عرض مشاركة مفردة
غير مقروءة 17-07-2022, 08:05 AM   #1
رضا البطاوى
من كبار الكتّاب
 
تاريخ التّسجيل: Aug 2008
المشاركات: 6,012
إفتراضي قراءة في كتاب نظرية الاستغلال في القانون الوضعي في ضوء الشريعة الإسلامية

قراءة في كتاب نظرية الاستغلال في القانون الوضعي في ضوء الشريعة الإسلامية
المؤلف مسلم اليوسف والبحث يدور حول الاستغلال وهو الظلم في البيوع والمعروف عند الفقهاء باسم الغبن والمشرعون الوضعيون اخترعوا ما يسمى بنظرية الاستغلال واحكامها في القوانين الوضعية وفى هذا قال اليوسف:
"أما بعد :
عرف الغبن منذ زمن بعيد في كتابات و فقه أهل العلم ، بيد أن الاستغلال كمصطلح مستقل له شروطه و احكامه فقد ظهر في العصور الحديثة الذي اعتمد في بعض أحكامه على الغبن بصورته التقليدته وابتكر أحكاما أخرى نتيجة تصديه لمشاكل العصر و أفكاره الجديدة
وقد جعلت القوانين الوضعية الاستغلال نظرية فعلية لها شروطها وعناصرها و آثارها في تلك القوانين "
وتحدث اليوسف النظرية الوضعية تشترط لوقوع الاستغلال ثلاث شروط وفيها قال :
ولقيام الغبن وفق نظرية الاستغلال شروط ثلاث هي :
1- أن يختل التعادل بين الأداءات المتقابلة في العقد أو أن ينعدم هذا التعادل عند عدم وجود مقابل .
2- أن يكون هناك استغلال لضعف معين في المتعاقد المغبون .
3- أن يكون هذا الاستغلال هو الدافع إلى التعاقد ."
الشرط الأول – اختلال في التعادل بين الأداءات المتقابلة :
يأتي هذا العنصر وفق هذه النظرية في المقام الأول ، فهو أول ما يتجه إليه البحث عند النظر في الغبن وفق نظرية الاستغلال ، لأنه ظاهر واضح وهو سهل الإثبات ، ويتحقق هذا الشرط كما تقول المادة 129/1 مدني مصري و 130 مدني سوري : ( إذا كانت التزامات أحد المتعاقدين لا تتعادل البتة مع ما حصل عليه هذا المتعاقد من فائدة بموجب العقد أو مع التزامات المتعاقد الاخر ) .
كما أوردت المادة 214 موجبات و عقود لبناني إذا كان الغبن ( فاحشا وشاذا عن العادة المألوفة ) .
والتعادل بين الأداءات أو الموجبات وفق نظرية الاستغلال لا ينظر فيه إلى قيمة المادية للشئ فقط ، و إنما يعتد أيضا بقيمته الشخصية أي بما يساويه في اعتبار التعاقد ، فربما كان هناك xxxx يساوي مليون بيد أنه في نظر المشتري أو البائع يساوي أكثر من ذلك لما يحوي هذا الxxxx على أشياء ذات طابع شخصي لدى المتعاقد فتصبح هذه القيمة الشخصية هي أس الحقيقي لقيمة الxxxx و لتفاوت قيمته في العقد .
بيد أني أتساءل متى كان تقديرنا للأشياء هو المقوم أو المحدد لسعر السلع أو ليس قانون العرض و الطلب هو المسعر للسلع و دخل لعواطفنا وميولنا في تحديد أسعار الأشياء كقاعدة عامة ، إذا ما أدخلنا القيمة الشخصية للشئ لتسعير الأشياء فإننا سنفتح باب الاستغلال على مصراعيه وعوضا عن جعل نظرية الاستغلال مقاومة للاستغلال تصبح مشجعة وحامية له . فربما وجد شخص لديه رغبة شديدة في شراء منزل ما بسبب قربه من عمله وأهله ، وبالتالي فإنه سوف يوفر عليه كثيرا من الوقت والمال ، فسعره الشخصي عند هذا الشخص يساوي أكثر من قيمته في السوق ، فهل يدخل في تقويم الxxxx هذه الأشياء الشخصية وبالتالي يصبح مجموع هذه الأشياء سعر الxxxx ، أم أن الذي يحدد سعره موقعه في البلد ومساحته وجودته و إلى غير ذلك من الأمور الهامة لسعر الxxxx ."
وكلام اليوسف في تثمين أو تسعير الشىء باطل فالقيمة قيمة الشىء تتمثل في تكلفة المواد الخام وأجر العمل والنقل وأما يقومون به حاليا من عمليات مختلفة مثل قرب الشىء من وسائل المواصلات أو وجوده في منطقة تجارية أو منطقة زراعية أو اطلاله على شارع أو اثنين أو أكثر أو غير هذا مما اخترعه البشر لتسعير الxxxx مثلا فهو لا قيمة له في الإسلام الذى حرم أساسا بيع البيوت وأباح تبادلها للمنتقلين من بلدة لأخرى بسبب الوظيفة المهنية أو سبب اضطرارى كمرض أو جريمة قتل أو ما شابه
وتحدث اليوسف عن رفض القانون اللبنانى لنظرية الاستغلال فقال :
"أعتقد أن القانون اللبناني قد أحسن عندما لم يأخذ بنظرية الاستغلال ( النظرية الشخصية للالتزامات لأن واضع المادة 214 جمع بين المذهب المادي و الشخصي ، فاشترط الغبن بصفته الفاحشة و الاستغلال ، و في إطار الغبن وفق نظرية الاستغلال ينظر إلى قيمة الشئ نظرة مادية لا شخصية ، وعند استعراض خاصة الاستغلال يكون تقديرها أساس التحقق ما إذا كان المغبون قد استغل فعلا ، وكان استغلاله قد حصل بالشكل الذي حمله على القبول بالقيمة المعينة في العقد .
