عرض مشاركة مفردة
غير مقروءة 27-05-2011, 10:44 PM   #64
المشرقي الإسلامي
أحمد محمد راشد
 
الصورة الرمزية لـ المشرقي الإسلامي
 
تاريخ التّسجيل: Nov 2003
الإقامة: مصر
المشاركات: 3,832
إفتراضي

(59)

وبمقدار نشاط الخيال وإيجابيتهفي التأليف بين عناصر الصورة ، واكتشاف العلاقات المستكنة بين العناصر ترتفع القيمة الفنية للصورة الشعرية ،وتتضاعف إيحاءاتها.
والشاعر الحديث يلجأ إلى مجموعة من الوسائل الفنية لتشكيل صورتها الشعرية على نحو يكسبها قيمة إيحائية وتعبيرية أغنى ، تجعلها أقدر على الإيحاء بتلك العوالم النفسية الرحيبة التي يحاول الشاعر أن يعبر عنها في قصيدته ن ومن هذه الوسائل التي يلجأ إليها الشاعر الحديث لتشكيل صورته من مجموعة من العناصر والمكونا ت المتباعدة في منطق الحس والعقل.
التشخيص :
والتشخيص وسيلة فنية قديمة ،عرفها شعرنا العربي ،و الشعر العالمي ، منذ أقدم عصوره .وهذه الوسيلة تقوم على أساس تشخيص المعاني المجردة ومظاهر الطبيعة الجامدة في صورة كائنات تحية تحس وتتحرك وتنبض بالحياة ، وقد رأينا فيما سبق كيف شخص امرؤ القيس الليل ، وكيف شخص تأبط شرًا المنايا وفي صورة كائنات حية ،"وعلى الرغم من أن هذه الظاهرة عامة في الأدب العاطفي في مختلف العصور والأمم ، قد أكثر الرومانتيكيون منها وكان طابعها في أدبهم أصدق وأكثر تنوعًا وأوسع مدى ، ولذا عد ذلك خاصة من خصائصهم ،وذلك لرهف إحساسهم ورقة مشاعرهم.(56) حيث كان من نزعات الرومانتيكيين الواضحة الهرب إلى الطبيعة ، والامتزاج بها فرارًا من فساد المجتمع وما يموج به من ظلم وشرور ، وكثيرًا ما كانوا يجعلون الطبيعة تشاركهم عواطفهم الخاصة ، فيسقطون عليها أحاسيسهم ، ويشخصون مظاهرها المختلفة ، ومن ثم قامت الصورة التشخيصية بدور بارز في الشعر الرومانتيكي وشاعت عن طريق التأثر بالرومانتيكية في شعرنا العربي المعاصر ، ولم تعد الصورة التشخيصية في مجر لمحات متناثرة ، وإنما أصبح التشخيص أساسًا من الأسس التي يصوغ عن طريقها الشاعر العربي الحديث صوره ، وقد رأينا كيف اعتمد الشاعر إبراهيم ناجي ،اعتمادًا أساسيًا على هذه الوسيلة الفنية في تشكيل الكثير من صوره الشعرية في قصيدة "العودة" التي شخص فيها الكثير من المعاني والأحاسيس التجريدية في صورة كائنات تنبض بالحياة ، كما رأينا قبل ذلك كيف لجأت شاعرة أخرى ذات نزعة رومانتيكية ، وهي الشاعرة نازك الملائكة ،إلى هذه الوسيلة في قصيدتها "النهر العاشق" ،حيث كان التشخيص فيها الوسيلة الأساسية في تشكيل الصورة الشعرية ، بل في بناء القصيدة كلها ،حيث شخصت النهر –الذي هو ظاهرة من ظواهر الطبيعة – في صورة كائن حي ، وكانت هذه الصورة الأساسية في القصيدة أإطارًا عامًا تتعانق خلاله مجموتعة من الصورة الجزئية التشخيصية التي تدعم التشخيص في هذه الصورة الكلية وتقويه.
_____________
(56) د.محمد غنيمي هلال : الرومانتيكية .مكتبة نهضة مصر.القاهرة .ص140 وانظر له أيضًا :النقد الأدبي الحديث ، ص421،422
المشرقي الإسلامي غير متصل   الرد مع إقتباس