عرض مشاركة مفردة
غير مقروءة 11-04-2009, 09:40 PM   #59
داود
عضو مشارك
 
الصورة الرمزية لـ داود
 
تاريخ التّسجيل: Apr 2006
المشاركات: 462
إفتراضي

صرخات فى المهد
ما هؤلاء البشر , ما هذه الدنيا انهم يتهموننى بالغباء, يقولون أننى كلما أرى رجلا أحسبه أبى أو تقبلنى امرأة أنها أمى ..ياللعجب , هل ذلك لأننى
ما زلت فى المهد صبيا انهم لا يقدرون ذكائى اننى أخشى عندما أكبر أن أصبح مثلهم ويصيبنى الغباء ..آه ما هذه المرأة التى تخنقنى بذراعيها ..لأنها أمى تفعل بى ذلك
ثم تقيدنى بهذه الأشياء وتدعى أنها تخاف علىّ من الهواء , لماذا يفعلون بى ذلك ؟ وكلما آتى اليهم أحدا يقلقنى ويحملنى ويقذفنى فى الهواء ..ألا يحترمون الآدميه فى هذه الدنيا .. أرى الجهل يسيطر عليهم , يتكلمون كثيرا ولا يفعلون شيئا ..آه ..اننى أعانى فى
هذه الدنيا ..ما هذا ؟ من هذا الرجل؟...
- كيف حالك أيها الطفل الجميل؟ ماالذى يبكيك هكذا ؟
- مرحبا أيها الرجل البشوش .. اننى لاأبكى اننى أصرخ .
- لما يا رمز الجمال؟
- يا أيها الرجل ..اننى مستبشر بك خيرا وأرى أنك تفهمنى وتكلمنى بلغتى , فمن علمك اياها؟
- أنا أشكرك لأستبشارك بى .. أما عن سؤالك فهل نسيت أننى كنت مثلك منذ سنين.
- أعلم ولكن كل هؤلاء البشر كانوا من قبل أطفالا ولكنهم لا يعرفون لغتى , فلماذا أنت ما زلت تعرفها ؟
- لأننى أحتفظ بالطفل الذى بداخلى , ولكن دعك من هذا الآن و قل لى ..لماذا كنت تصرخ بهذه القوة ؟
- سوف أخبرك..لم يبقىّ على وجودى غير سبعة أيام سئمت فيها الوجود , لم أجد من يفهمنى رأيت أشياء تذهب عقول الأذكياء .
- وماذا رأيت يا أيها المحب ؟
- آه..ما أجمله نداء ..محب ..فى دنيا لا حب فيها , أولها الاتهام بالغباء يظنوننى لا أفهم شيئا , يجلسون بى أمام التليفزيون وأول كلمات تسمعها أذنى أخبار الحروب فى كل أنحاء العالم , السرقة والقتل والأغتصاب, التطرف والارهاب ..حزن ودموع..وبقايا بشر.. , ..ألا يجب أن أصرخ ؟ ورغم ما أعانيه لا أحد يفهمنى كلما أصرخ تسرع هى و تكتم أنفاسى بثديها , ألا يبكى المرء الا اذا شعر بالجوع ؟ هل الطعام أصبح هو كل ما يشغل البشر ؟ ألا يبكى شخص على أخاه ؟ ..ألا يفزع انسان اذا أريقت دماه؟ ..أخشى أن أكبر وأصبح
بهذه القسوة , ملامح البشر تفزعنى , قلوبهم كالحجارة أو أشد قسوة , من منهم محتفظ بقلبه مكتوفة يديه ولا يسعه فعل شىء , هل ترى هذا الرجل ؟ أترى هذا الحزن فى عينيه ؟ انه أبى ..يضحك فى وجهى ..ويتمزق قلبه على أحوال الدنيا ..يريد السلام ولكنه كالبقايا الأخرين
مكتوف الأيدى انه ينقل هذا الحزن داخلى , وما يحزننى أنه يعتقد بأبتسامته هذه أننى لا أفهم ما بداخله ..ألا يبكيك أن تجد أقرب الناس اليك لايفهمونك ويسيئون الى ذكائك وانسانيتك ؟
- مهلا ..مهلا.. يا صغيري أرى أنك تحاورنى بطلاقة ينساب الحزن من بين أصابعها , فهل لى أن أخبرك بأشياء سوف تقويك ؟
- من فضلك أسرع بها .
- أما عن أمك ..فهى تحبك وتخشى عليك من النسيم ..ان رأتك تبكى صارع البكاء بداخلها الحنين , وهذا لما تراه من شرور حولها.
- وأما عن أباك ..انه يريد أن تصبح أنت قوته , وتحمل رسالته ..ألا تعلم أن رسالته هى السلام ؟
- آه .. اننىأخشى هذه المسئولية يا رجل.
- أنظر يا محب , هل ترى ما أراه ؟
- ماذا ترى ؟
- هذه الآية المعلقة على الجدار , انها تقول" لا يكلف اللّه نفسا الا وسعها".
- نعم فهمت قصدك ..اننى أستطيع فعل ذلك, ولكن كيف أقف أمام كل هذه الحروب وكل هؤلاء البشر الذين لا يفهموننى؟
- بى ستصبح أقوى من كل الحروب وسيفهمك كل البشر.
- ولكن من أنت؟
- أنا .. أنا الحب.
__________________
ما أصعب أن نـُجرح ... من يد لا نحتمل الجرح فيها
داود غير متصل   الرد مع إقتباس