عرض مشاركة مفردة
غير مقروءة 28-06-2007, 02:52 AM   #2
مُلخص أوطان
عضو جديد
 
تاريخ التّسجيل: Jun 2007
الإقامة: بلاد الله
المشاركات: 8
إفتراضي


سادساً: الثقة بنصر الله وأن المستقبل للإسلام:


فمهما إدلهمت الظلمات ومهما اشتدت الفتن وأحدقت بنا فإن المستقبل لهذا الدين:

ويقول الله تعالى: حَتَّى إِذَا اْسَتيئسَ الرُسُلُ وظنوا أنهم قد كذبوا جاءهم نصرنا فَنُجِّـى من نشاء.يوسف 110

فنحتاج لهذا المبدأ كثيراً عند وقوع الفتن حتى لا تزل قدم بعد ثبوتها وكلما ازداد الليل ظلمة أيقنا بقرب الفجر.
وإليك نماذج من سلفنا الصالح على أهمية هذا الأمر:

لما أراد رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يثبت أصحابه المعذبين أخبرهم بأن المستقبل للإسلام، وزرع في قلوبهم الثقة بنصر الله عز وجل.
جاء في حديث خباب مرفوعاً عند البخاري أنه قال: أتيت النبي صلى الله عليه وسلم وهو متوسد بردة وهو في ظل الكعبة وقد لقينا من المشركين شدة فقلت: يا رسول الله ألا تدعو الله لنا ؟ فقعد وهو محمر وجهه فقال: لقد كان من قبلكم ليمشط بأمشاط الحديد ما دون عظمه من لحم أو عصب ما يصرفه ذلك عن دينه ويوضع المنشار على مفرق رأسه فيشق باثنين ما يصرفه ذلك عن دينه، وليتمن الله هذا الأمر حتى يسير الراكب من صنعاء إلى حضرموت ما يخاف إلا الله والذئب على غنمه ".

فَعَرْضُ أحاديث البشارة بأن المستقبل للإسلام مهم في زمن الفتن والحوادث.

سابعاً: النظر في عواقب الأمور:

ففي زمن الفتن ليس كل مقال يبدو لك حسناً تظهره ولا كل فعل يبدو لك حسناً تفعله، لأن القول أو الفعل زمن الفتنة يترتب عليه أمور، يفهم بعضهم أشياء لا تبلغها عقولهم ويبنون عليها اعتقادات أو أعمالاً أو أقوالاً لا تكون عاقبتها حميدة وسلفنا الصالح أحبوا السلامة في الفتن فسكتوا عن أشياء كثيرة طلباً للسلامة في دينهم
وإليك نماذج من سيرتهم العطرة:

1. قال أبو هريرة رضي الله عنه: " حفظت من رسول الله صلى الله عليه وسلم وعائين، أما أحدهما: فبثثته، وأما الآخر: فلو بثثته لقطع هذا الحلقوم " قال أهل العلم كتم أبو هريرة بعض الأحاديث لأجل أن لا يكون هناك فتنة وخصوصاً بعد أن اجتمع الناس على معاوية بعد فرقة.
2. لما حدَّث أنس بن مالك بحديث قتل الرسول للعرنيين زمن الحجاج أنكر عليه الحسن البصري التابعي الجليل لأن الحجاج عاث في الدماء،وربما أخذ هذا الحديث وتأوله على صنيعه فكان الواجب كتم الحديث عن الحجاج.

3. وعندما حوصرعثمان بن عفان رضي الله عنه في زمن الفتنة وقف بعض الصحابة يريدون الدفاع عنه كعبد الله بن عمر وعبد الله بن الزبير وأبي هريرة وغيرهم، فقال رضي الله عنه: " أقسم على من لي عليه حق أن يكف يده وأن ينطلق إلى منزله" ولو تركهم رضي الله عنه لمنعوه ولدافعوا عنه ولكن نظر إلى عاقبة الأمر وأنه ربما يحصل سفك دماء فاختار أن يكون خيرَ ابنيّ آدم.

ثامنا: الصـــبر:
نحتاج إلى الصبر كثيراً، وخصوصاً عند الفتن. يقول الله تعالى: ولنبلوكم بشيء من الخوف والجوع ونقص من الأموال والأنفس والثمرات وبشر الصابرين الذين إذا أصابتهم مصيبة قالوا إنا لله وإنا إليه راجعون أولئك عليهم صلوات من ربهم ورحمة وأولئك هم المهتدون "0
ويقول صلى الله عليه وسلم:" إن من ورائكم أيام الصبر، الصابر فيهن كالقابض على الجمر، للعامل فيها أجر خمسين، قالوا: يا رسول الله أجر خمسين منهم أو خمسين منّا ؟ قال: خمسين منكم ".
وكما في حديث سمرة بن جندب قال: " كان يأمرنا إذا فزعنا بالصبر والجماعة والسكينة".

