عرض مشاركة مفردة
غير مقروءة 21-09-2022, 07:43 AM   #1
رضا البطاوى
من كبار الكتّاب
 
تاريخ التّسجيل: Aug 2008
المشاركات: 5,960
إفتراضي قراءة فى كتاب بحث حول الصابئة

قراءة فى كتاب بحث حول الصابئة
المؤلف محمد على الخامنئي والبحث يدور حول حكم الصابئة من حيث دفع الجزية واعتبارهم من أهل الكتاب أو لا وقد أرجع الخامئنى الإشكالات فى حكمهم إلى جعل الفقهاء بدين الصابئة فقال:
"ان القول بجريان احكام اهل الذمة أو عدم جريانها عليهم يحتاج إلى زيادة فحص في ادلة الحكم وايضا إلى بحث وتتبع جادين في معرفة الموضوع؛ اذ عمدة الاشكال في حكمهم ناشى ء من عدم المعرفة بحالهم وحقيقة دينهم واعتقادهم ولابد اولا من نقل الكلمات فيهم."
ونقل لنا الخامئنى أقوال القدماء عنهم فقال :
"أقوال الفقهاء
- قال الشيخ المفيد «وقد اختلف فقهاء العامة في الصابئين ومن ضارعهم في الكفر سوى من ذكرناه من الأصناف الثلاثة فقال مالك بن انس والاوزاعي كل دين بعد دين الاسلام سوى اليهودية والنصرانية فهو مجوسية وحكم اهله حكم المجوس.» ثم استمر في نقل الكلمات في تسويتهم مع المجوس. ثم قال «فأما نحن فلا نتجاوز بايجاب الجزية إلى غير من عددناه؛ لسنة رسول الله (ص) فيهم والتوقيف الوارد عنه في احكامهم.» ثم قال في مقام استبعاد ما ذكره القوم من تسوية الصابئة للمجوس «فلو خلينا والقياس لكانت المانوية والمزدقية والديصانية عندي بالمجوسية اولى من الصابئين؛ لانهم يذهبون في اصولهم مذاهب تقارب المجوسية وتكاد تختلط بهما.»
ثم ذكر بعض النحل المهجورة وبين قربها من النصرانية أو من مشركي العرب ثم قال
«فأما الصابئون فمنفردون بمذاهبهم ممن عددناه؛ لان جمهورهم يوحد الصانع في الازل ومنهم من يجعل معه هيولى في القدم صنع منها العالم فكانت عندهم الاصل. ويعتقدون في الفلك وما فيه الحياة والنطق وانه المدبر لما في هذا العالم والدال عليه وعظموا الكواكب وعبدوها من دون الله عز وجل وسماها بعضهم ملائكة وجعلها بعضهم آلهة وبنوا لها بيوتا للعبادات وهؤلاء بالقياس إلى مشركي العرب وعباد الاوثان اقرب من المجوس؛ لانهم وجهوا عبادتهم إلى غير الله سبحانه في التحقيق وعلى القصد والضمير وسموا من عداه من خلقه باسمائه جل عما يقول المبطلون ... » "
وكلام المفيد فى التفرقة بين الصابئة والمجوس صحيح ففى القرآن الصابئة من المؤمنين بالله وأما المجوس فقد ذكروا ضمن الكفار
ثم قال :
- وقال الشيخ في الخلاف «الصابئة لا يؤخذ منهم الجزية ولا يقرون على دينهم وبه قال ابو سعيد الاصطخري وقال باقي الفقهاء انه يؤخذ منهم الجزية دليلنا اجماع الفرقة واخبارهم وايضا قوله تعالى (فاقتلوا المشركين حيث وجدتموهم) وقال (فاذا لقيتم الذين كفروا فضرب الرقاب) ولم يأمر بأخذ الجزية منهم وايضا قوله تعالى (قاتلوا الذين لا يؤمنون بالله ولا باليوم الآخر ولا يحرمون ما حرم الله ورسوله ولا يدينون دين الحق من الذين اوتوا الكتاب حتى يعطوا الجزية عن يد وهم صاغرون) فشرط في اخذ الجزية ان يكونوا من أهل الكتاب وهؤلاء ليسوا من أهل الكتاب.»
