عرض مشاركة مفردة
غير مقروءة 21-06-2009, 04:59 PM   #17
ابن حوران
العضو المميز لعام 2007
 
الصورة الرمزية لـ ابن حوران
 
تاريخ التّسجيل: Jan 2005
الإقامة: الاردن
المشاركات: 4,483
إفتراضي

أخي الفاضل صلاح الدين القاسمي

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

سأبتعد عن موضوع الاقتباس، حتى لا يبدو الأمر وكأنه مجادلة قريبة من المماحكة .. وسألخص ما استشففت من موقفكم، بأن التوقيت وتصنيف الحالة بين العرب والفرس لا يجب أن يكونا بهذا الشكل، إذ لا بد من استثمار موقف إيران من المقاومة في لبنان وفلسطين، وشمول إيران بنوايا الغرب لإيقاف تقدمها، والأمر ذلك لا يصب في صالح طموحات الشعب العربي الذي لا يرضى عن موقف الحكومات الرسمي.

كما استشففت من كلامكم أن تقسيم المقارنة غير مكتمل الشروط، إذ أنه لا الفرس يشكلون آخرا نقيا ولا العرب أو الطرف الذي أزعم أنني أتكلم باسمه، فكان تنقلكم بالتساؤل: (العراق، دول الخليج، سوريا، الدول المغاربية، السودان الخ)

كما أن اعتراضكم لا يختلف عن اعتراض آخرين يرجحون أولوية أن يكون الجهد منصبا على مقارعة الإمبريالية والصهيونية وأعوانهما في المنطقة، ولا يكون منصبا على دولة إسلامية جارة تقارع الإمبريالية والصهيونية!

هذا ما أزعم أنني فهمته من مساهمتكم القيمة في الحوار بهذا الموضوع.

1ـ لا أشارك من يتمنون لإيران أن تحدث فيها فتنة واختلال أوضاع، أو تدميرها على يد الصهاينة أو الأمريكان، ولا أشارك من يرغب في نزع سلاح إيران أو حرمانها من التقنية النووية. فهذه الرغبات الكيدية لا تنم إلا عن فكر (متنبل)، إن أُطلق العنان له، فإنه سيتمنى تدمير كل العالم .. وأي فكر عاجز هذا الذي يشترط نهضة بلاده بالتمني بزوال الآخرين!

2ـ عندما نتحدث عن فارس، فهو الاسم الذي كانت تحمله تلك البلاد قبل أن يغير اسمها الشاه (رضا خان) الى (إيران) في الثلث الأول من القرن الماضي. ونحن لا نتكلم عنها كخليط من الشعوب والأعراق والطوائف، فنحن نعلم كما تعلم نسبة كل مكون منهم بعرقه وطائفته وغيره.. ولا إن كانوا سنة أم شيعة أم يهودا، فهذا شأنهم.

ولكننا نتكلم عن فارس العقلية التي سادت منذ القدم بنزعتها العدوانية ولم تثبت أنها غيرت تلك النزعة. مع فارق التشبيه، فإن الكلام عن الصهيونية لا يتوقف عند أصول ومنابت من يؤمنون بها، فلا نميز بين الصهيوني المغربي والصهيوني البولندي وغيرهم.

3ـ الكلام عن ثورة إسلامية، يستوجب إقرانه بالفعل الإسلامي، وإن كانت تلك الثورة الإسلامية تتبرأ من عهد ما سبقها ( العهد الشاهنشاهي) لماذا تحتفظ بالأحواز؟ ولماذا لا تعيد الجزر الثلاثة لأصحابها؟ ولماذا لم تسمح للعرب والذين يزيدون عن 14 مليون أو الأكراد أو البلوش أو الأذريين أن (يتمتموا) بلغتهم، ولماذا تحرمهم من مزاولة طقوسهم وعاداتهم ولبس ملابسهم .. ولماذا تردد ما ردده الشاه من أن العراق والبحرين وقسم من الإمارات تابعة لإيران؟ أليس هذا امتدادا للعقلية التي نصفها بالفارسية؟

4ـ أما عن الدعم الذي تدعمه للمقاومة في لبنان.. فدعنا نناقشها بعيدا عن التمني وبعيدا عن التهويل ..

تعلم إيران أن الثوب العربي الرسمي ممزقٌ، مما نخره من فساد وسوء تصرف بالثروات وخنق للحريات العامة وخنوع الإرادة السياسية الخ. وهي بهذه المعرفة تجد الوقت أكثر ملائمة لتسويق خطابها لرفع مكانتها الدولية.

