عرض مشاركة مفردة
غير مقروءة 06-10-2018, 09:07 AM   #1
رضا البطاوى
من كبار الكتّاب
 
تاريخ التّسجيل: Aug 2008
المشاركات: 5,907
إفتراضي تفسير سورة الحجرات

سورة الحجرات
سميت بهذا الاسم لذكر الحجرات فى قوله "إن الذين ينادونك من وراء الحجرات".
"بسم الله الرحمن الرحيم يا أيها الذين آمنوا لا تقدموا بين يدى الله ورسوله واتقوا الله إن الله سميع عليم "المعنى بحكم الرب النافع المفيد يا أيها الذين صدقوا لا تقولوا بعد قول الرب ونبيه (ص)أى أطيعوا الرب إن الرب خبير محيط ،يخاطب الله الذين آمنوا وهم الذين صدقوا حكم الله مبينا لهم أن اسم الله الرحمن الرحيم أى أن حكم الرب النافع المفيد هو ألا يقدموا بين يدى الله ورسوله (ص)والمراد ألا يطيعوا حكم أنفسهم ويتركوا حكم الرب المنزل على نبيه (ص)وفسر هذا بقوله اتقوا الله أى "أطيعوا الله"كما قال بسورة محمد والمراد اتبعوا حكم الله وحده إن الله سميع عليم والمراد إن الرب محيط عليم بكل شىء والخطاب وما بعده للمؤمنين .
"يا أيها الذين آمنوا لا ترفعوا أصواتكم فوق صوت النبى ولا تجهروا له بالقول كجهر بعضكم لبعض أن تحبط أعمالكم وأنتم لا تشعرون "المعنى يا أيها الذين صدقوا لا تجعلوا أحكامكم أعلى من حكم الرسول(ص)أى لا تعلنوا له الحكم كإعلان بعضكم لبعض كى لا تبطل أفعالكم وأنتم حقيقة تعلمون،يخاطب الله الذين آمنوا أى صدقوا حكم الله طالبا نفس الطالب السابق فيقول :لا ترفعوا أصواتكم فوق صوت النبى (ص)أى لا تجعلوا أحكامكم مطاعة دون حكم الرسول (ص)وهذا هو عدم التقديم بين يدى الله ورسوله (ص)وفسر هذا بألا يجهروا للنبى (ص)بالقول كجهر بعضهم لبعض والمراد ألا يعلنوا للرسول (ص)الحكم فى أنفسهم كإعلان بعضكم حكمه للبعض الأخر وهذا يعنى أن يخضعوا لحكم النبى (ص)ويتركوا أحكام أنفسهم التى كانوا يريدون فرضها على بعضهم البعض أيام كفرهم والسبب أن تحبط أعمالكم وأنتم لا تشعرون والمراد كى لا يضيع ثواب أفعالكم الصالحة وأنتم حقيقة تعلمون لأنكم تزينون لأنفسكم الباطل لو اتبعتم حكم أنفسكم .
"إن الذين يغضون أصواتهم عند رسول الله أولئك الذين امتحن الله قلوبهم للتقوى لهم مغفرة وأجر عظيم "المعنى إن الذين يعصون أحكامهم لدى حكم نبى الرب أولئك الذين محص الرب نفوسهم للطاعة لهم رحمة أى ثواب كبير،يبين الله للمؤمنين أن الذين يغضون أصواتهم عند رسول الله (ص)والمراد أن الذين يتركون طاعة حكم أنفسهم لدى قول نبى الله (ص)لحكمه حيث يطيعون حكم الله أولئك الذين امتحن الله قلوبهم للتقوى والمراد أولئك الذين مهد الرب نفوسهم لطاعة حكمه لهم مغفرة أى رحمة وفسرها بأنها أجر عظيم أى "أجر كبير "كما قال بسورة فاطر والمراد ثواب حسن هو الجنة والخطاب للمؤمنين.