- وقال الطبرسي في تفسير قوله تعالى (ان الذين آمنوا ... والصابئين) بعد نقل كلمات الفقهاء واهل اللغة في معنى الصابئة وما هم عليه من الاعتقاد «والفقهاء باجمعهم يجيزون اخذ الجزية منهم وعندنا لا يجوز ذلك؛ لانهم ليسوا باهل كتاب. » انتهى. واستدلاله يشبه ما مر من الخلاف.
- وفي تفسير علي بن ابراهيم في بيان قوله تعالى (ان الذين آمنوا والذين هادوا ... ) قال (يعني علي بن ابراهيم) «الصابئون قوم لا مجوس ولا يهود ولا نصارى ولا مسلمون وهم يعبدون الكواكب والنجوم .»
- وفي الجواهر بعد ما نقل عن ابن الجنيد تصريحه بأخذ الجزية منهم قال ولا باس به ان كانوا من احدى الفرق الثلاث ثم اخذ في ذكر اقوال من صرحوا بكون الصابئة داخلة في احدى تلك الفرق مع ما فيها من التضارب. ثم قال وحينئذ يتجه قبول الجزية منهم. ثم ذكر بعده اقوال من ينسبهم إلى عبادة النجوم وامثالها واضاف وعليه يتجه عدم قبولها منهم. إلى آخر كلامه .
ولكن الظاهر من كلام ابن الجنيد المذكور في مختلف العلامة انه حكم بدخول الصابئة في من يؤخذ منهم الجزية كفرقة مستقلة عن الفرق الثلاث المذكورين قبلها لا كجزء منها كما ان هذا ينبغي ان يكون هو المراد في كلام من يعتقد بأخذ الجزية من الصابئة؛ والا فأخذ الجزية من جميع الديانات الثلاث مما لا يختلف فيه اثنان ."
ومما سبق نجد أن ما انتقده المفيد فى كلام أهل السنة عن الخلط بين الصابئة والمجوس هو عينه ما وقع فيه علماء الشيعة من الخلط من خلال ما نقله من كتبهم وانتهى الخامئنى إلى التالى :
"محصل الأقوال:
اولا انه ليس في المسألة اجماع من اصحابنا؛ وذلك لمخالفة ابن الجنيد الذي هو من الذين لابد ان يعتنى بقولهم في تحقق الاجماع وعدمه ..
وثانيا ان الموضوع في هذه المسألة مما لم ينقح من قبل فقهائنا "
وبناء عليه فالمحصلة الاختلاف فى حكم القوم ,ان السبب هو عدم دراسة الفقهاء لدين القوم
وقال فى تحقيق الموضوع :
"التحقيق في المسألة
ثم بعد ما ثبت انه ليس هناك اجماع يمكن الركون اليه فتنقيح المسألة يتوقف تارة على الفحص عن الادلة اللفظية من العمومات والاطلاقات التي ربما يتحصل منها قاعدة كلية شاملة لمثل المقام أو ما يمكن الاستدلال به أحيانا في خصوص هذا المورد أو ما هو مقتضى الأصول العملية على فرض خلو المسألة عن الدليل الاجتهادي.
واخرى على زيادة تتبع وتنقيب لمعرفة الموضوع وإلقاء الضوء على الزوايا المعتمة منه."
وخلاصة كلامه أن المسألة تحتاج للدراسة الشاملة
وتناول الخامئنى المراد من كلمة الكتاب فى آية الجزية فقال :
"المراد من «الکتاب» في آية الجزية
فقد اشتهر ان عنوان «الكتاب» في الآيات القرآنية المبينة لحكم أهل الكتاب ومنها آية الجزية يراد به التوراة والانجيل قال في الجواهر «ان المنساق من الكتاب في القرآن العظيم هو التوراة والانجيل» ونقل عن منتهى العلامة دعوى الاجماع على ان اللام في الكتاب في آية الجزية للعهد اليهما .
