عرض مشاركة مفردة
غير مقروءة 27-01-2023, 09:40 AM   #2
رضا البطاوى
من كبار الكتّاب
 
تاريخ التّسجيل: Aug 2008
المشاركات: 5,958
إفتراضي

ولكنك جهلت الحقيقة ولم تعرف الأمر على ما هو عليه في نفس الأمر لأن حقيقتها ليس شيئا إلا بما ظهر فيها من صورة الوجه المقابل فإذا نظرت بهذا الاعتبار ومحوت موهومها صحى لك المعلوم عن تلك الحقيقة إنها هي صورة الوجه المقابل وهو معنى غلب الجهة الحقية على الجهة الخلقية فإذا عرفت ذلك وهو فناء جهة المنطبعة في جهة الوجه عرفت المنطبعة بالوجه لا العكس وعرفت الوجه بالوجه قال (يا من دل على ذاته بذاته) وقال (الله أجل من أن يعرف بخلقه بل الخلق يعرفون به) وقال أمير المؤمنين (لو عرفت الله بمحمد صلى الله عليه وآله ما عبدته)"
وكل هذا الأحاديث المنقولة ليست من الوحى وإنما هو كلام إنسان أيا كان على أو غيره وهى تدل على الجهل بكتاب الله لأن الله من استدل بخلقه عليه فقال :
" سنريهم آياتنا فى الآفاق وفى أنفسهم حتى يتبين أنه الحق "
فالاستدلال على الله بنفسه غير ممكن لكونه غير مرئى وغير ملموس أو محسوس أى غيب
وحاول الشرح بضرب مثال أخر هو الفحم والنار كمثال المرآة فقال :
"ثم إنه رحمه الله ضرب مثلا لهذا الفناء كما ضربوه فقال كقطعة الفحم المجاورة للنار فإنها بسبب المجاورة والاستعداد بقبول النارية تشتعل قليلا إلى أن تصير نارا فيحصل منها ما يحصل من النار من الاحراق والانضاج والإضاءة وغيرها، وقبل الاشتعال كانت باردة كدر وهذا المثال مثال الحال العارف الفاني ومآل أمره فإنه إذا قطع الاعتبارات حتى قطع الاعتبارات نفسها كما قال علي (كشف سبحات الجلال من غير اشارة) يعني أن الإشارة أيضا من سبحات الجلال فهي حجاب بل كشف حجاب، ولهذا روي عنهم ما معناه (أن المحبة حجاب بين المحب والمحبوب) فإذا كشف جميع الاعتبارات تحقق الفناء وحصل له حقيقة المثال يعني مثال الفحمة إذا اشتعلت بالنار أنها تكون بصفة النار وهو قول علي عليه السلام (وخلق الانسان ذا نفس ناطقة إن زكاها بالعلم والعمل فقد شابهت جواهر أوائل عللها فإذا اعتدل مزاجها وفارقت الأضداد فقد شارك بها السبع الشداد)
وإذا تحقق ذلك تحققت محبة الله له فيكون كما قال تعالى في الحديث القدسي (فإذا أحببته كنت سمعه الذي يسمع به وبصره الذي يبصر به ويده الذي يبطش بها) الحديث ، وقوله تعالى أيضا (يا عبدي أنا أقول للشيء كن فيكون....الخ) وبهذا الكشف يظهر لك الحجة في قول الحجة (لا فرق بينك وبينها إلا أنهم عبادك وخلقك) ثم بين رحمه الله الطريق الموصل إلى ذلك فقال (وذلك التوجه لا يمكن إلا بالاجتناب عما يضادها ويناقضها وهو التقوى مما عداها، فالمحبة هي المركب والزاد هو التقوى يعني أن كل مسافر يريد قطع مسافة يحتاج إلى الزاد والراحلة لأنهما شرط الاستطاعة وهذا السفر قبل حصول الشروط وقبل قطع المسافة والبلوغ إلى الغاية بعد من كل سفر لأن السفر قد ذكره الله في قوله (لم تكونوا بالغيه إلا بشق الأنفس) وهذا لم تبلغوا إلا بكل الأنفس وإذا حصلت الشروط كان هذا السفر أقرب من كل سفر قال (أن الراحل إليك قريب المسافة) فأخبر بقرب المسافة للراحل إلا للمقيم فافهم، فالمطية هي المحبة يعني الصادقة وهي إيثار المحبوب على كل ما سواه والطريق الموصل والثمن المبلغ إلى تحصيل هذه الراحلة الطيبة هي القيام الآداب الشراعية والصبر على الأخلاق الروحانية قال تعالى (ما زال العبد يتقرب إلي بالنوافل حتى أحبه فإذا أحببته كنت سمعه الذي يسمع به)
