عرض مشاركة مفردة
غير مقروءة 08-10-2010, 03:16 PM   #24
المشرقي الإسلامي
أحمد محمد راشد
 
الصورة الرمزية لـ المشرقي الإسلامي
 
تاريخ التّسجيل: Nov 2003
الإقامة: مصر
المشاركات: 3,832
إفتراضي

ويزيد القصيدةَ اتقادًا هذا الشعور الذي ساقه مترتبًا على مشاعر سابقة والتي تزيد من فرحه بعد استيئاسه من الناس ومن أن تزيل الطبيعة كل لواعج ماضيه ، إذ نقف على هذه الصورة الرائعة :


وأتيـتِ يومـا تسأليـن بريـبـةٍ ** يا أيها الـروح الغريـب الفانـى



إنها حالة ربما يستعبر المرء فيها ، ويجد نشوة لا يعرف مصدرها وحالة من الفرح الطفولي بهذا الجو الإنساني الرهيب حيث يجد من تهدي إليه كلمات الحب صادقة !! ما أروعها من حالة يجد الشاعر فيه محبوبته هي التي تبادئه الحب وتأتي بلسمًا على روحه بدلاً من أن تنتظره حتى يستجدي منها الحب والإخلاص ، إنها لحظة الإشراق والتي يجد الشاعر فيها ما لم يكن يتوقعه أبدًا إذ أنه لم يجد المحبوبة فحسب ، بل ووجد هي التي تبحث عنه ، وهذا ما يزيد شعوره بالنشوة داخل هذه الطبيعة التي كأنها ولِدَت من رَحِم إنسانية هذه المُحِبّة-المحبوبة في نفس الوقت .وهذا الملمح الرائع يتألق ويصل درجة البروز القمري في ليلة الرابع عشر :


فتبسمـت وشعـرت أنـى بسمـة ** وأتـت تحررنـى مـن القضبـانِ
إنه بيت رائع يبرز كيف يرى الشاعر الحياة من خلال ما حوله ،فالتوحد بينه وبين الحبيبة جعله يشعر برضاه عن نفسه لمجرد أن رضيت الحبيبة عنه ، وابتسامها هو الذي أشعره بأنه بسمة ، جاءت لتتحرر على أيدي المحبة من القضبان ودون الوقوف كثيرًا على هذا التشخيص للبسمة فقد كان للمحبوبة أكثر من دور يزيد القصيدة اتقادًا ، حيث بادأته بالحب ثم حررته من قيوده .
بل ويؤكد الشاعر هذه الحالة من خلال هذا البيت :
فوقفت يعجزنـى الجـواب لأننـى ** ما كنت أحسبنـى وجـودًا ثانـى
إنه الانكسار الذي تحدثه المدينة وتجبره المحبوبة التي تأتي معادلاً موضوعيًا للطبيعة أو قُل إنها طبيعة أخرى ، وهذا البيت يعد شارحًا للبيت :
وأتيـتِ يومـا تسأليـن بريـبـةٍ ** يا أيها الـروح الغريـب الفانـى
حالة من النشوة غير المسبوقة والقلب المترجرج عبر هذه المراحل المختلفة التي مر بها


ورفعت وجهـى كـى أراك وإنـه ** حلـمٌ أراه اليـوم فـى إمكـانـى

يستمر هذا السرد لحالات التدفق والشحن العاطفي الذي يمر به الشاعر والتي تصل درجة الارتفاع عندما تكون المحبوبة المُحبَة ُ هي الحلم الذي يراه في الإمكان ،إلا أن الذي أراه - من ناحيتي - مأخذًا على الشاعر هو أنه ترك صفحة الألم غير مطوية أو مُطواة بسبب آلام الماضي التي شككته حتى في إمكانية قضاء الحبيبة عليها في هذين البيتين :

أيكون فى عينـيك سـر سعادتـى ** أيكـون فـى أجوائهـا سلوانـى





هـو ذاك حلـم ضائـع متـمـرد ** يجتاحنـى ويهـز كـل كيـانـى ، كما أن الجو الإنساني الذي امتلأت به القصيدة لاسيما في الذروة التي كانت قبل هذين البيتين كانت موحية بجو من البهجة لم يتحقق في نهاية القصيدة ، وهذا قد يكون درسًا في كيفية ختم القصيدة وتوزيع الرؤى الداخلية فيها على الموقف الشعوري .



دمت مبدعًا وفقك الله
__________________
هذا هو رأيي الشخصي المتواضع وسبحان من تفرد بالكمال

***
تهانينا للأحرار أحفاد المختار




المشرقي الإسلامي غير متصل   الرد مع إقتباس