عرض مشاركة مفردة
غير مقروءة 24-11-2008, 03:01 PM   #19
ابن حوران
العضو المميز لعام 2007
 
الصورة الرمزية لـ ابن حوران
 
تاريخ التّسجيل: Jan 2005
الإقامة: الاردن
المشاركات: 4,483
إفتراضي

مشروع تقسيم فلسطين (لجنة بيل)

أثناء اشتعال الثورة، أوفدت الحكومة الإنجليزية لجنة ملكية برئاسة اللورد (بيل) للتحقيق في دوافع الثورة، فوصلت الى فلسطين في 5/11/1936 وفي ذات الوقت أصدر وزير المستعمرات البريطاني تعليمات لسلطات الانتداب البريطاني في فلسطين بالسماح لقبول 1850 مهاجرا كل شهر من اليهود الى فلسطين، مما جعل اللجنة العليا للمقاومة برفض التعامل مع لجنة بيل احتجاجا على السماح بالهجرة لليهود، لكن، وبعد وساطات عربية عادت اللجنة العليا الفلسطينية للتعامل مع لجنة بيل وقدمت طلباتها.

وفي 7/7/1937 أوصت لجنة (بيل) بإلغاء الانتداب البريطاني على فلسطين، وتقسيم البلاد الى ثلاث مناطق (دويلات): السهل الساحلي لليهود، والمناطق الداخلية (عدا المقدسة) للعرب، على أن تتحد تلك المناطق مستقبلا مع إمارة شرق الأردن لتشكل دولة متحدة، أما المناطق المقدسة (القدس، بيت لحم، الناصرة) فتكون تحت الحماية البريطانية، ويُعد تقرير لجنة بيل أول اعتراف لليهود بإعطائهم حق إنشاء دولة.

رفض العرب هذا المشروع، وطالبوا بتحرير فلسطين ووقف الهجرة، كما رفضه اليهود، وقالوا أنه يتناقض مع وعد بلفور الذي أعطاهم الحق في إنشاء وطن قومي على كل فلسطين.

مؤتمر بلودان العربي 8ـ10/9/1937

رفض العرب التوجهات البريطانية من خلال ما جاء بتقرير لجنة بيل، ودعوا الى مؤتمر حضره في بلودان/سوريا زهاء 500 شخصية عربية، طالبوا فيه بدعم المقاومة ورفض وعد بلفور وقرار التقسيم وأن فلسطين جزء لا يتجزأ من الوطن العربي الكبير، وقضية شعبها هي قضية كل العرب، وأقسموا على إنهاء كل مظاهر الاحتلال في فلسطين.

فشل لجنة (بيل) واستئناف المقاومة المسلحة

في 27/9/1937 تمكنت مجموعة من الثوار الفلسطينيين من قتل (لويس أندروس) نائب الحاكم الإنجليزي في الناصرة، وكان هذا المقتول من غلاة الانحياز للصهاينة وهو مهندس التقسيم. فتعاملت القوات البريطانية بقسوة وقمع لم تشهد الأراضي الفلسطينية له مثيلا، فاندلعت الثورة من جديد للوقوف أمام هجمة الإنجليز، واعتقال قادة الفلسطينيين وحل المجلس الإسلامي وعزل الحاج محمد أمين الحسيني عنه، مما اضطره الى مغادرة فلسطين الى لبنان ومن ثم العراق.

في 27/4/1938 وصلت الى فلسطين لجنة ملكية بريطانية أخرى حملت اسم (اللجنة الفنية للتقسيم) برئاسة (جون وودهيد)، ولكن العرب استقبلوها بالإضرابات والمقاطعة والاحتجاج وتصعيد أشكال المقاومة، مما دفع باللجنة للعودة الى بريطانيا خائبة في تشرين الثاني/نوفمبر 1938. وقدمت تقريرا مفاده أنه لا مكان عند العرب لدولتين على أرض فلسطين، ولكن تقريرها كان من الخبث بمكان، وهو تبني الفكرة الصهيونية بإقامة دولة يهودية خالية من أي مشاركة عربية على كل فلسطين.

محاولة احتواء الثورة من خلال مؤتمر لندن عام 1939

لم تتوقف الأعمال العسكرية للمقاومة الفلسطينية والتي قدمت آلاف الشهداء والجرحى والأسرى، وقد ازداد الدعم العربي، خصوصا بعد مؤتمر عُقد في القاهرة بين 7ـ 11/10/ 1938 والذي حضره مندوبون من كل البلدان العربية وكثير من البلدان الإسلامية، فأحس الإنجليز أنهم في ورطة حقيقية، فخسائرهم بالضباط والجنود والمعدات قد زادت، وأن المساعدات الخارجية العربية والإسلامية قد أخذت تتدفق على الساحة الفلسطينية بحيث تبقي جذوة اشتعال ثورتها قائمة. أضف الى ذلك ما كان يجري على الساحة الدولية من توتر نتيجة ارتفاع وتيرة الاستعداد الألماني لعمل عسكري كبير.

قررت الحكومة البريطانية إشراك دول عربية في مؤتمر لندن لبحث القضية الفلسطينية، فوجهت دعوات لمصر والسعودية وشرق الأردن واليمن والعراق، وقد رفض الفلسطينيون الاشتراك بالمؤتمر ما لم يمثلهم فيه قياداتهم المعتقلة والمنفية في جزر (سيشيل) فوافقت الحكومة البريطانية على ذلك.

انعقد المؤتمر بين 7/2 و 17/3/1939 في لندن، وسمي بمؤتمر المائدة المستديرة، وقد رفض الفلسطينيون الجلوس مع الصهاينة على نفس الطاولة فتم عزل الوفدين في قاعتين منفصلتين، وانفض المؤتمر الذي استمر زهاء ستة أسابيع دون نتائج تذكر.

صدر في أيار/مايو 1939 ما يعرف ب (الكتاب الأبيض) وجاء فيه، نبذ فكرة التقسيم، وعدم اعتبار فلسطين دولة يهودية، بل دولة فلسطينية يشارك اليهود فيها العرب في إدارة تلك الدولة، على أن تقوم في غضون عشرة أعوام وترتبط تلك الدولة مع بريطانيا بمعاهدة. أما الهجرة فتقرر تحديدها ب 75 ألف مهاجر يهودي خلال خمس سنوات، وبعد ذلك لا بد من موافقة الجانب العربي على استقبال أي مهاجر إضافي*1

رفض الصهاينة ما جاء في الكتاب الأبيض، وتعاهدوا على تأجيج المقاومة ضده والمضي قدما في إنشاء كيانهم. أما العرب فقد وافق عليه الأمير عبد الله مع حزب الدفاع الفلسطيني. في حين انقسمت الفئات الأخرى الفلسطينية والعربية حوله.

وعند اندلاع الحرب العالمية الثانية، تم التضييق على قيادات الثورة في سوريا من قبل سلطات الانتداب الفرنسي، وخفت المقاومة الفلسطينية واستشهد من استشهد من قياداتها، وغادر من غادر منهم الى العراق وسوريا.


يتبع


هوامش
*1ـ قضايا معاصرة/ سبق الإشارة له صفحة 74
__________________
ابن حوران
ابن حوران غير متصل   الرد مع إقتباس