وأما الزاد فقد أمر الله بذلك العباد فقال تعالى (وتوزدوا فإن خير الزاد التقوى) وهي تقوى الله في سرك وتقوى نفسك في أحوالك وتقوى الناس في معاملاتهم وما يرتبط ويتعلق بهم وهو معنى قوله الاجتناب عما يضادها ويناقضها في هذه المراتب الثلاث والضمير في يضادها ويناقضها يعود على الجهة الحقية والمناقض لها الجهة الخلقية نفسها وجميع ما لها من أحكام الأمكان فمن ألقها بحذافيرها حييت بربها قال تعالى في حق موسى (وما تلك بيمينك) أي بوجودك (يا موسى) (قال هي عصاة أتوكأ عليها) يعني أتوكا عليها في تحقق الأنية (وأهش بها على غنمي) من دعاياه وأنعامه من جميع أمته (ولي فيها مآرب أخرى) ستدل بفقرها على غناك وبجهلها على علمك وبعجزها على قدرتك وبحدوثها على أزليتك وبعدم حصرها على سرمديتك وبعدم حلولها على تفردك وغناك وبعدم معرفتها على قدسك ومفارقتها على بينونتك عن خلقك بصفتك إلى غير ذلك (قال ألقها يا موسى) واستغني لي عما سواي ولا تعتمد على غيري ولا تلتفت إلى شي فأكلك إليه (فألقاها) بكل اعتبار (فإذا هي حية تسعى) وهي مثال للبقاء بالله قال خذها بعد ما حييت بالإلقاء سنعيدها في قوس أدبر فأدبر سيرتها الأولى فافهم فهمك الله
وإياك واسم العامرية إنني
أخاف عليها من فم المتكلم
ولقد لوحت لأهل الإشارة على خوف من فرعون وملئهم أن يفتنهم قال الشاعر
أخاف عليك من غيري ومني
ومنك ومن مكانك والزمان
ولو أني جعلتك في عيوني
إلى يوم القيامة ما كفاني
ولا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم وصلى الله على محمد وآله الطاهرين والحمدلله رب العالمين
وكل هذا الكلام عن كون الله يد العبد المسلم فقط وسمعه وبصره ... يخالف أن الله بنفس المعنى مع العبد الكافر لقوله تعالى :
" وما تشاءون إلا أن يشاء الله"
فالحديث باطل ويغنى عنه قوله تعالى :
" إن الله يدافع عن الذين آمنوا "
والحقيقة أن معنى الفناء حسب قوله تعالى :
"كل من عليها فان"
هو الموت ومن ثم يكون هناك معنى واحد للفناء فى الله وهو الاستشهاد فى سبيل الله أى الموت دفاعا عن دين الله
وأما تلاعب القوم بألفاظ غامضة وجرنا إلى مناطق لا يرى فيها الناس الحقيقة فهو فعل من يريد إضلال الناس ببذلك التلاعب اللفظى الذى يؤدى بالناس فى النهاية لارتكاب المحرمات
ومثال الفحم والنار كمثال المرأة وجسم الإنسان الغرض منه نشر نظرية المدد أو الفيض وهى بمعناها الفلسفى بعيدة كل البعد عن الإسلام
والخلاصة أن كل أعمال الإنسان طاعة وعصيانا خالقها الله كما قال :
" الله خالق كل شىء"
ومن ثم لا داعى لـتأويل أحاديث باطلة
رضا البطاوى غير متصل   الرد مع إقتباس