عرض مشاركة مفردة
غير مقروءة 09-03-2010, 11:03 PM   #3
هـــند
مشرفة
 
تاريخ التّسجيل: May 2008
الإقامة: بلاد العرب
المشاركات: 4,260
إفتراضي

الغنيمة

فييوم من أيام عصرنا الحالي ، حدث زلزال قوي: ولكنه في هذه المرة كان أكبرما تم تسجيله قوة منذ إختراع مقياس ريختر والذي أتاح لنا قياس التحذيراتالغامضة.
ولقد أدى هذا الزلزال إلى تغييرات واسعة النطاق ، فهذه الهزات تتسبب غالبا في إحداث فيضانات ؛ بينماهذا الزلزال الضخم أحدث فعلا عكسيا ، فقد تراجع المحيط. وانزاح الستار عنالطبقة الأكثر غموضا من عالمناو هو: قاع البحر بما يحتويه من حطام السفن الغارقة وواجهات المنازل وأوعية دورات المياهوشاشات التلفاز وعربات البريد وأجسام طائرات وتماثيل من الرخام ومدافعكلاشينكوف والأجزاء المعدنية من حافلات السائحين وغسالات أطباق أتوماتيكيةوحاسب آلي وعملات تحولت إلي أحجار.
أما النظرات المذهولة فقد وضحتبين كل هذه الأشياء ؛ وكانت للسكان الذين هربوا من منازلهم المهدمة إليالتلال. وعلي الرغم أن الصرخات والإنهيارات الأرضية تسببت في رعبهم ، فقدكان يسيطر على المكان الصمت العاري. وتلألأ زبد البحر فوق كل هذه الأشياء ؛ ومن المفترضأن الوقت لا ولم يتواجد هناك على الإطلاق حيث أن مادية الماضي والحاضر لميكن لها ترتيب زمني ، حيث أن الجميع كانوا شخص واحد وكانوا لاشىء.
وقدهرع الجميع لأخذ كل ما يستطيعون وضع أيديهم عليه وخاصة الأشياء التي كانتتعتبر ذات قيمة في وقت ما ، ولكن ماهذا؟ حسنا ، شخص ما يعلم ، هذا لابدأنه يخص أحد الأغنياء ، ولكنه ملكي الآن.
وإذا لم تقم بسلب كل شيءهناك ، فشخص أخر سيقوم بذلك ، وزلت الأقدام وانزلقت على العشب البحريوغرقت داخل الرمال المشبعة بالماء وفغرت نباتات البحر فمها في دهشة نتيجةلأفعالهم ، ولم يلحظ أحد عدم وجود أي أسماك ، فقد أزيلت الكائنات الحيةلهذه الأرض التي تم إكتشافها مع المياه.
أما الفرصة العادية التي أتيحت للمواطنين لنهب المتاجر أثناء الإنتفاضات السياسية لا يمكن مقارنتها بما حدث.
ومنحتالبهجة المتسمة بالعربدة كل من الرجال والسيدات وأطفالهم القوة للتخلص منكل شىء لم يرغبوا به داخل الوحل والرمال ، بالإضافة إلى الإسراع من مشيتهمالمذهلة أثناء تجولهم ، وهذا كان يمثل أكثر من مجرد ربح نتيجة لظروف طارئة، حيث كان سلب لقوة الطبيعة والتي كانوا يهربون أمامها عاجزين.
خذ ،خذ ؛ واستطاعوا تناسي حطام منازلهم وفقد ممتلكاتهم هناك أثناء عملياتالسلب. وقد خرقت صيحاتهم لأحدهم الآخر الصمت الذي كان يلف المكان وأثناءهذه الصيحات التي كانت تشبه صيحات طائر النورس الغائب ، لم يلتفتوا إليقرب صوت بعيد يماثل الرياح الشديدة. وعندئذ عاد البحر مرة أخري وابتلعهملينضموا إلى كنوزه.