فهي إن دعمت حزب الله في لبنان أو حماس في فلسطين، فهي لن تحسم وضع هذين القطرين لصالح شعبيهما، بل تفتح المجال أوسع لكشف النظام الرسمي العربي، من خلال تتابع الأحداث والمواقف، فماذا تخسر هي؟ هل خسرت جنديا سقط على أرض المعركة؟ فالشهداء من لبنان وفلسطين، وهي ما عليها إلا دفع بضعة مئات من ملايين الدولارات وهي لا تساوي ثمن ثلاث من طائرات العراق الأكثر من المائة التي (أوسقتها : أي عصيت عليها من الطائرات العراقية التي تعاهد الإيرانيون مع العراقيين على حفظها أثناء حرب الكويت).

وبالمقابل فإن موقفها التفاوضي مع أعداء الأمة سيزداد قوة، وهي تتفقده يوما بعد يوم، ولا يخفى ذلك على المراقب لأجهزة الإعلام.

5ـ أما عن التفتيش فيما يخص الجانب الآخر من الموضوع، أي العرب، وعن تساؤلكم أي العرب نقصد؟ (المغرب، السودان، العراق، فلسطين، دول الخليج الخ).

فبالتأكيد، إننا نقصدهم كلهم، ولا نعني بالهيئة السياسية الرديئة الطافية على السطح، بل نقصد الحاضنة الثقافية والحضارية الممتدة في الأعماق، والتي نبت منها في الماضي (زهير بن أبي سلمى وامرؤ القيس وغيرهم) وورثت ممن سبقوها في العيش بالمنطقة من حضارات وادي النيل والرافدين والكنعانيين وحضارات اليمن والأنباط والفينيقيين الذين لا زالت شواهدهم على سواحل المحيط الأطلسي والبحر المتوسط.

وصقل الإسلام تلك الشخصية التي ورثت كل الحضارات، فحمل الله أمانته للعرب حتى يوصلوا رسالته.
ولا زال أبناء المشرق العربي يحفظون شعر أبناء الأندلس ( بغض النظر عن المكان) ولا زالت مناهجهم الدراسية تمتلئ بنتاج أبناء المغرب العربي، وكذلك يفعل أبناء المغرب العربي بنتاج أخوتهم في المشرق ووادي النيل.

فلا يقف أحدهم عند ابن خلدون الأندلسي أو التونسي أو المصري، بل يقف عنده كظاهرة تخلقت من عطاء متفاعل بين الأمكنة التي تنتمي لنفس الروح.

وفي العصر الحاضر، لا يهم إن كان عبد الرحمن منيف أو عبد الله النفيسي أو علي خليفة الكواري وغيرهم من آلاف المبدعين (المنتمون للخليج والجزيرة العربية) ينتمون لأقطار للبعض عليها ملاحظات. كذلك الحال من كان يضخ في تلك الثقافة من أبناء المغرب العربي أمثال محمد عابد الجابري والعروي والهرماسي والطاهر لبيب وغيرهم الآلاف ليلتقوا في عطائهم مع أبناء مصر والشام والعراق.. إنه الانتماء لروح الثقافة التي تشكلت منها شخصية العربي أينما كان.

ومن يعاين هذا الواقع لا ينسى محاولات الفردوسي (الفارسي) الذي وضع (الشاهنامة) المكونة من ستين ألف بيت شعر وضعها من باب التحدي للعربية، حيث راهن أن لا يضع كلمة عربية واحدة فيها، ومع ذلك وجد المعنيون فيها 64 كلمة عربية.

وأخيرا نحن لم نكسر هدنة مع الإيرانيين لنُعاتَب على توقيت الطرح، وعنوانه ونحن لا نستحي أن نعلن أننا مع الكويتيين أو البحرانيين أو السعوديين في حالة خلافهم مع الإيرانيين، حتى لو كان هناك خلاف بين الأخوة على بعض المسائل، فحماية كيان العروبة يصب في مصلحة الأمن القومي، وحتى لو كان هناك من لا يحترمه. ونؤشر بنفس الوقت أن الأمن القومي مهددٌ من أمريكا والكيان الصهيوني كما هو مهدد من قِبل إيران.

تقبل احترامي و تقديري
__________________
ابن حوران
ابن حوران غير متصل   الرد مع إقتباس