عرض مشاركة مفردة
غير مقروءة 25-09-2008, 02:13 PM   #16
ابن حوران
العضو المميز لعام 2007
 
الصورة الرمزية لـ ابن حوران
 
تاريخ التّسجيل: Jan 2005
الإقامة: الاردن
المشاركات: 4,483
إفتراضي

(11)

الإجابة عن السؤال السابق


وهو سؤال كانط: هل بالوسع كتابة تاريخ العالم من وجهة نظر عالمية؟ وإجابتنا الآن مؤقتة، هي: نعم.

لقد زودتنا العلوم الطبيعية الحديثة بآلية أضفى ازدهارها المطرد على تاريخ الإنسانية عبر القرون الماضية غائية وتماسكا منطقيا. وقد باتت هذه الآلية عالمية في عصرنا هذا الذي لم يعد بمقدورنا فيه أن نعتبر تجارب الإنسانية في مجموعها هي تجارب أوروبا وأمريكا الشمالية. فبصرف النظر عن القبائل في أدغال البرازيل وغينيا الجديدة الآخذة بالاندثار سريعا، لا نجد سلالة بشرية واحدة لم تتأثر بهذه الآلية ولم ترتبط بسائر سلالات البشر بفضل الصلات الاقتصادية العالمية التي يخلقها الاستهلاك الحديث. إنها نظرة عالمية لا إقليمية ضيقة نتجت عن نمو حضاري عالمي خلال القرون القليلة الماضية.

من أوجد هذه القاعدة الحضارية؟

إن من يقرأ لهذا الكاتب، وهو يصف ذلك النشاط بأنه نشاط عالمي، وليس إقليمي أو ليس محصورا بأوروبا وأمريكا، سيصف هذا الكاتب بأنه كاتب منصف وعقلاني. لكن عندما يكتشف القارئ أن العالمية التي يقصدها الكاتب هي عالمية من فكرة وتأسيس وصناعة من يبشر لهم، سيكتشف القارئ عندها مدى استعلاء نظرة هذا الكاتب واستحقاره لغيره.

يقول الكاتب مدللا لما رميناه به: لم تستطع دول في إيقاف وحدة عالمية تلك الحضارة، فلم يكن باستطاعة الدولة العثمانية، ولا إمبراطورية اليابان، ولا قوة الاتحاد السوفييتي أو الصين الشعبية أو بورما أو إيران وكوبا وغيرها.

استشعار لتطبيق دورة التاريخ:

يقول الكاتب: أن قوة التقدم العلمي عطلت من فكرة أن (يعيد التاريخ نفسه)، وهنا يشير لمن يطبق فكرة (أن كل دولة أو إمبراطورية مهما بلغت قوتها، فإنها ستمر بأطوار الإنسان من الطفولة حتى الشيخوخة والموت). لا يريد الكاتب أن يشمل الولايات المتحدة بذلك السيناريو. فيقول أن الصراع بين أثينا وأسبارطة بما يعنيه من صراع بين الديمقراطية (أثينا) والدكتاتورية (أسبارطة)، لن يكون مماثلا لما كان يقوم في الحرب الباردة بين الليبرالية (الولايات المتحدة وحلفائها) وبين الشمولية (الاتحاد السوفييتي وحلفائه).

يؤكد الكاتب بأن تطور الليبرالية هو تطور تاريخي دياليكتيكي وجد من خلال تجارب (الشعوب المتحضرة) في حين أن التجربة النازية والشيوعية هي أشبه بالطرق الفرعية التي تنتهي بعلامة (نهاية خط أو الطريق مغلق).

دكتاتوريات صغيرة وطموحات لن تتحقق:

يترك الكاتب الديكتاتوريات الكبيرة (الصين والاتحاد السوفياتي) ، ويلتفت الى دكتاتوريات قبيحة (كما أسماها) كوبا، إيران، سوريا، العراق، أفغانستان، اليمن (الجنوبي)، إثيوبيا، كوريا الشمالية. ومن يتفحص تلك الدول ووضعها سيجدها تشترك في صفة واحدة وهي الفقر النسبي وقلة الإمكانيات، وهذا مما يدفعها لأن تكون ديكتاتورية!

ماذا عن ألمانيا و إيطاليا؟ (النازية والفاشية)

استند الكاتب الى تحليل أو وصف (والت روستو) الذي أطلق عليه: (مرض المرحلة الانتقالية) أي أن المرور بمرحلة الديكتاتورية ضروري جدا للانتقال لمرحلة التصنيع.

حسنا، إذا كان ذلك الوصف يصلح في الدكتاتوريات القبيحة (كما أسماها)، فما هو تفسير ظهور تلك الدكتاتوريات في مجتمعين صناعيين اجتازا مرحلة الانتقال؟ (ألمانيا وإيطاليا).

يمر الكاتب على الإجابة عن ذلك التساؤل بشكل غير مقنع نهائيا، فيقول إننا لا نستطيع أن ندافع عن أن النازية والفاشية هما نتاجان من إنتاج (الحداثة) ولن نضمن أن لا يتكرر نموذجهما مرة أخرى بالتاريخ.. لا ندري إن كان (فوكوياما) يحبذ شمول بوش بالنموذجين الألماني النازي والإيطالي الفاشي!

المحرقة في نظر فوكوياما

اعتاد الكاتب على عدة أنواع من الصياغات، فهو عندما يريد أن يمرر رأيا لا يضمن ردة فعل الآخرين تجاهه، فإنه يورده بشكل (هناك من يقول: كذا) ويدخل رأيه بين ثنايا تلك الصيغة. وأحيانا يريد أن يضع أسهما كالتي تستخدم في إشارات المرور ( الى رأي فوكوياما بالمسألة الفلانية).

هذا ما فعله بموضوع (المحرقة) حيث وصفها: بالحدث التاريخي الفريد، واستبعد أن يتكرر مرة أخرى في التاريخ، ويضع أسبابا وراء ذلك الحدث التاريخي الفريد، فالاحتقانات وخيبة أمل النازية هي التي كانت وراء موضوع المحرقة، وطالما أن النازية لن تتكرر فالمحرقة لن تتكرر، هذا وجه الفرادة في موضوع المحرقة.

من يقول أن المحرقة هي بالسيناريو الذي تم تلقينه للإعلام الخادم للإمبريالية؟ فالمحرقة من زاوية أخرى، هي صنيعة صهيونية للفت نظر العالم لمعاناة اليهود لكي يتم استعجال تهجيرهم الى فلسطين والتمهيد لقيام كيانهم، وبنفس الوقت أن الوشاية التي كان الصهاينة يقدمونها للمخابرات النازية، هي ضد يهود كانوا أعداء لفكرة الصهيونية، وهنا يضرب عصفورين بحجر واحد.

ثم لماذا تسليط الأضواء على المحرقة تلك ونسيان محارق أبادت سكان قارات كاملة (أمريكا واستراليا)، أو ما حدث في (هيروشيما ونجازاكي بعد ضربهما بالقنابل النووية). كما أن سنين الحصار على العراق والضحايا التي حدثت وتحدث لغاية اليوم تفوق عدة محارق (مزعومة). هذا غير ما يخلفه تلويث أرض العراق والمنطقة سيشوه الكثير من أبناء البشرية!
__________________
ابن حوران
ابن حوران غير متصل   الرد مع إقتباس