عرض مشاركة مفردة
غير مقروءة 25-11-2022, 09:13 AM   #4
رضا البطاوى
من كبار الكتّاب
 
تاريخ التّسجيل: Aug 2008
المشاركات: 5,950
إفتراضي

معشر المسلمين- في حق من يقصر في هذا الحق، قال النبي صلى الله عليه و سلم: (ليس المؤمن الذي يشبع وجاره جائع)
وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (ما آمن بي من بات شبعان وجاره جائع إلى جنبه، وهو يعلم به)
وعن ابن عمر قال: لقد أتى علينا زمان وما أحد أحق بديناره ودرهمه من أخيه المسلم، ثم الآن الدينار والدرهم أحب إلى أحدنا من أخيه المسلم، سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: (كم من جار متعلق بجاره يوم القيامة يقول: يا رب، هذا أغلق بابه دوني فمنع معروفه) وهذا النص الشريف-يا عباد الله- يحتم علينا مراجعة أنفسنا ها هنا في الدنيا قبل الآخرة في تقصيرنا في بذل المعروف الحسي والمعنوي للجار."
والحديث باطل فلا أحد يتعلق برقبة أحد يوم القيامة فكل واحد يأتى فردا وحده كما قال تعالى :
" ولقد جئتمونا فرادى كما خلقناكم أول مرة"
ثم قال مستشهدا بأقوال الجاهليين الكفار وهو أمره كرره مرات عدة :
"يقول حاتم الطائي لزوجته:
إذا ما عملت الزاد فالتمسي له ... أكيلاً فإني لست آكله وحدي
أخاً طارقاً أو جار بيت فإنني ... أخاف مذمّات الأحاديث من بعدي
وكيف يَسيغ المرء زاداً وجاره ... خفيف المِعى بادي الخصاصة والَجهد"
وتحدث عن الصبر عن أذى الجار فقال :
"أيها المسلمون، ومن حقوق الجار على جاره: احتمال أذاه، والصفح عن هفواته، والعفو عن عثراته، واحتمال سوء تصرفاته.
وهذا أدب عظيم يكشف عن حسن المعدن، وكرم المنبت، وشرف الخلق، ونبل الصفات.
وهذا الحق كثيراً ما قصّر فيه الجيران، وضاقت بعض النفوس عن استيعابه، وعدّته العادات شيئاً غريباً. فكم من مشكلات حدثت، وروابط انفصمت، ومحبة تحولت إلى بغضاء، ووصل تبدل إلى جفاء، وإحسان تحول إلى إساءة، وسبب ذلك: ضعف مراعاة هذا الأدب.
فهذا الحق يحتاج إلى انتصار على النفوس، ونجاح في هضم الحمية المقيتة، وكبح لجماح الغضب والطيش، وهذا صعب على كثير من النفوس، خصوصاً من لها مكانة بين الجيران، أو جاءها الأذى ممن هو أدنى منزلة منها؛ ولهذا فإن هذا الحق أصعب الحقوق على النفوس؛ فبذل المعروف قد يكون شيمة يطبع عليها الإنسان، بخلاف الصبر على أذى الآخرين.
فالجار الصالح حقيقة إنما يبتلى بهذا الحق ويُعرف به.
قال بعض الصالحين: "ليس حسن الجوار كف الأذى، حسن الجوار الصبر على الأذى".
وقال أحد الناس يمدح بعض جيرانه الصالحين:
يا سائلي عن حسينٍ ... وقد مضى أشكالهْ
أقلّ ما في حسين ... كفُّ الأذى واحتماله
أيها المسلمون، إن من شقاء المرء أن يجاور جارَ سوء، والإنسان الصالح لا يضيق بشيء ذرعاً ضيقه بجار السوء الذي يسمع منه الخنا، ويلقى منه العناء، إن كلمه بالحسنى عاداه، وإن سكت على شره آذاه، عِيل صبُره، وضاق صدره، فاضطر إلى بيع داره، أو تحوّلَ عنه إلى سواه، خاصة في هذا الزمن الذي قلّت فيه المساكن وضاقت البيوت بمن فيها، فحين يرحل جار آذاه جاره، ويسأل عن سبب رحيله يقول:
يلومنني أن بعتُ بالرخص منزلي ... وما علموا جاراً هناك ينغّص
فقلت لهم كفوا الملامة إنها ... بجيرانها تغلو البيوت وترخص
أو يقول:
إذا ما الحرُّ هانَ بأرض قوم ... فليس عليه في هرب جُناح
وهُنَّا بأرضكمُ وصِرنا ... كقيء الأرض تذروه الرياح
وإن أراد أن يصرّح يقول:
تنكّرَ من كُنّا نُسَر بقُربه وعاد زعافاً بعد ما كان سَلسلا
وحُق لجار لم يوافقه جاره ... ولا لاءمته الدار أن يتحولا
ولضرر الجار السيء كان النبي صلى الله عليه وسلم يقول: (اللهم إني أعوذ بك من جار السوء في دار المقامة؛ فإن جار البادية يتحول)
ومعناه: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم يستعيذ من الجار السيء الملازم في الوطن المستقَر فيه، بخلاف الجار المؤذي الذي يبقى زمناً ثم يذهب كصاحب البادية ونحوه."
وكما سبق القول فإن أذى الجار إذا تكرر وشهده مسلمون أخرون أو حتى معاهدين وجب رفع للقضاء ليكون رادعا فالله لم يطلب الحكم بين المسلمين إلا ليقضى على الشرور قدر المستطاع فكل صبر حدود
وتحدث عن مجتمع الكفر الذى يجعل الجار يرجل من بيته بسبب أذى الجار فقال :
"عباد الله، إن الجار الصالح حين يسمع برحيل جاره الصالح يحزنه ذلك أشد الحزن، ويعد رحيله من جواره مصيبة من المصائب، كأنما رحل واحد من أهل بيته.
لما عزم بعض السلف على الرحلة إلى الشرق، وكان من بلاد المغرب، قال له أحدهم:
أشمسَ الغرب حقاً ما سمعنا ... بأنك قد سئمت من الإقامه
وأنك قد عزمت على طلوع ... إلى شرقٍ سموت به علامه
لقد زلزلتَ منّا كل قلب ... بحق الله لا تُقم القيامه
بهذه المشاعر الفياضة والحب الصادق يشبِّه رحيلَ جاره المغربي إلى المشرق بحصول علامة من علامات قيام الساعة وهي: طلوع الشمس من مغربها، كما أخبر سول الله صلى الله عليه وسلم، فأين نحن اليوم من هذه المشاعر؟!"
وبالقطع هذا الكلام خاطىء فكما سبق القول :
إن للصبر على أذى الجار حد وطالما تكرر الأذى فلابد من رفع الشكوى للقضاء طالما شهد على الأذى غير المأذى من المسلمين أو المعاهدين فإذا عوقب الجار السوء فمن المحتمل جدا أن ينتهى عن الأذى
رضا البطاوى غير متصل   الرد مع إقتباس