عرض مشاركة مفردة
غير مقروءة 03-01-2010, 11:57 PM   #32
جهراوي
كاتب مغوار
 
تاريخ التّسجيل: May 2006
المشاركات: 1,669
إفتراضي بدأت النار الأيرانية تقترب من الكويت

إذا أردت أن تفهم المشكلة التي تعانيها الكويت اليوم فعليك أن تحل أحجيات كثيرة في الصحف المحلية السيارة، ولكي تفسر معظم التصريحات السياسية للنخبة هناك عليك أن تتمتع بخيال واسع وأفق عريض وقدرة فائقة على قراءة ما بين السطور، ولابد أن تجيب عن أسئلة استثنائية وفرعية كثيرة قبل أن تلج إلى أغلفة العبارات حمالات الأوجه والأفكار.
ما الذي يعنيه الهجوم على القبائل، وما السر وراء فتح ملفات ديموجرافية شائكة، ومن أهداف تلك الضربات تحت الحزام، وما كوامن الأزمات التي تتخذ عناوين أخرى غير التي يريدها مفجروها؟ وما هي اللوبيات التي تطلق الأزمات من خلف اللافتات السياسية؟ إنها ألغاز تحتاج إلى خبير في "اللغة الباطنية" ليقرأ بين الطيات ما تعجز العين المجردة عن رؤيته؛ فبالكاد يمكنك أن تفهم أن ثمة أزمات سياسية واجتماعية أدت إلى خلخلة ما استدعت أن يلقي الأمير الكويتي خطاباً رحب به الكويتيون ـ وغيرهم ـ من أولئك الذين يشعرون بالانزعاج ممن قد تفضي إليه هذه الشظايا التي قد تسبق حمم البركان الكويتي، لا قدر الله.
إن أحد أهم مشكلات بعض بلداننا، وأزمات نخبها في عدم المصارحة ومكاشفة ذاتها، والنظر إلى الاختلالات الاجتماعية أو السياسية أو الاقتصادية بشكل مباشر لا مواربة فيه أو خجل، وعدم القدرة على التوصيف الدقيق لها، ومحاولة نزع جوهرها الحقيقي المعرفي ظناً منا أننا بذلك ننزع فتيل هذه الأزمة أو تلك، وهو حالة تبعدنا ولا تقربنا من رؤية حالتنا بلا تجميل.
ولكي لا نشاطر المغيبين للواقع أسلوبهم؛ فلنرَ وجه المشكلة دون مساحيق؛ فبين أيدينا أعراض لمعضلة كبرى تتعلق بغياب المشروع العربي والإسلامي فجر حزمة من الاضطرابات في عالمنا العربي نجمت عن اختلال موازين القوى الإقليمية، ما أتاح لأكثر من قوة إقليمية ودولية بأن تملأ الفراغ، وتعبث في مجتمعاتنا، مثيرة كل الحزبيات والطائفيات في إحياء متعمد لما يُسمى باضطهاد الأقليات، وباعثة لنيران الفتن المخبوءة في المجتمعات.
وإحدى تلك الأزمات أتت تجسيداً لما تقدم؛ فهي لم تكن تكشف في حقيقتها عن مشكلة طائفية بقدر ما أوضحت بعض ما ينتظر هذه الدولة الخليجية بسبب محاولات التدخل الإيراني في شؤونها واستقواء قلة منها بالخارج، ونجاحها في بسط مزاجها الخاص على العام الغالب، وتمكنها من إسكات أصوات دينية أو وطنية لا تنكأ جروحاً ولكنها تسعى إلى التئامها؛ وفي ذلك يمكن أن نرى حادثة مركز "وذكر" التي كان في تفجرها إحدى تجليات ظهور الصوت الطائفي وتسيده الموقف ونجاحه في فرض أجندته المخالفة لجموع المسلمين، وأعني هنا ما حصل من ردة فعل على نشاط المركز أثناء عاشوراء وما سبقه، ودعايته لجعل المناسبة يوم فرح لنجاة موسى عليه السلام لا ميداناً للنواحة والبكاء، ورفعه للوحات تحمل أسماء الخلفاء الراشدين وأم المؤمنين عائشة رضي الله تعالى عنهم وأرضاهم، ولا أعني هذه الدعوة الطبيعية لنشر ثقافة المحبة والتقدير والاحترام للكوكبة الرائدة من صحابة رسول الله صلى الله عليه وسلم، وإنما أعني رد الفعل المبالغ فيه من الطرف الآخر، الذي رأى في إجلال المركز للصحابة وتقديرهم خدشاً للوحدة الوطنية، وعنواناً للتكفير، وتهديداً للقيم والثوابت، وإهانة للطائفة الشيعية!!
لم يرضَ أولئك الذين غدا لهم صوت أعلى من حجمهم السكاني الحقيقي بإجراء الحكومة الكويتية بإحالة صاحب المركز للتحقيق، ولم يقنعهم قطع التيار الكهربي عن اللوحات التي تحمل أسماء أشرف الأمة بعد نبيها صلى الله عليه وسلم، بل سعوا إلى تثوير الجماهير، وشن حملة مغرضة لترهيب الغالبية، وحملها على الاستخفاء بما ليس لها إلا أن تفتخر به وتجهر، مستخدمين "حق الفيتو" الجديد ضد كل "يهين الطائفة الشيعية" على حد قول أحد ساستها!! ويقدم فروض الامتنان والإكبار لكبار الصحابة وأمهات المؤمنين وزوجات النبي صلى الله عليه وسلم، ورضي عنهم أجمعين..
تلك إحدى الأزمات، وغيرها مما يرنو في النهاية إلى التلاعب بالخريطة السكانية للكويت والتغيير الإحصائي الديموجرافي لها، سعياً وراء تحقيق أهداف، وضعتها طهران يوماً على طاولة التفاوض أمام "الشيطان الأكبر" الأمريكي، حين جعلت "النووي وحماس والجهاد" في كفة، و"دوراً أكبر في دول الخليج ذات الأقليات الشيعية" في كفة أخرى بحسب ما ورد في تسريبات جولات المباحثات العديدة، والذي لم يعد محض تكهنات الآن بعد أن بدت بعض ملامحه بمخططات التفكيك، والحديث المغرض عن القبائل العربية الأصيلة، والانتفاش الطائفي غير المفهوم إلا في سياق ما تقدم، وما القادم الذي يحذره الأمير الكويتي في خطابه ـ وعقلاء الكويت ـ ويحذر منه ببعيد
جهراوي غير متصل   الرد مع إقتباس