"إن الذين ينادونك من وراء الحجرات أكثرهم لا يعقلون ولو أنهم صبروا حتى تخرج إليهم لكان خيرا لهم والله غفور رحيم "المعنى إن الذين يدعونك من خلف البيوت أغلبهم لا يفهمون ولو أنهم انتظروا حتى تطلع لهم لكان أفضل لهم والرب نافع مفيد،يبين الله لنبيه (ص)أن الذين ينادونه من وراء الحجرات أكثرهم لا يعقلون والمراد أن الذين يدعونه والمراد يطلبون خروجه لهم من خلف البيوت معظمهم لا يفهمون لأن النداء يكون من أمام الحجرات إلا لضرورة قاهرة فيكون من الخلف ،ويبين له أنهم لو أنهم صبروا أى انتظروا حتى تخرج لهم أى حتى تذهب لمكان وجودهم لكان خيرا لهم والمراد لكان انتظارهم أفضل فى الثواب لهم والله غفور رحيم أى عفو أى نافع لمن يتوب من ذنبه وهو هنا النداء من خلف الحجرات نافع له والخطاب للنبى(ص) .
"يا أيها الذين آمنوا إن جاءكم فاسق بنبأ فتبينوا أن تصيبوا قوما بجهالة فتصبحوا على ما فعلتم نادمين "المعنى يا أيها الذين صدقوا إن أتاكم كافر بخبر فتثبتوا كى لا تمسوا ناسا بظلم فتصبحوا على ما صنعتم متحسرين ،يخاطب الله الذين آمنوا أى صدقوا حكم الله فيقول لهم :إن جاءكم فاسق بنبأ والمراد إن أتاكم كافر بخبر فتبينوا والمراد فتأكدوا من صحته أن تصيبوا قوما بجهالة والمراد حتى لا تؤذوا ناسا بباطل هو الخبر وهذا يعنى وجوب التأكد من صحة أى خبر يأتى به كافر من الكفار حتى لا يصاب الناس بالأذى من جراء هذا الخبر ظلما،فتصبحوا على ما فعلتم نادمين أى فتكونوا على الذى صنعتم من الأذى متحسرين أى معاقبين وهذا يعنى وجوب وجود عقاب مؤذى الغير بسبب عدم تأكده من صحة الخبر الذى بنى عليه إيذاء الغير وعقابه هو عقاب الغير متعمد فى أى جريمة والخطاب للمؤمنين وما بعده.
"واعلموا أن فيكم رسول الله لو يطيعكم فى كثير من الأمر لعنتم ولكن الله حبب إليكم الإيمان وزينه فى قلوبكم وكره إليكم الكفر والفسوق والعصيان أولئك هم الراشدون فضلا من الله ونعمة والله عليم حكيم "المعنى واعرفوا أن معكم مبعوث الرب لو يتبعكم فى كثير من الرأى لكفرتم ولكن الرب حسن لكم الإسلام أى حسنه فى نفوسكم وبغض لكم التكذيب أى الكفر أى المخالفة أولئك هم المرحومون ثوابا من الرب أى رحمة والله خبير قاض ،يطلب الله من المؤمنين أن يعلموا والمراد أن يعرفوا أن فيهم رسول الله والمراد أن معهم نبى الله (ص)لو يطيعهم فى كثير من الأمر والمراد لو يتبعهم فى كثير من الحكم وهو رأيهم فى القضايا المختلفة لعنتوا أى لكفروا بسبب هذا وهذا يعنى ألا يقولوا رأيهم بعد حكم الرسول (ص)ولكن الله حبب إليكم الإيمان والمراد ولكن الرب زين لكم الإسلام وفسر هذا بأنه زينه فى قلوبهم أى أسكن الإسلام فى نفوسهم وكره والمراد وبغض لهم الكفر الذى فسره بأنه الفسوق الذى فسره بأنه العصيان وهو مخالفة حكم الله ويبين الله أن أولئك وهم المطيعون لحكم الله هم الراشدون أى المرحومون فضلا من الله وفسره بأنه نعمة والمراد ثوابا أى أجرا من عند الله ويبين لهم أن الله عليم حكيم أى أن الرب خبير بكل شىء قاضى بالحق
