عرض مشاركة مفردة
غير مقروءة 02-05-2022, 09:32 AM   #3
رضا البطاوى
من كبار الكتّاب
 
تاريخ التّسجيل: Aug 2008
المشاركات: 6,011
إفتراضي

2 - والزوج في شريعة الله ملزم بالنفقة على أهل بيته، وأخصهم الزوجة: (ولهن عليكم رزقهن وكسوتهن بالمعروف) حتى إن نفقة الوالدين، والأولاد، تسقط باستغنائهم، ولا تسقط نفقة الزوجة بحال! ولو كانت من أغنى الناس بل قد أذن النبي للزوجة التي تعاني من بخل زوجها، وتقتيره، أن تأخذ كفايتها، وكفاية ولدها، من ماله، دون علمه، بالمعروف
فعن عائشة، أن هند بنت عتبة قالت: يا رسول الله إن أبا سفيان رجل شحيح، وليس يعطيني ما يكفيني، وولدي، إلا ما أخذت منه، وهو لا يعلم فقال: (خذي ما يكفيك وولدك بالمعروف) [رواه البخاري]
وكثيرا ما تلجأ الزوجة في المجتمعات الغربية، ومن تأثر بها، إلى ابتذال نفسها بالعمل، بغرض تحصيل الرزق، وتتعرض لصنوف الأذى الحسي، والمعنوي، والتحرش الجنسي، بسبب الحاجة للكسب في حين تضمن الشريعة للمرأة المسلمة، نفقاتها، وتحملها أباها، وزوجها، لتبقى درة مصونة، تزاول ما خلقت له، ولا تلقي بنفسها في مواطن الابتذال، والابتزاز
وتتعاظم القوانين الحديثة، باسم حقوق الإنسان، استعمال (الضرب) وسيلة تأديبية، وتنبز الإسلام بهذه الشائنة، زعموا! وتتلجلج العبارات في أفواه كثير من المنهزمين، روحيا، وفكريا، من الإسلاميين بسبب سياط النقد اللاذع الذي تنهال من الغربيين، وأذنابهم، فيتكلفون المحامل الاعتذارية الوعرة، ويلوون أعناق النصوص، ليرضوهم (ولن ترضى عنك اليهود ولا النصارى حتى تتبع ملتهم قل إن هدى الله هو الهدى ولئن اتبعت أهواءهم بعد الذي جاءك من العلم ما لك من الله من ولي ولا نصير)
إن الأنظمة الحديثة تعتمد مبدأ (الثواب) و (العقاب)، وتدرك أنه لا غنى لسياسة الناس، وكبح جماح الناشزين، من لون من الردع فلم تستعظم أن يلجأ الزوج في درجة ثالثة، بعد استنفاد الوسيلتين الأوليين، الموعظة، والهجر، إلى تأديب زوجته الناشز، بإيلام جسدي، غير مبرح، يكسر فوعة النشوز، ويردها إلى حال السواء؟!