الا اننا اثبتنا خلاف ذلك تفصيلا في ما سبق وقلنا ما حاصله ان عنوان «أهل الكتاب» في القرآن الكريم وان كان لا يبعد ان يراد به اليهود والنصارى على ما ربما يشهد به التتبع والتأمل الا ان عنوان «الكتاب» في الآيات الشريفة القرآنية اذا استعمل مجردا عن ذاك التعبير التركيبي (= أهل الكتاب) خاليا عن قرينة معينة لا يراد به التوراة والانجيل أو كتاب خاص آخر من كتب الانبياء السالفة بل يراد به مطلق ما نزل من السماء وحيا على نبي من انبياء الله من غير اختصاص أو اشارة إلى كتاب خاص.. وهكذا يتضح ايضا انه لا شاهد على تقييده بالكتب المشرعة اي التي جاءت بدين جديد؛ اذ الظاهر ان كتاب المجوس ليس من الكتب المشرعة ونبيهم ليس من اولي العزم فاطلاق الكتاب في الآية الشريفة يشمل غيره.
قال الله تعالى (ومنهم اميون لايعلمون الكتاب) وقال تعالى ايضا (وقل للذين اوتوا الكتاب والاميين ءاسلمتم) فجعل أهل الكتاب والعلماء به في مقابلة الاميين ويريد بهم عباد الاصنام.
وقال تعالى (ما يود الذين كفروا من أهل الكتاب ولا المشركين) فجعل الكتاب في مقابلة الشرك.
وقال تعالى (كان الناس امة واحدة فبعث الله النبيين مبشرين ومنذرين وانزل معهم الكتاب بالحق ليحكم بين الناس فيما اختلفوا فيه) فجعل الكتاب مائزا للنبوة وحاكما لأهل الدين في ما اختلفوا فيه.
ومن الواضح ان هذه صفات لعامة كتب الله تعالى.
فهذه الآيات وغيرها تدل على ان الكتاب في مصطلح القرآن الكريم هو ما ينزل من الله تعالى على انبيائه لهداية الناس والحكم فيهم واخراجهم من ظلمات الكفر والشرك والالحاد فلم لا يكون الكتاب في آية الجزية بنفس المعنى؟! واي شاهد على استعماله في الاخص منه؟
هذا وتشهد ايضا لعموم معنى الكتاب في باب الجزية رواية الواسطي عن بعض اصحابنا قال سئل ابوعبدالله عن المجوس اكان لهم نبي؟ فقال نعم اما بلغك كتاب رسول الله (ص) إلى اهل مكة اسلموا والا نابذتكم بحرب فكتبوا إلى النبي (ص) أن خذ منا الجزية ودعنا على عبادة الاوثان فكتب اليهم النبي (ص) اني لست آخذ الجزية الا من أهل الكتاب فكتبوا اليه يريدون بذلك تكذيبه زعمت انك لا تأخذ الجزية الا من أهل الكتاب ثم اخذت الجزية من مجوس هجر فكتب اليهم رسول الله (ص) ان المجوس كان لهم نبي فقتلوه وكتاب احرقوه اتاهم نبيهم بكتابهم في اثني عشر الف جلد ثور ... ."
والرواية التى ذكرها الخامئنى نقلا باطلة لأنها تجعل النبى(ص) مكرها للناس على اعتناق الإسلام وهو ما يناقض قوله تعالى:
"لا إكراه فى الدين"
ثم قال:
"وقريب منها مرسلة الصدوق عن النبي (ص) ورواية الاصبغ بن نباتة عن اميرالمؤمنين .
وضعف اسناد هذه الروايات لا يضر بعد ما هو المعلوم من تلقي الاصحاب لمضامينها بالقبول والعمل بها في خصوص المجوس."
وكلام الخامئنى هو نفس ما تعيبه الشيعة على علماء السنة من العمل بالروايات الضعيفة التى لم تثبت وهو ما يعنى أن الفريقين معظمهم يحكمون بما منعه الله وهو الظن فقال:
"إن الظن لا يغنى من الحق شيئا"

رضا البطاوى غير متصل   الرد مع إقتباس