عرض مشاركة مفردة
غير مقروءة 17-11-2009, 09:33 AM   #2
جهراوي
كاتب مغوار
 
تاريخ التّسجيل: May 2006
المشاركات: 1,669
إفتراضي

إلى جانب أنَّ النظام الإيراني نجح في سرقة الخطاب الحضاري الإسلامي بنفاق علمته التقيّة عبـر القـرون كيف يتقنه ! ، فأظهر دول الخليج بصورة المتآمر على الأمّة ، المتخلـِّي عن قضاياها ، حتى بدت كثير من الشعوب العربية لاتبالي بما أصابها.

هذا والناظر فيما يـرى لتصيبيه الحيرة في كلِّ ما جرى ويجري ، فكيف آل الأمر بهذه الدول أن تمنـح العراق الذي استطاع أن يحميها من عدوِّها الألـدّ ؟! ، وكان الأقـدر على فهم الخطر الصفوي ، ونهج التعامل معه ؟! تمنحـه للنظام الإيراني بالسماح بإحتلال العـراق على حسابها الشخـصي ؟!! ، دون أن ينفق النظام الإيراني في ذلك فلسـاً !

وقـد فعلت ذلك ، وهي تعلم أنَّ الدائرة ستدور عليها ؟!!

وكيف بقيت تتغاضى عن كلِّ المشكلات الداخلية التي ستتحول إلى ألغام يفجرّهـا النظام الإيراني فيهـا ؟!

وكيـف أهملت اليمن حتى عشَّش فيها شيطان الحوثـي الإيراني ، وباض ، وفرَّخ .

وكيف إنجرت إلى أن تحارب مشروعها النهضوي بأيديها ، وتقطع كلّ علاقة لها بإمتدادها السنّي المقاوم في العالم الإسلامي ؟!! حتى تخلـَّت عن المقاومة في فلسطين لصالح إيران بل حاربتـها ؟!

وكيف ألقـت بنفسها في أحضان الخداع الصهيوأمريكي ، ففرَّطت في أسباب القوّة الذاتية ، حتى صارت جيوشها هزيلة ضعيفة بالنسبة لدول المنطقة ، وكيف وثقت في الحماية الأمريكية لها ، وهي ترى بأمِّ عينها إلى أي حال يصير من يثق فيها في كلِّ مكان ؟!!

وليس بخاف الجـواب ، وذلك أنّ الفـرق بين النظام الإيراني ، ودول الخليج ـ وكلّ الدول العربية الأخرى ـ أن النظام الإيراني قرر أن يحمل مشروعا حضاريا عالميا ، ويدخل حلبة الصراع العالمي منافسـاً ، وهذه الفكرة الكبيرة ، حملته على أن يأخـذ بوسائل ، وأدوات المنافسة التي ينشدهـا، وهي سنن وضعها الله تعالى لأسباب القوة ، فغـدا يسخـّر لها الثروة ، والجهود ، حتى تحول إلى قوة مؤثرة ، تظهر بصورة النـدّ للقوى العالميـة ، وهي تعلم أنه مهما طال الزمن ، فالغرب سيقبل في النهاية بالتفاوض مع القوي ، وأمّـا الضعفــاء فسيتحولون إلى بنود المفاوضات !
بينما أرادت دول الخليج أن تبقى تابعة ، واضعة رقبتها في طوق أمريكا ، وليس لديها فكرة حضارية وراء ذلك ، ففرطت في كلِّ أسباب القوة الذاتية ، بل عملت على تعطيل ما بيدها منها ، حتى أصبحت اليوم نهبا لكل طامع ، تنهشهـا أنياب كلّ جائع.
وقد ذكــرنا مراراً أنـّه لا سبيل لهـم إلى الخروج من مخالـب الخطــر الصفوي بأن يكونوا ( حوصيين ) ، يحيصون عن مواجهة التحدّيات بالاختباء وراء غيـرهم ، بل بإصلاح حالهم مع الله أولاً ، و مع علماءهم ، ومفكرين ، وشعوبهم ثانيا ، و استجماع أسباب القوى الذاتية ثالثا ، والقيام بمشروع الأمة الحضاري بما فيه إحتضان المقاومة ، لسحب البساط من تحت الصفويين رابعا ، وإصلاح ما أفسدوه في العراق لأعادته كما كان درعا واقيا ، وقلعة للأمّة خامسا ، وتبنّي (المظلوميات) داخل إيران سادسا ، وإعلان الحرب على المد الصفوي حتى إنهاء خطره .
ووالله لو أنهم فعلوا ذلك ، فسيكتشفون أن هذا الخطر الصفوي أشدّ هشاشة من الهشيم ، وأنه إنما يقتات على ضعفهم ، وتفرقهم ، وشتات أمرهم فحسب .
أما مـا هم فيه الآن من التخبـُّط ، فليس سوى إستدراج لشَرَك العدوّ نفسه
فإما أن يلطف الله تعالى بالأمّة فيهلك الصفوية من داخلها ، أو يسلط الله عليها عدوَّا آخر ، سائلين ربنا اللطيف ذلك ،
وإلاَّ فإنـّه سوف يشغل المنطقة بالفتن إلى أن يقضي الله أمرا كان مفعـولا .
اللهم هل بلَّغـت ، اللهم فاشــهد .
والله المستعان ، وعليه توكلنا ، حسبنا الله ونعم المولى ، ونعم النصيـر.
جهراوي غير متصل   الرد مع إقتباس