ويدخل في نطاق تقدير التصرف كل شرط يفرض على المتعاقد التزاما ، حتى ولو لم يكن يقوم بمال ، وعلى هذا الأساس تقوم المقارنة بين التزامات الطرفين في مجموعهما ، إذ تؤخذ بعين الاعتبار الالتزامات المتعاقدين والفائدة التي يحصل عليها المتعاقد بموجب العقد فلو أن شخصا اشترى قطعة من الأرض والتزم في العقد بعدم البناء عليها ، فالتزامه هذا يدخل في التقدير عند تحديد المنفعة التي عادت عليه ، ومقارنتها بالثمن الذي دفعه .
و يصح أن يقع الاختلال بالمعنى الذي ذكرناه في جميع التصرفات وهو اكثر ما يكون في عقود المعاوضات إذ أن هذا المجال هو الذي يظهر فيه بوضوح الاختلال في التعادل بين الأداءات ، لأن العاقد في هذه العقود يعرف وقت العقد على وجه محدد مقدار ما يعطي ومقدار ما سيأخذ ، كما أنه من الممكن أن يتحقق الاختلال في العقود الاحتمالية على الرغم من انها تقوم أساسا على عنصر الاحتمال ، احتمال الخسارة و الكسب ، إلا أن هذا لا يحول دون أن تكون مجالا للغبن ."
وهذا الكلام عن العقود التى شرطها فى الإسلام هو تراضى الطرفين كما قال تعالى :
"يا أيها الذين أمنوا لا تأكلوا أموالكم بينكم بالباطل إلا أن تكون تجارة عن تراض منكم"
فإذا رضا البائع والمشترى عن السعر فهو بيع مقبول عند الله وما يتحدث عنه اليوسف هو مجال أخر وهو :
عدم صلاحية البائع للبيع وهو ما يسمونه المحجور عليه وبلغتنا الدارجة المضحوك عليه والعقد من تلك الناحية يكون عقد باطل لأن البائع يكون سفيها أى مجنونا أو أن العقد عقد في ظروف محرمة كأن يسقى المشترى البائع خمرا أو يغريه بمحرم كالزنى وكأن يكرهه عليه بقتل أو أجرح من يحبهم البائع
وحدثنا اليوسف عن عقد التبرع فقال:
"أما عقود التبرع التي ينال فيها أحد المتعاقدين مقابلا لما يعطيه ولا يقدم العاقد الاخر مقابلا لما يناله .
إن بعض التشريعات والفقه يريان أن عقد التبرع من نطاق الغبن وفق النظرية الشخصية ، لانعدام العنصر المادي في التبرعات وهذا ما فعله القانون المصري ، وتبعه القانون السوري إذ وضع المتشرع المصري نصا خاصا لعقود التبرع ، بيد أن لجنة مجلس الشيوخ حذفت هذا النص بحجة أنه من قبيل التزيد ، ذلك أن نص المادة 129 شمل التبرعات أيضا .
أما القانون اللبناني : فقد ذهب فريق من شراحه إلى أن المتشرع اللبناني يقصر الاستغلال على عقود المعاوضات بحجة أن المادة 213 موجبات وعقود اقتصرت على ذكر هذه العقود في تعريفها للغبن بيد أنني أعتقد أن هذا التعريف تناول الغبن وفق النظرية المادية .
أما الاستغلال فقد عالجه في المادة 214 وفقا لما يقضي به منطق الفكرة ، إذ هو أشد وطأة في عقد التبرع منه في عقد المعاوضة .
و هنا أطرح السؤال التالي : هل يجب أن يكون هناك اختلال في الموجبات حتى يكون هناك عيب ، وفي عقد التبرع العاقد لا يأخذ مقابل ما يعطي أصلا ؟ .
الحقيقة أنه ينظر في هذه الحالة لتقدير العنصر المادي إلى مقدار التبرع بالنسبة إلى ثروة المتصرف والعبرة في تقدير العنصر المادي على النحو الذي ذكرناه بوقت إبرام التصرف ، وإذا سبق التصرف وعد بإبرامه كانت العبرة في تقدير العنصر المادي وقت صدور الوعد ، وليس وقت انعقاد التصرف الموعود به حينما يبدي الموعود له رغبته في إبرامه .
و كثيرا ما يتبرع الزوج لأولاده من زوجته الأولى بمعظم ماله بالبيع الصوري ، ثم يتزوج بثانية وربما ينجم عن هذا الزواج طفل أو أطفال و عندما يموت الأب لا يجد الطفل من تركة أبيه شيئا لأن الأب قد تبرع بمعظم أو بكل أمواله لأولاده من الزوجة الأولى مما ألحق بهذا الغلام الغبن الفاحش لذلك كان حل هذه المشكلة وفق لنظرية الاستغلال أدعى و أوجب و ذلك لخطورة عقود التبرع وكثرة وقوعها في مجتمعاتنا ."
والتبرع يجب التفرقة فيه بين نوعين :
الأول التبرع للأقارب وهو ما يسمى الوصية أو الهبة
الثانى التبرع للمسلمين وهذا التبرع هو ما فعله الأنصار للمهاجرين حيث تقاسموا معهم كل الأموال وزادوا أنهم كانوا يعطونهم من نصيبهم حتى قال الله فيهم:
رضا البطاوى غير متصل   الرد مع إقتباس