عرض مشاركة مفردة
غير مقروءة 22-09-2021, 07:54 AM   #2
رضا البطاوى
من كبار الكتّاب
 
تاريخ التّسجيل: Aug 2008
المشاركات: 5,971
إفتراضي

"التسبيح هو الوجه الآخر للحمد:
وأما التسبيح فإنه الوجه الآخر للحمد، إذ معناه نفس كل صفات النقص عن الله تبارك وتعالى، وتنزيه الله عما لا يليق به جل وعلا، وما ليس من صفته وفعله وما يتنزه سبحانه وتعالى عنه، فكل صفة ثابتة لله سبحانه وتعالى فالله منزه عن ضدها من صفات النقص والعيب، فالله واحد منزه أن يكون له شبيه أو نظير."
وهذا ما ذكره فى أول الكتاب ثم قال عن الصفة والصفة المضادة كالرحمة والعقاب:
"كونه الرحمن الرحيم لا ينافي كونه شديد العقاب:
وهو الرحمن الرحيم منزه عن الظلم، وأما كونه سبحانه وتعالى شديد العقاب فهو لا ينافي ولا يضاد كونه سبحانه وتعالى رحمانا رحيما، لأن لا يعاقب إلا من هو أهل للعقاب، ويضع سبحانه وتعالى رحمته فيمن يستحقها. قال تعالى: {نبئ عبادي أني أنا الغفور الرحيم، وأن عذابي هو العذاب الأليم}.
فمغفرته سبحانه وتعالى للتائبين من عبادته ورحمته لأهل طاعته قال تعالى: {عذابي أصيب به من أشاء، ورحمتي وسعت كل شيء فسأكتبها للذين يتقون ويؤتون الزكاة والذين هم بآياتنا يؤمنون}.
وأكمل كلامه عن الصفات فقال:
الحي الذي لا يموت والقيوم الذي لا تأخذه سنة ولا نوم:
والله سبحانه وتعالى هو الحي الذي لا يموت، والقيوم الذي لا تأخذه سنة ولا نوم والعلي العظيم، الذي لا يشفع أحد عنده إلا بإذنه، والغني الذي لا يفتقر إلى سواه، فلا يحتاج إلى أحد من خلقه فليس له من عبادة معين، ولا وزير، ولا وكيل، بل جميع خلقه في حاجة إليه وهو سبحانه وتعالى لا يحتاج أحدا من خلقه، وهو سبحانه وتعالى الجبار المتكبر الذي ذل له كل خلقه، وقهر كل ما سواه، والذي لا يقهره أحدا، ولا يكرهه أحد، ولا يجبره أحد تعالى الله أن يكون له من عباده مكره."
وتحدث عن الألوهية فقال:
1- الألوهية أعظم صفات الحمد ونفي أضدادها أعظم معاني التسبيح:
الشهادة لله سبحانه وتعالى بأنه الإله وحده مقدمة علي جميع الصفات لأن كل الصفات راجعة إلى هذه الصفة، فإن الإله بمعنى المعبود لا يكون إلها حقا إلا إذا كان يملك معبوده خلقا وتصريفا، وإحسانا وتربية ورزقا، ولا يملك هذه إلا الله وحده... وأما غيره ممن ادعيت له الألوهية كالملائكة والرسل، والكواكب والجن والحجر، والشجر والحيوان، فإنها بذاتها مخلوقات لا تملك لنفسها نفعا ولا ضرا فضلا أن تملكه لغيرها. ولذلك فمن عبدها من البشر فهو ظالم لأنه وضع العبادة في غير محلها {إن الشرك لظلم عظيم}، فمن عبد الملائكة مثلا مهما ادعى فيهم فهو كافر مشرك لأن الملائكة خلق محتاج مربوب، لا يملكون لأنفسهم نفعا ولا ضرا، ولا يملكون لغيرهم نفعا ولا ضرا إلا بإذن مولاهم، خالقهم. قال تعالى: {وقالوا اتخذ الرحمن ولدا سبحانه، بل عباد مكرمون لا يسبقونه بالقول وهم بأمره يعملون، يعلم ما بين أيديهم وما خلفهم ولا يشفعون إلا لمن ارتضى، وهم من خشيته مشفقون ومن يقل منهم إني إله من دونه فذلك نجزيه جهنم كذلك نجزي الظالمين}.
فمن عبد الملائكة ظانا أنهم أولاد الله فهو مفتر كذاب قائل بالظن والتخبيط، ثم إن هؤلاء الملائكة هم عباد الله لا يتكلمون إلا بما يأذن الله لهم أن يتكلموا به، وهذا من كمال عبوديتهم لله {لا يسبقونه بالقول}، ثم هم مطيعون لأمره {وهم بأمره يعملون}، ثم إن ربهم وخالقهم يحيط علما بكل عملهم وهم لا يحيطون علما بالله. قال تعالى: {يعلم ما بين أيديهم وما خلفهم ولا يحيطون به علما}.
