الموضوع: أتيلا الهوني
عرض مشاركة مفردة
غير مقروءة 22-06-2016, 05:30 PM   #1
صفاء العشري
عضو مشارك
 
تاريخ التّسجيل: Jul 2010
المشاركات: 742
إفتراضي أتيلا الهوني

أتيلا ملك هوني عاش بين عامي( 395-453)م وكان آخر حكام الهون وأقواهم وأسس في إقليم روسيا وأوروبا إمبراطورية كبيرة الاتساع، عاصمتها في ما يسمى هنغاريا اليوم. امتدت إمبراطوريته من نهر الفولغا شرقا وحتى غرب ألمانيا غربا. فرض الجزية على الإمبراطورية الرومانية الشرقية (البيزنطية) بعد أن غزا مدن البلقان مرتين، وحاصر القسطنطينية في اجتياحه الثاني لبيزنطة وفشل الحصار. وفي عهده زحف الهون إلى فرنسا حتى مدينة اورلينز وحاصرت جيوشه مدينة باريس. نتيجة لكل ذلك، أسرع الإمبراطور الروماني الغربي فالنتيليان الثالث بجيش من عاصمته في عام452 م وشكل ضد أتيلا تحالفاً عسكرياً عظيماً من الرومان وكثير من القبائل الجرمانية وخاصة القوط الغربيين أملاً في إيقاف زحف جيوشه نحو جنوب فرنسا، وفعلاً وقعت معركة شرسة بين أتيلا والتحالف الروماني-الجرماني ضده في معركة من أعظم معارك التاريخ القديم وهي معركة شالون خسر فيها أتيلا وانسحب هو وقواته من المعركة.
بعد شهور من حملته هذه توفي أتيلا في ليلة زفافه على عروسه الجرمانية هيلديكو، بعد إصابته بنزيف حاد، مما ترك اعتقادات بأن عروسه الجرمانية قد دست له سماً في شرابه ولا سيما أنها كانت سبية من إحدى حملاته على الجرمان في الشمال.
بعد عام على وفاة أتيلا، هزم الهون أمام القبائل الجرمانية في معركة نيداو في عام 469 وبعد هذه المعركة انهارت الإمبراطورية الهونية بشكل كامل.
ولكن بعيدا عن الصورة النمطية المعروفة عن البربري غير المتعلم، ولد أتيلا (في بداية القرن الخامس بعد الميلاد على الأرجح) في أقوى أسرة شمال نهر الدانوب. أعمامه، أوكتار وروجا أو روا، حكما معا إمبراطورية هون في أواخر 420 و بدايات 430. تلقى أتيلا وشقيقه الأكبر بليدا التعليم في الرماية والقتال بالسيف وكيفية ركوب ورعاية الخيول. وكانا يتكلمان وربما يقرآن كل من القوطية واللاتينية، وتعلما التكتيكات العسكرية والدبلوماسية.
مع وفاة الأعمام في 434، ورث بليدا وأتيلا الحكم على الإمبراطورية الهونية. وكانت الخطوة الأولى لهما هي التفاوض على معاهدة مع الإمبراطورية الرومانية الشرقية، والتي وافق الإمبراطور ثيودوسيوس الثاني على دفع نحو 700 رطل من الذهب سنويا مقابل وعد بالسلام بين الهون والرومان. ولكن بعد بضعة سنوات، ادعى أتيلا أن الرومان انتهكوا المعاهدة وقاد سلسلة من الهجمات المدمرة على المدن الرومانية الشرقية في 441. أجبر ثيودوسيوس مع وجود قوات الهون على بعد 20 ميلا من القسطنطينية، على القبول بالشروط، ووافق على دفع مبلغ مذهل يساوي 2100 رطل من الذهب سنويا لأتيلا.

بعد التوصل لعقد معاهدة السلام في 443، عاد الهون إلى سهل المجر. المصادر الرومانية هي ضبابية حول ما حدث هناك على مدى السنوات القليلة المقبلة، ولكن يبدو واضحا أنه عند نقطة معينة قرر أتيلا إزاحة بليدا من السلطة. ادعى الكاتب الروماني بريسكوس أن بليدا اغتيل نتيجة لمؤامرات أخيه أتيلا عام 445 . وبعد ذلك بعامين، قاد أتيلا اعتداءا آخر أكثر طموحا على الإمبراطورية الرومانية الشرقية. وانقض على البلقان واليونان، حتى تمكن الرومان أخيرا من منعهم في ثيرموبيلاي، وبعد ذلك تفاوض الهون والرومان على معاهدة معقدة أخرى بشروط أشد قسوة للرومان.