والكاتب يعلم هنا شيئا لا أحد غيره يعلمه ؛ ألاوهو تغير بحر الخيال. استمع الآن ، هناك شخص كان يرغب في الحصول على شىءمحدد طيلة حياته ، فهو لديه الكثير من الأشياء ، بعضها تسقط نظراته عليهابإستمرار لذا فهو مغرم بها بينما توجد أشياء أخرى لا يلحظها ، متعمدا ،والتي كان لا يجب عليه إقتنائها من البداية ولكن لا مفر.
يوجد مصباحجديد يستغله في القراءة ويوجد فوق مخدع رأسه رسم ياباني هوكوساي وتسمي "الموجة العظيمة" ، وهو لا يقم حقيقة بجمع الأشياء الشرقية وعلي الرغم منذلك وإذا كانت معلقة علي الحائط الذي يواجهه ، فربما لم تشكل أكثر من جزءمن الأثاث ، ولكنها كانت بعيدة عن نظره خلف رأسه لعدة سنوات.
وهو رجلمتقاعد ومطلق منذ فترة طويلة واختار فيلا قديمة ولكن في مكان جيد حيثتستقر فوق التلال البحرية وهو المكان الذي يستطيع من خلاله منح ظهرهلمساوىء المدينة. وتقوم سيدة من القرية بالطهي وتنظيف المكان ولاتزعجهمطلقا بأي وسيلة إتصال أخرى. وهذه حياة مباركة خالية من أي متعة ، خاصةوأنه اكتسب قدرا كافيا من هذا النوع من الإزعاج والمتعة وهو أحد أولئكالأشخاص الذي يسعون خلف كشف أسرار قاع البحر المتلألئ وكنوز الرمالالمتفتتة.
ومثل كافة السالبين الآخرين والذي لا يختلط بهم حيث لايوجد شىء مشترك بينهم ، أسرع الرجل من شىء إلي شىء وهو يقلب بين قطع منالرسم والنحت الصيني الذي صنعه النحاتون وبراميل النبيذ الخشبية ودراجةسباق آلية وكرسي لطبيب أسنان وساقته خطواته فوق عظام آدمية متحللة لميستطع التعرف عليها.
وعلي نقيض مافعله الآخرون ، لم يؤخذ شيئا – حتى: عثر على هذا الشىء وهو (مرآة) مزخرفة بخصلات من عشب البحر البني اللونوأصداف وشعاب مرجانية حمراء ، وكما لون أن المستحيل أصبح حقيقة ؛ فقد كانيعلم مكانها ، أسفل قاع البحر , ولهذا لم يعلم ماهيتها من قبل ولم يستطعالعثور عليها.
وأزيح عنها الستار نتيجة لشىء لم يحدث من قبل ، ألا وهو أكبر هزة للأرض يشهدها مقياس ريختر.
وعندئذ،قام بإستخراجها ، هذا الشيء ، المرآة ، وتدفقت الرمال منها وكانت المياههي اللمحة المضيئة الوحيدة المتبقية وسيقوم بأخذها معه ، ليتملكها أخيرا.
وجاءت الموجة الكبيرة من خلف مخدع رأسه لتأخذه معها.
وكانإلى جانبه بين هياكل الضحايا ، القراصنة القدامى والصيادين بالإضافة إلىالضحايا الأخرين الذين أسقطوا من الطائرات أثناء الحكم الديكتاتوري حتيلايمكن العثور عليهم داخل قاع البحر ، فمن الذي يمكنه التعرف عليهم فيمكان مثل هذا؟
حيث لاتطفو زهور وردية أو قرنفلية.

نادين جوديمر

ترجمةللكاتب
نادينجوديمر من جنوب إفريقيا . بدأت الكتابة في سن تسع سنوات، وجدت إهتماما كبيرا من الجمهور الأدبي بعدنشرها الرواية الأولى "أيام الكذب" عام 1953.
وفازت بجائزة نوبل في الأداب عام 1991 وكانت المرة الأولى التي تمنح فيها الجائزة لسيدة خلال 25 عاما
__________________

هـــند غير متصل   الرد مع إقتباس