عرض مشاركة مفردة
غير مقروءة 17-05-2022, 07:49 AM   #3
رضا البطاوى
من كبار الكتّاب
 
تاريخ التّسجيل: Aug 2008
المشاركات: 5,950
إفتراضي

ويقصد بهذا التراث والمنهج مجموع الآراء ، والأفكار ، والاجتهادات ، والنظريات ، والتطبيقات والممارسات التربوية التي صدرت عن المهتمين بالجانب التربوي من العلماء ، والفقهاء ، والمربين ، والمفكرين المسلمين عبر عصور الحضارة الإسلامية ؛ على اعتبار أن " التراث الإسلامي هو ما ورثناه عن آبائنا من عقيدة وثقافة ، وقيم ، وآداب ، وفنون ، وصناعات ، وسائر المنجزات الأخرى المعنوية والمادية " ( أكرم ضياء العمري ، 1406هـ ، ص 27 ) .
ونظرا لأن مجموع هذا التراث أو ما يمكن أن يسمى بالموروث الثقافي لا يخرج عن كونه اجتهادات بشرية أملتها الكثير من الظروف والعوامل المختلفة ؛ فإن علينا ألا نقبل بكل ما جاء في هذا التراث على إطلاقه ؛ وإن نخضعه للنظر والتحقيق والدراسة ، فما كان منه صالحا ومتفقا مع كتاب الله العظيم ، وسنة رسوله الكريم ، عليه أفضل الصلاة والتسليم ؛ قبلناه وأخذناه وعملنا به ، وما كان مخالفا لهما تركناه ورفضناه ؛ وهو ما يشير إليه أحد الباحثين بقوله :
" فآراء هؤلاء جميعا [ أي علماء السلف ] تمثل اجتهادات في تفسير الإسلام وتوجيهاته في بناء الإنسان ، لهم عليها الأجر من الله ، وعلينا واجب النظر والتحقيق" ( يوسف عبد المعطي ، 1415هـ ، ص 37 ) .
والمعنى أن مجموع كتابات ومؤلفات المسلمين التي تشير إلى بعض الأفكار ، والآراء ، والمضامين ، والتوجيهات ، والدروس التربوية تعد مصدرا غنيا من مصادر التربية الإسلامية ؛ نظرا لما لها من قيمة علمية ، ولكونها صدرت عن علماء مسلمين كان لهم فضل الاجتهاد في ظروف و أزمنة مختلفة تلبية لحاجات المجتمع ، وتفاعلا مع أوضاعه المختلفة ؛ إضافة إلى " أن الإسهام الإسلامي عبر العصور فيه اجتهاد متعدد في شتى مجالات التربية ، والعودة إلى التراث التربوي الإسلامي ليس من أجل الأخذ به كمسلمات ، ولكن للاستفادة [ منه ] في كيفية فهمهم للنص الإسلامي ، وكيفية تطبيقهم لهذا النص على عصرهم وظروفهم ، أي أنها عودة للاستئناس والاسترشاد وليست عودة للتطبيق الأعمى أو الأخذ الحرفي ؛ فلكل عصر رجاله ، ولكل عصر اجتهاداته التربوية " ( عبد الرحمن النقيب ومنى السالوس ، 1420هـ ، ص 19 ) .
…وعلى الرغم من أن هناك تراثا علميا وثقافيا ضخما لسلفنا الصالح في مختلف ميادين العلوم التربوية على وجه الخصوص؛ إلا إن من أبرز الكتابات فيها ما يلي :
= آداب المعلمين والمتعلمين لمحمد بن سحنون التنوخي .
= سياسة الصبيان وتدبيرهم لأحمد بن إبراهيم المعروف بابن الجزار القيرواني .
= تهذيب الأخلاق وتطهير الأعراق لأحمد بن محمد المعروف بابن مسكويه .
= جامع بيان العلم وفضله ليوسف بن عبد البر.
= الجامع لأخلاق الراوي وآداب السامع للخطيب البغدادي .
= تعليم المتعلم طريق التعلم لبرهان الإسلام الزرنوجي .
= تذكرة السامع والمتكلم في أدب العالم والمتعلم لبدر الدين بن جماعة .
= الرسالة المفصلة لأحكام المعلمين والمتعلمين لأبي الحسن علي بن محمد القابسي .
= أدب الإملاء و الاستملاء لعبد الكريم بن محمد السمعاني .
= أخلاق العلماء لأبي بكر الآجري .
= أدب الطلب ومنتهى الأرب لمحمد بن علي الشوكاني ."
