عرض مشاركة مفردة
غير مقروءة 21-09-2022, 07:44 AM   #4
رضا البطاوى
من كبار الكتّاب
 
تاريخ التّسجيل: Aug 2008
المشاركات: 5,907
إفتراضي

(اولئك الذين آتيناهم الكتاب والحكم والنبوة) والظاهر من الآية بلا ريب ان كلا من هؤلاء المذكورين أوتي كتابا مستقلا غير ما أوتي الآخرون بقرينة الحكم والنبوة وبعيد غاية البعد ان يحمل الكتاب في الآية على كتاب خاص أو كتابين وهما التوراة والانجيل كما ان من البعيد جدا ان يكون المراد بايتاء الكتاب لنبي من الانبياء الزامه بالعمل بكتاب نزل على نبي آخر قبله والشاهد على ذلك انه لا يقال ان عيسى أوتي التوراة مع انه كان مصدقا للتوراة وعلمه الله اياه وامره بالعمل بما فيه ولكنه أوتي الانجيل قال الله تعالى (وقفينا على آثارهم بعيسى بن مريم مصدقا لما بين يديه من التوراة وآتيناه الانجيل فيه هدى ونور) .
ثم بعدما ثبت دلالة آية سورة الانعام على ان يحيى(ص) اوتي كتابا مستقلا عن التوراة فاللام في آية سورة مريم اعني قوله تعالى (يا يحيى خذ الكتاب بقوة) يمكن ان يكون للعهد إلى هذا الكتاب بل هو اقرب احتمالا من كونه اشارة إلى التوراة كما يظهر وجهه من بعض ما ذكرناه آنفا بل يمكن ان يقال ان من البعيد عن الحكمة والبلاغة ان يؤمر نبي من الانبياء وقد أوتي الكتاب من الله تعالى بان ياخذ كتاب نبي آخر سبق عليه مئات من السنين وان ياخذه بقوة خصوصا مع العلم بان ذاك الكتاب مع ما جاء به من الشريعة سوف ينسخ عما قريب بكتاب نبي آخر من انبياء اولي العزم وهو عيسى (ص).
وثانيا سلمنا ذلك ولكن لم يدل دليل قطعي على ان التوراة الموجود هو جميع التوراة المنزل على موسى(ص) فليكن هذا الذي بيد الصابئة جزء من التوراة الواقعي التام كما ان الذي بيد اليهود جزء آخر منه وعليه فليكن هؤلاء اهل كتاب هو التوراة لكن من طريق يحيى بل لو ادعى انه الجزء الاصح منه بالقياس إلى الذي كان بيد اليهود المعاصرين ليحيى المحرفين المنحرفين لم يكن بعيدا عن الاعتبار كثيرا.
ثم ان ما ذكرنا من احتمال انتساب كتاب الصابئين إلى يحيى(ص) يتأتى تماما بالنسبة لاحتمال انتسابه إلى آدم وعلى فرض التحريف والغلط يكون من مصاديق عنوان شبهة الكتاب كما سبق."
وانتهى الرجل من الكلام السابق لكون الصابئة أهل كتاب فقال :
"فنتيجة البحث في النقطة الأولى ان الاقوى والاظهر بحسب الادلة ان الصابئين يعدون من أهل الكتاب."
وطرح سؤال أخر هل يعتبر الصابئة من اليهود أو النصارى أو المجوس أم غيرهم وأجاب فقال:
"النقطة الثانية هل الصابئة يعدون من شعب بعض الاديان الثلاثة اليهود والنصارى والمجوس أو انهم نحلة أخرى غير هؤلاء؟
والجواب على ذلك قد علم من بعض ما ذكرنا في توضيح النقطة الأولى فلا دليل على ما قيل وقد مضى في ما نقلناه من كلمات بعض الفقهاء من انهم شعبة من اليهود أو انهم مجوسيون وامثال ذلك مما نقله في الجواهر عن غير واحد من الفقهاء كالشافعي وابن حنبل والسدي ومالك وغيرهم بل لعل مقتضى ما ذكرنا الجزم بخلافه."
