياهم"،وقال رسول الله (ص): "يا عدي ما تقول؟ أيضرك أن يقال الله أكبر؟ فهل تعلم شيئا أكبر من الله؟ ما يضرك؟ أيضرك أن يقال لا إله إلا الله، فهل تعلم إلها غير الله؟ ثم دعاه إلى الإسلام فأسلم وشهد شهادة الحق. قال: فلقد رأيت وجهه استبشر ثم قال: "إن اليهود مغضوب عليهم، والنصارى ضالون".
فعدي بن حاتم كان معلقا للصليب قبل أن يدخل الإسلام، قال الله تعالى: (قل للذين كفروا إن ينتهوا يغفر لهم ما قد سلف) قال الإمام ابن كثير : يغفر لهم ما قد سلف، أي: من كفرهم، وذنوبهم وخطاياهم. أهـ[تفسير القرآن العظيم 2/ 385] وتعليق الصليب من جملة ما يغفر بالدخول في الإسلام، وقد أخرج الإمام مسلم في صحيحه من حديث عمرو بن العاص أنه قال: ( .. لما جعل الله الإسلام في قلبي أتيت النبي (ص) فقلت: ابسط يمينك فلأبايعك فبسط يمينه. قال: فقبضت يدي. قال: " مالك يا عمرو؟ " قال: قلت: أردت أن أشترط. قال: " تشترط بماذا؟ " قلت: أن يغفر لي. قال: " أما علمت أن الإسلام يهدم ما كان قبله؟ "). قال الإمام النووي: (الإسلام يهدم ما كان قبله) أي يسقطه ويمحو أثره. [شرح صحيح مسلم 2/ 182]
أما فهد بن عبد العزيز فعكس وارتكس، قال الإمام ابن كثير رحمه الله: كما جاء في الصحيح، من حديث أبي وائل، عن ابن مسعود: أن رسول الله (ص) قال: (من أحسن في الإسلام لم يؤاخذ بما عمل في الجاهلية، ومن أساء في الإسلام أخذ بالأول والآخر)[تفسير القرآن العظيم 2/ 285]"
وكل الكلام السابق وهو اعتبار الصليب رمز للنصارى وحدهم يتناقض مع نفى القرآن لعملية الصلب فلا وجود لصليب ولا لقتل المسيح(ص) كما هى عقيدة النصارى الحالية :وفى هذا قال تعالى :
" وما قتلوه وما صلبوه ولكن شبه لهم"
وتحدث عن كون الصليب طاغوت يجب الكفر به فقال :
"المناط الثاني: الصليب طاغوت، ومن لم يكفر بالطاغوت فقد كفر:
عرف السلف الطاغوت بأمور كثيرة، فمن قائل إنه: الشيطان. وآخر يقول: الساحر. و: الكاهن. و: الصنم. و: رهبان النصارى. و: وأحبار اليهود وغير ذلك الكثير. وهذا كما قال شيخ الإسلام ابن تيمية في " مقدمة في أصول التفسير ": فصل في اختلاف السلف في التفسير وأنه اختلاف تنوع: الخلاف بين السلف في التفسير قليل، وخلافهم في الأحكام أكثر من خلافهم في التفسير. وغالب ما يصح عنهم من الخلاف يرجع إلى اختلاف تنوع لا اختلاف تضاد: وذلك صنفان: أحدهما: أن يعبر كل واحد منهما عن المراد بعبارة غير عبارة صاحبه، تدل على معنى في المسمى غير المعنى الآخر، مع اتحاد المسمى ... الصنف الثاني: أن يذكر كل منهم من الاسم العام بعض أنواعه، على سبيل التمثيل وتنبيه المستمع على النوع، لا على سبيل الحد المطابق للمحدود في عمومه وخصوصه.
فيتبين أن تعريف السلف للطاغوت هو من باب ذكر نوع من أنواع الطاغوت، لا على سبيل الحد المطابق له في عمومه وخصوصه.
رضا البطاوى غير متصل   الرد مع إقتباس