في ربيع عام 450، أرسلت هونوريا ، أخت فالانسيان الثالث إمبراطور روما الغربية ، خاتما إلى أتيلا وطلبت منه أن يساعدها على التخلص من زواجها الوشيك إلى الروماني الأرستقراطي يجبرها شقيقهاعلى عقده.اعتبر أتيلا، الذي كان لديه في الواقع عدة زوجات (العدد الدقيق غير معروف)،اتصال هونوريع عرض زواج وطالب بها عروسا ونصف الإمبراطورية الغربية مهرها. ادعىت هونوريا أنها لم تقصد شيئا من هذا القبيل، ولكن شقيقها غضب من مكيدة شقيقته، وكان على استعداد لإرسالها عبر نهر الدانوب لاسترضاء أتيلا. ولكنه رضخ في نهاية المطاف، وسمح لها بالزواج من الأرستقراطي الروماني. لم يتخلى أتيلا بسهولة،وشن حملتين عسكريتين باسم هونوريا.

في 451، غزا حوالى 200000 من قوات أتيلا بلاد الغال وأعاث قتلا ودمارا مما دفع الرومان إلى تشكيل تحالف مع القوط الغربيين، وتصدوا معا لأتيلا في معركة سهول كاتالاونيان الحاسمة وأنزلوا أخيرا الهزيمة بزعيم الهون في إحدى أكثر المعارك دموية في التاريخ. قتل تيودوريكو في الاشتباك، وانسحب أتيلا من بلاد الغال. ولكن ذلك لم يمنعه من غزو إيطاليا في العام التالي.

وفقا لبريسكوس ، الذي زار مقر أتيلا مع السفراء الرومان في 449، أقام الزعيم الهوني لضيوفه مأدبة فاخرة في أطباق من الفضة. وقد لاحظ أن أتيلا نفسه أكل لحما فقط من طبق خشبي ... وكان كأسه من الخشب، فيما كؤوس ضيوفه من الذهب والفضة. وخلافا لمرؤوسيه، الذين كانوا يستعرضون بغطرسة لجام جيادهم وأسلحتهم المطعمة بالذهب والأحجار الكريمة فإن أسلحة أتيلا كانت بسيطة جدا.

لم يكن موت أتيلا المصير المتوقع لمحارب عظيم وقائد عسكري. حتى وهو يلاحق هونوريا ، تزوج زوجة أخرى، وهي شابة جميلة اسمها إيلديكو في 453، فيما كان يعد لهجوم آخر على الإمبراطورية الرومانية الشرقية. في صباح اليوم التالي، وبعد أن تخلف الملك عن الظهور، كسر حراسه باب غرفة الزفاف ووجدوا أتيلا ميتا وإيديلكو تبكي بكاء هستيريا. لم يعثروا على أي جرح، بل بدا أن أتيلا قد أصابه تزيفا قويا في الأنف واختنق حتى الموت في دمه. يعتقد البعض أن إيديلكو لعبت دورا في وفاته، أو أنه سقط ضحية لمؤامرة دبرها مارسيان. البعض الآخر اعتبروه حادثا غريبا، أو حكاية تحذيرية حول مخاطر الشرب بنهم.

وفقا لبريسكوس ، حزن جيش أتيلا زعيمهم ولطخوا وجوههم بالدم وجالوا بخيولهم في دوائر حول الخيمةالتي سجي فيها جثمانه. في تلك الليلة، وضعت جثته في ثلاثة توابيت واحد من الذهب والثاني من الفضة والأخير من الحديد ودفن مع أسلحة أعدائه المهزومين والمجوهرات والكنوز الأخرى. كما تقول الاسطورة، أنه قد تم تحويل مياه نهر بحيث يمكن دفن أتيلا في مجراه، أعيدت المياه لتتدفق على القبر. الخدام الذين دفنوا أتيلا قتلوا في وقت لاحق لمنعهم من كشف مكان مثواه الأخير. ولا يزال موقع القبر الذي يعتقد أنه في مكان ما في المجر، مجهولا حتى يومنا هذا.
صفاء العشري غير متصل   الرد مع إقتباس