وهذا الكلام عن كون تراث السلف مصدر هو وهم لأنهم يخطئون ويصيبون ومن ثم لا يمكن أن يكون مصدرا لأن المصدر لابد أن يكون صائبا صحيحا فقط وهو الوحى المنزل
وتحدث عن اعتبار البعض القرآن وكتب الأحاديث تراثا فقال مخطئا إياهم :
"وهنا تجدر الإشارة إلى أن هناك مفهوما خاطئا عند بعض الباحثين والكتاب في الميدان التربوي ؛ حيث إن منهم من يرى أن القرآن الكريم والسنة المطهرة يعدان من التراث الإسلامي وهذا غير صحيح أبدا ؛ لأنهما غير موروثين من زمن لزمن ، ولا من جيل لجيل ، ولكنهما جاءا لكل زمان ومكان . يضاف إلى ذلك أن لفظة التراث كثيرا ما تطلق على القديم البالي ؛ وهو ما لا ينطبق على القرآن الكريم والسنة النبوية فهما متجددان تجدد الليل والنهار ؛ ولا يمكن أبدا إخضاعهما للمقاييس البشرية من حيث الانتقاء والاختيار ، والقدم والجدة "
وكلام ابو عراد يخالف كتاب الله حيث اعتبر الله الكتاب ورثا للناس فقال :
" ثم أورثنا الكتاب الذين اصطفينا من عبادنا فمنهم ظالم لنفسه ومنهم مقتصد ومنهم سابق بالخيرات "
وتحدث عن وجود مصدر رابع وهو ما صح من الفكر التربوى فقال:
" رابعا ) الصالح من الفكر التربوي القديم و الحديث :
…ويقصد بذلك مجموع الدراسات ، والأبحاث ، والملاحظات العلمية ، والطروحات الفكرية التربوية القديمة أو المعاصرة التي يمكن الإفادة منها في معالجة القضايا والمشكلات التربوية المختلفة ، ولاسيما أن المجال التربوي يعد متطورا ومتجددا ، وغير ثابت أو مستقر ؛ فكان لا بد من الانفتاح المنضبط والإيجابي على مختلف المعطيات الحضارية القديمة أو المعاصرة شرقية كانت أو غربية ؛ للإفادة مما وصل إليه التقدم العلمي والحضاري في مختلف المجالات والميادين ، مع مراعاة أن تتم الإفادة من الجانب الإيجابي فيها ، والذي لا يتعارض بأي حال مع ثوابتنا الشرعية وتعاليم ديننا السمحة . وإلى هذا يشير أحد المهتمين بقوله :
" ورجوع المجتمع المسلم إلى مصدر الدين في تحديد فلسفته وأهدافه التربوية ، لا يمنعه من الرجوع إلى المصادر الفردية والاجتماعية والعلمية التي تذكرها عادة كتب التربية الحديثة في معرض حديثها عن مصادر الأهداف التربوية ، والتي تتمثل عادة في ما كشفت عنه الدراسات والأبحاث والملاحظات العلمية من حاجات جسمية و عقلية و روحية و نفسية و اجتماعية للفرد " ( عمر محمد التومي الشيباني ، 1395هـ ، ص 305 ) ."
وهذا الكلام مخالف لكتاب الله الكامل الذى بين كل شىء كما قال تعالى:
" ونزلنا عليك الكتاب تبيانا لكل شىء"
فإذا كان فيه حكم كل شىء فما حاجتنا لمصدر غيره ؟
ولخص المصادر فقال في الخلاصة:
" والخلاصة ؛
أن التربية الإسلامية كعلم تربوي ، تعد من جهة التصنيف علم ثنائي المصدر ؛ لأنها تجمع بين العلوم والمصادر الشرعية الإسلامية من جهة ، والعلوم والمصادر التربوية من جهة أخرى . وهي بذلك متميزة ومنفردة عن غيرها من أنواع التربية الأخرى التي جرت العادة أن تعتمد في مصادرها على فلسفات ، أو نظريات ، أو مذاهب ، أو أفكار ، أو نحو ذلك من الاجتهادات و الآراء البشرية المختلفة .
وبذلك يمكن القول : إن مصادر التربية الإسلامية تنقسم إلى قسمين رئيسيين هما :
1) المصادر الأصلية ( الإلهية ) : وتتمثل في آيات القرآن الكريم ، وأحاديث السنة النبوية الثابتة التي تشترك جميعها في كونها جاءت وحيا من الله الخالق سبحانه . وهي مصادر أساسية لا يمكن أن تتحقق التربية الإسلامية الصحيحة أو تقوم بدونها .
2) المصادر الفرعية ( البشرية ) : وتشمل مجموع تراث ومنهج السلف الصالح لهذه الأمة ، وما فيه من اجتهادات ، وآراء ، وأفكار ، وتطبيقات تربوية لعلماء ، وفقهاء ، ومفكري المسلمين في الماضي والحاضر ؛ إضافة إلى مجموع الدراسات ، والأبحاث ، والملاحظات العلمية المعاصرة التي تعنى بالجانب التربوي وقضاياه المختلفة ؛ شريطة ألا يؤخذ من هذه المصادر إلا ما كان صحيحا ، وصالحا ، وإيجابيا ، وغير متعارض مع ما جاء في المصادر الأصلية المتمثلة في القرآن الكريم والسنة النبوية المطهرة ."
وقطعا لا وجود سوى لمصدر واحد هو وحى الله
رضا البطاوى غير متصل   الرد مع إقتباس