وبالصبر يظهر الفرق بين ذوي العزائم والهمم وبين ذوي الجبن والضعف ولذلك وَعَى السلف الصالح أهمية الصبر عند وقوع الفتن والحوادث وإليك نماذج مْن سيرتهم.
1)لما كان الصحابة رضي الله عنهم يعذبون ويفُتنون في صدر الإسلام بمكة كان يمر بهم النبي صلى الله عليه وسلم ويذكرهم بالصبر ومنهم آل ياسر فإذا مر بهم قال: صبراً آل ياسر فإن موعدكم الجنة.

2)عن الزبير بن عدي قال: دخلنا على أنس بن مالك فشكونا إليه ما نلقى من الحجاج، فقال: اصبروا، لا يأتي عليكم زمان إلا والذي بعده شر منه حتى تلقوا ربكم، سمعت هذا من نبيكم.

3)قال النعمان بن بشير:" إنه لم يبق من الدنيا إلا بلاء وفتن فأعدوا للبلاء صبراً "

4. عندما واجه إمام أهل السنة والجماعة أحمد بن حنبل الفتنة العمياء بخلق القرآن في أيام المأمون ثم المعتصم ثم الواثق وما أصابه من الحبس الطويل والضرب الشديد فصبر وتمسك بما كان عليه من الدين القويم والصراط المستقيم حتى نصره الله وفرَّج عنه الغمة.

تاسعاً:الحـذر من الإشــاعــات:
لا شك أنه في وقت الفتن تنشط الدعاية وتكثر الإِثارة وهنا يأتي دور الإِشاعة.ومن المعلوم أن التثبت مطلب شرعي لقوله تعالى:
يايها الذين أمنوا إن جاءكم فاسق بنبا فتبينوا أن تصيبوا قوما بجهلة فتصبحوا على ما فعلتم نادمين "
ويقول عليه الصلاة والسلام: " كفى بالمرء إثماً أن يحدث بكل ما سمع".
ولذلك حرص سلفنا الصالح على التثبت والحذر من الإشاعات

1)قال عمر رضي الله عنه:" إياكم والفتن فإن وقع اللسان فيها مثل وقع السيف".

ولقد سطَّر التاريخ خطر الإِشاعة إذا دبت في الأمة وإليك أمثلة من ذلك:

1. لما هاجر الصحابة من مكة إلى الحبشة وكانوا في أمان، أُشيع أن كفار قريش في مكة أسلموا فخرج بعض الصحابة من الحبشة وتكبدوا عناء الطريق حتى وصلوا إلى مكة ووجدوا الخبر غير صحيح ولاقوا من صناديد قريش التعذيب وكل ذلك بسبب الإِشاعة.

2.في غزوة أحد لما قتل مصعب بن عمير أشيع أنه الرسول صلى الله عليه وسلم،وقيل قتل رسول الله فانكفأ جيش الإِسلام بسبب الإِشاعة.

3. إشاعة حادثة الإِفك التي اتهمت فيها عائشة البريئة الطاهرة بالفاحشة وما حصل لرسول الله صلى الله عليه وسلم والمسلمين معه من البلاء، وكل ذلك بسبب الإِشاعة.

عاشراً: البعد عن مواطن الفتن:
فالبعد عن الفتن واجتنابها وعدم التعرض لها وعدم الخوض فيها مطلب شرعي في زمن الفتنة.
يقول النبي صلى الله عليه وسلم كما في حديث المقداد بن الأسود رضي الله عنه: "إن السعيد لمن جنب الفتن ولمن ابتلي فصبر فواهاً"
وعن أبي بكر رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:
" أنها ستكون فتن ألاثمَّ تكون فتن القاعد فيها خير من الماشي فيها والماشي فيها خير من الساعي إليها".

قال النووي رحمه الله تعالى:" معناه: بيان عظيم خطرها والحث على تجنبها والهرب منها ومن التشبث في شيء منها وأن شرها وفتنتها يكون على حسب التعلق بها".

ولقد حرص سلفنا الصالح عن البعد عن مواطن الفتن وإليك نماذج من ذلك:
1. وقال أبو الدرداء رضي الله عنه: " لا تقربوا الفتنة إذا حميت ولا تعرضوا لها إذا عرضت واضربوا أهلها إذا أقبلت ".

2. قال محمد بن الحنفية: اتقوا هذه الفتن فإنها لا يستشرف لها أحد إلا استبقته".
3. عن عبد الله بن طاوس عن أبيه عن أبي موسى أنه لقيه فذكر الفتنة فقال: " إن هذه الفتنة حيصة من حيصات الفتن من أشرف لها أشرفت له ومن ماج لها ماجت له".
مُلخص أوطان غير متصل   الرد مع إقتباس