ثم إن ربهم قادر عليهم فلو فرض أن أحدا منهم ادعى إنه إله مع الله، ودعا الناس إلى عبادة نفسه لأذله الله، وألقاه في النار {ومن يقل منهم إني إله من دونه فذلك نجزيه جهنم كذلك نجزي الظالمين}..
فكيف يعبد بعد ذلك من هذه حاله، ومعلوم أن العبادة ذل وخضوع وطاعة واستسلام للمعبود... فكيف يذل العبد ويخضع ويستسلم، ويطيع من لا يملك ضره ولا نفعه ولا موته ولا حياته ولا نشوره، والذي لم يخلقه ولم يرزقه، ولم يحييه ولا يملك موته.
لا شك أن من فعل ذلك وعبد مخلوقا مثله لا يملك لعابده نفعا ولا ضرا فهو ظالم كافر مشرك.
وإذا كانت الملائكة كذلك في أنهم عباد الله المحتاجون إليه، وليسوا أولاده وليس لهم شركة مع الله في الخلق أو الأمر، فإن من دون الملائكة كذلك، فالرسل مثلا وهم صفوة الله من خلقه، وأمناؤه على وحيه، وأولياؤه وأنصاره، لا يعبدون. ومن عبدهم فهو ظالم مشرك، لأن الذي يستحق العبادة هو رب العالمين، وخالق الناس أجمعين، وأما الرسل مع كرامتهم على الله إلا أنهم لا يستحقون من المخلوق أن يعبدهم، كيف وهم الذين جاءوا يدعون الناس إلى عبادة ربهم وخالقهم، وهم كانوا أسبق الناس إلى طاعة إلههم ومولاهم.
وما كان لأحد منهم أن يدعو الناس إلى عبادة نفسه. قال تعالى: {ما كان لبشر أن يؤتيه الله الكتاب والحكم والنبوة ثم يقول للناس كونوا عبادا لي من دون الله، ولكن كونوا ربانيين بما كنتم تعلمون الكتاب وبما كنتم تدرسون، ولا يأمركم أن يتخذوا الملائكة والنبيين أربابا، أيأمركم بالكفر بعد إذ أنتم مسلمون}.
فمن عبد أحدا من الرسل فهو عاص لله أولا وعاص لرسل الله جميعا الذين ما جاءوا إلا ليدعوا الناس إلى عبادة الله سبحانه وتعالى وحده. وكذلك الحال فيمن دون الرسل من الصالحين والأولياء...
الملائكة المعبودون هم أنفسهم عابدون مجتهدون!!
وقد بين سبحانه وتعال فساد عبادة هؤلاء المشركين، وسخر من شركهم وجهلهم وذلك أن هؤلاء المشركين يعبدون من هم مجدون مجتهدون في عبادة مولاهم. قال تعالى: {أولئك الذين يدعون يبتغون إلى ربهم الوسيلة أيهم أقرب، ويرجون رحمته ويخافون عذابه إن عذاب ربك كان محذورا}.
والمعنى انظروا إلى عبادة هؤلاء المشركين للملائكة والرسل، والحال أن ملائكة الله ورسله مجدون مجتهدون في طلب القربى من الله والزلفى منه فهم يعبدون من هو قائم بعبادة الله!!
ولا أضل ممن هذا حاله... فكيف تعبد أيها المشرك من هو مجد مجتهد في عبادة ربه محتاج مفتقر إليه، ساع في طلب الوسيلة إليه!!
وأما الذين اتخذوا من دون الملائكة والرسل آلهة لهم كمن عبدوا الشمس والقمر والنجوم، والأشجار والأحجار والأنهار، فهم أضل سبيلا، وأضل منهم من عبد من هو دون ذلك في سلم الخلق كمن عبد القرود، والفئران، والحيات، والأبقار... الخ
عجبا للإنسان يتخذ ممن هو دونه إلها له يعبده ويخافه ويرجوه!!:
والعجب كل العجب من هذا الإنسان الذي كرمه الله بالعقل والسمع والبصر كيف يتخبط ليتخذ من هذه المخلوقات الحقيرة إلها يقدسه ويعبده ويصلي له، ويسجد له ويطلب منه النفع ويخاف منه الضر!!
وصدق الله سبحانه وتعالى إذ يقول: {العصر إن الإنسان لفي خسر إلا الذين آمنوا وعملوا الصالحات وتواصوا بالحق وتواصوا بالصبر}.
ويقول جل وعلا: {لقد خلقنا الإنسان في أحسن تقويم ثم رددناه أسفل سافلين إلا الذين آمنوا عملوا الصالحات فلهم أجر غير ممنون}"
والكلام صحيح ولكن لا علاقة لموضوع الكتاب وهو التسبيح والحمد بمعنى الثناء والتنزيه ثم تحدث عن الملحدين فقال:
أحط البرية من عاش لا يعرف له إلها خالقا رازقا:
رضا البطاوى غير متصل   الرد مع إقتباس