"وإن طائفتان من المؤمنين اقتتلوا فأصلحوا بينهما فإن بغت إحداهما على الأخرى فقاتلوا التى تبغى حتى تفىء إلى أمر الله فأصلحوا بينهما بالعدل وأقسطوا إن الله يحب المقسطين إنما المؤمنون إخوة فأصلحوا بين أخويكم واتقوا الله لعلكم ترحمون "المعنى وإن جماعتان من المصدقين تحاربوا فوفقوا بينهما فإن اعتدت إحداهما على الثانية فحاربوا التى تظلم حتى تعود إلى عدل الله فوفقوا بينهما بالقسط أى اعدلوا إن الله يرحم العادلين إنما المصدقون إخوان فوفقوا بين أخويكم وأطيعوا الله لعلكم تفوزون ،يبين الله للمؤمنين :أن إن طائفتان من المؤمنين اقتتلوا والمراد إن جماعتان من المصدقين بحكم الله تحاربوا فيما بينهم لسبب ما فالواجب هو أصلحوا بينهما أى وفقوا أى ألفوا بينهما حتى لا يتحاربوا مرة أخرى ،فإن بغت إحداهما على الأخرى والمراد فإن اعتدت أى ظلمت إحداهما الثانية بعد الصلح فقاتلوا التى تبغى حتى تفىء إلى أمر الله والمراد فحاربوا كلكم التى تعتدى حتى تعود إلى حكم وهو دين الله فإن عادوا للحق فأصلحوا بينهما بالعدل والمراد فاحكموا بينهما بالقسط فى القضايا التى اختلفوا فيها وفسر هذا بقوله أقسطوا أى اعدلوا فى الحكم إن الله يحب المقسطين والمراد إن الرب يرحم العادلين،ويبين الله لهم أن المؤمنون إخوة والمراد إنما المصدقون بحكم الله إخوة أى أصحاب متساوون ويطلب منهم أن يصلحوا بين أخويهم والمراد أن يحكموا بين أخويهم بالعدل والسبب لعلكم ترحمون أى تفوزون بجنة الله والخطاب للمؤمنين .
"يا أيها الذين آمنوا لا يسخر قوم من قوم عسى أن يكونوا خيرا منهم ولا نساء من نساء عسى أن يكن خيرا منهن ولا تلمزوا أنفسكم ولا تنابزوا بالألقاب بئس الاسم الفسوق بعد الإيمان ومن لم يتب فأولئك هم الظالمون "المعنى يا أيها الذين صدقوا لا يهزأ رجال من رجال عسى أن يكونوا أفضل منهم ولا إناث من إناث عسى أن يكن أفضل منهم أى لا تعيبوا بعضكم أى تنادوا بالشتائم قبح اللفظ الكافر بعد التصديق ومن لم ينب فأولئك هم الكافرون،يخاطب الله الذين آمنوا أى صدقوا حكم الله فيقول لا يسخر قوم من قوم والمراد لا يستهزىء ذكور من ذكور عسى أن يكونوا خيرا منهم أى عسى أن يكونوا أفضل أى أحسن منهم ولا تسخر نساء من نساء والمراد ولا تستهزىء إناث من إناث عسى أن يكن خيرا منهن أى عسى أن يكن أفضل منهن وهذا يعنى أن سبب تحريم السخرية هو أن المسبوبين قد يكونون أفضل عند الله من السابين وفسر هذا بألا يلمزوا أنفسهم والمراد ألا يعيبوا فى بعضهم البعض وفسر هذا بألا يتنابزوا بالألقاب والمراد ألا يتنادوا بالسباب وهو الشتائم وهى أى شىء يذم الإنسان ويبين لهم أن الاسم الفسوق بعد الإيمان قد بئس والمراد أن الكلام الكافر وهو ألفاظ السب بعد الإسلام قد ساء والمراد قبح فحرمه الله وهذا يعنى حرمة الشتم بأى لفظ يدل على كفر المسلم ويبين لهم أن من لم يتب والمراد من لم يستغفر الله من ذنب السخرية أو غيره فأولئك هم الظالمون أى الكافرون مصداق لقوله بسورة البقرة "والكافرون هم الظالمون" والخطاب وما بعده للمؤمنين.
رضا البطاوى غير متصل   الرد مع إقتباس