إن دين الله ليس (مزادا علنيا) و (كلأ مباحا) لكل من هب، ودب، ومشى، ودرج، وليس خاضعا لتغير الأمزجة، والنظم البشرية إن الذي خلق الخلق أعلم بمصالحهم: (ألا يعلم من خلق وهو اللطيف الخبير)
ولو تفحص هؤلاء المنهزمون ما يجري في بلاد الغرب من إساءة للنساء، بمختلف أنواع الإساءة، لأدركوا ما تتمتع به المرأة المسلمة من كرامة، ورعاية، وصيانة لقد بات ما يسمى: ( Women Abuse) ظاهرة سائدة في المجتمعات الغربية، تحكي الانهيار الأخلاقي، والمجتمعي للنظام الاجتماعي الحديث، المستظل بمظلة حقوق الإنسان
إنهما منظومتان اجتماعيتان متمايزتان:
- منظومة الإسلام التي جرى إعلانها في خطبة حجة الوداع،
- ومنظومة الجاهلية الحديثة التي جرى تدشين بعض فقراتها في الإعلان العالمي لحقوق الإنسان (وإنا أو إياكم لعلى هدى أو في ضلال مبين) "
العجيب أن المؤلف لم يتناول حكاية وطء الفرش من يرضون لأنه مصيبة كبرى من المصائب معناها أن تزنى المرأة مع من يرضى زوجها وهو ما حرم الله بتحريم الزنى ومن صوره أن الرجل كان يبيح لزوجته أن تجامع فى بيته أو فى بيت الرجل صاحب المنزلة الكبيرة الرجل العظيم المزعوم حتى يأتى ابنهم مثله عظيم
وتحدث عن الحقوق الدستورية فقال :
"[4] الحقوق الدستورية
ختم النبي خطبته العصماء، بقوله: (وقد تركت فيكم ما لن تضلوا بعده إن اعتصمتم به؛ كتاب الله وأنتم تسألون عني، فما أنتم قائلون؟ قالوا: نشهد أنك قد بلغت، وأديت، ونصحت فقال بإصبعه السبابة؛ يرفعها إلى السماء، وينكتها إلى الناس: اللهم اشهد! اللهم اشهد! ثلاث مرات) [رواه مسلم]
لقد تضمن هذا النص الإحالة القطعية على مصدري الهدى، ودين الحق، وهما:
1 - كتاب الله: المحفوظ بين الدفتين، الذي تكفل الله بحفظه، فلا يأتيه الباطل من بين يديه، ولا من خلفه
2 - سنة نبيه ، التي شهد له الناس، بالبلاغ، والأداء، والنصح
إن فيصل التفرقة بين دين الحق، والجاهلية، هو في المرجعية التي تسمى في لغة العصر (الدستور) فأهل الجاهلية القديمة، والحديثة، يصطنعون لأنفسهم أحكاما، وقوانين، يحملون عليها الكافة، ويرسمون بها خطة معاشهم، ويحتكمون إليها عند التنازع، ويعظمونها، ويقسمون عليها عند تولي المناصب، والرياسات، ويعتبرون الإخلال بها (خيانة عظمى) في بعض الأحوال، و (خروجا عن القانون) في باقيها فربما سميت في قرون خلت (شريعة حمورابي)، أو (أحكام قراقوش)، أو (ياسق جنكيز خان) وربما سميت في العصور الحديثة: (القانون الفرنسي)، أو (القانون الإنجليزي)، أو (الشرعية الدولية)
أما أهل الإيمان، فيرون أن التشريع حق خالص لله، لا يشاركه فيه غيره، ولا يحتكم فيه لسواه قال تعالى: (أفحكم الجاهلية يبغون ومن أحسن من الله حكما لقوم يوقنون) وقال: (أم لهم شركاء شرعوا لهم من الدين ما لم ياذن به الله) وظلت هذه العقيدة مستقرة في خلد المسلمين، وفي واقعهم السياسي، وال تنظيمي، قرونا متعاقبة، بوصفها: (من المعلوم من الدين بالضرورة)
لم يخالج أهل الإسلام شك في أن (الهدى) في لزوم الكتاب والسنة، وإن قصروا في تطبيقه وأن (الضلال) في الحيدة عنهما، وإن تلبسوا بشيء ذلك وكان كل تجديد، وإصلاح، يقع في تاريخ الأمة، يعول على التمسيك بهذين الأصلين، والرد إليهما عند التنازع (يا أيها الذين آمنوا أطيعوا الله وأطيعوا الرسول وأولي الأمر منكم فإن تنازعتم في شيء فردوه إلى الله والرسول إن كنتم تؤمنون بالله واليوم الآخر ذلك خير وأحسن تأويلا) "
