عرض مشاركة مفردة
غير مقروءة 20-07-2010, 10:46 PM   #14
جهراوي
كاتب مغوار
 
تاريخ التّسجيل: May 2006
المشاركات: 1,669
إفتراضي

ومما زاد من هيجـان الغـدد التي تفرز اللعاب الإيراني في الخليج ، أنّ القوم لايرون أمامهم على الضفة ( الخرساء ) إلاّ أنظمة ضعيفة ، لاتزال تُدار بعقليات متخلّفة ، تدمـج دمجـاً عجيبـاً بيـن غطرسـة (سيـد) على ( توابعـه ) ، وخضوعه التام ( لملك الروم ) الذي يستبيح أرضه ! وبين تنازع (سادة أولئك التوابـع ) فيما بينهـا على أتفـه الأمـور ، وإجتماعهم على أمر واحد فحسب هو إرضـاء السيد الرومانـي !

أي بمعنى آخر أنـه ليس ثمة مشروع حضاري يحقق توازن قِوى ، ولا هم بصيغتهم الحالية يقدرون عليه أصـلا ، ولا في أحـلامهم .

أضـف إلى ذلك أنّ هذه الدول تقف في صفّ التحالف الصهيوغربي في زمن إشتداد هجمته على الإسلام ، لاسيما في القضية الفلسطينية التي تتـربع على مركز التحديات التي تواجهها الأمـّة ، كما تحارب ثقافة المقاومة في الأمـّة ، بل تمعن في تنفيـذ الأجنـدة الغربية في محاربة هذه المقاومة ، وملاحقـة رموزهـا _ حتى إعادة تأهيل الخطباء والشيوخ ومدرسي التربية الإسلاميـة لكي ترضى عنهم أمريكا !! _ في وقـت تتعطـّش الأمـّة لثقافـة المقاومـة ، وهي في أمس الحاجة إليها ، وهي تُستباح من جميع أعـدائهـا .

ولهذا قـد ذكرنـا في مواضع متعددة أنّ منطقة الخليج لم تكن قط في ورطة كارثية مثل ما هي عليه الآن ، فالمشروع الإيراني يخترقها بسرعة ، ودفاعاتها تكاد تكون مهترئة _ إن كان لها دفاعات أصـلا _ والوجود الأجنبي له أجنـدة أخـرى قـد وُضعت فيه قائمة مصالـح خاصة بـه ، فهـو لا يعبـأ لو أصاب هذه الدول ما أصابها في سبيل تحقيق تلك القائمة من المصالح ، وإنما ينظر إليهـا أدوات يصل فيها إلى أطمـاعه .

وإذا أردنا أن نضرب مثالاً حيّـاً وقريبـاً يلقي الضوء على نمـوذج واحـد من الصورة الكبيـرة المأوساوية ، فهو ما حدث في الكويت عندما سلّط الكاتب السياسي والمحامي الجاسم الضوء على حجم الإختراق الإيراني المخيف للحالة السياسية ، والإعلامية ، والإقتصادية الكويتية ، تعليقا على إنكشاف خلية تجسس إيرانية ، محـذراً من أنّ مشروع الأقلية الشيعية في الكويت _ 10% من السكان _ التي يدعمها النظام الإيراني ويوجهها ( إيرانيـو العراق ) ، أعنـي الحكومة العراقية الحالية ، وصل إلى مراحل بالغة الخطورة ، ويستدعي تحركا سريعـا ، ولو بتضحيات كبيـرة .

عندما سلـّط الكاتب الجاسم الضـوء على هذا الملف بوضوح تام ، تـم إعتقـال الكاتب _ قد أفرج عنه لاحقـا _ وتعرض لهجمة تشويه سمعة ! وكان المتوقـَّع أن يكافأ ، ويُستفاد مما قـال لإستئصال السرطان الإيراني ( المكـوَّت ) الذي استفحـل جداً في الجسد الكويتي .

هـذا .. وقد ذكرنـا مرارا أنّ خطورة المشروع الإيراني أنه لايرى نجاحـه إلاّ على حطام الأمّة ، ولا أدل على ذلك مما فعله ، ويفعله في العراق من تعاون مع الصهاينة لتدمير الشعب العراقي ، بل تدميـر قدراته الحضارية بشكل تام ، حتى تلك الكامنة في الجينات ، من إغتيال العقول والنخب ، إلى تشويه الأجنـّة بالإشعاعات ، مرورا بإغراقه بالمخدرات والأمراض الإجتماعيـة ، وتمزيق نسيجه الإجتماعي ، بل حتى تدمير الزراعـة ، وتخريـب الأرض !

وكان هذا من أهـم أهداف المؤامرة الإيرانية الصهيونية على العراق ، وقـد بدأت من حصاره ، تمهيداً لإجتياحه ، ثم تفكيك جيشه بعد الإجتياح ، ثم البدء بتدميره منهجيـّا على مدى سنوات حتى لايبقى فيه قدرة مستقبلية على النهوض .

هذا مع يقيننـا أنّ هذه المؤامرة لاريب ستفشل ، وسينهض العراق أقوى مما كان ، فقد كان هذا شأنه في التاريخ ، وسيبـقى كذلك بإذن الله تعالى .

والمقصـود هنا ذكر مثالٍ حيّ على خطورة الأطمـاع الإيرانيـة في الخليـج ، وأن منطقة الخليج هي المستهدفة في المرحلة التالية ،

وليس التهديد الإيراني لكلّ من يُسمِّي الخليج بالعربي إلاّ إعـلانـاً واضحـاً لهذه الأطمـاع الخبيثة .

هذا .. ولا إخال أنّ ثمة حالة تشبه حالة منطقة الخليج في التاريخ ، أعني من جهة أنها تمتلك كلّ أسباب القوى ، وإمكانـات التفوّق ، ومع ذلك تبقـى خرسـاء ، صـمٌ ، بكـمٌ ، عميٌ ، وسط ضجيج الصراع العالمـي ، والإقليمي على خليجهـم !!

ولاريب أنّ المسؤول الأول عن هذه الكارثة التاريخية الصيغة السياسية المتخلفـة لأنظمة الحكم ، فهي تحمـل بإمتيـاز بذور كلّ عوامل التدهور .

وهكذا صارت شعوب الخليج بين الخوف من حرب لاتبقي ولا تذر ، لايمكنهـم دفعها ولا منعهـا لو نشـبت ، أو فتن داخلية تعــمم ظاهرة ( اللبننة ) !

ثـمّ لتحتـرق فـي هذه ، أو هذه ، كلّ الثروة التي تكدست من طفرة البترول ، فلا استفادوا منهـا فـي قوة تحميهم ، ولا بقيت ليَطْعـمْ منها ذراريهم !

وكما ذكرنا مرارا فلا مخرج من هذا المستقبل الذي يحمل هذه الغيوم السوداء المفزعـة إلاّ بإصلاح شامل ينطلق من الإسلام ، ولا ينتهي إلاّ بنهضة شاملة لبها إستقلال الإرادة ، وركنها الأساس ثورة تقوم على إصلاح سياسي مخلص ، ليحدث تغييرا جذريا على كل الأصعـدة ،، والله الموفـق

وهو حسبنا عليه توكلنا وعليه فليتوكـل المتوكلـون
الكاتب: حامد بن عبدالله العلي
جهراوي غير متصل   الرد مع إقتباس