فالقوم حسب كلامه دين أخر ليس من الثلاثة وتحدث عن حكم دين الصابئة الحالى فقال :
"النقطة الثالثة ربما يتبادر إلى بعض الاذهان ان العقائد المنسوبة إلى الصابئة تمنع من انعقاد الظن بكونها الهية فلا بأس بان يجاب على هذا السؤال هل ان ما يشكل العقائد الاصلية أو المجموعة العقائدية لهم يشتمل على مثل ذلك؟
والحق الذي ينبغي الاعتراف به هو اننا لا نعرف من المعارف والاحكام الدينية لهذه النحلة التاريخية والتي اصبح المنتمون اليها موجودين بين ايدينا وفي عقر بلادنا شيئا كثيرا تسكن النفس بملاحظته إلى معرفة اصحابها والباحث في هذا الموضوع يجد في حقل البحث الموضوعي فيه فراغا كبيرا لم يسد مع الاسف مع ما بايدينا من الاشارات الخاطفة الموجودة في كتب الملل والنحل ولهذا فالقول الحاسم في باب عقائدهم واحكامهم وتقاليدهم الدينية مما لا يسهل في هذا المقام الا ان الذي يبدونه من ذلك في بعض منشوراتهم والتي يقال عنها انها مأخوذة من كتابهم الديني المسمى «كنزاربا» يرسم لنا صورة اجمالية عن أس عقائدهم
ولكن لا يخفى على المتأمل في ذلك ان ما بأيديهم من العقائد المردودة ليس بأكثر عما هو معروف عن بعض الاديان الالهية المحرفة المنسوخة اصحاب الكتب الالهية النازلة على انبياء الله وهذا من امر ما مر على شرائع الله تعالى في خلقه؛ ان تعرضت يد التحريف والجعل الناشئين تارة من الجهل وأخرى من الاغراض المختلفة"
وبناء على كلامه فالدين الحالى للصابئة هو كتاب محرف مخالف لدين الله
وتحدث عما يعنيه لفظ الصابئة فقال:
"النقطة الرابعة ذكر بعض من تعرض للتعريف اللغوي أو التاريخي للصابئين ان اسمهم هذا مشتق من «صبا» بمعنى خرج ويقال لهم الصابىء؛ لخروجهم من دين إلى دين.
ويذكرون في وجه ذلك امورا (راجع التفسير للرازي وغيره وغير واحد من كتب اللغة) فربما يتبادر إلى الذهن ان هذا لا يتلاءم مع الانتساب إلى اصل الهي ونبي وكتاب سماوي.
اقول اولا في مقابل هذا الوجه في تسميتهم وجه آخر ذكره بعض الفضلاء والمحققين في رسالة كتبها في التعريف بالصابئة وهو ان هذه الكلمة (الصابئ) من اصل آرامي بمعنى «المغتسل» وقد سموا بها لاهتمامهم بالغسل بالماء بحيث انه احد اركان احكامهم الشرعية؛ ولذا يسمون في عرف اهل الملل بالصابئة المغتسلة."
وقد انتهى إلى أن معنى الصابئة قائم على كلام ظنى فالصابئة عند أنفسهم تعنى المتطهرون وعند غيرهم تعنى الخارجون على الدين وفى هذا قال :
"وثانيا امثال هذه الاعتبارات المبنية على الحدس الظني مما لا وزن لها في استنباط الحكم الشرعي حتى ولو لم يذكر في وجه تسميتهم ما ذكرناه عن ذاك البعض؛ فان هذه الوجوه الظنية لا تغني من الحق شيئا"
والاشكال فى هذا البحث وكل مسائل الجزية قائم على تفسير الذين أوتوا الكتاب فى قوله:
"قاتلوا الذين لا يؤمنون بالله ولا باليوم الآخر ولا يحرمون ما حرم الله ورسوله ولا يدينون دين الحق من الذين أوتوا الكتاب حتى يعطوا الجزية عن يد وهم صاغرون"
فالذين أوتوا الكتاب لا يمكن أن يكون أهل الكتاب لأنهم مؤمنون بالله واليوم الآخر بينما الآية تتحدث عن الذين لا يؤمنون بالله ولا باليوم الآخر كما تتحدث عمن لا يحرمون ما حرم الله وتتحدث عمن لا يدينون بدين الله ومن ثم فهى تتحدث عن كل طوائف الكفر
ومن ثم فالذين أوتوا الكتاب هم الذين أعطوا العهد وهو الميثاق ميثاق السلام بينهم وبين المسلمين وبمعنى أخر تتحدث عن المعاهدين الذين يقاتلون المسلمين فأصل الآية:
قاتلوا فى سبيل الله الذين يقاتلونكم الذين لا يؤمنون بالله ولا باليوم الآخر ولا يحرمون ما حرم الله ورسوله ولا يدينون دين الحق من الذين أوتوا الكتاب حتى يعطوا الجزية عن يد وهم صاغرون
رضا البطاوى غير متصل   الرد مع إقتباس