الغريب فى أمر المؤلف أنه ذكر رواية تجعل المرجعية الوحيدة هى كتاب الله ولا يوجد فيها ذكر للسنة ومع هذا يصر على أنهما مرجعيتان رغم أنه قال بعدم إشراك أحد مع الله والسنة إن لم تكن سنة الله فهى نوع من الشراكة المحرمة لأنها تجعل الرسول(ص) شريكا لله فى التشريع
وحدثنا عن أن الانحراف عن الإسلام بتغيير القوانين بدأ منذ قرنين تقريبا فى عهد الدولة العثمانية وهو كلام يتناسى أن الشريعة تاريخيا توقف العمل بها منذ بداية حكم معاوية وتم وضع الأحكام البشرية بعدم تساوى الناس من خلال وراثة الحكم ومن خلال توزيع المناصب على أهل الحاكم ومنافقيه ومن خلال عدم تطبيق الحدود إلا على الهوى وفى الانحراف المزعم قال :
"وقد بدأ خط الانحراف بالانفراج عن الخط المستقيم، حين سعت الدولة العثمانية، إبان حكم السلطان محمود الثاني (ت:1839) في محاكاة الدول الأوربية في سن التنظيمات، والقوانين، التجارية، والمدنية، ثم سار على خطاه السلطان عبد المجيد الأول، فأصدر مرسومه الشهير (خط شريف كولخانه) الذي ألغى رسميا (نظام الملل)، عام 1839م، كما صنع إبراهيم باشا، ذات الإجراء حين استولى على بلاد الشام عام 1832م، حين أصدر (القانون البيورلدي) القاضي بإلغاء أحكام أهل الذمة، حتى آل الأمر بالدولة العثمانية، تحت ضغوط الدول الأوربية إلى إصدار تنظيم أكثر اتساعا، عام 1856م عرف باسم (الخط الهمايوني)
ولم يزل بساط الشرع يطوى، وتبسط مكانه القوانين الوضعية، حتى انحسر الحكم بالشريعة في معظم البلدان الإسلامية بما يسمى (الأحوال الشخصية)، المتعلقة بالنكاح، والطلاق، والنفقات، والميراث، ونحوها بل طرأ على هذه المذكورات ما يقتضي، في نظر القانونيين، ما يقتضي التغيير، استجابة للمعاهدات الدولية، والاستزلال العالمي ولا زالت الجامعات، والبعثات، تغذ السير لدراسة (النظم) و (القوانين) لإحلالها محل الشريعة الخاتمة، والهدي النبوي
وكانت النتيجة المشؤومة، المتوقعة، مزيدا من الضلال، والتخبط، والارتكاس في حمأة الجاهلية المعاصرة ونشأت أوضاع فطم عليها الصغير، وشاب عليها الكبير، تستسيغ تنحية كتاب الله، وتكتفي منه ببركة الترتيل، والتطريب، وتهجره في العمل، والاتباع ولا حول ولا قوة إلا بالله
ولا ريب أن الاهتداء بكتاب الله، وسنة رسول الله لا يقتصر على شؤون الحكم، والتنظيم، بل يتناول جميع مناحي الحياة؛ العلمية، والعملية، إلا إن المظهر العام للأمة، والأثر البليغ يحصل بالأحكام السلطانية، التي تطال جميع الرعية، فإن الله يزع بالسلطان، ما لا يزع بالقرآن
ووالله، لو أن قلوب المسلمين امتلأت إيمانا، ويقينا، بموعود رسول الله ولو أن أولي الأمر منهم، تمسكوا بكتاب الله، لم يضلوا أبدا، ولهدوا إلى طريق العزة، والتمكين"
وأنهى الرجل حديثه بالقول أن الرسول(ص) بلغ الرسالة كما يجب فقال :
"ونحن نشهد، بما شهد به سلفنا لنبينا ونقول بملأ أفواهنا: (نشهد أنك قد بلغت، وأديت، ونصحت) اللهم اهد قومي فإنهم لا يعلمون"
رضا البطاوى غير متصل   الرد مع إقتباس